أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - السامية والحامية ولغة العلم















المزيد.....


السامية والحامية ولغة العلم


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4909 - 2015 / 8 / 28 - 22:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



تشن بعض المنظمات الصهيونية حملة ضد كل من ينتقد سياسة إسرائيل التوسعية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى . وتـُصدر هذه المنظمات نشرات دورية تضم أسماء من ترى أنهم من أعداء السامية. وهؤلاء الكتاب قد يتعرّضون للملاحقة القضائية إذا زار أحدهم دولة أوروبية تخضع للإبتزاز الصهيونى .
هذا الموضوع يثير مسألة الأنيميا المصابة بها الثقافة السائدة فى مصر. فلم يوضّح أحد للمرتعبين من هذا الإدعاء أصل تعبير السامية ، إذْ أنه غير علمى ، بمراعاة مرجعيته الدينية ، حيث يعود إلـــى أسطورة توراتية تقول أنّ أبناء نوح هم سام وحام ويافث . وأنّ نوح بعد أنْ سكر تعرى . وأنّ حـــام رأى عورة أبيه ، فغضب نوح على حام ورضى عن سام ، ووفق النص التوراتى (( وقال مبــــــارك الرب إله سام )) ( تكوين 9 )
وذكرتْ الموسوعة العربية الميسرة أنّ تعبير ( سام ) يشمل حاليًا : العرب والأكاديين من قدمـــاء البابليين والأشوريين والكنعانيين والفينيقيين واليهود ، خاصة أنّ لغات هذه الشعوب انحدرتْ مــــــن أصل لغوى واحد هو اللغة السامية ( ص 948 ) ويوضّح هذا التشابه بين اللغتيْن العربية والعبرية ، فنجد نبى ( عربى ) يقابلها نابى ( عبرى ) وسلام يقابلها شالوم ، وسلام عليكم يقابلها شالوم عليخم إلخ فى حين أنّ اللغة المصرية يُصنّفها علماء اللغويات ضمن الفرع الحامى لدى البعض أوالحامى / السامى لدى آخرين .
أما عن الجغرافيا فإنّ مصر تقع فى الركن الشمالى الشرقى من أفريقيا ، فى حين تقع سوريـــــــا ( كمثال ) جنوب غرب آسيا . وكتب العالم الكبير سليم حسن (( أنّ سكان بلاد النوبة ومصر يُنسبون إلـــى الجنس الحامى .. وأثبتتْ بحوث علماء علم الإنسان الذين فحصوا الجماجم البشرية ، أنّ كل من المصرى والسودانى ينتسب إلى سلالة واحدة هى السلالة الحامية )) ( موسوعة مصر القديمة ج 10- ص "ز" فى التمهيد ومن ص 3- 6 ) وعن الاختلاف بين الثقافتيْن المصرية والعبرية ، عقد المفكر السورى الكبير فراس السواح مقارنة بين الديانتيْن الآتونية والموسوية ، فكتب (( تصر الديانتان ولأول مرة فى التاريخ على وحدانية الإله. إلاّ أنّ وحدانية أخناتون أعم وأشمل ، لأنه يرى آتون إلهًا للأمــم كلها ، بينما بقيتْ اليهودية فترة طويلة من تاريخها ، على الاعتقاد بيهوه إلهًا للشعب اليهودى ، يتجلى فى المعارك والانتصارات ، لا كما يتجلى آتون فى الأزهار والأشجار وجميع أشكال النماء والحياة )) ( مغامرة العقل الأولى – مؤسسة الفيحاء – توزيع دار علاء الدين – دمشق ط 10 عام 1993 ص 132 )
