أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهر نصرت - روسيا انجبت دوستويفسكي















المزيد.....



روسيا انجبت دوستويفسكي


زاهر نصرت

الحوار المتمدن-العدد: 4943 - 2015 / 10 / 2 - 18:00
المحور: الادب والفن
    


تمتاز روسيا باتساع رقعتها ، وضخامة مواردها ، وحداثة تاريخها ، فقد ظلَّ سكان السهوب الروسية دهوراً طوالاً بعيدين عن الأفكار التي أثَّرت في حياة الشعوب اللاتينية والتيوتونية ، ولم يعرفوا الفلسفة اليونانية ولا الثقافة اللاتينية ولا الفلسفة المدرسية التي سادت في العصر الوسيط ولم تُعْنَ روسيا بالحركات الكبرى التي هزت أوروبا الغربية مثل النزاع بين البابوية والامبراطورية ، وهو النزاع الذي اسفر عن تمكين أصول الدولة وكان له اثار بعيدة في التفكير السياسي ولم تصل اليهم حركة احياء العلوم القديمة ولا حركة الإصلاح البروتستانتي .
ويرجع الفضل في تكوين اول حكومة روسية الى سلالة القرصان الاسكندينافيين الذين أسَّسوا مراكز تجارية في انحاء روسيا ، وقد استقرت حول هذه المراكز جموعٌ روسية ضخمة في القرن الثامن الميلادي ، وتطوَّرت هذه المراكز التجارية الى مدن ذات حكومات مستقلة ، ادخلها في التاريخ وأبقاها ذكراً حكومة كييف التي دخلته في القرن التاسع .
وقد اعتنق فلاديمير صاحب كييف ، المسيحية في أواخر القرن العاشر الميلادي ، وكانت المسيحية التي اعتنقها فلاديمير ودعا اليها وايدها هي المسيحية الارثوذكسية البيزانطية ، وقد كان لهذا الحدث أهمية بالغة في تاريخ روسيا ، ففي الغرب انفصلت السلطة الكنيسية عن السلطة السياسية ، على حين ظلت الكنيسة جزءاً من الدولة في الإمبراطورية البيزانطية ، وفي الغرب نشأ التفكير في الحرية الفكرية نتيجة للتصادم بين الإمبراطورية والبابوية .
وفي القرن الثالث عشر الميلادي سيطر التتار على روسيا ، واستمرت سلطتهم مدة قرنين وكان ذلك من اقوى أسباب القطيعة بين روسيا والغرب ، ومن دواعي تخلف روسيا الثقافي عن الغرب وتوسيع الهوة بينها وبينه ، ولم تكن الحرية ميسورة في روسيا ولم يكن حكم القانون موطداً وكان الناس وما يملكون خاضعين لادارة الحاكم المطلق وليس لهم حقوق قانونية تردُّ عنهم صولته وتحميهم من طغيانه فأرادته او نزواته هي القانون .
وجاء بطرس الأكبر في أواخر القرن السابع عشر ، وقد اعجب ببعض النواحي في حضارة الغرب ولكنه مع ذلك لم يكن يثق بالغرب كثيراَ ، وحاول ان يقتبس أساليب الغرب في الإنتاج والتنظيم ليمكن بلاده من ان تثبت للغرب وتقاومه وبذل جهداً كبيراً ليستنهض الشعب الروسي من رقاده الطويل ، وينفض عنه غبار الخمول والجمود وينتزعه من وهدة التخلف ولم يتورع في ذلك عن القسوة المتناهية وكان عهده عهد اعداد للحرب ومباشرتها حيناً من الزمن ، وقد وفَّق في وضع أساس قوة روسيا الحربية ومهَّد لها سبيل التوسع وبسط النفوذ وجعل منها امبراطورية عزيزة الجانب مرهوبة السطوة ، ولكنه كان مع ذلك مثالاً للحاكم الطاغية الذي لا يعترف بقانون ولا يعرف حقَّا سوى ما يقوله ويقرره .
وواضح ان المثل الأوروبي الذي أراد بطرس الأكبر ان يحتذيه كان مثلاً متحركاً ولم يكن ثابتاً مستقراً ، فقد كانت أوروبا في تلك الفترة تنتقل الى مرحلة جديدة ، وتسرع في سبيل التصنيع والاخذ بالنظام الديمقراطي .
