أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مصطفى عنترة - إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق وخبير في شؤون المنطقة المغاربية، يتحدث عن هجرة الأفارقة، الصحراء، الجزائر، البوليساريو، الديبلوماسية المغربية















المزيد.....


إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق وخبير في شؤون المنطقة المغاربية، يتحدث عن هجرة الأفارقة، الصحراء، الجزائر، البوليساريو، الديبلوماسية المغربية


مصطفى عنترة

الحوار المتمدن-العدد: 1358 - 2005 / 10 / 25 - 10:12
المحور: مقابلات و حوارات
    


ـ أشرتم في حواركم الأخير بجريدة "لاراثون" الإسبانية إلى فشل المقاربة الأمنية في تدبير ملف الهجرة السرية للأفارقة من جنوب الصحراء على الشريط الحدود المغربية الإسبانية، إلى من تحملون مسؤولية هذا الفشل؟ وما هي المقاربة الأنجع التي ترونها مناسبة لتدبير هذه الملف؟
العنصر البارز الذي ميز الأحداث المأساوية التي عرفتها شمال المملكة، هو عنصر المفاجأة، وقد ترجم ذلك من خلال الرد العنيف للسلطات المغربية تجاه المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء. وقد هيمن هذا العنصر على جميع مراحل تدبير هذا الملف في هذا الظرف بالذات.
فالتدخل العنيف للسلطات الأمنية المغربية خارج مدينة سبتة ومليلية على وجه الخصوص دليل قاطع على أن السلطات المسؤولة لم تكن تدرك حجم الأزمة وبالتالي كيفية التعاطي معها، من خلال المتابعة المباشرة للوضع إداريا وتدبيريا.. كما لو أن إخواننا الأفارقة المهاجرين سقطوا من السماء .

ـ وما هي المقاربة التي ترونها في نظركم ناجعة لتدبير هذا الملف؟
أعتقد أن المقاربة الناجعة لتدبير هذا الملف، هي مقاربة ذات ثلاثة أبعاد:
البعد الأول: تاريخي، وقد أظهر تعاطي السلطات المغربية مع هذا الوضع دون أخذها بعين الاعتبار لمعطى أساسي يتمثل في كون المغرب بلد منفتح أمام إخواننا الأفارقة. وأرى بخصوص هذه النقطة أن على المغرب أن يظل كما كان في الماضي بلدا منفتحا على إفريقيا.
البعد الثاني: سياسي، حيث أن المغرب يحتاج إلى إفريقيا والعكس صحيح، وخاصة في هذا الظرف الذي تمر منه قضية وحدتنا الترابية من منعطف حرج وحساس.
البعد الثالث: دولي، بحيث لم تأخذ السلطات المسؤولة في بلادنا بعين الاعتبار الاتفاقية الموقعة سنة 1992 بين المملكة المغربية ونظيرتها الإسبانية، وهي الاتفاقية التي تشكل إطارا أساسيا، وتتضمن عدة عناصر إيجابية تصب في صالح المغرب.
وتجدر الإشارة أن هذه الاتفاقية سبق أن وقعتها شخصيا مع وزير الداخلية الإسباني آنذاك.

ـ لماذا وصفتم بأن أهم عنصر في قضية المهاجرين السريين الأفارقة هو عنصر المفاجأة؟
يأتي هذا الوصف انطلاقا من التصرفات المعبر عنها من طرف السلطات المغربية، وبالتالي فإن سلوك وموقف الحكومة والمسؤولين المغاربة هو الذي يظهر بالملموس أن هذه الأحداث فاجأت المغرب…

ـ ما هو طبيعة السياق الذي جاءت فيه اتفاقية 1992؟
عندما أصبح المغرب عضوا في منتظم "الترويكا الأوروبية"، التي تظم وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي، وهي للإشارة بمثابة منتدى للتنسيق بين وزراء داخلية الدول الأوربية.
وقد تم قبول المغرب كعضو ملاحظ داخل هذا المنتدى نظرا لما يتميز به النظام السياسي المغربي من حريات عامة واحترام لحقوق الإنسان آنذاك، ونظرا لنهجه للبيرالية السياسية والاقتصادية التي باشرها الراحل الحسن الثاني منذ سنة 1975. وفي إطار هذا العمل الجماعي مع أوروبا (أي في مجلس وزراء الداخلية والعدل) كانت تتداول فيه مشاكل سياسية وكذا تنقل الأشخاص والبضائع، بالإضافة إلى الاستراتيجية الأمنية التي تهم أمن أوروبا ككل. وهذه الاتفاقية تبين على أن المغرب كان يعتبر من الركائز الأساسية للأمن والاستقرار والانفتاح السياسي.

