أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - كيف نفهم حقيقة الأديان؟















المزيد.....

كيف نفهم حقيقة الأديان؟


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 4954 - 2015 / 10 / 13 - 09:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المقصود هو الإيمان بجدوى الدين وسلامته من أي خلل عقلي وروحي ومادي، فالدين إن لم يعالج مسائل العقل والروح والمادة فهو .."فكرة ناقصة".. بينما الدين يجب أن يكون.."فكرة تامة".

مبدئياً يجب أن نفرق بين القيم العامة والقيم الخاصة

يعني إيه؟

القيم العامة هي التي يشترك فيها كل البشر، فلا يوجد بشر يؤمن بجواز السرقة أو القتل أو الكذب أو الظلم..إنما الاختلاف في صور هذه القيم في أذهان البشر، والمُسلّم به أن الصور في الأذهان مختلفة.

أما القيم الخاصة فهي التي تؤمن بها جماعة ويشكلوا بها دين أو طائفة أو حزب، فوجود الله-مثلا_ قيمة مشتركة بين كل الأديان، ولكن توحيده وأنبياءه ورسالته هي القيمة الأخص التي افترقت عليها نفس الأديان..نبوة محمد-مثلاً- قيمة مشتركة بين المسلمين، لكن رسالته وصحابته وآل بيته هي القيمة الأخص..وهكذا حتى تصل للأخص الأخص إلى أن تصل لمستوى اعتقادي للفرد الواحد..كل هذه قيم خاصة في الأخير..

ببيان الفَرق بين القِيم العامة والخاصة يظهر لنا أن حقيقة الدين عند البشر ليست واحدة ويستحيل جمعهم على دين واحد ببدهية تنوع القيم، وبالتالي فالمقصود بحقيقة الدين هو تمامه عند صاحبه وسلامته من الاضطراب..

عندما أكون متدينا يلزمني ثلاثة أشياء:

أولا: الجانب العقلي وهو الذي يكشف التناقض داخل الإنسان، ويخلق توافقاً وجدانيا يؤمن بضرورة الدين، فبهذا الجانب يتم استخدام الدليل العقلي والفلسفي لتحقيق العدالة التي –في تقديري- هي أصل الأصول، وعن طريقها تقوم الأديان وبها فهم الإنسان القديم معنى التدين.

هذا الجانب يلزمه التخلي عن أي نزعة تقليدية، لأن الصواب عند الإنسان ليس بالضرورة أن يكون حقاً، وهنا معضلة الحق والصواب التي تشبه قاعدة.."الكلي والجزئي"..فالحق هو كلي بالضرورة أما الصواب فهو جزئي، كمثال أن نبوة محمد حقيقة إسلامية(حق كلي) أما خلافة أبو بكر أو علي فهي حقيقة طائفية (صواب جزئي) فكل من يؤمن بصوابية خلافة علي هو مؤمن بنبوة محمد، لكن العكس غير صحيح.

التقليد لا ينتبه لهذه المعضلة ويُكرّس التفرق ويخلط بين الحق والصواب ، والحقائق الجزئية عامة تأتي من المحيط الاجتماعي وأسلوب التربية والتعليم، أي أن التفرّق في ذاته هو شأن اجتماعي، وباستخدام العقل تنخفض مساحة الاجتماع في الدين وتعلو النظرة العقلية الكاشفة لأصول وطُرق العدالة، أما التقليدي فسيظل دينه اجتماعياً محليا إلى أن يموت..!

ثانياً: الجانب الروحي وأًصله في الاعتقاد بالوجود، وما دام الإنسان موجود فهو يفكر ويشعر، حاصل نتيجة تفكيره وشعوره يخرج الجانب الروحاني الذي هو قمة الإيمان بالشئ، لكن كثيراً ما يخلط أصحاب هذا الجانب ما بين الروح والخيال فيتضخم عندهم الجانب الأدبي فتظهر الخرافات ، وهي مشكلة صوفية كون أديانهم قامت على الجانب الروحاني بمفرده دون استخدام العقل.

هنا معضلة الدمج بين الخيال والعقل، فالخيال صفة أدبية قد تحكي الأساطير وتؤلف القصص، لكن العقل يحكم أحياناً على هذه القصص بالخرافة ويُظهر عدم معقوليتها، وهنا تأتي ضرورة المنطق وعدم الاستسلام للجانب الأدبي الأصيل لدى الإنسان، وبالمناسبة فالأدب صفة عزيزة وممتعة عند كل البشر، جميعهم يعشقون القصص ، وتُلهب حواسهم الأحداث ، لذلك كانت وظيفة القصّاص ضرورية لكل مجتمع بشري..قديماً كانت هذه الوظيفة مِلك خاص إما لرجال الدين أو السياسة، الآن اختلفت وصارت وظيفة للجميع بل أحياناً صارت وظيفة من لا وظيفة له.

