أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هشام حمدي - متلازمة فلسطين..... (غزة) و الهوان















المزيد.....

متلازمة فلسطين..... (غزة) و الهوان


هشام حمدي

الحوار المتمدن-العدد: 4673 - 2014 / 12 / 26 - 22:09
المحور: القضية الفلسطينية
    


الهوان ممكن كتابته عنوان لخيبة الظن والأمل، ليس المقصود هنا الهوان المغربي المادي، لكنه هوان ذو طابع وطبع إنساني معنوي يحكم ويتحكم في القاع الذي أصبح مزدحما، فتندحر النخوة والكرامة لتجردك مما تحمل من أثمن معنى وأنفس قيمة وأطهر وأنقى جوهر، ويسدل من خلف أستاره عن رفع أجهزة وآلات التنفس عن روح الحرية وجسد الكرامة الإنسانية اللتان تعانيان من موت سريري" اكلينيكي" أصلا، وليصفوا حالتك بأنها هذيان عرضي وهلاوس مرضية لأنك مساند لقيم العدل وداعم لقيم الحق ومدافع عن العرض والأرض، مع افتراضي لحسن النية والظن أنه في نفس بعضهم مازال باقيا، وعدم مزج الدماء بالماء أو النفط بالدولار، فيلصقوا بك صفة عميل ومتآمر بل وقد يصفوك بالخائن لا لشيء سوى لأنك مدافع عن تلكم القيم.