لعلّ هذا الفارق الجوهرى بين المصرية والعبرية ، هو الذى جعل كثيرين من المفكرين يكتبون عن مصر بصفتها مهد الحضارة ، وأنّ المصريين ((يزيدون كثيرًا عن سائر الناس فى التقوى)) (هيرودوت يتحدث عن مصر- ترجمه عن اللغة الإغريقية د. محمد صقر خفاجه- هيئة الكتاب المصرية- عام 1987- ص124) وكتب كثيرون عن التراث العبرى وعن الشعب اليهودى كتابة لم تجرؤ الثقافة المصرية السائدة على مثلها ، فكتــب العالم ( ويلز ) فى كتابه ( موجز تاريخ العالم ) أنّ تاريخ ملوك إسرائيل وملوك يهوذا هو (( قصـــــة ملوك همج يحكمون شعبًا من الهمج )) ( ص 101 ) وكتب جوستاف لوبون (( أسفر تعصب اليهــود عن عدم احتمال جيرانهم وجودهم . وكان بنو إسرائيل أقل من أمة حتى شاؤول . كانوا أخلاطًا مــــن عصابات جامحة . مجموعة غير منسجمة من قبائل سامية صغيرة . أفاقة بدوية . تقوم حياتها علــــى انتهاب القرى الصغيرة )) وكتب سارتر فى كتابه ( اليهودى واللاسامية – بحث فى أسباب الحقــــد ) الصادر عام 1948 (( أنّ العامل الوحيد الجامع بين اليهود هو عداء المجتمعات المحيطة بهـــــــــــم وكراهيتها لهم )) وكتب العالم أينشتاين فى كتابه ( حول الصهيونية – خطابات ورسائل ) الصـــــادر عام 1931 (( إننا ندين إلى اللاسامية بالمحافظة على وجودنا واستمرارنا )) وبمفهوم المخالفة ، فإنّ أينشتاين يرى أنّ السامية ضد الوجود الإنسانى ، وكانت مواقفه العملية متسقة مع أفكاره ، حيث رفض العرض الصهيونى بأنْ يكون رئيسًا لدولة إسرائيل ، وهو العرض الذى عرضه عليه بن جوريون يوم 18 نوفمبر 1952 . ويرى المفكر الكبير ماركس فى كتابه ( المسألة اليهودية ) أنّ خلاص البشرية من اليهود (( يقوم فى تحريرالإنسانية من اليهودية )) وكتب العالــــــم فرويــــد أنّ (( عقدة اليهود سبق مصر فى الحضارة)) وبينما وصف المصريين القدماء بالوداعـــــــة ، وصف الساميين بالهمجية ( موسى والتوحيد ص 109 ) وكان فرويد متسقــًا أيضًا مع نفسه ، حيث رفض المساهمة فى الدعاية لقيام دولة إسرائيل ، لعدم اقتناعه بإنشاء وطن لليهود على أرض شعب آخر . وكتب فولتير أنّ الشعب اليهودى (( حامــــل لأبشع المعتقدات الخرافية وأدنى أشكال العهر والبغاء وأكثر ضروب السلوك البشرى وحشيـــــــــــة ودموية )) أما العالم الإيطالى جيوردانو برونو الذى أحرقه القساوسة الأتقياء حيًا عام 1600فى روما ، فكتب أنّ (( اليهود هم بلاشك فضلات الحضارة المصرية )) وأنّ مصر (( هى مبدعة الكتابة والآداب . أساس كل تراثنــــــا وشرائعنا )) وعن الفرق بين الديانة المصرية وغيرها من الديانات كتب كل من (تيموثى فريك وبيتر غاندى ) فى كتابهما المشترك (متون هرمس – حكمة الفراعنة المفقودة) أنّ تعاليم هرمس أثــّرتْ تأثيرًا عميقــًا