ـ ألم يكن المسؤولين المغاربة الحاليين على علم بوجود مثل هذه الاتفاقية؟
بالطبع، لم يكونوا على علم بهذه الإتفاقية.

ـ ماذا تقول اتفاقية 1992؟
ترتكز هذه الاتفاقية على قوانين المجموعة الأوروبية، وكذا الدول التي تطالب بالاندماج داخل القضاء الأوروبي، وتتضمن ثلاث مقومات أساسية:
أولا: يتم بمقتضى هذه الاتفاقية إعادة المغاربة المتواجدين على تراب الدول الخمسة عشر آنذاك، كيف ما كانت طريقة دخولهم إلى هذا الفضاء الأوروبي، يمكن إعادتهم إلى المغرب، وعلى أساس هذا الاتفاق استفاد جميع المغاربة المتواجدين داخل الفضاء الأوروبي للدول الخمسة عشر من تسوية وضعيتهم القانونية.
ثانيا: أن المهاجرين الذين عبروا المغرب وتسللوا بصفة غير قانونية إلى إسبانيا، فإن المغرب ملزم، إذا ما ثم التأكد من شرطين أساسين يتعلقان بوجود دلائل على أن هؤلاء المهاجرين تسللوا إلى الأراضي الإسبانية انطلاقا من المغرب، كما أن على إسبانيا أن تقوم بالتعرف على هوية هؤلاء المهاجرين.. وهذين الشرطين كانا من الصعوبة بمكان على إسبانيا إثباتهما.
ثالثا: إن هذه الاتفاقية تفتح أمام المغرب سياسة اقتصادية غير ممركزة.
والشيء الذي يجب تسجيله هنا أن هذه الاتفاقية لم تجلب أي مشاكل للمغرب. وعلى ما يظهر أن المقاربة المعتمدة حاليا من طرف السلطات المسؤولة تذكرنا بما عاشه المغرب خلال أزمة جزيرة "ليلى"، وكذا انفجارات الدار البيضاء في 16 ماي، وقد بينت مثل هذه الأحداث مدى تخبط السلطات المغربية ومدى العشوائية والارتجالية التي تميزت بها في التعامل مع مثل هذه الأوضاع، بحيث يظهر أنهم لا يجيدون سوى لغة القمع.

ـ تكلمتم عن الأزمة التي يعرفها المغرب فيما يتعلق بقضية الهجرة السرية وكذا فشل المقاربة الأمنية، في نظركم لمن تحمل مسؤولية ما وقع، هل للحكومة أم للأجهزة الأمنية؟
لم تكن هناك مراقبة أمنية منسقة وعقلانية.. أما الجهة التي أحملها مسؤولية ما حصل من أحداث مأساوية شمال المغرب، هي الحكومة ككل، وعلى رأسها الوزير الأول، إدريس جطو، بحيث عند تواجده في اشبيلية في إطار اجتماع اللجنة العليا الإسبانية المغربية، تم الإعلان عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المهاجرين السريين الأفارقة من جنوب الصحراء الذين كانوا يحاولون التسلسل إلى الثغرين المغربيين سبتة ومليلية…
فغياب التنسيق بين مكونات الحكومة هو الذي دفع الجهات الأمنية إلى مواجهة الموقف بعنف من أجل إعادة استتباب الأمن في المنطقة.
وفي هذا السياق تم تناول موضوع المعاملة الخشنة واللاإنسانية التي مارستها السلطات المغربية تجاه المهاجرين الأفارقة داخل البرلمان الفرنسي.

ـ طالبتم في حواركم الأخير بتشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول ما جرى شمال المغرب تجاه الأفارقة المهاجرين، فهل تعتقدون أن الجهات المتحكمة في القرار السياسي بالمغرب ستسمح بمثل هذه المبادرة؟
بطبيعة الحال، فإن الحكومة ستتهرب من تشكيل مثل هذه اللجنة. وقد طالبت في حواري الأخير بجريدة "لاراثون" الإسبانية بتشكيل هذه اللجنة انطلاقا من أن مغرب سنة 2005 يجب ألا يسمح بأن تسير فيه الأمور بهذه الطريقة العشوائية.
والجدير بالذكر هنا هو أن المغرب عرف تشكيل مثل هذه اللجنة من قبل.. وكمواطن مسؤول مارس المسؤولية في أعلى سلطة لا يمكنني بالتالي السكوت عن المشاكل التي يتخبط فيها بلدي المغرب..