الجانب الروحاني خطير جداً فهو قد يكلف صاحبه الوقوع في.."الطوباوية"..أي العُزلة الشعورية والكمون في قفص معزول عن المجتمع، لكن مع خطورته فهو مهم للتهذيب وضبط السلوك وسلامة القلب، ونرى هذه الأشياء في الغنوصية المسيحية-مثلاً- ونظيرتها في الإسلام الصوفية، وضرورة هذا الجانب تأتي كونه ركن أصيل في التدين، فالمتدين بلا روح يصير ماديا..والروحاني بلا دين يصير كائن خرافي موهوم.

ثالثاً: جانب المنفعة..وهو ما يسميه البعض.."بالمادية أو البراجماتية"..وهو جانب مهم في التدين، وأصل هذا الجانب في أن الأديان ظهرت لمنفعة البشر، فأول متدين في التاريخ رأى حاجة له في الدنيا لن يحصل عليها إلا بالدين، كالحياة مثلا..فالدين لم ينزل كي يموت الإنسان بل ليعيش.

لكن الخلاف في هذا الجانب كبير..فمن الذي يُقيم معيار النفع والضرر؟..وما هو؟..ربما يعالج هذا الجانب مسألة الشقاء وأن الدين يهدف لسعادة الإنسان وإلا ما أعجَب به ونزع إلى التدين..وهنا يتدخل الجانب الأول وهو العقل..لذا من الضروري أن تجتمع كل هذه الجوانب في تحديد هوية الدين، فعندما يتكامل الإنسان عقله وروحه ومنفعته تكن الحقيقة العليا لديه ويتشرف دينه بالتوافق والاتساق النفسي، ويبدأ بالدفاع عنه ضد خصومه عن قناعة تامة وتمكّن في مسائل الدين والدنيا..

توجد جوانب أخرى يهتم بها الشيوخ والرهبان في إثبات دينهم كالجانب الغيبي ومحاولة إثبات الجنة والنار والقيامة والحساب والخلاص والدينونة..إلخ..لكن هذه الجوانب ليست ثمة عملية للتأكد منها ، والانخراط فيها دون تحقيق الجوانب الثلاثة عاليه يعني مزيد من العُزلة وهو حال أغلب الشيوخ والرهبان الآن..الذين عاشوا عملياً في كوكب خاص بهم لا يهتم بالحضارة ولا منجزات البشرية.

الأفضل كما ذهب كانط وبعض فقهاء الأشاعرة أن الحقائق الفلسفية (الماورائية) أو ما يسمونها.."بالأنطولوجيا"..لا يمكن التأكد منها بمعيار.."التطابق"..وهو أهم معيار عقلي تجريبي في تعيين الحقائق، فلا الإنسان قادر على الوصول لهذا العالم، ولا من مات عاد ليحكي تجاربه، وقد انتبه الأشاعرة لهذا الإشكال وكان الجواب لديهم أنا الحقيقة الدينية لديهم صنفين، الأولى: عقلية ومصدرها علم الكلام، الثانية : شرعية ومصدرها النص المتواتر، وبذلك عالجوا مشكلة الأنطولوجيا واكتفوا بالإيمان بالنص دون إخضاعه للعقل.

أستطيع أن أفهم دوافع الأشاعرة بهذا الحل، لكن ما لا أفهمه من الذي يحكم هذا نص أم لا؟..وما حقيقة المتشابه والمحكم ودور كلٍ منهم في الحقيقة الدينية؟..الأشاعرة أنفسهم لديهم عقيدة.."الناسخ والمنسوخ"..وهي عقيدة يخالفهم فيهم المعتزلة وبعض الشيعة، كذلك إيمانهم بقدسية البخاري ومسلم ..كل هذه مسائل مختلف عليها..فما النص الذي يقصدونه؟..وكيف ظهر لديهم الناسخ والمنسوخ في الحقيقة الدينية ولم يصرح بها.."النص المتواتر"..بشكل قطعي لا لبس فيه ولا جدال؟؟

الإجابة في تقديري تكمن في .."دراسة التاريخ"..فعن طريقه نفهم لماذا نحى الأشاعرة هذا المنحى، وسنرى أن هذا الاتجاه كان سياسياً بأمر الخليفة المتوكل وكان صفة ملازمة للعصر العباسي الثاني، بيد أن هناك تناقضات وتساؤلات دون أجوبة لا زال الأشاعرة منذ -عصر المتوكل- لم يجدوا لها حلا ، وحتى الآن عندما تُرفع لهم هذه الأسئلة والإشكالات يردوا عليها بنفس الطريقة القديمة..ولنا أن نتساءل، لو كانت هذه الطريقة مُجدية وعقلانية هل كان الإشكال سيبقى 1000 عام ويزيد؟!

