أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الابراهيم - تجديد الخطاب الديني وما بعد تجديد الخطاب الديني - الجزء الأول -















المزيد.....



تجديد الخطاب الديني وما بعد تجديد الخطاب الديني - الجزء الأول -


نضال الابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 4913 - 2015 / 9 / 2 - 12:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ان قضية الخطاب الديني، وما يرافقها من جدل عن الإصلاح والتجديد والحداثة والثورة، في الفكر الديني او عليه، وهي جميعها مصطلحات ومفاهيم استخدمت في معرض الحوارات التاريخية، والتي لا زالت فاعلة الى الان، حول الفكر الديني والخطاب الديني، تستوجب فهم ما هو الفكر والخطاب الديني، وما هو الدين، وهل هناك فرق بينهم ؟، وما هي مبررات اي دعوة للتجديد أو للإصلاح أو التغير، أو حتى الثورة في المجال الديني في العالم العربي . لذلك أقول لا بد دائما من فض الاشتباك بين المصطلحات والمفاهيم، حتى تقدم المعنى المقصود منها، الى القارئ وهي محاولة من أي كاتب يخوض هذا المجال، إلي رفع ستائر الالتباس، عن مفاهيمه ومصطلحاته، كما يفهما أو يفسرها أجرائيا أو يتبناها كما هي في أي أنتاج فكري، ان كان مقالة أو دراسة أو مشروع فكري موسوعي .
وبسبب كون هذا الموضوع شائك، ومتسع الحقول، ارتأيت تقسيمه الى ثلاث أجزاء، حتى يتم الالمام بكل حقول الخطاب الديني، وعرضها بشكل يسهل فهم عوامل الالتباس والتداخل، بين مفاهيمه ومفاهيم الدين والفكر الديني، وعناوين هي كالتالي :
1- مدخل الى تجديد الخطاب الديني .
2- الإسلام بين اللحظة المعتزلية التأسيس للعقل واللحظة الداعشية والتأسيس لخطاب فقه الدم.
3- ما بعد تجديد الخطاب الديني او ما بعد الإسلام .
الدين والإسلام .
المدخل الأساسي لنا هو فهم الفرق بين، الدين، والفكر الديني، والخطاب الديني،لان هذه المفاهيم في عالم العلوم الاجتماعية والشرعية، لها تموضع محدد المعالم وتاريخ وجغرافيا فكرية، تجعلنا قادرين على الانتقال من احد حقولها الى الحقل الاخر بشكل منهجي، ولكن هذه الوضعية تعود للتتعقد، عندما تنتقل هذه المفاهيم والمصطلحات الى عالم الصحافة وعالم السياسة، حيث يستخدم الكاتب الصحفي ورجل السياسية هذه المفاهيم في خطابهم الصحافي والسياسي، بشكل ملتبس ومتناقض أحيانا، ونفس هذا الالتباس والتعقد يقوم، عندما يستخدم عامة الناس هذه المفاهيم، بشكل متداخل دون تدقيق وفهم لضرورة عدم الخلط بينها، وادخال حقولها في بعضها البعض .
وعليه لا بد من تقديم مفهوم محدد للدين، والدين الإسلامي بشكل خاص، لأنه هو المعني هنا بقضية تجديد الخطاب الديني واشكالته, يقول المؤرخ بنيامين كوستان : " أنّ الدّين من العوامل التي سيطرت على البشر وأنّ التحسّس الدّيني من الخواص اللازمة لطبائعنا الرّاسخة، ومن المستحيل أن نتصوّر ماهية الإنسان دون أن تتبادر إلى ذهننا فكرة الدّين " .