ـ هل لمستم وجود ردود فعل على طلبكم الداعي إلى تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق بخصوص الأحداث المأساوية الأخيرة؟
عندما طالبت بتشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق لم أكن أنتظر رد فعل من أي طرف كان، لأنني قمت فقط بالتعبير عن رأيي في الموضوع. وبالتالي لم أكن أنتظر من الحكومة أو غيرها أي رد فعل، لأنها (أي الحكومة) مفككة وضعيفة، ويرمي أعضاؤها المسؤولية على بعضهما البعض… فمن يجرؤ من أعضاء الحكومة على سبيل المثال تحميل الوزير الأول المسؤولية في ما حدث… فهم لا يتوفرون على الشجاعة لقول ذلك… أما مجلس النواب فإن تواطؤ رئيسه عبد الواحد الراضي مع الحكومة واضح للعيان، وبالتالي فإن هذه الأمور يتم السكوت عنها.


ـ في نظركم من المستفيد من الأوضاع المأساوية التي شهدها شمال المملكة؟
إن الحكومة بعملها وتقاعسها أمام الأحداث المأساوية تسدي بذلك خدمة كبيرة إلى خصوم وحدة المغرب الترابية, فهؤلاء هم المستفيدون الحقيقيون من هذه الأوضاع، زد على ذلك كل من يرغب ويعمل على عرقلة مسيرة المغرب. كما أن تدبير هذا الملف ساهم في تشويه صورة المغرب أمام إخواننا الأفارقة جنوب الصحراء الذين تربطنا معهم روابط الدم والدين والقيم المشتركة...

ـ الملاحظ أن إدريس البصري يغازل الجارة الجزائر، آخرها ما جاء في حواره الأخير لجريدة "لاراثون" لدرجة أن الصحافة الجزائرية أشارت إلى هذا الأمر بوضوح، إلى درجة أن بعض المراقبين لخرجاتكم الإعلامية وصفوك بالمدافع عن طروحات الجزائر، على خلفية أنكم في السابق كنتم تتهمون الجزائر بعرقلتها لمسلسل التسوية، ما هو ردكم على ذلك؟
التصريحات التي أدليت بها تعبر عن مجموعة من المواقف المنبثقة من مغربي وطني، تحمل ولمدة طويلة المسؤولية وتدرج عبر مراحل متعددة على سلم هذه المسؤولية داخل مؤسسات الدولة، وذلك منذ 1957.
وقد كان ولازال دائما الخادم الوفي لوطنه، والمخلص للعرش والجالس عليه وبالتالي لا يمكنه السكوت عن كل ما يسبب الضرر للمملكة المغربية.
فكل تصريح أدلي به إلا ويخلف وراءه ردود فعل نابعة من بعض الناس الذين تربوا في مدرسة الفكر الوحيد وفضاءات الديكتاتورية وخلايا الإرهاب الفكري..والذين يريدون بكل الوسائل والأشكال تكميم فمي،
فهؤلاء كانوا يوجهون صوبي سهام انتقاداتهم اللاذعة لأنهم لم يكونوا قادرين على توجيهها إلى الراحل الحسن الثاني( رحمة الله عليه). وقد كنت أتقبل مثل هذه الانتقادات بصدر رحم، والآن فالحق الذي مارسوه عندما كانوا في المعارضة، يريدون مصادرته عني.. فأنا لست حاليا بمعارض.

ـ إذن، أنتم تقدمون النصيحة للسلطات المسؤولة؟
صحيح، أنا لست معارضا الآن، ولكنهم متخوفين من أن أقوم بعملية المعارضة الموثقة والمنظمة.. وبالتالي يريدون تكميم فمي.. فأنا لست معارضا للحكومة ولا لأي جهة كانت.. ومن هذا المنبر أطمئنهم بأنني أنني ملكي وأحد المدافعين عن الملكية… لكن هذا لا يمنعني من الإدلاء برأيي الذي أعتبره أحد الحقوق التي أمارسها.