فى إنجلترا على دائرة رجال البلاط الذين أحاطوا بالملكة اليزابيث الأولى . ومنهم سير فيليب سيدنى ، وسير والتر رالى ، وجون دوى ، وكريستوفر مارلو ، ووليم شكسبير ، وشارل شابمان ، وفرانسيس بيكون وقد تعلموا جميعًا من الحكمة المصرية. وكان تلاميذ الدين المصرى الجديد لمثلث العظمة هرمس مثل جيوردانو برونو يسافرون مُبشرين إلى أصقاع أوروبا . وكان برونو يعتقد أنّ دين هرمس المصرى هو جد مدارس الأسرار اليونانية . وأنه قد حان الحين لكى يُصبح ذلك هو الدين الموحد . هو الأرض التى يلتقى عليها اليهود وكافة طوائف المسيحية والإسلام ، ليحلوا الخلاف بينهم ( ترجمة عمر الفاروق المجلس الأعلى للثقافة المشروع القومى للترجمة عدد رقم 357 ص 21 ، 22 ) وكتب بول ماسون ( مؤرخ التجارة الفرنسية فى الشرق ) أنّ (( اليهود هم أكثرالناس شرًا فى العالم . فهم يكرهون المسيحيين كراهية عمياء )) وفى العصورالوسطى يتم إحراق نسخ من التلمود فى باريس . وكتب الحاخام (ماجين ديفيد ) كتابًا بعنوان ( سبعون وجهًــــــا للتوراة ) وكتب ( رفائيل أهارون ) كتابًا بعنوان (خير مصر ) عام 1908 .
أما عن وضع اليهود فى مصر ، فنجد الباحث ( يعقوب دافيد حسون ) يكتب (( يمكننا القول أنّ يهود مصر كانوا مندمجين للغاية فى مجتمعهم )) وكتب إدوارد لين عن وضع اليهود فى عهد محمد على (( لم يتمتع اليهود بالتسامح الدينى فقط ، بل إنهم عاشوا فى مصر فى ظل سلطة أقل استبدادًا من أية دولة أخرى فى الامبراطورية التركية )) وكتب الأستاذ محمد حسن خليفة فى تقديمه لكتـــــــــاب ( تاريخ يهود مصر فى الفترة العثمانية ) أنّ تاريخ يهود مصر (( ليس تاريخ حارات يهودية ، بل هو تاريخ جماعة مصرية دينها اليهودية ومندمجة فى المجتمع المسلم والمسيحى ومختلطة به وليســــــت منعزلة عنه ))
إنّ العداء بين مصر والساميين من بنى إسرائيل عداء حضارى وتاريخى بدأ بالتوجه الأيدولوجى المدوّن فى العهد القديم الذى وردتْ به آيات عديدة تنص صراحة على أنّ إله العبريين ((قتل كل بكر فى أرض مصر. من بكر الناس إلى بكر البهائم)) (خروج 12 : 29 وخروج 13 : 15 ومزمور 78 : 51 ) ورغم هذا العداء غيرالمبرر على المستويين الإنسانى والتاريخى ، فإنّ جدودنا المصريين القدماء عاملوا اليهود معاملة إنسانية. وعلى سبيل المثال ((سمح بسماتيك الأول لليهود أنْ يتدفقوا على مصر. وأنْ يُنشئوا لأنفسهم مستعمرة خاصة بهم . بل سمح لهم (أيضًا) أنْ يُقيموا معبدًا لإلههم (يهوه) بل إنه بفضل تسامح المصريين ورحابة صدورهم ، عاش اليهود فى مصر)) (د. محمد بيومى مهران – تاريخ الشرق الأدنى القديم – دار المعارف المصرية – عام 1976 – ج 3 ص 325 ، 384 ) ودليل هذا التسامح يأتى من التوراة نفسها ، حيث أنه بعد خروج اليهود من مصر حدث الآتى ((فتذمّـر كل جماعة بنى إسرائيل على موسى