أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العرب قبل وبعد الإسلام (4)















المزيد.....

العرب قبل وبعد الإسلام (4)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4927 - 2015 / 9 / 16 - 16:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



عندما أتكلم عن العرب فأنا أقصد تحديدًا سكان الجزيرة العربية (وبصفة خاصة القحطانيين أهالى اليمن والعدنانيين أهالى الحجاز، وفق الأساس التاريخى لنشأة (العرب العاربة) و(العرب المُـستعربة) ولذلك فإننى أستثنى (من العروبة) أبناء العراق والشام والمغرب ، ناهيك عن أبناء أفريقيا الذين ضمتهم (عروبة عبد الناصر) ل (العروبة) رغمًا عنهم وبدون رغبتهم أو إرادتهم ، وبالطبع – كما كتبتُ كثيرًا – فشعبنا (المصرى) غير (عربى)
بعد هذا التقديم أبدأ بسؤال : هل عرب اليوم (فى الألفية الثالثة) اختلفوا عن جدودهم ، سواء الذين نعتهم الإسلام ب (الجاهليين ، أى عرب ما قبل الإسلام) أو (عرب ما بعد الإسلام) ؟ وهل الحروب التى يشنها عرب اليوم (فى الألفية الثالثة) يمكن فصلها عن الحروب التى شنتها القبائل العربية ضد بعضها البعض (قبل وبعد الإسلام) وأليس القتال الدائر حاليا – فى عام 2015 – بين السعودية (العربية) واليمن (العربى) هو امتداد للقتال بين القبائل العربية منذ أكثر من 1400سنة ؟ أعتقد أنّ الإجابة على تلك الأسئلة وفــّـرتها كتب التراث العربى/ الإسلامى ، من ذلك ما ذكره (الإمام الحبر البحر الفهامة على بن برهان الدين الحلبى الشافعى) الذى كتب ((كان عبد الدار أكبر أولاد قصى وأحبهم إليه. وكان عبد مناف أشرفهم (لاحظ قارئى صيغة أفضل تفضيل العربية ، والتمييز بين الأبناء) وأضاف الحلبى : أعطى قصى وظائف السقاية والرفادة والحجابة والندوة.. إلخ لولده عبد الدار لمحبته. وقال : أما والله (لاحظ قارئى استخدام لفظ الله قبل الإسلام) يا بنى لألحقنك بالقوم ، يعنى بقية اخوته وبنى عمه ، وإنْ كانوا قد شرفوا عليك لا يدخل رجل منهم الكعبة حتى تكون أنت تفتحها ، ولا يُـعقد لقريش لواءٌ للحرب إلاّ أنْ تعقده أنت ، ولا يشرب رجل بمكة إلاّ من سقايتك ، ولا يأكل أحد من أهل الموسم إلاّ من طعامك ، وهذا هو المُراد من الرفادة ، ولا تقطع قريش أمرًا من أمورها إلاّ فى دارك ، يعنى دار الندوة ، ولا يكون أحد قائد القوم فى قتال إلاّ أنت.. فلما مات عبد الدار وأخوه عبد مناف اختلف أبناؤهم ، فأراد بنو عبد مناف وهم هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل ، أنْ يأخذوا تلك الوظائف من بنى عمهم عبد الدار، وأجمعوا على المُـحاربة. وأخرج بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيبًا فوضعوها لمن أراد أنْ يُحالفهم ويكون معهم.... ثمّ أخرجوا جفنة مملوءة دمًا من دم جزور نحروها وقالوا : مـَـنْ أدخل يده فى دمها فلعق منها فهو منا ففعلوا ذلك... وقيل إنّ دار الندوة