لا شك أن الأديان و فكرة الدين ضاربة في أعماق التاريخ البشري، لا بل هي أعمق من ذلك الى حد أنها وجدت، ما قبل التاريخ البشري بمراحله التقليدية، ولا تكاد أي حضارة أو ثقافة في هذا التاريخ تخلو من ديانة مكتملة الأركان، أو مجموعة عقائد لها شكل من أشكال الدين، ومع انه لا يوجد أجماع بين علماء الاجتماع والأديان والأنثروبولوجيا، حول تعريف محدد للدين.وان كان معنى الدين باللغة العربية على الأقل يشي بالمعنى المقصود منه، حيث ان الدين في اللغة مشتق من الفعل الثلاثي : (دان)، وهو تارة يتعدى بنفسه، وتارة باللام، وتارة بالباء، ويختلف المعنى باختلاف ما يتعدى به، فإذا تعدى بنفسه يكون (دانه) بمعنى ملكه، وساسة، وقهره وحاسبه، وجازاه. وإذا تعدى باللام يكون (دان له) بمعنى خضع له، وأطاعه. وإذا تعدى بالباء يكون (دان به) بمعنى اتخذه ديناً ومذهباً واعتاده، وتخلق به، واعتقاده والدين بكسر الدال المهملة يعني الجزاء والمكافئة والحساب اي دنته بفعله ديناً أي جزيته . وقد يكون الملك والسلطان، كما في قوله تعالى: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك)يوسف :76 أي في ملكه وسلطانه. وكل هذه المعاني اللغوية موجودة بشكل أو أخر في ما اصطلح على تسميته دين حتى في الثقافات الأخرى .
أما علما واصطلاحا فان تعريف الدين اكثر تعقيدا، والسبب أن أي تعريف الدين ينبثق من أما الخلفية الفكرية والروحية للمفكر أو الباحث، أو من داخل المنظومة الدينية التي يعتنقها أو من مبادئ العلم الذي يدرس به الظاهرة الدينية مثل علم الاجتماع او علم الاديان اوالأنثروبولوجيا، لذلك لا يوجد تعريف محدد مجمع عليه، لدى علماء الاجتماع ولا حتى المتخصصين في علم الاجتماع الديني أو علم مقارنة الأديان، وهو أمر طبيعي في العلوم الاجتماعية التي لا تكاد جمع على تعريف محدد، لا ي مصطلح أو مفهوم أصلا . لذلك كل محاولة لتعريف الدين من المنظور الإيماني أو المنظور المناقض له أي الإلحادي أو العقلاني جميعها، تدخل في أطار وضع الدين موضوع الدراسة بصفته ظاهرة اجتماعية– ثقافية، رافقت تاريخ الاجتماع والثقافة البشريين . ولكن الدين لا يمكن فهمه فقط، ضمن أطار الظاهرة الاجتماعية القابلية للفحص والدرس والتفسير،كأي ظاهرة اجتماعية ثقافية جماعية أخرى .
وحتى لا ندخل في متاهة كثرة التعريفات وتعدد مصادرها، يمكن تحديد مفهوم أجرائي للدين يقترب من اكثر التعريفات شمولا باعتبار الدين، مجموعة العقائد التي تشمل ( الشريعة – القيم – الأخلاق – التعاليم – الرموز - التفسير – العبادات )، التي تؤمن بها مجموعة بشرية، بالاستناد إلى أنها ذات اصل مقدس الهي أو غيبي أو روحي، أو ما فوق طبيعي، وهذا يشمل كل أنواع الاعتقادات الدينية، أن كانت من النوع البدائي الذي يؤمن بالطوطم والقدرات الفوق طبيعية، للروح العام أو الأسلاف، أو أن كان ضمنه الاعتقاد بوجود ( اله – رب – خالق – عقل كلي ) وراء هذا الكون ام لم يكن .
ولكن لنصل الى الضفة المقصودة بهذا المقال، فأننا يجب نلجأ إلى تعريف اكثر تحديدا، اي الذي ينطبق على الأديان التوحيدية أو الإبراهيمية وتحديدا منها الإسلام، بوصفه الدين المعني بقضية التجديد أو الإصلاح، فمنهم من عرفه بأنه الشرع الإلهي الملتقى عن طريق الوحي. وفي كتاب- أصول الدعوة- للأستاذ عبد الكريم زيدان أورد اكثر من تعريف للإسلام، منها ان " الإسلام هو الخضوع والاستسلام والانقياد لله رب العالمين، ويشترط فيه أن يكون اختيارياً لا قسرياً وهو أيضا النظام العام والقانون الشامل لأمور الحياة ومناهج السلوك للإنسان، التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم من ربه وأمره بتبليغها إلى الناس، وما يترتب على اتباعها أو مخالفتها من ثواب أوعقاب، أو هو مجموع ما أنزله الله تعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من أحكام العقيدة والأخلاق والعبادات والمعاملات والإخباريات،في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وقد أمره الله بتبليغها إلى الناس .