وفي خلال القرن الثامن عشر سار القياصرة الروسيون على خطة بطرس الأكبر في الاخذ بأساليب الحضارة الأوروبية ، اما في القرن التاسع عشر فقد تولى ذلك المفكرون الروس فظهر في روسيا اثناء ذلك القرن مصلحون احرار ومفكرون ممتازون وكتَّاب كبار ، حاربوا الطغيان وجاهدوا ليسود حكم القانون ، واستوعب الروس الفكر الأوروبي والاداب الغربية ، وتألفت في الادب الروسي اعمال أمثال بوشكين وكوكل ولرمنتوف وترجنيف ودوستويفسكي وتولستوي وغيرهم من الكتَّاب والشعراء والنقاد والمفكرين .
وقد وصل دوستويفسكي في رواية " الاخوة كرامازوف " الى الاعالي التي حلق فيها شكسبير وجوتيه وسرفانتيز ، واثبت انه فنان من الطراز الأول ، وارسل ضوءاً مشعاً على بعض النواحي المظلمة في القلب البشري وصراعه الابدي والغازه الغامضة ونوبات الامل واليأس التي تتوالى عليه .
ولكن دوستويفسكي كان يرى نفسه شيئاً اكثر من كاتبٍ فنان ومؤلف عبقري ، كان يرى نفسه لسان روسيا الناطق وقلبها الخافق والمعبر عن فكرتها القومية ورسالتها الخالدة ، وقد اعتبر المفكر السياسي ( مازاريك ) - احد بناة الجمهورية الجيكوسلوفاكية ورئيسها القديم – دوستويفسكي ممثل الشعب الروسي واعتبر أفكاره المفتاح الذي يساعد في فهم الثورة الروسية والمشكلة الروسية بوجه عام .
وكان دوستويفسكي يؤمن بعظمة روسيا ، وقد ثبتت روسيا للتجربة في أوائل القرن التاسع عشر ، فهزمت نابليون الذي اخضع أوروبا جميعها وهدَّد البريطانيين ، ودخل الجيش الروسي برلين وباريس دخول المنتصر الظافر ، وقد انقذت روسيا بدماء ابنائها حرية أوروبا وشرفها وأمنها .
ولكن روسيا القوية الجبارة المترامية الأطراف كانت تشعر بأن حضارتها لا تزال بدائية ، وانها متخلفة من الناحية الثقافية عن أوروبا وان الأوروبيين لا ينظرون اليها بعين التقدير والاحترام وانهم يتعالون عليها ويضمرون الى الاحتقار ، في حين ان الكثير من الروس كانوا يعجبون بالحضارة الأوروبية اعجاباً صادقاً وكانت تتنازعهم الرغبة في محاكاة الغرب والتشبه به والحرص على تأكيد الذات في الوقت نفسه .
وقد شغلت مشكلة العلاقة بين روسيا والغرب عقول المفكرين الروس ، فهل تصير روسيا جزءاً من أوروبا وتتبع زعامتها وتقبل قيمها ومعاييرها او تظل شاعرة بما بينها وبين أوروبا من خلاف وتخضع لتطورها الذاتي ؟ واذا آثرت انماء خصائصها الذاتية بعيدة عن تأثير أوروبا فهل تستغل تفوقها في تحطيم أوروبا او تعمل على انقاذها وخلاصها ؟ ولكن الروس كانوا يرون انهم اقدر من غيرهم على فهم جوهر الديانة المسيحية وانهم يستشعرون الحب الاخوي للإنسانية جميعها ، لذلك نشأة عندهم فكرة انقاذ أوروبا .
وقد قوى الاتصال بين أوروبا وروسيا في القرن الثامن عشر ، وكان عصر ثورة فكرية والقرن التاسع عشر كان عصر ثورات سياسية واجتماعية فهل تنبذ روسيا الثورة وتقود أوروبا في حركة مضادة للثورة وتنقذها بذلك من الفوضى والدمار او تقبل المبادئ الثورية وتقود أوروبا والعالم من الظلام والشقاء الى العدالة والضوء ؟
وهكذا كان يتناوب روسيا شعوران مختلفان : الشعور بالنقص امام حضارة الغرب وكراهته ، والشعور بالتفوق عليه واعتبار موسكو روما الثالثة ووارثة الرسالة الإمبراطورية منذ سقوط القسطنطينية في يد الاتراك العثمانيين .