بقيتْ فى يد بنى عبد الدار حتى باعها بعض من أبنائهم (على حكيم بن حزام بن أسد بن عبد العزى بن قصى) فاشتراها بزق خمر ثم باعها فى الإسلام بمائة ألف درهم ، فقال له عبد الله بن الزبير: أتبيع مكرمة آبائك وشرفهم ، فقال حكيم : ذهبتْ المكارم ، والله لقد اشتريتها فى الجاهلية بزق خمر، وقد بعتها بمائة ألف وأشهدكم أنّ ثمنها فى سبيل الله)) (السيرة الحلبية – المكتبة الإسلامية- بيروت – لبنان – ج1- ص14، 15)
هذا النص الذى جمع بين العهديْن (الجاهلى والإسلامى) يؤكد على 1- الأب (قصى بن كلاب) كان يُميّز بين أبنائه ، كما يفعل الملوك العرب فى القرن الحادى والعشرين الميلادى 2- بعد تقسيم الوظائف اختلف أبناء الأسرة الواحدة ((فأجموا على المحاربة)) كما جاء فى النص ، وهو ما تكرّر كثيرًا فى القرن العشرين والقرن الحادى والعشرين داخل الأسر العربية (الانقلابات والاغتيالات داخل أسرة آل سعود – نموذجـًا ، والانقلابات والاغتيالات داخل الأسرة الحاكمة فى قطر- نموذجـًا ثانيًا) 3- الشخص الذى اشترى دار الندوة ب (زق خمر) قبل الإسلام ، باعها (بعد الإسلام) بمائة ألف درهم ، وبرّر سلوكه بالتمسح فى الميتافيزيقا عندما قال ((أشهدكم أنّ ثمنها فى سبيل الله)) ومع ملاحظة أنّ التمسح فى الميتافيزيقا ما زال سائدًا بين كل الحكام (العرب) رغم كل أفعالهم المُـعادية لشعوبهم ويُبرّرونها بأنها ((فى سبيل الله))
وبعد الإسلام اشتـدّتْ العداوة بين بنى العباس وبنى أمية سنة مائة وثلاثة وثلاثين من الهجرة. وأول العداوة وقعتْ بين هاشم وبين ابن أخيه أمية بن عبد شمس ، لأنّ (هاشم) لما ساد قومه بعد أبيه عبد مناف حسده ابن أخيه أمية بن عبد شمس ، فتكلــّـف أنْ يصنع كما يصنع هاشم ، ولكنه عجز، فعيّرته قريش وقالوا له : أتتشبه بهاشم ؟ وبعد عدة تفاصيل عن مخاصمات وصراع بين أمية وهاشم قال الأخير للأول ((أنافرك على خمسين ناقة سود الحدق تنحر بمكة والجلاء عن مكة عشر سنين فرضى أمية بذلك)) وتلك العداوة بين أمية وهاشم التى وصلتْ لدرجة النفى (بلغة عصرنا) من مكة لمدة عشر سنين ، استمرتْ وتوارثها أبناء الخصميْن ، وكان يقال لهاشم واخوته عبد شمس والمطلب ونوفل ((أقداح النضار أى الذهب وأنهم أسياد العرب)) ومرض السيادة انعكس على اللغة العربية فى صيغة (أفضل تفضيل) وتقديس المُطلق ضد النسبى ، من ذلك قول محمد / النبى ((فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)) ومن بين أشكال التعصب العنصرى (حتى بين العرب أنفسهم) حديث محمد الذى قال فيه ((لا تكون العرب كفؤا لقريش ، والموالى لا يكونون كفؤا للعرب)) (شمس الدين السرخسى فى (المبسوط) المجلد الثالث – ص24- دار المعارف ببيروت – عام 1986) كما أنّ سلمان الفارسى أراد أنْ يتزوّج من بنت عمر بن الخطاب ، فرُفض طلبه ، لأنه ليس عربيًا وليس قرشيًا ، رغم أنه أحد كبار الصحابة وموضع رضا محمد ولكن ذلك لم يُـشفع له.
