أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام حمدي - الحرب الداعشية الناعمة، المسلسلات التركية أنموذجا














المزيد.....

الحرب الداعشية الناعمة، المسلسلات التركية أنموذجا


هشام حمدي

الحوار المتمدن-العدد: 4954 - 2015 / 10 / 13 - 07:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإعلام هو السلاح الذي فطن له الغرب والأعداء منذ عدة عقود حتى أصبحوا يملكون مقاليده في الداخل قبل الخارج، ينشرون به الإشاعات والشائعات ويغيرون به الآراء والقناعات من خلال تزييف التاريخ وتشويه الشخصيات الوطنية وتدنيس الحقائق بالوثائق وتقديس نفاق العملاء والخونة وتقديمهم على كونهم أبطال حموا الوطن من الاستعمار وفساده وحرروا المواطنين من الاستعباد وإفساده، مع أنهم قدموهما على طبق من ذهب لقمة صائغة للأعداء.
منذ مدة بدأنا نعاين سيلا جارفا من الدراما التركية يغزو فضائياتنا بشكل يدعو إلى القلق ويصيب بالأرق، ابتداء ب (نور ومهند) المسلسل الدرامي الذي أذاعه تجار الفضائيات على قنواتهم، ذات الرأسمال المادي السعودي أولئك اللذين يدعون الدفاع عن الدين الحنيف، عبر بثه من لبنان ولندن والذي فتح الباب على مصراعيه لدخول الأعمال الفنية عامة والمسلسلات التركية خاصة إلى السباق للأعمال الأكثر تحقيقا للربح والدعم المادي والشهرة والأكبر عددا في نسبة المتابعة والمشاهدة.
بعضكم يذكر ويتذكر المسلسل الذي يروي قصة السلطان العثماني وخليفة المسلمين وأعني به عبد الحميد القانوني، ذلكم المسلسل الذي يمكن اعتباره واحد من بين تلك الأعمال الفنية التي اكتسحت نظيراتها خصوصا بكمه الهائل من الحلقات وبنسب مرتفعة للمتابعة والمشاهدة من قبل جميع الفئات العمرية. وهنا تكمن خطورة المشكلة فالمسلسل يمكن توصيفه بالسذاجة والسطحية بكل ما تحمل الكلمتان من معان، إذ أنه يروي قصصا للجواري وما ملكة أيمان السلطان زير النساء وشارب الخمر وهامل مصالح العباد والبلاد للصدر الأعظم (الوزير الأول بالعرف السياسي الحاضر)، تلكم النساء اللواتي جمعهن في قصره واجتمعن في قصره للتنافس على الفوز بحب السلطان بالرغم من كونهن نساء أوتي بهن عن طريق السبي من أوطانهن، كما تم القضاء على أغلى ما يملكن وهي أسرهن بما فيهم الزوج والأب والأخ على يد جيوش خليفة المسلمين، ليتم تمرير الرسالة بإقناع المشاهدين بأن النساء يقعن في حب من يضطهدن وكأنهن التجسيد الحي لما يعرف بالإصابة بمتلازمة ستوكهولم، أيضا معظم حلقاته لا تخلو من أحداث الكيد ووقائع التآمر والمؤامرة التي تحوكها الشخصيات ضد بعضها، وهذا هو مكمن الخطر في رأيي.
للأتراك الحق في صناعة قوتهم الناعمة أي إنتاج المسرحيات والأفلام والمسلسلات، لكن أن تقوم بتصوير خليفة المسلمين والترويج له بإظهاره في صورة السلطان الذي لا يظلم عنده أحد والذي يرجع الحقوق لمستقيها وينصفهم بل أيضا بأن جميع نسوته ونسائه يتعشقون به و فيه، والأنكى وهذا حق الأتراك بجعله ملائكي الأخلاق والأفعال؛ لكن السؤال الملح والفارض لنفسه هو هل شغف وافتخار، 150 مليون مشاهد ومتابع لهذا المسلسل في محله بالرغم من تعمده إظهار وتبيين أن أصحاب الفضل في نشر الدين الإسلامي في العالم العربي هم الأتراك، طبيعي!؟
وهل يجوز التشجيع والمدح والتزلف بمن كان مستعمرا وعدوًا ومستوطنا؟ ثم ما هو السر في انجذاب المتابع لهذه المسلسلات؟ الوجوه الجميلة؟! هل تفتقر وتعاني الدراما في العالم العربي من الخصاص في إيجاد ممثلين ميزتهم الوسامة فحسب؟! وهل نَحِنٌ للاستعمار العثماني وتصْدُقَ فينا مقولة مالك بن نبي في كتابه المعنون (شروط الحضارة) بأن الشخصية العربية لديها قابلية للاستعمار، هذا الاستعمار ليس من عبث السياسيين، ولا من أفعالهم، بل النفس ذاتها، التي تقبل ذل الاستعمار، والتي تُمَكِن له في أرضها.
حقيقة لا أستطيع خلق جواب ولا إعطائه، ليبقى الأمل الوحيد في المتابع والمشاهد العربي هو أن يعي ويتثقف حتى يستطيع مجاراة الأعمال الدرامية على أسس صحيحة وقواعد متينة دون إعطاء أهمية لجنسية صانعيها، فلا يمكنني الترخيص للأطفال والمراهقين من الشباب بمشاهدة مسلسل يتم النطق بجملة " افصل رأسه" مصحوبة بتصوير هذه اللقطة لقطع الرأس بالسيف أو بالسكين، وأيضا لا يمكن السماح للشباب بمتابعة الهجوم على دول آمنة هادئة لا لسبب إلا للغزو وسبي النساء اللواتي يؤخذن كعبيد وجواري بعد كونهن كن أحرارا، ليتم بعثهن لخليفة المسلمين يفعل بهن ما يريد ويشاء.
إن الدراما التركية لا تعير أدنى احترام للدين والدنيا، إنها بذرة الإرهاب التي تُقدم للشباب فوق طابق من فن داعشي، إنها تعمل على تحويل المسلسل إلى واقع حقيقي يُعلِم الإنسان كيفية قتل من يخالف معتَقَده وعقيدته، دون إدراك ووعي وفهم المشاهد والمتتبع عربي للتناقض الصارخ بأن خليفة المسلمين، العظيم، البطل، محبوب النساء، الفاتح، نصير الفقراء صديق الضعفاء، والدكتاتور هو نفسه قاطع الرؤوس والذي يقوم بما يقوم به خليفة الدواعش، ليقوموا بالتهليل لهذا وليسبوا ويلعنوا الأخير.
المراد قوله هنا هو كيف لنا محاربة الفكر التكفيري الداعشي والفكر التفجيري المذهبي، في حين أن الفن يقوم بتعزيز وتمجيد ثقافة النحر والذبح وذلك من خلال المسلسلات الغير المسؤولة، وبما أن البعض منا اليوم يهلل للأتراك الذين استعمروا البلاد واستعبدوا العباد لقرون فلا تعجب عزيزي القارئ أنك تعاين وستعاين في العقود القادمة مسلسلات تبجل الاحتلال الإسباني لسبتة ومليلية وتهلل للاستعمار الثقافي والاقتصادي الفرنسي باعتباره حدثا تاريخيا عظيما.
أخيرا، أتفق تماما مع مقولة المنظر الأمريكي نعوم تشومسكي التي صاغها في كتابه "أسلحة صامتة لحروب هادئة" واصفا بدقة ما نعيشه وتعَوٌدْنا التعايش معه من عمليات الإلهاء بقوله: حافظ على تشتت اهتمامات العامة، بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، واجعل هذه الاهتمامات موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية حقيقية. اجعل الشعب منشغلا، منشغلا، منشغلا، دون أن يكون له أي وقت للتفكير، وحتى يعود للضيعة مع بقية الحيوانات.
الإنسانية هي الحل