وفي معرض حديثه عن الشريعة الإسلامية يقول ابن تيمية :" لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الشَّرِيعَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَصْلُحُ لَهُ فَهُوَ فِي الشَّرْعِ مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَأَحْوَالِهِ وَأَعْمَالِهِ وَسِيَاسَتِهِ وَمُعَامَلَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ هِيَ طَاعَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنَّا ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) ... وَحَقِيقَةُ الشَّرِيعَةِ : اتِّبَاعُ الرُّسُلِ وَالدُّخُولُ تَحْتَ طَاعَتِهِمْ كَمَا أَنَّ الْخُرُوجَ عَنْهَا خُرُوجٌ عَنْ طَاعَةِ الرُّسُلِ وَطَاعَةُ الرُّسُلِ هِيَ دِينُ اللَّهِ " مجموع الفتاوى (19/ 309) .
ما يمكن استخلاصه من ذلك، أن ما يطلق عليه ( أركان الأيمان - وأركان الإسلام - الشريعة -أقامة الدين ) كل ذلك يشكل و يساوي الإسلام في شكله الأولي، قبل الوجود الفعلي للاجتهاد والفقه وعلوم اللغة وعلم أصول الدين والتفسير والتأويل وعلوم القران وعلوم الحديث والسنة، التي شيد اغلب أركانها في عصر التدوين، ابتدأ من القرن الثاني الى الثالث للهجرة، اي بعد وفاة الرسول عليه السلام بما يقرب من مائة وخمسون عام او اكثر . وعلى اثر ذلك أيضا بدأ تدوين التاريخ وتاريخ وأفكار المذاهب والفرق الإسلامية، التي نشأت في مراحل مختلفة واتخذت منحنيات مختلفة ومتعارضة كثيرا من الأحيان، في فهم وتفسير الإسلام حتى إن بعضها قد اصبح قريبا من ان يصبح ديانة مستقلة، عن الإسلام الرسمي الذي تبنته كل من الخلافة الأموية والعباسية .
ان مصادر الإسلام الرئيسية التي لها طبيعة مقدسة، وتشكل الإسلام هي ( القران والسنة النبوية) وهذه الاخيرة هي التي يستند اليها بالتعريف التقليدي للإسلام، بانه كما جاء في الحديث النبوي خلال حوار النبي مع جبرائيل : الإسلام هو" أَنْ تَشَهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا لِلَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا " قَالَ : صَدَقْتَ ، قَالَ : فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ ، قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ ؟ قَالَ : " أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ " قَالَ : صَدَقْتَ ، قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ ؟ قَالَ : " أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَتَبَارَكَ وَتَعَالَى كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ... " هذا الحديث المشهور، يحدد أركان الإسلام وأركان الأيمان في الدين الإسلامي، التي تجعل من اي شخص يؤمن بها مسلما .
هذا البناء الاصلي للاسلام المفترض إن لا يدخل عليه ويأخذ الطبيعة المقدسة له وذات المرتبة، ما ابتدعه المجتهدين والعلماء المسلمين فيما بعد، من مصادر للتشريع مثل القياس والأجماع والاستحسان والاستصحاب والفتوى و أقول وأئمة أل البيت والعقل كما قد تم تصوره في مذهب الشيعة الإثني عشرية او ما نتج عن ذلك على مر العصور من فكر ديني وخطاب ديني . ويكاد يجمع من يطلق عليهم أهل العلم، من مجتهدين وأئمة ومفكرين أسلامين معاصرين، إن هذه الأصول والإركان الأولى للإسلام، أي القران والسنة هي فقط التي لا تدخل في حيز مفهوم التجديد والإصلاح، فلا يجوز المس بها أو التشكيك بها بأي شكل، لان ذلك ينزع عنها هالة القدسية التي ارتبطت بها من تاريخ إن أصبحت ناجزة بشكلها النهائي، الذي لا يمكن ان يخضع للتبديل أو التغير أو التحريف أو أعادة الترتيب، ولكن مع ذلك كان ولا زال هناك محاولات عدة من قبل مستشرقين ومفكرين عرب معاصرين، لإعادة قرأة هذه المصادر والأصول، وحتى الأركان واخضعاها للتحليل والنقد وهو أمر سوف نناقشه في الجزء الثاني من المقالة .