وكتب المفكر الكبير خليل عبد الكريم ، أنّ العرب (قبل الإسلام) كانوا يفرضون (إتاوة) على الزراع فى يثرب والطائف ، الذين كانوا يدفعون تلك الإتاوة إتقاءً لشرهم وعدم سلب ونهب وتخريب زراعاتهم ، أو لحمايتهم من الآخرين ، وتلك (الإتاوة) هى الأصل التاريخى لما عُـرف فيما بعد ب (الجزية) على من أطلق الاسلام عليهم ((أهل الذمة)) (الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية- سينا للنشر- عام 1990- ص58) وكتب كثيرون أنّ العروبة والإسلام وجهان لشىء واحد ، ووفق نص ما كتبه خليل عبد الكريم ((إنّ القبائل العربية وقت بعثة محمد بتقاليدها وأعرافها ونظمها وشعائرها هى المُسودة أو البروفة أو التجربة للإسلام والشريعة الإسلامية)) (المصدر السابق – ص134) والدليل على ذلك أنّ الحنفاء الذين اشتهروا بهذا الاسم قبل الإسلام ، قد حرّموا على أنفسهم ما يلى : عبادة الأصنام ، تحريم الأضاحى التى تــُـذبح للأصنام ، تحريم الربا ، تحريم شرب الخمر وحد شاربها ، تحريم الزنا وحد مرتكبيه ، الاعتكاف فى غار حراء (للتحنث) فى شهر رمضان ، وكان أشهر (المُـتحنثين) عبد المطلب (الجد المباشر لمحمد) وزيد بن عمر بن نفيل (عم عمر بن الخطاب) وقطع يد السارق وقد أمر به عبد المطلب (جد محمد) وتحريم أكل لحم الميتة والدم ولحم الخنزير إلخ (ص25)
وكما أنّ الإسلام فرض آلية تقسيم الغنائم بعد انتهاء المعركة كما ورد فى سورة الأنفال ((واعلموا أنما غنمتم من شىء فإنّ لله خمسه وللرسول.. إلخ)) (آية 41) فإنّ تلك الآلية كانت موجودة قبل الإسلام حيث كان لرئيس القبيلة أو قائدها فى الغزوة أو أميرها فى الغارة أنْ يأخذ رُبع الغنيمة التى يغتنمونها ، وفى حديث عدى بن حاتم قال ((ربّـعتُ فى الجاهلية وخمّستُ فى الإسلام)) حيث أنه قاد الجيش مرة فى (الجاهلية) ومرة فى (الإسلام) لأنّ الأمير فى الجاهلية كان يأخذ ربع الغنيمة ، وجاء الإسلام فجعله الخـُـمس (المصدر السابق – ص95)
كذلك فإنّ العرف قد استقرّ فى القبائل العربية (قبل الإسلام) على أنّ من حق القاتل (فى غارة أو غزوة أو معركة) أنْ يستولى – دون غيره من المحاربين – أو المقاتلين – على سلب من قتله أو صرعه ، أى يأخذ ما عليه من ثياب وسلاح ودابته. وهذا العرف القبلى انتقل بقضه وقضيضه إلى الشريعة الإسلامية ، حيث قضى رسول الله فى السلب للقاتل ولم يُخمسه (رواه أيو داود عن عوف بن مالك الأشجعى وخالد بن الوليد وعن سلمة بن الأكوع قال : أتى النبى عين (أى جاسوس) من المشركين وهو فى سفر، فجلس مع أصحابه يتحدث ثم انفتل الجاسوس ، فقال النبى اطلبوه فاقتلوه . قال : فقتلته فنفلنى سلبه (أى أعطاه سلبه) كما كان يحدث قبل الإسلام (الشيخ السيد سابق- فقه السنة- ج3- ص81- نقلا عن خليل عبد الكريم – المصدر السابق 0 ص97، 98)