وهذا التردد بين الانجذاب نحو أوروبا والنفور منها جعل الكثيرين من الروس ينظرون الى أوروبا نظرة ناقدة ، ويقعون على العيوب والنقائص اكثر مما يرون المزايا والمحاسن ، فهل تقبل روسيا هذه الحضارة الأوروبية البعيدة عن الكمال ؟ وتخلف روسيا نفسه قد يجعلها احسن حالاً من أوروبا ، ومن المحتمل ان عزلتها عن الغرب كانت خيراً وبركة . ولقد ذهب روسو الى ان ( المستوحش النبيل ) الذي لم تفسد مشاعره الحضارة اقرب الى الله والطبيعة ، وزعم ان حضارة المدن الحديثة حضارة سطحية فارغة تمكن العقل من اقصاء الانسان عن منابع الوجود التي تمده بالحياة . وتبعه في الضرب على هذه النغمة المفكر الألماني هردر الذي أشاد بالشعب الصقلبي لأنه يمثل الانسان البدائي ، وتنبأ له بمستقبل باهر ، فلماذا لا يسير القوميون الروس في الطريق نفسه ،ويعدُّون الفلاح الروسي طرازاً من الناس اسمى من المواطن الغربي ، ان الفلاح الروسي يعيش في مجتمع قائم على الحب المتبادل في حين ان المجتمع الغربي قائم على التسابق والتنافس وتسوده وحشية القوة وبرودة القانون .
ولم يتأثر الروس كثيراً بتفكير ديكارت ولوك وهيوم وكانت ، وانما تأثروا بالتفكير الرومانتيكي الألماني ، وكان المفكرون الرومانتيكيون الالمان يؤكدون خصائص الشعب الألماني في مواجهة الغرب ، وقد نبذوا تفكير الحريين وحقوق الفرد والمجتمع الصناعي وعدوها من الأشياء التي لا تصلح للألمان ورأوا ان على المانيا ان تلتمس في ماضيها ما يلائم طبيعتها ويصلح لمعالجة مشكلاتها ولم يحجموا عن معالنة الغرب بانهم اعمق منه تفكيراً واسمى ارومة وان الغرب قد نالت منه الشيخوخة في حين ان الشعب الألماني لا يزال في نضارة الشباب .
وقد اتخذ انصار النزعة الصقلبية الروسيون هذا الموقف الفكري ، وسبقوا الالمان في تأكيده والمبالغة فيه ، ولم يكتفوا بإشهار هذا السلاح في وجه الغرب ، بل اشهروه كذلك في وجه الالمان انفسهم ، وكان انصار النزعة الصقلبية يشملون انواعاً مختلفة من الروس ، بينهم جماعة من المحافظين البيروقراطيين وجماعة أخرى من المتشيعين للرجل الروسي العادي وكان الجميع متفقين على كراهة الغرب وتمجيد روسيا والاشادة بالقومية الروسية ، وكان ارفعهم صوتاً واقواهم بياناً واشدهم تعلقاً بهذه الأفكار واكثرهم دفاعاً عنها دوستويفسكي الكاتب الروائي الكبير .
ولد دوستويفسكي في موسكو سنة 1821 من اسرة متوسطة ، وقضى طفولته في فقر وعزلة وتجلت مواهبه الأدبية مبكرة وحينما اعتقل في سنة 1849 كان مؤلفاً له نصيب من الشهرة وقد وجهت اليه تهمة الاشتراك في الشغب الذي حدث سنة 1848 وحكم عليه بالاعدام وصدر العفو عنه في اللحظة الأخيرة ، واستبدل حكم الإعدام الى الحكم بالاشغال الشاقة في سيبيريا وخالط هناك المجرمين والشواذ المنتكسي الطبيعة ودرس اخلاقهم وراقب سلوكهم فغير ذلك منه ووسع دائرة عطفه .
بعد ان قضى في سيبيريا عشرة أعوام عاد الى روسيا ثورياً نادماً وكان عهد القيصر الرهيب نقولا الأول قد انتهى ونهض باعباء الحكم ابنه القيصر الاسكندر الثاني الذي عُرف بميله الى التقدم ، وقد بعث حكمه الامال في النفوس ، وبدأ دوستويفسكي في اول سنة 1861 يصدر بالاشتراك مع أخيه وطائفة من الأصدقاء مجلة " فرميا " – أي الزمان – واخذ هو وجماعته يبسطون فيها وجهة نظرهم في ان الحياة الفكرية الروسية تستمد قوتها ومصادر حياتها من جماعات المزارعين الروس والمستنير الروسي الذي ينتزع نفسه من الثرى الروسي يفقد مادة تفكيره ويصبح شخصية زائفة ، وقد عاد دوستويفسكي الى تأكيد هذه الفكرة بعد عشرين سنة في خطبته المشهورة عن الشاعر بوشكين ، فقد هاجم فيها المستنيرين المقتلعي الجذور الذين ابتعدوا عن ثرى بلادهم ، واصبحوا كالقائد الذي لا يجد له ملاذاً يأوي اليه ويجري وراء تقاليد غريبة عنه وغير ملائمة له .