وهارون فى البرية . وقال لهما بنو إسرائيل ليتنا متنا بيد الرب فى أرض مصر إذْ كنا جالسين عند قدور اللحم (و) نأكل خبزٌا حتى الشبع . فإنكما أخرجتمانا الى هذا القفر لكى تــُميتا كل هذا الجمهور بالجوع)) ( خروج 16 : 1 – 3 ) وورد أيضًا ((فعاد بنو إسرائيل وبكوا وقالوا من يُطعمنا لحمًا . قد تذكرنا السمك الذى كنا نأكله فى مصر مجانًا والقثاء والبطيخ والكرات والبصل والثوم . الآن قد يبستْ أنفسنا إلخ )) وورد ((إنكم بكيتم فى أذنىْ الرب قائلين من يُطعمنا لحمًا ؟ إنه كان لنا خير فى مصر)) وورد ((فرفعتْ كل الجماعة صوتها وصرختْ وبكى الشعب تلك الليلة. وتذمّـر على موسى وعلى هارون جميع بنى إسرائيل وقال لهما كل الجماعة ليتنا متنا فى مصر . أليس خيرًا لنا أنْ نرجع إلى مصر فقال بعضهم لبعض نـُـقيم رئيسًا ونرجع إلى مصر)) وورد ((وخاصم الشعب موسى )) والسبب (( لماذا أصعدتمانا من مصر لتأتيا بنا إلى هذا المكان الردىء . ليس هو مكان زرع وتين وكرم ورمان ولا فيه ماء للشرب)) ( عدد 11 من 4 – 6 ، 14 من 1- 4 ، 20 من 1 – 5) .
بعد هذا العطاء والتسامح من المصريين لصالح بنى إسرائيل ( وبشهادة العهد القديم) ماذا حدث ؟ نجد آيات عديدة تــُحرّض اليهود ضد مصر إلى درجة التجسس لصالح أعداء مصر . ويُلخص د. محمد بيومى مهران الموقف قائلا ((انتهت الأمور باليهود أنْ نسوا لمصر أنها أطعمتهم من جوع وآوتهم من تشرد وكستهم من عرى . فردوا لها الجميل نكرانًا . وكانوا عليها للفرس أعوانًا وفى حاميتهم جنودًا)) وكما تجسّسوا لصالح الفرس تجسّسوا لصالح الهكسوس . لذلك كان لابد أنْ تزداد كراهية المصريين لليهود ((بعد أنْ رأوهم بعد طول إقامة فى البلاد خونة وجواسيس ومثار فتن وأذنابًا لأعداء البلاد)) (المصدر السابق – ص 380 )
هؤلاء هم بنو إسرائيل ودورهم المخرّب والمعادى لمصر . ورغم بكاء اليهود لأنهم خرجوا من مصر ، نقرأ فى العهد القديم ((ثم قال الرب لموسى قل لهارون خذ عصاك ومد يدك على مياه المصريين . وعلى أنهارهم وعلى سواقيهم وعلى آجامهم وعلى كل مجتمعات مياههم لتصير دمًا . فيكون دم فى كل أرض مصر . فى الأخشاب وفى الأحجار)) وبعد أنْ أطاع موسى وهارون أمر ربهما العبرانى ((تحوّل كل الماء الذى فى النهر دمًا. ومات السمك الذى فى النهر وانتن النهر. فلم يقدر المصريون أنْ يشربوا ماءً من النهر. وكان الدم فى كل أرض مصر)) (خروج 7 من 19 – 22) وانحياز إله العبريين لبنى إسرائيل يصل إلى درجة القضاء على كل المصريين : ((فدفع الرب المصريين فى وسط البحر . فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيوش الفرعون الذى دخل وراءهم فى البحر. لم يبق منهم ولا واحد)) (خروج 14 من 26 – 29 ) وأكثر من ذلك ((فخلــّـص الرب فى ذلك اليوم إسرائيل من يد المصريين . ونظر إسرائيل المصريين أمواتــًا على