#هشام_حمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم العربي بين مطرقة المؤامرة وسندان التآمر
- عيد الأضحى والبعد الروحاني والاجتماعي
- التاريخانية في قراءة التراث الفكري الإسلامي
- تعليب الوعي
- الاستشراق بين الاختلاف والائتلاف
- ذكرى نكبة فلسطين ... صوت 67 عاما، بلا صدى
- تديين المظهر وتسييس الجوهر
- الغرب فوبيا بدل الإسلاموفوبيا
- العالم العربي الاسلامي بين عار الصهيونية و نار الداعشية
- عن السياقة في الدار البيضاء ... أتحدث
- سؤال التقدم والتنمية، من يجيب؟
- حرية الرأي في التعبير
- فساد أم إفساد الدولة
- الإعلام الافتراضي ومواطنو التواصل الاجتماعي
- الاستهلاك حرب إيديولوجية جديدة
- الإساءة للرسول وأنموذج شارلي إبدو
- إنسانية الإنسان بين مطرقة التدمير وسندان التعمير
- متلازمة فلسطين..... (غزة) و الهوان
- التراث الفكري الإسلامي القديم بين تنقيح وتصحيح أم تجديد! ؟
- أنا أعتذر، إذن أنا موجود


المزيد.....




- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام حمدي - الحرب الداعشية الناعمة، المسلسلات التركية أنموذجا