وعطَّلت السلطات الحكومية المجلة في أوائل سنة 1863 من جَّراء سوء تفاهم ، وقام دوستويفسكي بمحاولة صحافية أخرى لم يقَّدر لها البقاء طويلاً ، وقد ضايقه هذا الإخفاق وزاد أعباء الحياة ثقلاً على كتفيه وكانت الستينيات بوجه عام أعوام شدة وضيق لدوستويفسكي وقد خفف من وقع هذا الضيق ظهور رواية " الجريمة والعقاب " التي جعلته اشهر كتَّاب روسيا الروائيين ، ولقى زوجته الثانية التي عاش معها في زواج سعيد ولكن شبح الفقر والمرض كان لا يكف عن مطاردته وقد ارغمته الديون على ان يعيش سنوات في خارج روسيا ليفلت من الحاح الدائنين ومضايقاتهم ، وتنقَّل بين سويسرا وإيطاليا وألمانيا وازداد كرهه لاوروبا وضيقه بها ، وبدا له ان كل ما في أوروبا حقير مهين ، وان كل شيء في روسيا مقدَّس نبيل ، وكانت الرسائل التي يبعث بها لاصدقائه حافلة بالشكاوى المرة من الغرب الفاسد العفن وقد افضت به هذه التجارب الى اعلاء شأن روسيا في مؤلفاته وإعادة النظر في عرض مشكلة العلاقة بين روسيا والغرب .
وفي رواية " الاخوة كرامازوف " يقول ايفان لأخيه اليوشا : (( اريد ان أقوم برحلة الى أوروبا ، وانا اعلم انني ربما لن اجد هناك سوى مقبرة – ولكن كل حجر هناك سيرفع صوته متحدثاً في حرارة عن حياتها السالفة ، ويعلن ايمانه بما اتمته من اعمال ، وبما كان فيها من حق ، وبما خاضته من معارك ، وما بلغته من المستوى العلمي . واني لاعرف ذلك من قبل ان اذهب اليها – وسأركع على الأرض ، واقبل هذه الأحجار ، وابكي عليها )) .
وهو يرمي سكان البلاد الأوروبية التي زارها – في رسائله – بالسخف والغباء والوحشية ، وينعى عليهم وجود الأحزاب المتنافرة وما تثيره من ضجات فارغة ، ويقول في احدى رسائله : ان العامل في الغرب لا يساوي قلامة ظفر العامل في روسيا ، ويشير الى الافراط في الشراب والسرقة والغش الحقير الذي اصبح القاعدة في التجارة ، ويوازن بين الروس والغربيين قائلاً :
(( انه في الوقت الذي كانت فيه أوروبا تنمي حضارتها الغضة كان الروس يعملون على خلق امة عظيمة من الشعب الروسي ، ولم يفقدوا الفكرة الروسية ، تلك الفكرة التي ستعمل على تجديد العالم ، وقد احتملنا الالمان ، ولكننا اسمى منهم ، واقبل ، واكثر امانة واقدر وابسط )) .
والحوادث السياسية التي شاهدها في أوروبا وحروب الوحدة الإيطالية والوحدة الألمانية ، حولت انتباهه الى الموقف الدولي ، وبعد ان كان من المتحمسين للقومية الروسية صار من انصار النزعة الصقلبية المتعصبين لها ، واصبح يتوقع حدوث الحرب بين روسيا وأوروبا ، ولم تكن هذه الحرب مجرَّد صدام حزبي او نزاع سياسي ، وانما كانت صراعاً بين عالمين متناقضين لا يمكن التوفيق بينهما ، لاختلافهما الشديد في النظر الى الحياة والمجتمع ، وكان من اللازم في رأيه ان تتوحد صفوف الأمم الصقلبية في هذه الحرب لتمكين روسيا من الانتصار .
وقد كان دوستويفسكي في المانيا حينما نشبت الحرب الفرنسية البروسية ، وكانت عواطفه في جانب الفرنسيين ، ولكن أفكاره جميعها كانت متجهة الى روسيا والى ايمانه العميق بوقوع الصراع المحتوم بين روسيا وأوروبا ، وكان واثقاً من ان أوروبا جميعها متحدة ضد روسيا ، وكان ما يشغل باله هو : هل تعمل روسيا على الاستفادة من الوقت فتنشئ السكك الحديدية الكافية وتشيَّد الحصون والقلاع وتقوِّي جيشها وتحصَّن حدودها ؟ وقد أشار الى ذلك حينما كتب في 21 من تشرين الأول سنة 1870 الى صديقه ميكوف يقول :
(( هذه الأشياء هي الأشياء اللازمة ، والباقي ، اعني الروح الروسية والوحدة كل ذلك موجود وسيبقى ، وسيكون قوياً موفور القوة ، وسيكون له من القداسة والتجمع ما يجعلنا حتى نحن عاجزين عن سبر أعماق تلك القوة ، دعك من الأجانب الغرباء . ومن رأيي ان تسعة اعشار قوتنا هو في حقيقته ان الأجانب لا يفهمون عمق تلك الوحدة وقوتها ولن يفهموها )) .