أذا من مجمل ذلك يمكن القول، إن الإسلام الديانة ( الأصول – المركز – لحظة الانبثاق )، يتشكل في جوهرة من عقيدة وشريعة، مرسلة للبشرية، تقدم تصور للحياة وما بعد الحياة، وتصور للكون، مصدرها الذات الإلهية (الله)، أنزلت للبشر بواسطة وحي ( القران )، أو بواسطة الرسول والنبي مباشرة ( السنة النبوية )، وبذلك يكون ما يمكن إن يطلق عليه، الفكر الديني والنظام الفقهي والخطاب الديني والخطاب المذهبي، منظومات فكرية مختلفة عن الدين، حتى لو كانت تستند إليه، وتتشابك معه أو تدعي تمثيله .
. الإسلام و الخطاب الديني
ومع ذلك تبقى أشكالية الفصل بين الاسلام الدين، و هذه الأنظمة الدينية الاسلامية التي تشكل الفكر الديني وما ينبثق عنه من خطاب ديني، هي بحد ذاتها مشكلة لا تكاد الكثير من الكتابات المعاصرة تميز بينهما اي اسلام ( النموذج– المثال- القيمة )، وبين أسلام المذاهب والفرق والمفسرين أي الخطاب المذهبي والأصولي والفقهي، وخطاب الإسلام الفكر أو ( الإيبستمولوجيا الإسلامية )، فعند الحديث عن الإصلاح والتجديد لا تجد حد فاصل واضح أي الخطابين المراد أصلاحه وتجديده، الإسلام الدين وإبستمولوجيا الإسلام، أم الفكر الديني الإسلامي والخطاب الديني الناتج عن هذا الفكر وهذا لا ينفي بالمطلق وجود التميز ومن يفهمه جيدا ويؤسس له أيضا في نصوصه . وحتى تكون الصورة اكثر وضوحا لان الأطروحات النظرية وحدها ، قد تزيد الأمر تعقيدا أذا لم يتم توضيحها من خلال أمثلة عملية، تبين مكامن الخلل والتمايز. لذلك سوف أورد مجموعة من النصوص لبعض المفكرين و الكتاب بغض النظر عن توجهاتهم الفكرية وا داوتهم المعرفية، وعصرهم وتصنيفهم أن كانوا أسلامين أو علمانيين أو حتى خارج هاتين المنظومتين، لان ما سوف نركن عليه، هو مضمون ومعنى النص وأهدافه اكثر من هوية كاتبه وتوجهاته الفكرية .
والبداية مع نص الكاتب الهندي المسلم محمد اقبال في كتابه - تجديد الفكر الديني في الإسلام – الذي يقول : " إن المهمة المطروحة على المسلم المعاصر ذات حجم لامتناه. عليه أن يعيد التفكير في مجمل النظام الإسلامي دون أن يقطع كليا مع الماضي ... وإحدى الشروط الأساسية في عملية التجديد هي تناول العلوم الحديثة تناولا نقديا... إن الطريق الوحيدة التي ما تزال مفتوحة أمامنا تتمثل في التعامل مع العلوم الحديثة باحترام لكن بموقف مستقل مع ذلك، وتقدير التعاليم الإسلامية على ضوء ما تمنحه هذه العلوم من إنارات ... ليس هناك من شعب يستطيع أن يسمح لنفسه بالتنكر كليا إلى ماضيه، ذلك أن ماضيه هو الذي شكل معالم شخصيته. وفي مجتمع كالمجتمع الإسلامي تغدو مراجعة المؤسسات القديمة أمرا أكثر دقة وتعقيدا، ويكتسي الوعي بالمسؤولية لدى المصلح هنا أهمية قصوى" . علما أن هذا الكتاب صدر في بدايات القرن العشرين، أي من ما يقرب من مائة عام ومع ذلك، يلمس الكاتب حاجة المسلمين الى تجديد الفكر الديني والخطاب الديني دون ان يسميهم في الإسلام حتى قبل تشكل العالم العربي بشكلة السياسي الحالي، الذي كان لا يزال في مرحلة خروج من أسر الخلافة العثمانية، ومن جانب أخر يرزح تحت نير الاستعمار الغربي، ولكن كل ذلك لم يمنع من إن يتلمس مفكري تلك الحقبة اقبال وغيره، حاجة الإسلام والمسلمين الى تجديد الفكر الديني، من خلال نص اقبال يمكن تلخيص الألية التي يجب إن يستند إليها التجديد، كما يراها بالشكل الأتي :
أولا : حجم عملية التجديد غير متناهي أي له طابع الاستمرارية، لذلك لا يمكن القول ان هذا التجديد يمكن ان يتم بعملية واحدة أو نقلة نوعية واحدة تنتهي بها .