ـ هل تعتقدون أن البرلمان في تركيبته الحالية بإمكانه التحرك إلى الشمال للوقوف عن كثب عما جرى ويجري هناك؟
البرلمان الحالي، كيفما كانت تركيبته وانتماءات أعضائه، فإن الدستور يخول له قانونيا انطلاقا من صيغته تشكيل لجنة للبحث والتقصي، وليس فقط المراقبة. وقد تأسست في الماضي لجنة للتقصي في الخروقات التي عرفها على سبيل المثال لا الحصر صندوق القرض العقاري والسياحي، فهذه اللجنة لها أهميتها ولكن ليس بالشكل الذي عرفته المملكة المغربية حاليا في شمالها وما جرى من سوء التعامل مع إخواننا الأفارقة.
ـ كيف تنظرون إلى الزيارة الحالية للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى المنطقة؟
إنها زيارة روتينية، تدخل في إطار السير العادي للمينورسو،. ولن تأتي باقتراحات جديدة بشأن إيجاد حل للنزاع في الصحراء.
وإذا كانت هناك اقتراحات، فلن تخرج عن إطارها العادي.
ـ كيف قرأتم المقترح الذي تقدم به في الأسابيع الأخيرة الفاسي الفهري باسم المغرب للبحث عن حل سياسي متفاوض بشأنه لإنهاء مشكل الصحراء؟
بداية، أنا أستغرب للاستعمال المفرط والمتكرر لكلمة " الحل السياسي" لأن جميع الحلول على هذا المستوى هي حلول سياسية. فكثرة الكلام عن الحل السياسي يقلل من الوزن والأهمية الذي تريد الحكومة إعطاءها لهذا الحل الذي اصطلح عليه بـ "الحل الثالث".
المسألة الثانية وهي أنني لا أومن إلا بالحل الأساسي والجذري والنهائي لملف الصحراء، أي بإجراء استفتاء حر ونزيه، لإعطاء إخواننا الصحراويين حقهم الذي اعترف به المغرب في نيروبي والأمم المتحدة وكذا مخطط بيكر، لكي يعبروا عن رأيهم في الانضمام إلى المملكة أو الانفصال عنها، فهذا في نظري هو الحل الجذري والدائم والذي يتطابق مع متطلبات المنتظم الدولي.

ـ لماذا إذن أنتم ضد الحكم الذاتي؟
لقد أكدت على ضرورة الحل الجذري لإنهاء النزاع، فالحكم الذاتي اقترحته وعملت من أجل فرضه جميع الدول التي تريد إضعاف المغرب والنيل منه.. وهذا الحل لو تم اعتماده كحل للنزاع، سيكون بضمانة دولية تسمح بالتدخل الأجنبي، سواء في نطاق الأمم المتحدة أو خارجها.
والأكثر من ذلك أننا جميعنا مغاربة، سواء في وادي الذهب أو الشاوية أو فاس سايس أو منطقة سوس.. فلماذا يتم تطبيق الحكم الذاتي على إخواننا في الصحراء ونحرم منه بقية المكونات الأخرى للجسم المغربي.

ـ هل يريد المغربي ربح المزيد من الوقت مع طرحه لهذا الاقتراح؟
لم يعد هناك مجال للمراوغة، لأنه أصبح من الضروري إيجاد حل سريع للنزاع في الصحراء، هذا النزاع الذي عمر طويلا. فلا أدري لماذا يخاف المسؤولون المغاربة من الاستفتاء.. فهم يجزمون قبل إجرائه بأن نتائجه لن تكون في صالح المغرب… فهل يشكون في التلاحم القائم بين العرش والشعب.. أما أنا فأؤمن بالاستفتاء وبنجاحه الأكيد لصالح بلدي المغرب.
ـ عبر محمد عبد العزيز، زعيم جبهة البوليساريو، في حواره الأخير بجريدة "الخبر" الجزائرية، عن خيبة أمله من كون المنتظم الدولي تخلى عن الاستفتاء لتقرير المصير ، ما هو تعليقكم على ذلك علما بأنكم صرحتم في أكثر من مناسبة تبنيكم لخيار الاستفتاء كحل للنزاع في الصحراء؟
إن الدولة المغربية منذ 1967 وعلى الخصوص منذ سنة 1972 ومرورا بقمة نيروبي وهو تشتغل على مبدإ الاستفتاء… وتأتي الآن بمسح جميع هذه الخطوات والجهود لإعلانها عن رفض إجراء استفتاء في الصحراء.
فأنا كرجل دولة ورجل قانون وخبير في شؤون المنطقة المغاربية، أقول للمسؤولين المغاربة بأن يقبلوا بإجراء استفتاء في الصحراء، ومن حالفه الفوز فمرحبا به..
ومحمد عبد العزيز يعرف جيدا ماذا يفعل وأين يسير… فهو أحسن ألف مرة من بنعيسى وزميله الطيب الفاسي الفهري، فهذان المسؤولان لا يصلان حتى إلى مستوى عبد العزيز المراكشي.. فكلام هذا الأخير عن إجراء الاستفتاء في الصحراء يدخل ضمن حقه في التعبير.