وقد وجدت النزعة الصقلبية المعادية للغرب شارحاً لها ومعبراً عنها في كتابات المفكر الروسي نيقولا دانيليفسكي ، وفي سلسلة الفصول التي نشرها دانيليفسكي في هذا الصدد وجمعها سنة 1871 في كتاب اسماه (( روسيا والغرب )) حيث وضح فكرتين أساسيتين من أفكاره وهما اولاً النظرية الدائرية في تفسير التاريخ التي تقول ان التاريخ لا يعرف تقدماً مستمراً وانما يعرف حضارات منفصلة لكل منها عصر النضج وعصر الذبول والانقراض ، وثانياً اعتبار الحضارة الغربية الراهنة حضارة العالم الروماني الألماني ، في حالة انحلال وتدهور . وقد رأى دانيليفسكي ان الحضارة الصقلبية هي الحضارة التي قد بزغ نجمها وان المستقبل لها وانها حضارة قائمة على السلام والتعاون وانها ستتكفل بتسوية المشكلات الاجتماعية والاقتصادية جميعها . وقد استخلص دانيليفسكي من هذه المقدمات ضرورة وقوع حرب شعواء بين أوروبا والأمم الصقلبية تحت زعامة روسيا ، وان روسيا ستقضي على الحضارة الغربية الفاسدة في هذه الحرب الطاحنة ، وكان دوستويفسكي يقرُّ دانيليفسكي على آرائه ويذهب مذهبه .
ولما عاد دوستويفسكي الى روسيا سنة 1871 كانت شهرته قد توطدت واحواله المادية قد تحسنت نسبياً ، وكان الجو السياسي في روسيا قد تغير فقد خابت الامال العظيمة التي اثارتها إصلاحات القيصر الاسكندر الثاني ونشأ جيل جديد ضاق ذرعاً بتخلف روسيا واستبداد البلاط وجمود الجماعات وعقد العزم على قلب النظام الاوتوقراطي بطريق الثورة الحاطمة والانقلاب المدوي .
وفي هذا الموقف تصدى دوستويفسكي للدفاع عن الاوتوقراطية القومية ، لانه راى وراء الآراء الثورية تأثير الغرب الهادم ، وحاول في رواية " الشياطين " ورواية " الاخوة كرامازوف " وفي اليوميات التي كان يكتبها وفي محاضرته الشهيرة عن بوشكين ، ان يعيد المستنيرين الروس الى حظيرة التقاليد الروسية ، وفي الروايتين المذكورتين تبلغ ملكاته الفنية القمة ، وقدرة دوستويفسكي الروائي والباحث النفسي في هاتين الروايتين قد لا نجد لها نظير في عصره وربما لا نجد ما يماثلها في القرن التاسع عشر برمته ، فمن الصراع الذي كان دائراً في قلبه بين العقل واليقين قد استطاع ان يخلق لنا مواقف وشخصيات لا تنسى ، وكانت إنسانية الفنان العظيم تناقض في بعض اجزائها عقائد الداعية القومي والمرشد الوطني ، ولكن دوستويفسكي نفسه كان يعدُّ نفسه في طليعة دعاة القومية الروسية والنزعة الصقلبية قبل ان يكون فناناً عظيماً .
وكان دوستويفسكي حينما يتناول الكائنات الإنسانية في رواياته يحسن تصويرهم ، ويخلص للحياة في وصف طبائعهم ومنازعهم ، ولكنه كان حينما يخوض في السياسة ويتحدث عن القوميات سواء في رواياته او في فصوله ومحاضراته تضيف آفاقه وتضطرب احكامه والرجل الذي كان حافل النفس بالعطف على المجرمين والاشقياء لا يظهر أي نوع من التسامح مع خصومه في السياسة ولا يتورع عن نعتهم باقبح الصفات ورميهم بأشنع التهم ، وعنده ان حركة المستنيرين الغربيين الثورية ثمرة من ثمرات الحضارة الغربية والحرية العقلية ، وكانت أفكار الحريين الغربيين والقوميين في رأيه شديدة الخطر . لانها تجعل الفرد حراً من الاعتماد على الله والنظام الادبي ، وتؤدي الى الشك والخروج على الاداب واذا صار الانسان وضميره هما الحكم المستقل واحتملا هذه التبعة اصبح كل شيء مسموحاً به ، والاحرار الغربيون في رأي دوستويفسكي قد لا يكونون من الباحثين الأمناء ولكن مذهبهم بحكم الضرورة يفسد الاخلاق ويوجد المجرمين الفوضويين .