لن أنسى يوم وقفت في الصف منتظرا دوري في إحدى الإدارات العمومية لإنهاء بعض المصالح الإدارية، لمحت امرأة بلغت من العمر أرذله وهي بحالة لا تسمح لها بالوقوف على رجليها اللتان تعجزان عن حملها بالإضافة إلى تصبب العرق من جبينها، فقررت الأخذ بزمام المبادرة بكل شجاعة وثقة وأطلب وألتمس، من شاب تجاوز العشرين بسنوات قليلة، العذر في إعطاء الأولوية والأسبقية للمرأة العجوز لإتمام إجراءاتها الإدارية، لكن حدث كالمعتاد والعادة والتعود أن ثار وخاطبني بصوت عال أحد الواقفين بالصف ليكيل لي التهمة الأغرب منذ معرفتي بالحياة أو في تاريخ البشرية، وهي تدبيري وتنظيمي لمؤامرة الهدف منها تخطي المصطفين بسرعة وإتمام الوالدة العجوز لإجراءاتها، استغربت وانتظرت مؤازرة و تضامن من أحد المواطنين ممن كانوا بجانبي شهودا على الواقعة التي كادت أن تتحول لموقعة، مفاجأتي كانت مهولة وصدمتي كانت كبيرة، لأن نظرات الوهن والبلاهة ظاهرة في معظم الأعين بل وبعضها يكاد يلصق بي تهمة الجنون أو أنني إنسان يعيش في كوكب آخر، المضحك المبكي أن تلك الإدارة مكتوب في لوح صغير جانبي غير مرئي وبأحرف كبيرة بأن الأسبقية مخصص لكبار السن والحوامل والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة.
انه الوهن يقينا، ليس مخلِصا من به وهن، لكن الوهن في هذه الواقعة، قد استولى بهذا الصف، وربما كان انتقال العدوى للصفوف الأخرى التي تقاسمه تصرفه، وهن إنساني وأخلاقي تمت إحالة الإخلاص للكثير من قيم المجتمع المغربي المتأصلة والأصيلة إلى المعاش والتقاعد، ليس في نصرة هذه المرأة المسكينة فقط، لكن أمام التحرش بنساء عاينته أيضا، فيه صراخ مسموع من نسائنا أينما حللن وارتحلن بسبب أصابع ضباع جائعة، الملاحظ والخطير هو أن المجتمع صامت وكأنه مصاب بالصمم والبكم وكأنه قام بإحالة ضميره على التقاعد، أو ينشد مثل البعض أغنيته المنتشرة إعلاميا بنعت أطفال الشوارع بـ"المشرملين"، ليتبرع أحد أشباه الكتاب بمقال مزور وكاذب بادعاء قتل هؤلاء الضحايا كضريبة لتنمية البرازيل.
فلا داعي لطرح السؤال عن الأسرار وراء عدم مؤازرة البعض لفلسطين "لأني لن أساهم في تمرير اسم غزة وكأنها تمثل كل ما يتعلق بفلسطين" بتنظيم المسيرات لإدانة بحور الدماء المتفجرة فيها، أو تطلع شيوخ وأطفال وشباب ونساء فلسطين إلى كلمة عزاء وتعزية ومواساة مغربية في أعداد الشهداء الذين لا ذنب لهم في هذه الحرب، أو طمع أهل فلسطين في أكثر من صمت البعض إن لم يكن أطاقوا عناء سخرية القلة وشماتة الأكثرية، فقد آلتهم الجسد يده قبل أن يأكله العجل والثور الأبيضان، واستنزاف رصاصات العزة في السخرية من سيدات ونساء هذا الوطن، ليصبحوا هم ضحايا وجناة في كل الحالات والأحوال، وعجز السلطة الحاكمة عن حمايتهم وتوفيرها لهم.
"فلسطين أولا، الحرب تندلع من فلسطين، والسلم والسلام يبدأ من فلسطين" يقول ياسر عرفات، لكن بعض الإعلاميين سامحهم الله وخصوصا ذاك النكرة الذي قال صراحة " فلتحرق غزة على من عليها "، لا بأس ففي أوقات اضمحلال ولحظات انكماش الحضارات الإنسانية ما توقن وتتيقن به من تراجع نفوذ علماء وحكماء وانتشار العهر والحقارة السياسية؛ إن كنت من قراء التاريخ القديم، دون شك فإنها تروي حكايات الإغريق وقصص أثينا على تراجع سقراط إلى الخلف ليفسح مجال المسرح لرجال البهرجة ولمحترفي الهرج والتهريج السياسي للسيطرة على المشهد، لكن الخطورة الحالية وما تشهده وتشاهده الدول العربية الإسلامية هو في تبخر الحكمة السقراطية وبعد نظر ياسر عرفات، حتى أصبح محترف التهريج والبهرجة في نهج ممارسة لإلهاء الوعي والعبث بالضمير العربي بتأثيرات تراكمية وعلى مدى زمني بعيد، ولا يكتفون بالإطاحة فقط برصيد العرب التاريخي مع القضية الفلسطينية، بل جرأتهم دفعتهم لتزييف رصيد العرب الغني بقيمه الإنسانية المرتبطة به، ويهدد نفاده بالتفكك والفوضى والتقسيم، وهذا أخطر ما نواجهه في حرب التدمير الذاتي اليوم.
يقينا في أن الدول العربية ظلت وتبقى سجينة لأوقات الانكماش والاضمحلال لفترة قد تطول وقد تقصر من الزمن، فتأثيرات الاتفاقيات الثنائية للسلام والانفراد والتفرد في المفاوضات كان بمثابة المخدر القوي التدمير والمستقر كان من القوة والفاعلية والفعالية بأنه نجح في شل الضمير والأخلاق وكل ما يوحدها، كان من نتائجه تفكك مجتمعات تعاني تحت تأثيرات لقاحات الأمية والجهل والتخلف وأمصال الإرهاب والفقر والسرقة والنهب، وفي انتظار تعافي الجسد العربي من إدمان وتأثير هذا المخدر وأعراضه الجانبية، فستظل الدول العربية الإسلامية واقفة على حافة الطريق في ارتباك أقل ما يمكنني القول عنه أنه مميت، بالتفاتهم يمنة ويسرة وعدم إدراك مقادير زمن الانتظار أو مواعيد المرور وجهل شروطه وأسبابه، وبخلاص الجسد العربي الإسلامي الضخم من سقمه وعلله نستطيع القول بأنه سينتفض لإبهار الغرب بتقدمه ورفاهية مواطنيه، ولن يجد من تلك الرفاهية مدخلا لمد اليد للجار الخليجي بالتصدق عليه، أو سلاح ممنوح من عدو يساوي بين مكافحة الإرهاب في سوريا ومقاومة الصهاينة في فلسطين.
إن انتفاضة الدول العربية الإسلامية متقدمة وحقيقة وفاعلة وحاضرة، كما أن المؤامرات متطورة، مستعرة، مسترسلة، متواصلة، مستمرة، وعلى كل الجبهات، وهذه حرب لن تتوقف إلا بانتصار المقاومة، لأنها صراع أساسه قائم على حرب تواجد ووجود: تواجد ووجود عربي ذاته، وجود إنسان عربي وحياته ومستقبله.



#هشام_حمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التراث الفكري الإسلامي القديم بين تنقيح وتصحيح أم تجديد! ؟
- أنا أعتذر، إذن أنا موجود
- القوة الناعمة....الجيل الرابع من الحروب
- أنفاق حماس...معابر غزة... حدود فلسطين


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هشام حمدي - متلازمة فلسطين..... (غزة) و الهوان