ـ في رأيكم ما هي الأخطاء التي ارتكبها المغرب في تدبيره لملف الصحراء؟
أول الأخطاء القاتلة التي ارتكبها المغرب تتمثل في زوغ المغرب عن خيار الاستفتاء، وهذا لا يمنعني من القول بأنه حصلت أخطاء قبل هذا التاريخ في تدبير هذا الملف… لكنها كانت أخطاء عابرة وليست جوهرية.. إلا أن الخطأ القاتل الآن وهو عندما تهرب المغرب من إجراء الاستفتاء. فالحكم الذاتي سيكون بضمانة دولية وهذا الحل أعتبره أكثر خطورة من الاستفتاء، وبالتالي فإلغاء الاستفتاء خطأ قاتل يجب استدراكه.
س: كيف ذلك؟

أنا لست في موقع المسؤولية لكي أجيب عن هذا السؤال.
ـ لكن انطلاقا من كونكم تعتبرون أحد الخبراء في هذا المجال؟
أنا لست مسؤولا لأطرح تصورا للحل في الصحراء، وهذه الأمور لا يمكن طرحها على صفحات الجرائد.
ـ وهل لديكم تصور متكامل للحل في الصحراء وكذا في معالجة الأخطاء التي ارتكبها المسؤولين المغاربة في تدبيرهم لهذا الملف؟
بالطبع، إن لذي تصورا.. فليس هناك مشكل بدون حل.
ـ لماذا لم تصيغوا تصوراتكم في إطار مذكرة وتبعثوها إلى الملك محمد السادس مع العلم أنكم تعرفون جيدا قنوات الوصول إليه؟
لست فضوليا، ولا أتطاول على جلالة الملك، فهو يعرفني جيدا ويعرف رأيي ومواقفي حق المعرفة في هذا الموضوع، وإذا طلب مني ذلك فلن أتردد ثانية واحدة على الاستجابة لمثل هذا الطلب.. أما أن أبادر بطرح مذكرة بدون أن يطلب مني ذلك، فهذا الشيء بعيدا كل البعد عن ثقافتي وتربيتي..
ـ و تعلق الأمر بقضية وطنية ومصيرية؟
صحيح، وإذا طلب مني جلالة الملك الكيفية التي أراها ناجعة لحل ملف الصحراء، فلن أتردد في إبداء رأيي وتصوراتي لهذا المشكل.. فأنا لست خائنا..

ـ في سياق نفس السؤال، كيف ترون موقع المغرب الآن داخل المعادلة الدولية بخصوص قضية الصحراء؟
إن موقع المغرب في ما يتعلق بقضية الصحراء موقع حساس جدا، أما حقه في الصحراء هو حق قانوني وتاريخي له شرعيته ومشروعيته. والمغرب على هذا الأساس في موقع قوي، لكن الملف يوجد بين أيدي مسؤولين منعدمي الكفاءة والخبرة.

