أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ابراهيم الحريري - وليد جمعة / الصبي المشاكس الشقي...وداعا














المزيد.....

وليد جمعة / الصبي المشاكس الشقي...وداعا


ابراهيم الحريري

الحوار المتمدن-العدد: 4933 - 2015 / 9 / 22 - 08:48
المحور: سيرة ذاتية
    


كنا نبدو نقيضين:وليد بفوضويته, وبميلي، المبالغ فيه، احيانا،لأِن ابدو منظما،جادا، .هو، بروح المشاكسة الطفولية الغالبة في سلوكه، وبما عرف عني، ربما لم يكن دقيقا، تماما،و لعلي حرصت ان ابدو كذلك، متعقلا،"عاقلانه" على حد وصفه.هو، برفضه الألتزام ،و بما تكون لديّ، تاريخيا، منذ التحاقي،مبكرا، بالحزب(الشيوعي)من تقاليد الألتزام، سواء كنت منتظما’او، لظروف تحدثت عنها اكثر من مرة،خارج التنظيم.هو، بموقف النقد الذي لا يقبل المهادنة، لهذا الموقف اوذاك، لهذا الشخص(القائد)او ذاك،الذي يبلغ،احيانا،حد التجريح و الهجاء المقذع، شعرا، شعبيا وفصيحا، بينما كانت تغلب على مواقفي، الشخصية و السياسية، الا ماندر، روح تغليب ماهو جوهري في في النظر الى هذا الموقف او ذاك، او هذا الشخص او ذاك، ومحاولة وضعه في اطاره الظرفي اوالتاريخي( الللهم الا عندما يتعلق الأمر بالموقف من النذالة المتعمدة، ولي في ذلك مذهب اسميته "طبقات النذلاء"، يعرفه بعض الأصدقاء،و بعض من ذاق"حلاوته"!)
كيف، اذن، التقينا؟
حدث ذلك اواخر983 اواوائل 984 عندما انتقلت من القاهرة الى دمشق للعمل في مشروع "التجمع الديمقراطي العراقي" (سافرد، مستقبلا، مجالا خاصا للحديث عن هذه التجربة) كان علي، كأي عراقي قادم جديد، معارض،سياسيا و مثقفا، او يحتسب نفسه على واحدة منهما، او كليهما ، ان يقدم اوراق اعتماده لمجتمع مقهى الروضة. كان وليد جمعة احد محاوره الرئيسية، بل لعله كان المحور الرئيس فيه.
لا اتذكر من بادر الى اللقاء بالآخر؛ لعل مجلس صدفة جمعنا، سبقتني اليه سمعتي و سبقته الي سمعته.تفحص كل منا الآخر،ربما كما يتفحص مصارعان على الحلبة، كل منهما الآخر، قبل بدء الجولة الأولى. لعل طقوس التفحص امتدت بضع جلسات، حتى وجد كل منا نفسه قريبا الى الآخر. لعلنا اكتشفنا،ربما دون ان نعلن ذلك(لعلي اكتشف ذلك الآن) ان ما يقربنا الى بعضنا كان ذلك الصبي المشاكس الكامن داخل كل منا.
كان مثقفا شفاهيا نادرا، عميق الثقافة، يغيب اياما فنقلق لغيابه، ثم نكتشف انه كان عاكفا على القراءة، و ما اكثر ما تنوعت قرءاته في الآدب و التاريخ و الفلسفة و التراث، و ما اعمق ما كان يعرضه من قراءاته. اذكر انه كان الى ذلك قدر ما تسعفني الذاكرة،"سميعا" للموسيقى الكلاسيكية، و هذا ما وطّد، و ارجو ان لا اكون مخطئا،علاقتنا.
كنت اقصده في الصباح الباكر، في مقهى الروضة فينطلق على سجيته، من غير افتعال لروح المشاكسة التي اشتهر بها، اسمع منه عرضا لبعض ما قرأه و ما كتبه، في الأدب و "قلة الأدب" ! احتمل ،ضاحكا،"تصنيفه"( سخريته لكن المؤدبة)من بعض خياراتي السياسية التي تتطلب مني التعاون مع بعض الأشخاص" المعدان" ،على حد وصفه، متسائلا: شلون تكَدر و انت الحضري ابن بيروت و بغداد تتحملهم؟ و لا ادري ما اذا كان يريد ان يطريني او يذمهم، او العكس ام كل ذلك! يلوح واحد منهم فيلتفت الي ضارعا: بروح ابوك تروح تكَعد غاد! اعانده مشاكسا. يغضب : موكتلك كَوم اكَعد غاد! كَوم و آني ادفع شايك! الا اكَلك محصور فشّورة( سبابا مقذعا) و انت الحضري ابن العوائل ما تتحمل!هُوَّ هال(كذا ) يتفوٍت؟" فانسحب ضاحكا.
كان وليد هجاءً، مقذعا، ما زلت احتفظ ببعض نتاجه بخط يده في هذا المجال( لم يكن ينشر. كان يوزع ادبه بالأحرى" قلة ادبه" مخطوطا على اصدقائه فيتداولونه.
انتشرت في دمشق اواخر 986 او بداية 987 هجائية من الوزن الثقيل،( من الحزام وجوّه ) تسخر من سياسي دعا ، في مقابة له مع صحيفة ال"لوموند" الفرنسية، الى تقسيم العراق الى دويلات كردية، شيعية، و سنية.مطلع الهجائية الشعبية: عالكومله...عالكوملي/هالكوم أِله...و هالكوم أِلي"و هذه اكثر ابياتها ادبا! انتشرت هذه الهجائية في دمشق،و نسبت، بالطبع، الى وليد، فمن غيره يمتلك ناصيةهذا" الفن"؟ و اعترف انني شجعت على ترويج هذه الشائعة، مع انني كنت انا الكاتب، ( لم يكن يعرف ذلك غير الصديق طارق الدليمي، فقد ولد المطلع في جلسة سمر في بيته)
كان وليد يدور على المقاهي ينفي علاقته بالهجائية، لكن احدا لم يكن يصدق، فمن كان سيصدّق ان" الفاعل " هو "المؤدب" ابراهيم الحريري، ما غيرو، فانا غير معروف بكتابة الشعر،اصلا، فكيف بكتابة هذا النوع من الشعر الشعبي الهجائي ، حتى قدر لواحد في ادنى سلم "طبقات النذلاء" ان يتذوق من "طيبات" ما ُرزِقْتُ به...
اواخر 987 كنت قررت مغادرة دمشق عائدا الى القاهرة،عندما علمت ان وليد يعاني من ازمة صحية حادة (سل رئوي من الدرجة الثالثة) و انه يعاني ، الى ذلك ، من ازمة مالية، و هو لا يكاد يبارح سكنه. قررت ان اقضي ايامي الأخيرة في دمشق معه، كنت اتسوق له ، اعد له افطار الصباح، و حساء الظهيرة، و لم تكن امسياتنا تخلو من معاقرة بنت الحان تتخللها السلطه وبعض المشويات. اشهد ان ايامي الأخيرة في الشام معه-لا اتذكر كم طالت-كانت من امتع ماعشت . كانت تتخللها قراءأت في الشعر والأستماع الى الموسيقى ,و تبادل احاديث شتى لم تكن تخلو من العودة الى ذكريات طفولة ، و تجوال في ازقة بغدادية قديمة في ممحلات "ذاك الصوب" و الكاظمية، ذكريات لم تكن تخلو من الشجن و الحنين الى طفولة لن تعود ابدا....
,لعلك، وانت تقرأ ما كتب عنك بعد موتك، كنت ستعلق ساخرا:خوات( الكذا)وين جنتو؟.ليش ما كتبتو هذا من جنت عدِل؟ يمكن جان بطّلت, ما متت! و تطلق ضحكتك الشهيرة. نسمع صداها، فلا ندري انضحك ام نبكي...
وليد! ايها الصبي المشاكس الشقي!كم كنت نقيا،نظيفا،انظف من سياسيين كثيرين، و انت تغادر الى الطفولة فالرحم الكوني؛وداعا...