فرضنا أن المتسائلين الآن أغبياء أو لديهم أغراض شريرة أو أنهم لا يُخلصون للحقيقة الدينية كما ينبغي..فما الذي يحملهم على تكرار أساليبهم القديمة وقد علموا أنها عاجزة عن الحل أو القضاء على هذه المجاميع الشريرة كما قضوا على فرق أخرى بائدة..!

الجواب عندي: أن الحقيقة الدينية يلزمها فرضية.."الثابت والمتحول"..بتعبير أدونيس، وتعني أن لكل عصر مفاهيمه وثقافته الخاصة التي ربما لا تتفق مع العصور الأخرى، وهي تعني –بالنسبة للأشاعرة-أن أسلوبهم قد يتفق مع أهالي القرن الثالث ونظام هذا العصر ومقدار العلم فيه، أما الآن فلا..وعلى تعبير أحد الأذكياء أن الشيوخ يريدون تشغيل سيارة موديل 2016 بوقود من الثلاثينات..!

فالحقيقة الدينية مع احتياجها للعقل والروح والمادة هي تحتاج أكثر لرؤية متبصرة تكشف أهليتها (زمكانياً) وهو علم قد لا يملكه رجال الدين كونهم مقلدون والزمكان عندهم واحد، ومحاولة البعض مؤخراً لتكييف النص الديني مع الواقع- لتحقيق رؤية دينية -هي جيدة ولكنها تخصع لفهم واحد للنص قد يكون نسبيا، لذا من الضروري أن نسأل..هل الحقيقة الدينية ثابتة مع النص تدور وتنتهي معه أم هي موجودة في الزمكان وفي أعين ومصالح الناس..وبها نفهم النص ؟

هذا سؤال جرئ على كل متدين أن يسأله لنفسه..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في رحاب فقه المقاصد..رؤية نقدية (2)
- في رحاب فقه المقاصد..رؤية نقدية
- دلالات مجزرة تدافع مِنى
- لماذا التساهل في التكفير؟
- قتلى الإمارات ليسوا شهداء يافاطمة..
- جريمة العالم في سوريا
- طعن علماء السنة في الإمام أبي حنيفة
- الوطنية وعلاقتها بالإرهاب
- صراع الضباع في عدن
- الدعارة الطائفية وفساد رجال الدين..
- بعد أربعة أشهر من العدوان السعودي على اليمن
- وفاة عمر الشريف وهيولي أرسطو
- تعالوا بنا نجرح مشاعر المسلمين..!
- حرب اليمن وسوريا واغتيال النائب العام
- لماذا الأزهر والسلفيون يتمسكون بالبخاري ؟
- الوعظ الكاذب
- القوى غير المرئية في عمليات التنوير
- الموقف الذكوري من المرأة
- خدعوك فقالوا الإسلام والعلمانية (3)
- خدعوك فقالوا الإسلام والعلمانية (2)


المزيد.....




- سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفض ...
- أحدث تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي نايل سات “نزلها ...
- -الشرق الأوسط الجديد ليس حلماً، اليهود والعرب في خندق واحد-– ...
- بعد دعوة رجل دين درزي.. تحذير مصري من -مؤامرة- لتقسيم سوريا ...
- الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في سوريا حكمت الهجري يطالب بحم ...
- الدروز في دائرة الخطر: نتنياهو يستغل الطائفة لأغراض سياسية
- جماعات الهيكل منظمات إسرائيلية تسعى لهدم المسجد الأقصى
- الاشتباكات الطائفية في سوريا: أبرز القادة الروحيين الدروز يط ...
- تردد قناة طيور الجنة.. نزلها على جهازك الرسيفر وتابع كل جديد ...
- -كمين- لقوات تابعة للحكومة السورية يتسبب في مقتل 23 مسلحاً د ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - كيف نفهم حقيقة الأديان؟