شاطىء البحر. ورأى إسرائيل الفعل العظيم الذى صنعه الرب بالمصريين)) والإله العبرى يقوم بكل شىء نيابة عن بنى إسرائيل حيث ورد ((الرب يُقاتل عنكم وأنتم تصمتون)) (خروج 14 من 13 – 31 ) وهو نفس المعنى الذى تردّد فى القرآن (( وإذْ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون)) (البقرة / 50) وهذا الموقف العبرى المنحاز لبنى إسرئيل توضحه الآية رقم 16 من سورة الجاثية حيث نصّتْ على (( ولقد آتينا بنى إسرائيل الكتاب والحُكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين)) وهو المعنى الذى تردّد فى سورة البقرة / 40، 47 . ورغم ذلك نقرأ فى العهد القديم ((قال موسى يقول الرب إنى نحو نصف الليل أخرج وسط مصر . فيموت كل بكر فى أرض مصر . من بكر فرعون الجالس على كرسيه إلى بكر الجارية التى خلف الرحى وكل بكر بهيمة . ويكون صراخ عظيم فى كل أرض مصر لم يكن مثله ولن يكون مثله أيضًا)) وقبل أنْ يقتل المصريين ، وحتى لا يُخطىء بين بيوتهم وبيوت بنى إسرائيل فإنه يطلب من الأخيرين ما يلى ((ويكون لكم الدم علامة على البيوت التى أنتم فيها . فأرى الدم وأعبر عنكم . فلايكون عليكم ضربة للهلاك حين أضرب مصر ويكون لكم هذا اليوم تذكارًا فتعيدونه عيدًا للرب فى أجيالكم تــُعيدونه فريضة أبدية)) (خروج 11 من 13 – 14 ) وقبل تنفيذ هذه المجزرة فإنّ إله العبريين يُحرّض بنى إسرائيل صراحة على سرقة المصريين حيث يقول لهم ((حين تمضون . إنكم لا تمضون فارغين . بل تطلب كل امرأة من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابًا وتضعونها على بنيكم وبناتكم . فتسلبون المصريين)) (خروج 3 من 18 – 22) وأعتقد أنّ هذه الآيات تدخل فى إطار التفاصيل التى لخصتها الآية الشهيرة ، آية توزيع أراضى الغير على بنى إسرائيل ((فى ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام (إبراهيم فيما بعد) ميثاقــًا قائلا لنسلك أعطى هذه الأرض . من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات)) (تكوين 15 : 18)
هذا الموقف التوراتى الذى آمن به الحاخامات الصهاينة المتدينون ، الذين يتهمون كل من ينتقد سياسة إسرئيل العدوانية بالعداء للسامية ، هو المُبرّر لإحتلال أرض الشعب الفسطينى . وهو الذى دفع العصابات الصهيونية عام 1949 للاعتداء على المصريين فى منطقة أم الرشراش المصرية (إيلات حاليًا) وقتلوا جميع أفراد وضباط الشرطة المصرية وكان عددهم يصل الى 350 شهيدًا. وهو الذى دفع إسرائيل للقيام بغارة وحشية يوم 28 فبراير 1955 على قطاع غزة . وهاجمتْ خلاله معسكرًا للجيش المصرى وقتلت 38 جنديًا مصريًا . غير المدنيين الذين جرحوا وقتلوا . وهو الذى دفع إسرائيل إلى تدمير المفاعل النووى العراقى يوم 7 يونيو 1981 . وهو الذى دفع إسرائيل إلى الاعتداء على أراضى الشعب اللبنانى .