ـ الملاحظ أن إدريس البصري يغازل الجارة الجزائر، آخرها ما جاء في حواره الأخير لجريدة "لاراثون" لدرجة أن الصحافة الجزائرية أشارت إلى هذا الأمر بوضوح، إلى درجة أن بعض المراقبين لخرجاتكم الإعلامية وصفوك بالمدافع عن طروحات الجزائر، على خلفية أنكم في السابق كنتم تتهمون الجزائر بعرقلتها لمسلسل التسوية، ما هو ردكم على ذلك؟
لقد عاشرت الإخوان الجزائريين وأنا في موقع المسؤولية إلى جانب الملك الراحل الحسن الثاني وذلك منذ 1965 أو قبل هذا التاريخ، وكان هناك باستمرار أخذ وعطاء في جميع المرافق.. وبالتالي فإنني أستغل هذه المناسبة لإعطاء توضيح نهائي بالنسبة لهذا الأمر.
فقد كانت لخصوم نظام الملك الحسن الثاني وإدريس البصري صورة غير حقيقية ولائقة بمواقفي من الجزائر، وأؤكد لكم أن أقرب مسؤول من حاشية الراحل الحسن الثاني إلى إخواننا الجزائريين هو إدريس البصري. فأنا أرفض الانشقاق مع إخواننا الجزائريين، وأؤمن بصداقاتهم وبحبهم العميق للمغاربة. فأنا لست بمتآمر أو مناور.. والاخوة الجزائريين يعرفون جيدا مواقفي الوطنية.. فهم يقبلون الحوار المتفتح والصريح.. وشخصيا لا أقول بأن حل مشكل الصحراء يتم مع الجزائر.

ـ كيف تفسرون نفي الجزائر للاتهامات الموجهة إليها من طرف المغرب بخصوص ملف الهجرة السرية مع العلم بأن تقارير بعض الهيئات الدولية تشير إلى أن الجزائر كانت دائما نقطة عبور للأفارقة المرشحين للهجرة إلى المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية؟
أتفق تماما مع هذا الطرح، فنظرا للجفاف الذي عرفته بعض المناطق الإفريقية نزح العديد من الأفارقة إلى الأراضي الجزائرية، بحيث تحمل الاخوة الجزائريون هؤلاء لأزيد من عقدين من الزمن.. وقد كان المغرب في وقت سابق يتهم الجزائر والبوليساريو بإيواء أفارقة من جنوب الصحراء في مخيمات تندوف، وليس هناك صحراويون.
فوزراء الخارجية المغاربة السابقين مثل امحمد بوستة والعراقي.. كانوا يرددون مثل هذا الكلام، وكانوا يستعملون هذه الورقة ضد الجزائر.

ـ هل تريد الجزائر توريط المغرب من خلال ملف الهجرة السرية؟
لقد أصبحت الجزائر مثل الشماعة يعلق عليها المسؤولون المغاربة الحاليون فشلهم ومشاكلهم...