والذي يمتاز به الروس في رأي دوستويفسكي ، ويجعلهم احق الناس بان يقودوا العالم هو التواضع والفهم الواسع الشامل ، والروس يستطيعون ان يفهموا غيرهم من الناس في حين ان الناس لا تحسن فهمهم ولذلك لا يستطيعون ان يقدروا نياتهم واهدافهم ، والروس ليسوا امة كسائر الأمم وانما هم عالم قائم بذاته لا يفهم بطريق الفكر والمنطق وانما يدرك بالحدس العاطف وهذا الحدس العاطف هو طريق الفهم الصادق . والتحليل المنطقي لا يصل الا الى السطح ولكن الحدس العاطف ينفذ الى الصميم ويرى الشيء في كليته . وهذا الفهم العميق الذي يسمو على العقل خاصةٌ من خصائص الشعب الروسي في رأي دوستويفسكي ، وهو كامن في شعورهم العميق بالروح الجماعية التي تميز الحياة الروسية وهي في جوهرها نقيض النزعة العقلية والنزعة الفردية ، وهما النزعتان اللتان تشوهان كل مظاهر الغرب . وفكرة الفرد المكتفي بذاته ليس لها جذور في التفكير الروسي ، وقد اتخذ الغرب ( الانا ) نقطة ابتداء لتفكيره ولكن الروس يرون ان نقطة الابتداء هي ( نحن ) ، والغرب يقيم وزناً للفرد المفكر وروسيا لا تقيم وزنا الا لتجربة الجماعة المعينة .
وقد واجه دوستويفسكي تلك المشكلة الاجتماعية الأخلاقية ، وهي مشكلة قبول الحرية التامة او النظام الكلي فالحرية تحمل في ثناياها خطر الامعان في الكبرياء والمغالاة في الفردية والانطلاق من كل قيد وتأكيد الذات باعتبارها الانسان الأعلى الذي يجعل ارادته القانون ولا يعترف بقانون اخر والنظام في اقصى درجاته معناه الخضوع التام واذلال النفس وان يصير الانسان دودة كسائر الديدان ، ووجد ان طريق الخلاص من هذه المشكلة هو فصل الواقع عن المثالي فصلاً تاماً فهو نظرياً ينشد الحرية المطلقة ويتطلع الى صورة المجتمع الذي يسوده الحب الاخوي بغير ارغام ولا عنف ، وفي الواقع يدعو الى تحقيق النظام الكامل ، والاوتوقراطية التي لا حد لها وانكار حرية الفرد . ودوستويفسكي الذي كان يتخيل ان جوهر الحياة الروسية هو الاخوة الحرة وذوبان سلطة الدولة وذهاب العنف ، كان في الواقع يدافع عن الاوتوقراطية الروسية ويراها ضرورة لحصول روسيا على القوة ، وهي من ثم لازمة لخلاص الإنسانية .
وكان دوستويفسكي يرى ان الدين هو دافع الحياة القوي ، وان تحقيق الفكرة القومية يقتضي العودة الى الله ، وكان يردُّ اصل الشر الى قلة الدين وضعف العقيدة ، ولكن الله الذي كان يتحدث عنه دوستويفسكي اله روسي والدين الذي يدعو اليه هو دين القومية الروسية . ولم يكن دوستويفسكي بطبيعته رجلاً متديناً ولم يعرف هدوء اليقين وانما كان باحثاً تساوره الشكوك ، والحقيقة التي لم تكن تخالجه أي شك فيها هي الشعب الروسي نفسه ، ويؤكد دوستويفسكي ان الملحد لا يمكن ان يكون روسياً ومعنى ذلك انه لا يوجد روسي لا يؤمن بالإله الروسي – والإله الروسي هو الامة الروسية – وعند دوستويفسكي ان الأمم العظيمة التي قادت الإنسانية كانت شديدة الايمان بالإله ، والأمة التي تشك في انها تشتمل على الحق ولا تؤمن بانها قد قدر لها انقاذ العالم بهذا الحق تصبح مجرد سلالة من السلالات البشرية لا امة عظيمة الشأن .