#ابراهيم_الحريري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار هادئ مع السيد المالكي/الموقف النفعي من الدين ورموزه ورح ...
- حوار هادئ مع السيد المالكي/ الحراك الشعبي، الشعارات و الشيوع ...
- حوار هاديء مع السيد المالكي/ من يسيء للدين ورموزه ورجاله؟
- مأساة اللاجئين والمهاجرين تتفاقم... نحن نتّهم !
- من يضعف الحشد الشعبي؟من يضعف مجابهة داعش؟
- من هي مرجعية السيد العامري و هيئة الحشد الشعبي؟(1)
- هيا نسد الطريق على اعداء الآصلاح و التغيير...هيا الى الساحات ...
- شدتسوون؟!
- العراق... حصة مَنْ؟
- البعد الوطني العراقي للمشروع المدني
- 80 عاما صحافة شيوعية عراقية / بديع عمر نظمي: شمعة متوهجة انط ...
- الصديق ابو حسين
- لا رجعة! لا للوقوف في منتصف الطريق! الى الأمام! الى الأمام!
- الجبناء
- جامعة الحسن
- إدامة التحرك الشعبي وتعظيمه ضمانةُ انتصاره
- سيناريوهات محتملة
- حكم الأغلبية والنظام الرئاسي ...ام التمهيد للدكتاتورية المال ...
- 80 عاما صحافة شيوعية عراقية / انباء الموصل - العدد الأخير
- عدنان البراك فتى الصحافة الشيوعية الجميل .. النبيل


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ابراهيم الحريري - وليد جمعة / الصبي المشاكس الشقي...وداعا