فهل كل من ينتقد سياسة إسرائيل العدوانية ، معادى للسامية ؟
لقد رفض الكاتب المسرحى آرثر ميلر (موسوى الديانة) جائزة القدس التى منحتها له الحكومة الإسرائيلية تعبيرًا عن استيائه من سياسات شارون ضد الفلسطينيين (أهرام 30 /12 / 2003 ص 28) وفى إسرائيل نفسها يُنظم أنصار السلام مظاهرة لتأييد الرافضين للخدمة العسكرية فى الأراضى الفلسطينية (أهرام 11 يناير 2004 ص 4) وفى عام 2001 ((طالبتْ منظمة (هيومان رايتس ووتش) لحقوق الإنسان الأمريكية بفتح تحقيق جنائى بشأن تورط رئيس الوزراء إريل شارون فى المذابح التى وقعتْ فى مخيمىْ صابرا وشاتيلا للفلسطينيين خلال الاجتياح الإسرائيلى للبنان عام 82 عندما كان شارون يشغل منصب وزير الدفاع الإسرائيلى . وقال هانى مجلى المدير التنفيذى لقسم الشرق الأوسط وإفريقيا فى المنظمة أنّ هناك دليلا واضحًا على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على نطاق واسع فى مذابح صابرا وشاتيلا)) (أهرام 24 / 6 / 2001 ص 5) ونشرتْ هيئة الإذاعة البريطانية على موقعها بالإنترنت ردود الفعل التى أحدثتها الحلقة التى أذيعتْ من برنامج (بانوراما) دارت حول جرائم شارون فى صابرا وشاتيلا وحملتْ اسم (المتهم) وكانت عبارة عن رسائل من جمهور المُـشاهدين لفريق العمل بقيادة المذيع (فارجال كين) ولهيئة الإذاعة البريطانية . ومن بين هذه الرسائل رسالة (كريستوفر فلينت) قال فيها (( برنامج عظيم ونتمنى لكم التوفيق . ولا تــُعيروا انتباهًا لمن سيتهمكم بمعاداة السامية)) ورسالة (شاز – من لندن) قالت فيها ((برنامج يؤكد لنا ألاّ ننساق ونصدق كل ما يذيعه الإعلام الأمريكى دفاعًا عن إسرائيل)) ورسالة (أوزكان – من كانتر برى) قال فيها ((أود أنْ أهنىء ا ل بى بى سى على برنامجها الرائع الصادق حول أتعس أحداث تاريخنا المعاصر. وأنه لمن سوء الحظ أنْ نرى رئيس أمريكا الذى يقول إنه رجل أخلاق يقف بجوار شارون)) ورسالة (ساهيل كوهان – من شيفلد) قال فيها ((عمل رائع يا فرجال . فأنا واحد من الذين يريدون أنْ يروا شارون يُـقـدّم للمحاكمة. وليس هذا من أجل جرائم القتل التى ارتكبها (فقط) ولكن من أجل مستقبلنا)) ورسالة (جولى – من لندن) قالت فيها ((أنا لستُ دارسة بما فيه الكفاية . لكنى لم أستطع أنْ أعرف كيف يمكن لأحد أنْ يُبرّر قتل الضحايا الأبرياء . لابد أنْ نعد أنفسنا من المحظوظين لأننا لم نكن من بينهم . ونبدأ فى التصرف على أننا بريطانيين. ونتوقف عن التصرف كأمريكيين)) (موقع ا ل بى بى سى على شبكة الإنترنت – نقلا عن أهرام 24/6/2001 ص 6 ) .