ثانيا : التجديد يعني أعادة النظر في مجمل النظام الإسلامي، وهو يعني فيما نفهم انه لا يطال الفقه والخطاب الديني فقط بل ( إبستمولوجيا الإسلام ) أو النظام المعرفي للإسلام .
ثالثا : التجديد عملية جدلية مستمرة بين الواقع والفكر وبين الفكر والفكر، لا تقطع الحاضر عن الماضي لان الماضي أي التاريخ هو من يحدد معالم الشخصية العامة للامة .
وفي نص آخر يقول الكاتب مازن العاني في مقالة - أصلاح الفكر الديني - : " نحتاج الى هذه الثورة لأجراء نقلة نوعية في الوعي الإسلامي التقليدي تمكنه من الانسجام مع واقع المجتمعات الحديثة بما هي عليه من مؤسسات اجتماعية و سياسية وعلوم وقيم إنسانية أممية....أذا تجاوزنا المحاولات الأولى لإصلاح الفكر الديني لابن رشد وابن خلدون ونجم الدين الطوفي وآخرين قبلهم وبعدهم، فان هذا الفكر في العصر الحديث ظل بلا إصلاح بعد قرن ونصف القرن من تعثر المحاولات الجريئة في هذا الاتجاه، لأن من حاولوا النهوض بذلك، من الأفغاني والطهطاوي إلى عبده ورضا والآخرين، لم يتمكنوا، ارتباطا بالظروف التي عاشوا فيها، من صياغة مشروع إصلاحي متكامل قادر على أحداث تغيير جذري في وجهة هذا الفكر لتكييفه مع العالم الحديث. وحتى القضايا التي طرحها هؤلاء المصلحون الجريئون لم تجد طريقها الى مناهج التعليم، في عموم بلاد العرب أوطاني وبلدان دار الإسلام بهدف صياغة وعي ديني جديد ومفاهيم جديدة وقيم إنسانية كونية تنسجم مع المتغيرات العلمية والاجتماعية والثقافية التي تحملها سنة التطور الموضوعي للمجتمع الإنساني .." . وفي ذات السياقي ذهب الكاتب يحيى محمد بمقالته - رواد الإصلاح الحديث وتجديد الفكر الديني- الى القول " ...قد كان لرواد الإصلاح الحديث، من أمثال محمد عبده والكواكبي ورشيد رضا وغيرهم، تطلعات وأهداف جعلتهم بعيدين عن مسالك العلماء التقليديين. فلعل أول ميزة امتاز بها المفكر الديني من أمثال هؤلاء هو أنه دعا إلى تجديد النظر في الدين، ولم يتوقف عند حد فتح باب الاجتهاد بالمعنى التقليدي. كما أنه حوّل النص إلى مرتع للنظر لدى جميع المدركين ليفيدوا منه ما يفهمونه من دون التوقف عند حدود ما يقوله المفسر والفقيه وما إليهما من أصحاب الطرق التقليدية. وهو بهذا يعد نفسه غير مرتبط بالفقيه والمفسر التقليدي" .
وفي دراسة عن الفكر الإصلاحي للأمام محمد الطاهر بن عاشور قدمها الأستاذ ايهاب السامرائي عنوانها - نظرات في إصلاح الفكر الديني عند الإمام محمد الطاهر بن عاشور– يقول :" إن إصلاح الفكر الديني للفرد والجماعة من الموضوعات الكبرى التي اهتم بها العلماء قديماً وحديثاً . وقد كان الإمام الأكبر محمد الطاهر بن عاشور أحد كبار رجال الإصلاح في القرن الماضي ( إي القرن العشرين) ...فالإصلاح حسب فلسفة الإمام الأكبر ذو مجالين فهو : إما جعل الشيء صالحاً من أول وجوده ، أو جعل ما كان فاسداً صالحاً ، فعلى هذا تكون مهمة المصلحين هو إعادة الإصلاح لكل ما فسد وخرج على أصله بحيث كان صالحاً واعترته جوانب الفساد، وكذلك إصلاح الفاسد ومحاولة تغييره وتسييره حسب منهج الشريعة ، وهذا يعنى كذلك بالأخلاق والسلوك التي تكون دخيلة على امتنا وهي فاسدة بنظر الشرع ، فعلى علماء الأمة تقع مسؤولية الترشيد فالإصلاح هو: حركة فعلية مضادة للفساد والإفساد تحاول استرجاع الفروع إلى أصولها ، ومحاولة تغيير الفساد بكل الوسائل حتى تفيء إلى أمر الله أما التجديد عند الإمام الأكبر :( فالتجديد الديني يلزم أن يعود عمله بإصلاح الناس في الدنيا : إما من جهة التفكير الديني الراجع إلى إدراك حقائق الدين كما هي ، وإما من جهة العمل الديني الراجع إلى إصلاح الأعمال ، وإما من جهة تأييد سلطانه ... إن الإصلاح الذي نريد بيانه ، ليس إصلاحاً للدين ـ حاشا لله ـ وإنما هو طريق للنظر في جوانب إصلاح المنهجية التي عُرض فيها الدين ، وللطريقة التي يفهم فيها الدين " .
