أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - خدعوك فقالوا الإسلام والعلمانية (2)














المزيد.....

خدعوك فقالوا الإسلام والعلمانية (2)


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 4794 - 2015 / 5 / 2 - 20:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


توجد مقابلات لا داعي لها أو تنم عن جهل بالمفاهيم..من هذه المقابلات ما نحن بصدده وهي.."الإسلام والعلمانية"..هذه مقابلة ظالمة وغير صحيحة منطقياً، فالإسلام دين..والأديان بالعموم مطلقة عند أصحابها، أما العلمانية اتجاه سياسي، والسياسة بالعموم نسبية وكما يُقال أن السياسة بُنيت على الخلاف، فلو جرى توظيف العلمانية لصالح التدين سيكون التدين أسوأ شئ في الوجود، حيث سيُصبح الدين –حينها-مهلكة للبشر، وبدلاً من أن يكون الدين قيمة وحدوية أصبح مدعاة للتفرق وللحروب.

كذلك فتلك المقابلة تضر الإسلام وتجعله في صراعٍ دائم أمام نُظُم ناجحة ، حيث تُوجد نُظُم علمانية أنتجت حضارتها وحداثتها بنفسها دون الاعتماد على الإسلام ..مثل الحضارة الغربية وكذلك الهند والصين واليابان، حينها لو قابلنا هكذا.."بين الإسلام والعلمانية"..نكون قد ظلمنا الإسلام كدين كونه موضوع كتحدٍ أمام نجاحات العلمانية في دولها.

حقيقة أن تلك المقابلات ليست جديدة، وهي وريثة فكر عربي منحط ظهر إبان صدمة الحداثة، فجرت مقابلات كالإسلام والمعاصرة، الإسلام والليبرالية، الإسلام واليسار، الإسلام والشيوعية، الإسلام والرأسمالية والاشتراكية...هذه كلها مقابلات تنم عن جهل مدقع أولاً بالإسلام-كدين-ثانياً بتلك المفاهيم ابتداء، وفي تقديري أنها من صناعة فكر ديني متأثر بمفاهيم التراث .

وأوضح مثال على ذلك كل من يؤمن بموضوعي الخلافة عند السنة والإمامة عند الشيعة لن يقبل بنُظم سياسية وإدارية أخرى، لذلك فتلك المقابلات ظهرت في الفكر السياسي السني والشيعي معاً، ولا عجب أن أشهر من يروّج لها هم المتحدثين الرسميين باسم المذاهب كالسعودية وإيران، أو السلفية والإخوان، أو بعض مفكري الشيعة الذين هالتهم الفجوة بين الغرب والمسلمين.

هذه المقابلة.."الإسلام والعلمانية"..هي مجرد رد فعل على نجاحات العلمانية في دولها، فاستعاد المسلمون ذاكرتهم التاريخية وعملوا على إحياء التراث في مواجهة ما أنتجته العلمانية من حداثة.

بينما المسلمون وفي نشوة استعادتهم للتراث لم يعوا أن هذا التراث غير صالح لزمانهم، سواء كونه محكوم بأجواء زمانية ومكانية، أو أنه يدعو للعنف والكراهية والعنصرية، وهذا يفسر شيوع الكراهية والطائفية بين المسلمين بالعموم والعرب بالخصوص، كل هذا منتوج تراثي يفقهه أولى التنوير والحداثة الحقيقيون، الذين فطنوا لموضع الداء وعلموا أنه لا أمل في حداثة أو عدالة إلا بمواجهة هذا التراث ودعاته والحد من استعاداته كمشروع ثقافي بدأ في منتصف القرن العشرين ولا زال يعمل بكامل نشاطه إلى الآن.

لقد أحدث هذا التراث عمليات تحلل للمجتمع العربي بدأت بانتفاضات سياسية وفوضوية وحروب عشوائية إلى أن وصل إلى محطته الأخيرة الآن من حروب مذهبية في سوريا والعراق واليمن، كل هذا من أثر غياب العلمانية (كثقافة) وكمشروع تنوير لدى العرب، نعم يوجد دعاة لها ولكن ليسوا بالمستوى المعرفي ولا بالشجاعة على أن يعلنوا مواجهتهم الصريحة مع عدو العلمانية الأول وهم.."كهنة الأديان"..فاستسلموا للقمع الفكري والسياسي وفضّلوا الاحتفاظ بمعارفهم داخل غرف مغلقة لا أثر لها إلا على أنفسهم.