ورأى دوستويفسكي ان هناك عقبتين تعترضان رسالة روسيا كما تصورها وهما حرية المجتمع الغربي وعالمية الكنيسة الغربية ، فالكنسية الغربية كانت في رأيه تنزع الى السيطرة على العالم بطريق القوة والحرية الغربية كانت تهدد التقاليد الروسية ومن ثم كانت حملته على الكنسية الغربية والمجتمع الغربي .
ودوستويفسكي الذي كانت فلسفته تقوم على الحب والتواضع والعطف ، لم يكن من الذين يكرهون الحرب ويؤثِرون السلام ، وبخاصة اذا كانت هذه الحرب من اجل روسيا ، وكانت الحروب التي تثيرها الأمم الأخرى حروباً امبيريالية في رأيه ، فلما حدثت ازمة البلقان في سنة 1876 وأعلنت روسيا الحرب على تركيا ، رحَّب بنشوب هذه الحرب وكتب في يومياته :
(( ان السلام الراهن شر من الحرب دائماً وفي كل مكان ، بل هو شر من الحرب الى حد ان تختفي معه الموازنة ، اذ ان الاحتفاظ به يصبح في النهاية من الخروج المباشر على الاداب ، والانسان بطبيعته نزّاع الى الجبن وعدم الأمانة ، ولذلك يشتاق الى الحرب ، ويحبها حباً جماً ، ويرى فيها الدواء الذي يشفي الادواء . والحرب تنمي في الانسان حب اخوانه البشر ، وتقرب ما بين الأمم لانها تعلم الأمم كيف يحترم بعضها بعضاً ، والحرب تجدد الشباب ، وتسمو بروح الشعب ، وترفع الاعتراف بقيمته ، ولا نستطيع الاستغناء عن الحرب في عصرنا ، وبدونها يهلك العالم او يتحول الى حمأ قذر ، به جروح متقيحة )) .
وقد ردَّ على اعتراضات انصار السلام بقوله :
(( استقرار السلام يجعل الانسان اشد وحشية واكثر قسوة من الحرب ، وبخاصة السلام الطويل الاجل . والسلام الطويل مدعاة للخسة والجبن والانانية الوحشية ، وفوق كل شيء للركود الروحي ... والحرب من اجل فكرة تشفي النفس وتقوي روح الامة لانها تشعرها بالتضامن وحسن القيام بالواجب . والمدارس لها أهميتها ولا ينكر احد ذلك ولكنها تحتاج الى فكرة وتوجيه ، ونحن نذهب الى الحرب من اجل فكرة ومن اجل التوجيه السليم )) .
واعتقد دوستويفسكي ان روسيا ستخرج من الحرب ظافرة قوية ، وان هذه القوة ستمكنها من ان تنشر الاخاء والحب وتضمن السلام ، لان روسيا القوية تستطيع ان تمتنع عن الحرب في النهاية وتضرب للعالم مثلاً في السلام الصادق والتوازن الدولي والتسامي فوق المصالح والغايات ، وليس لروسيا من غرض فيما تخوض من الحروب سوى توفير الحرية وتعميم الاتحاد الاخوي بين الأمم فليست الحرب التي تعلنها روسيا حرباً انانية وانما هي حرب لفكرة مقدَّسة والخطوة الأولى لتحقيق السلام الدائم .
ورسالة روسيا لتقريب ما بين الأمم وإزالة دواعي الفرقة والاخلاف ، لا يمكن تحقيقها في رأي دوستويفسكي بغير الحرب ، وروسيا ستعمل في اول الامر على ضم الأمم الصقلبية تحت رايتها ، لا من اجل التوسع او انشاء امبراطورية ، وانما من اجل ضمان الحرية والسلام . وأوروبا لا تفهم هذا لانها لا تؤمن بالاخاء ولا بتجديد الانسان ، ولكن روسيا شديدة الايمان به ، وستوفق في تحقيقه وعليها من اجل ذلك ان تؤمن بفكرتها القومية حتى تستطيع ان تكشف لاوروبا عن الإنسانية الجديدة والنظام الاجتماعي الجديد الذي تمثله روسيا هو وحده الكفيل بذلك .