وكان النبى محمد يصطفى لنفسه ما يشاء بعد كل معركة ( = غزوة) أى شىء يعجبه : سيف أو فرس أو أمة (= عبدة) ومن بين السيدات اللائى أخذهن محمد لنفسه (صفية بنت حُـيى) أخذها محمد من باب (الاصطفاء) وجاء فى صحيح مسلم ((وأمر صلى الله عليه وسلم بصفية وألقى عليها رداءه فعرف الناس أنه اصطفاها لنفسه)) (السيرة النبوية وصحيح مسلم) وجاء فى كتب السيرة وتاريخ الطبرى وعيون الأثر – ج2 – ص 130 وفى طبقات ابن سعد أنّ النبى (محمد) خرج فى النصف الثانى من محرم إلى خيبر، معقل (العدو) فلما أشرف عليها قال ((الهو أكبر.. خربتْ خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين)) وفى الفصل الذى خصصته د. عائشة عبد الرحمن (الشهيرة ببنت الشاطىء) عن (صفية بنت حُـيى) كتبتْ ((وخربتْ خيبر، فـُـتحتْ حصونها حصنـًا حصنـًا ، وقــُـتل رجالها وسُبى نساؤها ، وفيهنّ عقلية بنى النضير (صفية بنت حُـيى بن أخطب) ولم تكن قد جاوزتْ السابعة عشرة من عمرها ، وكانت قد تزوّجتْ مرتيْن . وقد اقتحم (المسلمون) الحصن بعد نضال مرير، وجيىء بزوجها الثانى (كنانه بن الربيع بن أبى الحقيق) حيًا وكان عنده كنز بنى النضير فسأله محمد عنه ، فجحد أنْ يكون يعرف مكانه. فقال النبى محمد : أرأيتَ إنْ وجدناه عندك ، أأقتلك ؟)) قال : نعم فلما أكتشف مخبأ الكنز عنده دفعه النبى إلى (محمد بن سلمه) فضرب عنقه)) وتستمر د. عائشة عبد الرحمن فى سرد باقى المأساة فكتبتْ ((وسيقتْ نساء القموص (لعلها تقصد جمع قمص) سبايا ، وفى مقدمتهنّ (صفية) ومرّ بها بلال (مؤذن الرسول) على ساحة امتلأتْ بالقتلى من اليهود ، فهمّـتْ صفية أنْ تصيح ، لكن الصيحة احتبستْ فى حلقها لا تنطق ، أما ابنة عمها فأعولــّـتْ صارخة. ولا تكف عن العويل والنواح فقال محمد (النبى) لأتباعه وهو يشيح عنها ((اغربوا عنى هذه الشيطانة)) هكذا رأى محمد (نبى الإسلام والعرب) أنّ من تبكى على القتلى والأسرى من أسرتها (شيطانة) ورغم ذلك كتب الكاتب الماركسى (عبد الرحمن الشرقاوى) كتابًا ضخمًا بعنوان (محمد رسول الحرية) وتستمر د. عائشة عبد الرحمن فى سرد ما حدث بعد تلك المذبحة فكتبتْ (( ثم أمر النبى بصفية فحيزتْ (ركبتْ) خلفه وألقى عليها رداءه فكان ذلك إعلامًا بأنه قد اصطفاها لنفسه)) ثم أضافتْ ((وانتظر النبى بخيبر حتى هدأتْ المناحة ، وظنّ أنّ الروع قد ذهب عن صفية ، فحملها وراءه وانطلق بها إلى (المنزل) فى أطراف خيبر، فمال يريد أنْ يعرس بها (أى يُضاجعها) لكنها تمنـّـعتْ وأبتْ عليه أنْ يفعل.. وشقّ عليه تمنعها ورفضها . ثم استأنف مسيره راجعًا بعسكره إلى المدينة ، فلما كان بالصهباء – بعيدًا عن خيبر- نزل هناك يستريح ، فبدا له أنّ صفية مُـتهيئة للعرس ، فجاءتها ماشطة ، فمشطتها وجملتها وعطرتها ، (فكانت) صفية عروسًا مجلوة تأخذ العين بسحرها ، ووراء جلوة الفرح المُرتقب ، غابتْ آثار لحزن والألم (هكذا من وجهة نظر د. عائشة) ولكنها أضافتْ ما يؤكد تناقضها مع نفسها ((وكأنّ العروس نسيتْ المذبحة المُروّعة التى ألقتْ بأهلها صرعى مُجنلدين (فى دمائهم) وأخرجتها من حصن (القموص) ذليلة تـُساق بين السبايا) ورغم كل ذلك – كما أضافت د. عائشة ((.. أقيمتْ وليمة العرس حافلة ، وأكل الناس من طيبات خيبر حتى شبعوا ، ثم دخل الرسول على