فَجَرَت استعادة جرائم التاريخ واعتبارها دين كجريمة.."سمرة بن جندب"..في أهل البصرة وإعدامه لثمانية آلاف من أهلها كما روى الطبري في تاريخه (4/176) وطالما هم أهل البصرة العراقيون فتم تبرير الجريمة على أنها لشيعة ، وبالتالي ساد في الوسط السني -وبعد استعادة هذا التراث الإجرامي- أن قتل الشيعي حلال..

الأغرب أن هذه الجرائم التراثية جرت استعادتها في سياق.."التسامح والرحمة"..وهذا غريب ، كيف لجريمة أن يُقتل فيها العشرات أو الآلاف أن تكون في سياق الرحمة، هذا انفصام عقلي وشطط أصاب الشيوخ وكهنة الأديان بالتوازي مع صدمتهم الرئيسة في الحداثة، وقد عبّرت داعش عن هذا الانفصام بإحدى تسجيلاتها في إعدام أقباط مصر في ليبيا وكلمة رئيسهم.."لقد جئناكم بالذبح رحمةً للعالمين"..!!

إذن فتلك المقابلات بين الإسلام والمفاهيم الحداثية هي أثر طبيعي وتطور لأفكار المسلمين حدث آلياً بعد استعادة التراث وجرائمه، فانشق المسلمون إلى فريقين ، الأول يؤمن أنه لا سبيل لمواجهة الحداثة إلا احتوائها بالتنوير وفصل الدين عن الدولة ..وهؤلاء كانوا من النُخَب المثقفة والأعيان وعليها تمت صياغة الدساتير، أما الفريق الثاني فكَفَر بما آمن به الفريق الأول، فأطلق شرارة التمرد على الدساتير وكل المفاهيم الحداثية، وأعلن أن القرآن هو الدستور الوحيد وأن الإسلام برئ من خطايا الحداثة والانحلال الخُلقي أو جرائم الحضارة الغربية ..وهؤلاء كانوا من الشيوخ وكهنة الدين الذين نجحوا في حشد طاقات الشباب لمشاريعهم الدينية.

وهكذا اختزل الشيوخ الحضارة الغربية في الانحلال الخلقي وجرائم الحروب العالمية..وتم إلصاق هذه الاتهامات في العلمانية كونها المنتج الأهم لتلك الحضارة-حسب رأيهم- ولم يُجب الشيوخ عن أن جرائم التراث واستعادته تسبب في قتل ملايين المسلمين في سوريا والعراق وإيران، أي أنهم ليسوا أفضل حالاً من هتلر وموسوليني، ولم يُجيبوا كذلك عن النماذج العلمانية التي نجحت في نشر السلام ونُصرة المستضعفين وشيوع العدل، حتى حقوق الطفل والمرأة وتخصيص هيئات مستقلة لهم في الأمم المتحدة هي منتوج علماني بالأساس..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خدعوك فقالوا الإسلام والعلمانية
- الإسلام وضرورة التنوير
- حقيقة نسب..(إذا صح الحديث فهو مذهبي)..للشافعي
- ماذا بعد نهاية عاصفة الحزم ؟
- الغزو المقدس..ورطة السعودية في اليمن
- من مكاسب عاصفة الحزم
- السيسي في تحالف المذاهب والجبناء
- شعب مينستريم صحيح
- البُعد المذهبي في حرب اليمن
- العدوان السعودي على اليمن..إلى أين ؟
- ماذا حدث في اليمن ؟
- المشهد السياسي في اليمن
- البخاري عدو النبي (3)
- البخاري عدو النبي (2)
- البخاري عدو النبي
- الطيار الأردني والمغيرة العجلي
- المعتدلون يقصفون دمشق
- انتفاضة الشباب في معرض القاهرة الدولي للكتاب
- أبنائي والدومينو
- إنها القرية ياعزيزي


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - خدعوك فقالوا الإسلام والعلمانية (2)