وكان يبدو لدوستويفسكي ان الحرب بين روسيا والغرب لا مناص منها ، وان هذه الحرب ستنتهي بانتصار روسيا ، وانها ستغير وجه أوروبا تغييراً تاماً وستأخذ روسيا من أوروبا العلم والكفاية الفنية ولكنها ستعرض عن حضارتها البورجوازية ونظمها الحكومية الفاسدة . وكان دوستويفسكي يرى ان الروس هم الذين سيحملون المدنية الحديثة الى اسيا وان مستقبل روسيا في اسيا زاهر بسَّام ، وان توطيد الروس لمكانتهم في اسيا سيساعدهم في التغلب على الغرب ، وقد رأى ان اسيا ستكون لروسيا بمثابة أمريكا لاوروبا ، وان الروس سيتمكنون باتباع الأساليب العلمية من اظهار ما في اسيا من الثروات الدقيقة ، وينشئون بها المصانع الضخمة فيزداد عدد السكان ويستفيض الرخاء وستستعين روسيا بقوة اسيا الإنتاجية وسكانها على تقوية مكانتها الأدبية والمادية وهذا يمهد السبيل للقيام برسالتها العالمية .
وقد كانت هذه الامال المترامية هي الرؤيا التي ملأت نفس دوستويفسكي ، واستأثرت بتفكيره في كانون الثاني سنة 1881 قبيل وفاته بأيام قلائل وقد عدَّه الروس في سنواته الأخيرة نبيهم القومي ، ولما القى محاضرته المشهورة عن بوشكين في موسكو يوم 8 حزيران وكان قد حضر لسماعها كبار رجال العصر ، تحول الاجتماع الى مظاهرة قومية كبيرة اشترك فيها انصار النزعة الصقلبية وانصار الاتجاه الى الغرب ، وعد الجميع دوستويفسكي نبيهم القومي ، وقد حاول دوستويفسكي في تلك المحاضرة التوفيق بين انصار الصقلبية وانصار الغرب ، وفسر ادب بوشكين للحاضرين على انه المحاولة الجدية الأولى في هذا السبيل وعنده ان بوشكين كان رجلاً متفتح العقل لانه كان روسياً حقاً ، وكان يستطيع ان يحسم فهم الأمم الأخرى ، ويشاركها في شعورها ، ويسبر اعماقها ، ويمثل ذلك في انتاجه الادبي . وهذه السعة في الفهم والعالمية في الادراك خاصة روسية ، وعند دوستويفسكي نصير النزعة الصقلبية ورسول القومية الروسية يستطيع اذن ان يبرر نزعة الاتجاه الى الغرب عند فريق من الروس ، لان هذه النزعة نفسها مستمدة من صميم الطبيعة الروسية ، فالروسي حينما يسرف في الاستجابة للنزعة القومية يكون في الوقت نفسه بحكم انه روسي انسانياً الى اقصى حدود الإنسانية .
ورسالة روسيا عند دوستويفسكي هي ان تنقذ الغرب من الفوضى العقلية والأخلاقية وصراع الطبقات ونزاع القوميات وتقوده الى المجتمع الكامل الذي يسوده الحب الاخوي ، وقد ينكر الغرب على روسيا قدرتها على الاضطلاع بهذه الرسالة ويستكثرها عليها ولكن روسيا الفقيرة المتخلفة هي التي ستقول كلمة الإنسانية الجديدة على الرغم من ذلك .
وقد كان في شخصية دوستويفسكي وادبه الكثير من المتناقضات ، ولكن هذه المتناقضات كانت تتماسك وتتهادم إزاء المبدأ الذي ظل مخلصاً له اخلاصاً تاماً طوال حياته وهو الايمان الذي لا يتزعزع بروسيا ومستقبلها ورسالتها وقد عرف له قومه هذه الفضيلة فلما اغلق رهنه يوم 28 كانون الثاني سنة 1881 كان جنازته في يوم 31 منه مظهراً ليس له نظير من مظاهر حب الامة الروسية وتقديرها لكاتبها الكبير .



زاهر نصرت



#زاهر_نصرت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحظ ... من فيض الخاطر للكاتب احمد امين
- اسم لم يمت
- العرب والحضارة
- المعرفة والحياة
- اولكا بطلة ستالينكراد
- نحو فلسفة بحث علمي معاصر
- تراثنا في ذمة التاريخ
- مأزقنا الحضاري وازمتنا الفكرية
- ماضينا الحافل لن يعود
- البؤساء واوليفر تويست ... من جديد
- التجسس والهيمنة الحضارية
- ديمقراطية الفتنة
- اختراع الاعداء
- في ذكرى عيد الجيش العراقي ... جيش المآثر والبطولات
- هكذا كنا ... وهكذا نحن ... وهكذا سنكون
- العلم والاخلاق الانسانية
- والدي العزيز
- لأننا عراقيون
- اين نحن من هؤلاء
- اعدام الانسان العراقي مع سبق الإصرار والترصد


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهر نصرت - روسيا انجبت دوستويفسكي