ـ كيف تفسرون سرعة السلطات المغربية في إعادة الأفارقة إلى بلدانهم الأصلية؟
التفسير الوحيد هو الارتجال.. وقد شوهوا صورة المغرب أمام العالم وبالخصوص في إفريقيا.
ـ قلتم بأن الصورة التي حرصتم طيلة عهد الحسن الثاني على تحسينها، أتى المسؤولون الحاليون على تشويهها في مدة وجيزة؟
صحيح، فقد تم تشويه صورة المغرب في الخارج، وكل ما بنيناه طيلة 40 سنة في ظل حكم الراحل الحسن الثاني، نراه يهدم يوما بعد يوم أمام أعيننا.
ـ هل تعتقدون أن المغاربة من خلال التعامل الذي مارسوه تجاه الأفارقة يمكن وصفهم بالعنصرية؟
هناك بعض المغاربة الذي يمكن أن نصفهم بالعنصرية.
فأهل فاس عنصريون ليس فقط مع الأفارقة بل مع أبناء جلدتهم أي مع بقية المغاربة. وأسرد لك في هذا السياق شهادة تاريخية، فأحمد العرافي وزير الخارجية المغربي في أوائل السبعينات أي بين 1972 إلى 1975 ، وفي جلسة عامة أتهمه بوتفليقة (الذي كان آنذاك وزيرا للخارجية الجزائرية) بالعنصرية مع أبناء بلدته وذلك عندما رآه يعانق بعض المسؤولين المسؤولين الآفارقة..
ـ يجري النقاش هذه الأيام حول القانون الجديد للأحزاب السياسية والتقطيع الانتخابي، وبدون شك أنكم تتابعون تطورات هذا النقاش السياسي، ما رأيكم في هذا القانون ؟
إن قانون الأحزاب الموضوع محط نقاش حاليا استمد مضامينه وفقراته وفلسفته من ظهير الحريات العامة 1958، وأنا أستغرب لكون الهيئات السياسية تقبل بل وتصفق لموضوع التقنيين، علما أنه يساهم في تضييق الحريات وهذا ما هو حاصل.. وسيأتي الوقت لنقد النقط التي تقلل من حرية التنظيم السياسي على أساس 1958.
وقد كنت مع المرحوم عبد الرحيم بوعبيد، وامحمد بوستة أو عبد الرحمان اليوسفي ندافع معا على عدم المساس بقانون 1958 على أساس أنه قانون متحرر. وفي آخر المطاف قام صديقي عبد الرحمان اليوسفي نظرا لحكمته المعهودة كان يعرف بأن أي تقنين هو إضعاف للإمكانيات القانونية وعرقلة لحركة الأحزاب السياسية..
وأنا شخصيا أستغرب للهيئات السياسية التي تصفق لهذا القانون. والجدير بالذكر هنا أن المغرب يعد من أعرق الدول السائرة في طريق النمو التي كانت تتوفر على تعددية حزبية.. فهناك أحزاب عريقة في المغرب، ونأتي الآن لنطلب منها تنظيم نفسها.
فالهيئات السياسية بالمغرب ستنظم نفسها وتبرهن عن فعاليتها عندما يتم تغيير الدستور المغربي، ويعطي للبرلمان صلاحيات واسعة، وتكون بموجبه الحكومة منبثقة من الانتخابات ووزيرها الأول سياسي.. ساعتئذ سنلاحظ بأن المغاربة سيكونون قادرين بأن ينظموا أنفسهم، أما في غياب ذلك فلن يطرأ أي جديد يذكر..
وتجدر الإشارةإلى أن الراحل الحسن الثاني كان يرغب في مراجعة الدستور والسير في هذا الاتجاه قبل الانتخابات الأخيرة.. ونتذكر بالمناسبة أن الراحل الحسن الثاني وفي افتتاحه لإحدى دورات البرلمان طالب من البرلمانيين أو الهيئات السياسية تكوين كتلتين، واحدة في الحكومة والأخرى في المعارضة…
وبدون إجراء تعديلات دستورية في اتجاه إقرار نظام برلماني راشد فإن الانتخابات ستكون بدون جدوى ومن الأحسن ألا تجرى سنة 2007.



#مصطفى_عنترة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سعيد شرشيرة، رئيس الكونغريس العالمي للمغاربة القاطنين بالخار ...
- رسائل عبد الكريم مطيع الموجهة إلى النظام السياسي المغربي
- في انتظار الملك محمد السادس الملك عبد الله بن عبد العزيز يلغ ...
- أحمد رضى بنشمسي، مدير أسبوعية -تيل كيل-، يتحدث عن سياق وخلفي ...
- حراس الأمن الديني بالمغرب
- تأسيس الحزب الأمازيغي بالمغرب: حاجة مجتمعية أم مغامرة سياسية ...
- الدلالات السياسية والرمزية لتعيين حسن أوريد على رأس ولاية جه ...
- إعلاميون، انفصاليون، إسلاميون.. يساهمون في إفراز -نـداء المو ...
- المقدس في الصحافة المستقلة بين تجربة حكومتي عبد الرحمان اليو ...
- أحمد الـدغرني، يشرح أسباب تأسيس الحزب الديمقراطي الأمازيغي
- إدريس البصري، وزير الدولة والداخلية الأسبق، يتحدث عن أحداث ا ...
- الأمـــازيغية والمقاربــات الثـــلاث
- تنامي الأصوات السياسية والمدنية المطالبة بالإصلاحات الدستوري ...
- الباحث أحمد عصيد، يعرض تصوره حول مسألة ترسيم الأمازيغية في ا ...
- محمد حنداين، نائب رئيس الكونغرس العالمي الأمازيغي، يشرح أسبا ...
- نص رسالة الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة إلى عميد المعهد ا ...
- مومن علي الصافي، عضو المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، يتحدث ...
- أحمد أرحموش، رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، يعلق عل ...
- أحمد الخر، ناطق رسمي باسم جمعيات أولياء ضحايا القمع بمخيمات ...
- عليا المرابط يعود من جديد إلى الواجهة السياسية وصورة المغرب ...


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مصطفى عنترة - إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق وخبير في شؤون المنطقة المغاربية، يتحدث عن هجرة الأفارقة، الصحراء، الجزائر، البوليساريو، الديبلوماسية المغربية