صفية وما يزال فى نفسه شىء من رفضها الأول)) ثم تتناقض د. عائشة مع نفسها (للمرة الثانية) عندما كتبتْ ((وأقبلتْ عليه العروس بادية اللهفة تــُحدثه حديثــًا عجبًا حيث قالت : إنها فى ليلة عرسها بكنانة بن الربيع رأتْ فى المنام أنّ قمرًا وقع فى حجرها ، فلما صحتْ من نومها عرضتْ رؤياها على كنانة فقال غاضبًا : ما هذا إلاّ أنك تــُـمنين نفسك مَـلك الحجاز محمدًا)) (د. عائشة عبد الرحمن فى كتابها " تراجم سيدات النبوة – دار الريان للتراث - مطابع الشروق – عام 1987- من ص 363- 369)
لم تسأل د. عائشة عبد الرحمن نفسها السؤال البديهى : كيف تتمنى صفية الاقتران بمحمد (مَـلك الحجاز) ومع ملاحظة أنها (وفق كلام المؤرخين الذين نقلتْ د. عائشة عنهم) 1 – رفضتْ وتمنـّـعتْ عليه فى بداية الأمر 2- ما كتبته د. عائشة من أنّ صفية ((خرجتْ من الحصن ذليلة تــُـساق بين السبايا)) 3- كيف تتمنى صفية الاقتران بمحمد وهو الذى قتل أباها وزوجها وقومها ؟ 4- لماذا تجاهلتْ د. عائشة أنّ النبى دخل على صفية (أى ضاجعها) قبل أنْ يجف دم أبيها ودم كل أسرتها وكل قومها ؟ 5- لماذا لم يلتزم محمد بما ورد فى القرآن عن (فترة العِدة) التى يجب أنْ تمر بها المرأة (المطلقة أو الأرملة) قبل أنْ يُعاشرها رجل آخر؟ وذلك لحكمة خلو الرحم من الجنين من الزوج السابق ، كى لا تختلط الأنساب 6- أليس ما فعله محمد مع صفية هو ما كان يفعله عرب (الجاهلية) حيث ذكرتْ كتب التراث (الأصلية) أنّ كثيرين لم يُعرف لهم نسب إلى (الأب) فكان يُـنسب إلى أمه أو يقال فلان (ابن أبيه) دون ذكر اسم الأب ، ومن أمثلة ذلك (زياد ابن أبيه) الذى يُـقال أنه أحد الذين وضعوا قواعد النحو للغة العربية (أحمد أمين – ضحى الإسلام – مكتبة الأسرة – عام 97- ص263)
وزياد ابن أبيه كان من مؤيدى على بن أبى طالب ، ولكنه انقلب عليه وانضم لصفوف معاوية بن أبى سفيان ، ووصل تملق زياد ابن أبيه لدرجة أنه كان يقف بباب قصره بالكوفة ويُحرّض الناس على لعن على بن أبى طالب ، فمَـنْ رفض قتله. فأراد معاوية بن أبى سفيان أنْ يكافئه ، وكان معاوية يعلم بأنّ زياد ابن أبيه مجهول النسب ، وأنّ قبيلته كانت تعرف أمه ولكن لا أحد يعرف من هو أبوه ، لذلك أراد معاوية أنْ يُـخلــّـصه من تلك الوصمة ، بأنْ نسبه إلى أبيه (أبى سفيان) فأحضر خمارًا ديوثــًا شهد بأنه أحضر سمية (أم زياد) لأبى سفيان فى خمارته وأرخى الستر عليهما فوقع عليها ( أى ضاجعها) فولدتْ له زيادًا (مروج الذهب للمسعودى – ج2 – ص20) وكان تعليق المفكر الكبير خليل عبد الكريم ((وهكذا لا يتورّع معاوية فى سبيل الاحتفاظ بملكه وتقويته أنْ يفعل أى شىء ولو إظهار أبيه (أبى سفيان) بمظهر الزانى السكير الذى لا يتوّرع عن الوقوع على أقذر الجوارى ، فقد وصف أبو مريم الخمار سمية (أم زياد) بأنها ذات (ذفر وقذر) وأضاف خليل عبد الكريم ((والذى يهمنا فى المجال الذى نبحثه أنّ معاوية كما أطعم عمرو بن العاص مصر وأهلها ، ومروان بن الحكم (فدك) المملوكة ميراثــًا لفاطمة بنت محمد (النبى) أطعم ابن سمية (زياد الطاغية) العراقيْن والحجاز، (العراقان هما البصرة والكوفة) وكان من البديهى أنْ يتحوّل (العراقان) إلى ضيعة لزياد ابن سمية فيقطع منها ما يشاء إلى من يشاء . وأنه (زياد) أقطع كل بنت من بناته ستين جريبًا (والجريب يصل إلى عشرة آلاف ذراع) أى أنّ لكل بنت ستمائة ألف ذراع ، ولم يكتف ولد الزنا بذلك ، فقد كان يوزع الاقطاعات يمينـًا وشمالا. وأعجب لدورة التاريخ : يتحكم ابن الزانية فى بلاد شهدتْ حضارة من أعرق الحضارات التى عرفها التاريخ ، ويقوم بالتصرف فيها كأنها ميراثه من تلك البغى . وحتى الآن ما زلنا نقرأ أنّ أولئك العرب جاؤوا من باديتهم لتحرير وتمدين شعوب العالم التى وطؤوها بسنابك خيولهم (المباركة) مع أنّ تلك الشعوب كانت ذات حضارة لم يصلوا إليها حتى الآن ، وحتى يُـغطى ابن سمية على نسبه الوضيع أخذ يتشبـّـه بملوك الفرس ذوى الثقافة الرفيعة والحضارة الباذخة التى داسوا عليها بأرجلهم وسووا مبانيها بسطح الأرض وخرّبوا قصورها وأخذوا ما فيها من تــُـحف لم يكونوا يعرفون قيمتها فحطموها. وذكر المدائنى عن مسلمة بن محارب قال : كان زياد بن أبيه (ثم فيما بعد زياد بن أبى سفيان) أول من اتخذ من العرب ديوان زمام وخاتم امتثالا لما كانت الفرس تفعله. وكان تعليق خليل عبد الكريم ((هذا الخبر صريح النص والدلالة معـًا على أنّ أولئك العرب حتى الثلث الأخير من القرن الهجرى الأول ، لم يكونوا يعرفون تلك الأمور التى تــُـعتبر من الأولويات ، فى حين أنّ البلاد التى قهروها بسيوفهم ، عرفتها وطبّـقتها منذ ألوف السنين)) (الصحابة والصحابة- السفر الثانى – سينا للنشر- عام 97- من ص331- 333)
ومع ملاحظة أنّ زياد ابن أبيه لم يكن وحده مجهول نسب الأب فى (فترة الجاهلية) حيث كان الرجل يُـجامع أكثر من امرأة (مطلقة أو أرملة) دون انتظار فترة خلو الرحم من الحمل ، وهذا ما فعله النبى محمد ، حيث ضاجع صفية قبل أنْ يجف دم زوجها ودم أبيها ودم كل أسرتها، فى الغزوة الشهيرة بغزوة خيبر.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب قبل وبعد الإسلام (3)
- العرب قبل وبعد الإسلام (2)
- العرب قبل وبعد الإسلام (1)
- مغزى الدفاع عن جنسية الوطن
- القيم الروحية بين السياسة والعلمانية
- العدوة لعصور الظلام
- السامية والحامية ولغة العلم
- رد الى الاستاذ الأستاذ طلال الربيعى بشأن مقالى (أسباب فشل ال ...
- أسباب فشل اليسار المصرى
- الدولة شخصية اعتبارية
- الإخوان المسلمين وأنظمة الحكم
- الإخوان المسلمون وعلاقتهم بالاستعمار الإنجليزى والأمريكى
- أفغانستان فى القرنيْن التاسع عشر والعشرين
- الفرق بين لغة العلم ولغة العواطف الدينية
- حياة سيد قطب الدرامية
- المرأة رمز الحية ورمز الحياة
- الطوباوية العربية وطلب المستحيل
- متى يكون المثقف مستقلا ؟
- المثقف والثقافة السائدة (3)
- رد على الأستاذ محمد نبيل الشيمى


المزيد.....




- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العرب قبل وبعد الإسلام (4)