وفى إسرائيل نفسها أعلن مركز المعلومات الإسرائيلى لحقوق الإنسان أنّ الشرطة الإسرائيلية قامت بتعذيب عشرة أطفال فلسطينيين تم اعتقالهم فى الشهور الأولى للانتفاضة (أهرام 17/7/2001 ص8) وكتب الكاتب الإسرائيلى (عيران تيفنرون) مقالا بعنوان (أوروبا أصيبتْ بالصدمة من الإرهاب الإسرائيلى) قال فيه (( فى ألمانيا وباقى دول الإتحاد الأوروبى أصيبوا بالصدمة من الإرهاب الذى تمارسه الدولة الإسرائيلية. وسواء شاءتْ إسرائيل أم أبتْ ، فإنّ أوروبا تتوغل أكثر فأكثر فى النزاع الإسرائيلى / الفلسطينى)) (صحيفة يديعوت أحرونوت – نقلا عن الأهرام 20 / 7 / 2001 ص11) وكتبتْ صحيفة معاريف الإسرائيلية فى افتتاحيتها أنّ ((شارون فقد البوصلة)) أما صحيفة يديعوت أحرونوت فقد كتبتْ ((إنّ شارون بلغ الذروة فى الجنون. فتصريحاته مزعجة ومغلوطة تاريخيًا ومسيئة سياسيًا)) (نقلا عن أهرام 10/10/2001) وأكثر من ذلك فإنّ 37 أستاذا من جامعة بن جوريون فى بئر سبع جنوب إسرائيل وقعوا مُـذكرة احتجاج على منح رئيس الوزراء الإسرائيلى شارون شهادة دكتوراه فخرية من الجامعة. وجاء فى المذكرة التى نشرتها الصحف الإسرائيلية ((إننا نحتج على هذا القرار لأننا نعتقد أنّ مثل هذا التكريم يجب ألاّ يتناول شخصًا تعتبر خياراته الأساسية موضع جدال)) (أهرام 22/11/2001 ص8) وعندما كانت ألوميت شالونى وزيرة التعليم رفضت صرف (شيكلا) واحدًا على التعليم الدينى من ميزانية وزارة التعليم . وقالت (وهى وزيرة مسئولة) أنّ الجولان أرض سورية. بل إنّ جولدا مائير التى شغلتْ منصب رئيس الوزراء ، هاجمتْ النبى موسى لأنه قاد اليهود فى التيه سنوات طويلة وعسيرة. ثم استقر بهم فترة من الزمن القديم والغابر فى أرض لم يكتشفوا فيها بترولا (محمد عيسى شرقاوى فى عرضه لكتاب (حائط البراق وليس حائط المبكى تأليف د. عادل حسن غنيم – أهرام 11/6/2001 ص6) فهل كل هؤلاء من المعادين للسامية ؟ وهل كانت يائيل ديان ابنة موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى الراحل معادية للسامية عندما وقفتْ فى الكنيست (البرلمان الإسرائيلى) وقالت إنّ النبى داود كان شاذا جنسيًا ودلــّـلتْ على ذلك بمقطع من العهد القديم ؟ (أهرام 11/2/1993) . وامتلك المصرى النبيل (بطرس غالى) عندما كان يشغل منصب سكرتير عام الأمم المتحدة ، شجاعة كتابة التقرير الشهير الذى أدان فيه إسرائيل للمذابح التى ارتكبتها فى (قانا) وكان يعلم رد فعل هذا التقرير (غضب إسرائيل وأمريكا) ولكنه لم يهتم . كان يعلم أنّ أمريكا والحاخامات المُـتدينين لن يوافقوا على التجديد له لمدة ثانية. فخرج شامخــًا بعد أنْ أرضى ضميره . وانحاز لقيم العدل والحق .
هذا هو موقف الكثيرين من مصر ومن أوروبا ومن إسرائيل نفسها. يمتلكون شجاعة إعلان معارضتهم لسياسة إسرائيل العدوانية. بل ويختلفون مع التراث الدينى العبرى ، ولم يخشوا الإتهام بمعاداة السامية. أما السائد فى مصر ، فإنّ مسئولين قياديين وكتابًا مرموقين يرتعبون من تهمة العداء للسامية. وبالتالى يكون دفاعهم بتبنى التراث العبرى المعادى للمصريين. فيُعلنون أنّ المصريين ساميون . فعلها عمر موسى فى تصريح له وهو فى أمريكا (أهرام 29/6/99 ص5) وفعلها كاتب كبير يعتبر أنّ المصريين عرب وبالتالى ((فنحن العرب أكبر جماعة