يهودية اللهم

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 4945 - 2015 / 10 / 4 - 12:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

يهودية اللهم
عندما يستعمل الانسان كلمة بكثرة دون ان يفهمها نتعجب: هل هو فعلا انسان ام حيوان ناطق يكرر (دون استعمال الدماغ كالانسان الالي او الروبوت) او نوع من انواع الببغاوات. و لكن ما معنى اللهمَّ اذن؟

اذا كانت الكلمة تنادي الله و هي تتكون من اللهُ + مَّ (بفتحة الميم في النصب) نسأل طبعا: ما معنى (مّ)َ و ما هي وظيفتها اللغوية؟ هل اللاحقة هنا اختصار لـ (هو) او ضميرمتصل مثل (ـه) او (هاؤم) من (ها + هم) للنداء ام هي صياغة عبرية اجنبية او رخصة شاعرية مخالفة للقواعد؟ لا تأتي هذه اللاحقة الا مع كلمات قليلة جدا مثل ويلمَّ من (ويل + اُمَّ) لتلفظ ويل امِّ للاشارة الى التعجب سلبيا و ايجابيا: ويلمها حربا! (ما هذه الحرب المرعبة) و ويلمه مالا! (يا لها من اموال رائعة).

يعتبر الاستاذ الكبير W. Wright في كتابه A Grammar of the Arabic Language بانه من الصعب التأكد من اصل اللاحقة مَّ و يعتقد المستشرق Edward William Lane بان (اللهم) او (لاهم) عبارة تستعمل في الصلاة تعني (يا الله) او (يالله امنا بخير) و ان الميم المشددة نوع من رخصة شاعرية poetical licence و احيانا تعني بالتأكيد نعم (اللهم نعم). قد تشير كلمة اللهم الى الاحتمال و الاستثناء خاصة عند استعمالها قبل الا: اللهم الا اذا مات.

و لكن هناك في العربية (ياء النداء) مثل (يا غلامُ) اي بدون اداة التعريف (الـ) و في حالة الرفع باستثناء (يا الله) مع الاداة لربما لان اداة التعريف في الله اصبحت جزءا من الكلمة او ما يسمى لغويا بعملية lexicalization اي اننا لا نحس بـ (الـ) في كلمة الله كاداة. تأتي ياء النداء احيانا مع الاليف كلاحقة (يا عجبا - يا حسرتا) و احيانا يتحول (يا صاحبُ) بالترخيم (الاختصار) الى (يا صاحِ) فلماذا اذن اللهم اذا كان عندنا يا الله؟ يستعمل البعض اليوم يا الله للايعاز بالرغبة في المغادرة.

هذه تحليلات القواميس و المعاجم العربية بعد غربلتها من الفضلات و التكرار للمقارنة:
اولا يعني اللهم يا الله كصيغة نداء و دعاء (حقيقي) و (لفظ الجلالة) مثل (اللهم لبيك) بعد حذف (يا) و اضافة الميم المشددة.
ثانيا اللهم كصيغة الاستثناء تفيد اثبات ما فيه شك
ثالثا اللهم كصيغة تمكين الجواب في نفس السامع اي نعم
رابعا اللهم من لهم يلهم و الجمع لهوم مثل لهِم الطعام اي ابتلعه دفعة واحدة. اللهم الكثير و الخير و العطاء و البحر العظيم الكثير الماء

ماذا نستنتج من التفسيرات العربية؟ بالتاكيد نستنتج بان التحليلات العربية بالمقارنة ليست فقط عاجزة عن تفسير الميم في اللهم بل هي مضللة ايضا تقدم التفسيرات هكذا دفعة واحدة للعقل غير المتعود على البحث و تثقل كاهل الناس بعبارات و ايات التكبير و التعظيم و تتجنب (عمدا او جهلا) بصورة خاصة البحث في اللغات السامية الحاملة للديانة اليهودية و المسيحية كالعبرية و الارامية.

تستعمل الشدة بالتأكيد للتشديد في العربية و لكن الميم ليست للتشديد و الظاهر ان المعاجم العربية اما تجهل قواعد اللغة العربية او تعجز في حيرتها عن تزويدنا بمعلومات صحيحة. حروف التشديد او الاثبات او التأكيد في العربية هي اللام و النون كما في (حلف ليقتلنَّ – لتبايعنَّ او لاحرقنَّكم) او باستعمال إنّ / إن في بداية الجملة كما في (إنما انا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا) و (إن يسرق فقد سرق اخ له من قبل) او باستعمال إمّا كما في (اما ترين من البشر احدا فقولي).

دون ادنى شك نستطيع ان نقول بان كلمة اللهم هي عبارة قرآنية و ان الميم في اللهم تعكس اللاحقة (يم) في العبرية (الوهيم) للتعبير عن التكبير و التعظيم خاصة و ان الله نفسه من اصل عبري (راجع Amros في A Concise Dictionary of Koranic Arabic (لاحظ تأثير اليهودية دينيا و لغويا على عربية القرآن في اهم مفرداته الاسلامية) لذا لا اعتقد بان الميم هي رخصة شاعرية كما ذكر المستشرق Lane و لكنه على الاقل حاول تفسير اللاحقة بالمقارنة مع المصادر العربية المضللة. فاذا قال المسلم (اللهم امين) فانه لا ينطق الا بلغة عبرية يهودية معربة دون ان يشعر.
www.jamshid-ibrahim.net

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل