أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - الوعظ الكاذب














المزيد.....

الوعظ الكاذب


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 4842 - 2015 / 6 / 19 - 15:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم أنكر يوماً افتتاني بالشيوخ ..ولكن هذا الحب لم يصل أبداً لدرجة العشق والتقديس حتى أدافع عنهم بالحق والباطل، كانوا لدي مجرد.."مثقفين"..يملكون المعلومات، حتى وإن اختلفنا حول معنى الثقافة، إلا أن فترة المراهقة الفكرية قد تقبل أي وضع تحت معنى الثقافة، إَضافة إلى اهتمامهم-عندي-بالوعظ والإرشاد الذي يعكس صفاء النفس وسمو الروح.

هذه إحدى الخلفيات لقبول المشايخ في وسطنا العربي والإسلامي، ليس هكذا فقط..بل هم كذلك في كل الأديان، لأن الدين في طبيعته يخاطب الروح والعقل معاً في عملية ذهنية وقلبية مزدوجة تجعل من المتلقي مجرد ألعوبة يحركها المشايخ كيفما يريدون، بل أحيانا يُلقي الرجل نفسه في التهلكة –طاعةً للشيخ-وهو يظن أنه بذلك سيفوز بالخلود الأبدي في الجنة التي فيها ما لا عينُ رأت ولا أذنُ سمعت ولا خطر على قلب بشر..

هذه العلاقة ..علاقة.."الشيخ بالجمهور".. قائمة على أصلين اثنين الأول: هو الحب، فالشيخ يحب جمهوره كونه من يقوم على الدين في المجتمع، والعكس صحيح كون الشيخ هو الرمز المقدس والمعنى الأخلاقي والثقافي لدى العامة..الثاني :هو المنفعة ، فالشيخ ينتفع من جمهوره كونه يُعطيه مكانته الدينية والاجتماعية التي يحلم بها أي بشر، والعكس صحيح كون الشيخ لدى جمهوره من يحقق له رغباته في التملك وإقناعه بامتلاكه حقائق الدنيا والآخرة دون أدنى اعتقاد بشراكة غيره في تلك الحقائق.

وهذا يعني أن جمهور المشايخ لديه رغبة في التفرد والتملّك أساساً، ولولا أن الشيخ يحقق له تلك الرغبة ما سمعه ولجادله فيما يدعي.

وقد تنتج من هذه العلاقة جرائم دموية نتيجة لهذا التفرد ، وهي نتائج طبيعية لأي علاقة محرمة بين قائد وجمهور يؤمنان بامتلاكهما الحق المطلق وجهادهما لذلك الغرض، لذا يستوي في ذلك مشايخ الدين وقادة السياسة العنصرية الذين أشعلوا حروباً دموية هلكت فيها الملايين..وإذا كان السياسيون أجرموا بدافع الاستعمار والتوسع فالدافع الديني عند المشايخ أقوى كون استعمارهم للشعوب عن توقف مصيرهم الأخروي على نجاح ذلك الاستعمار ..أو على الأقل إخلاصهم للقائد والمعنى من وراء هذا الشحن العسكري ضد الآخرين.

رغم أن المشايخ قد لا يملكون النص الديني المُحفّز لهم على الاستعمار وقهر الشعوب، ولوفرة النصوص الدينية في الإسلام الداعية إلى التسامح ونبذ العنف..والإقرار بحقوق الآخرين انطلاقاً من بدهية الاختلاف..قال تعالى.." ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين" [هود : 118]..وهذا يعني أن السؤال الديني لا يقوم أساساً على من يملك الحقيقة..بل يقوم على سؤال حاسم وهو كيف نحكم هذا الخلاف، أو بعبارة أخرى كيف ننظم شئون حياتنا تحت مظلة الاختلاف..

ولأن علاقة المشايخ بالجمهور قائمة على الحب والمنفعة معاً فيستحيل لهم إقرار هذا السؤال والاعتراف بشرعيته لأنه ينزع عنهم ما يملكونه أو فازوا به من خلال تلك العلاقة (المحرمة).

بمعنى أن أي علاقة قائمة على الحب فأطرافها يمرضون بخطايا الحب الطبيعية وهي.."الأنانية وحب التملّك"..فالشيخ أناني لن يقبل بشريك له ينازعه حبه عند الجمهور، وكذلك لديه من حب التملك والسيطرة ما يكفيه لإشاعة أهليته لقيادة الأمة، وهي صفات موجودة عند كل زعيم، بمعني أن الشيخ هنا في حقيقته زعيم ديني أراد أن يمتلك الدنيا بما فيها..ولن يفلت من هذه المشاعر سوى من رضي بالقليل وزهد عن متاع الدنيا، بمعنى أنه قَبِل أخيراً له شريكاً في الملك والهيمنة على الناس.

في تقديري أن دور المشايخ هو محفز طبيعي للصراعات وخصوصاً المذهبية، وفي أوقات الفتن أعلم أن كل المشايخ الفاعلين فيها لا يملكون طاقة زهد -ولو قليلة –تمنعهم من التفرد والأنانية..وتمنعهم كذلك من ادعاء امتلاك الحق المطلق، فهم –حينها-كالعوام ..مجرد جَهَلَة قصيري النظر وانتهازيون أفّاقون.. أفكارهم مشوّشة..صعب عليهم الاعتراف بذلك لمعاناتهم من حُب التملك الذي يسيطر عليهم كونه عنصر أساسي في علاقتهم بالجمهور.



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوى غير المرئية في عمليات التنوير
- الموقف الذكوري من المرأة
- خدعوك فقالوا الإسلام والعلمانية (3)
- خدعوك فقالوا الإسلام والعلمانية (2)
- خدعوك فقالوا الإسلام والعلمانية
- الإسلام وضرورة التنوير
- حقيقة نسب..(إذا صح الحديث فهو مذهبي)..للشافعي
- ماذا بعد نهاية عاصفة الحزم ؟
- الغزو المقدس..ورطة السعودية في اليمن
- من مكاسب عاصفة الحزم
- السيسي في تحالف المذاهب والجبناء
- شعب مينستريم صحيح
- البُعد المذهبي في حرب اليمن
- العدوان السعودي على اليمن..إلى أين ؟
- ماذا حدث في اليمن ؟
- المشهد السياسي في اليمن
- البخاري عدو النبي (3)
- البخاري عدو النبي (2)
- البخاري عدو النبي
- الطيار الأردني والمغيرة العجلي


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - الوعظ الكاذب