سامية معاصرة. من أين أتتْ معاداة السامية إذن؟)) (أهرام 12/6/2002 ص13) وفى البرلمان المصرى تقدّم أحد النواب بطلب إحاطة عن تلوث مياه الشرب بالقوصية. واتهم الحكومة قائلا ((أنتم فراعنة. موش حاسيين بالناس)) فرد عليه وزير التخطيط ((نحن مصريون ولسنا فراعنة)) التقط د. فتحى سرور رئيس مجلس الشعب الحديث وقال ((نحن نفخر أننا فراعنة)) وعندما علتْ أصوات نواب الإخوان المسلمين (بالاستنكار) تراجع د. سرور وقال ((ونحن الآن عرب مسلمون ونفتخر بذلك إلخ)) (صحيفة وطنى – باب تحت القبة – 14/5/2006 ص6) والثقافة السائدة فى مصر لا تكتفى بالتزوير، عندما تروّج لمقولة أنّ المصريين عرب وساميون ، وإنما تشن الهجوم على جدودنا المصريين. فإذا أراد كاتب ما تشبيه أى حاكم ظالم ، بنموذج من الحكام الطغاة ، فإنّ ذهنه العبرى ومرجعيته الدينية يذهبان به فورًا إلى مصر القديمة حيث ((الفرعون الطاغى إلخ)) (أنظر على سبيل المثال فقط – صافى ناز كاظم – القاهرة 27/4/2004 ص5 ، أحمد بهجت أهرام 12/5/2004 ص) هذا هو المشهد الثقافى فى مصر: كــُـتاب يهاجمون جدودهم ، فماذا تريد إسرائيل أكثر من ذلك ؟
بعد هذا العرض المختصر ، أعتقد أنّ الأسئلة المسكوت عنها هى : من الذى يستحق المُطاردة القضائية ؟ الذى يدافع عن الحق أم مغتصب الحق ؟ ولماذا تسكت الثقافة السائدة عن سطو الصهيونية على الحضارة المصرية بالإدعاء أنهم بناة الأهرام كما قال بيجين وغيره كثيرون . والزعم بـــــــــأنّ أخناتون هو موسى . ووضع ثلاثة أهرامات على إحدى الفضائيات الإسرائيلية . والترويج لأكذوبة أنّ الآلات الموسيقية التى تركها جدودنا المصريون القدماء ، صناعة يهودية ؟ وهل العلماء الذيـــــن استشهدتُ بكتاباتهم ، وبعضهم يدين بالديانة الموسوية ، من أعداء السامية ، أم أنهم انحازوا للغـــــــة العلم ؟ ورفضوا أية مرجعية دينية . وإزاء استمرار الصراع الحضارى بين الثقافتيْن المصريـــــــــة والعبرية ، ألا يحق للمصريين المؤمنين بمصر تكوين جمعية أهلية تتابع كتابات وتصرفات كل مــن ينطبق عليه ( معاداة المصرية ) ؟ أم أنّ على المصريين المؤمنين بمصر الحضارة والتعددية ، إنشاء رابطة : الجالية المصرية فى مصر؟
*****



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد الى الاستاذ الأستاذ طلال الربيعى بشأن مقالى (أسباب فشل ال ...
- أسباب فشل اليسار المصرى
- الدولة شخصية اعتبارية
- الإخوان المسلمين وأنظمة الحكم
- الإخوان المسلمون وعلاقتهم بالاستعمار الإنجليزى والأمريكى
- أفغانستان فى القرنيْن التاسع عشر والعشرين
- الفرق بين لغة العلم ولغة العواطف الدينية
- حياة سيد قطب الدرامية
- المرأة رمز الحية ورمز الحياة
- الطوباوية العربية وطلب المستحيل
- متى يكون المثقف مستقلا ؟
- المثقف والثقافة السائدة (3)
- رد على الأستاذ محمد نبيل الشيمى
- المثقف والثقافة السائدة (2)
- رد على الأستاذ طلال الربيعى
- المُثقف والثقافة السائدة (1)
- اللغة الدينية وتجربة أوروبا طغيان اللغة الدينية طلعت رضوان ه ...
- كيف تخلصت أوروبا من اللغة الدينية
- الأسماء بين الرموز القومية والدينية
- المرأة المصرية تتحدى عصور الظلمات


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - السامية والحامية ولغة العلم