في العام 2014 إقامة مؤسسة مؤمنون بلا حدود، بالمغرب ندوة - الفكر الديني وسؤال الإصلاح -وتحدث الدكتور محمد الحداد عن" حتمية فتح ورش الإصلاح الديني في الفكر العربي المعاصر، وأكد على حتمية العودة إلى القرن التاسع عشر، وإعادة قراءة الفكر الشائع حينها للتصدي لشروط الإصلاح الديني، وانتقد الطريقة المفروضة علينا في تناول فكر تلك الحقبة، لأنها قراءة إقصائية تفصله بين تيارين تيار إسلامي "أصيل"، وآخر علماني "دخيل"وتنتصر للأول على حساب الثاني.وأوضح ، أن مفهومه "للإصلاح الديني" يعني العودة إلى الأصل لإعادة صياغته مسجلاً اختلافه مع مفهوم الإصلاح عند الأصولية الإسلامية التي تقصره على العودة إلى الأصل والثبات فيه...وتطرق الحداد في سياق الدفاع عن أطروحته إلى تفكيك منظومة الفكر الإسلامي إلى ثلاثة أركان هي: علم الكلام والفقه ثم التفسير؛ معتبراً أن العصر الحديث شهد سقوط الركن الأول؛ أي علم الكلام أو "اللاهوت" ولم يبق سوى الفقه والتفسير، وأوضح أن سقوط علم الكلام ارتبط بسقوط الأشعرية التي لم تعوض بلاهوت جديد، وهو ما يخالف التجربة المسيحية، حيث استطاعت بفعل اجتهادات معتنقيها بعث لاهوت بديل حداثي.يضيف الحداد، فسؤال الإصلاح بقي وسيبقى "مهمشا" ما دمنا نفتقد لفكر ديني، إذ لا يوجد اليوم من يعتمد المرجعية الأشعرية كما لا يوجد من يدعي القول بوجود مرجعية بديلة " ، وتوقف هنا عند دعوة المفكر اللبناني رضوان السيد حول رد الاعتبار للمؤسسة التقليدية وبعث الأشعرية مرجحاً أن تكون صادرة في سياق ملابسات الصراع السني الشيعي.وبالعودة إلى القرن التاسع عشر، الذي اعتبره منطلق مرجعي لكل عملية إصلاح داخل الثقافة الإسلامية، شدّد على أهمية الفكر الإصلاحي لكل من محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، فهما، رغم انتمائهما للمرجعية الأشعرية مارسا نقداً لها من الداخل، مستشهداً بنص لمحمد عبده، تبدو فيه ملامح أفكار جمال الدين الأفغاني واضحة، يعالج فيه مفهوم "الفرقة الناجية" بأفق نقدي لا يحصرها في حدود أتباع الأشاعرة كما كانت تفعل الكتابات الأشعرية التقليدية، كما استعرض نقطة أخرى توحي بالحس التجديدي لهؤلاء، حين أشار محمد عبده، خلال مناظرته المعروفة مع فرح أنطون، إلى مسالة الفصل بين الدين والدولة بقوله : " أن المسلم يجب أن يجد مستنداً للفصل في تراثه"، حتى يعطي الشرعية الدينية للتميز بين الدين والدولة في مقابل مقولة: "اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله" المسيحية، مما يوضح أن سؤال الإصلاح شكل هاجسا لدى محمد عبده وأبناء جيله، غير أن هذا التفكير التنويري قد تعرض للقطيعة بسبب انشغالات هؤلاء الرواد بالسياسة.وتطرق الحداد إلى ما سماه بـ"الحلقات المفقودة" في الفكر العربي المعاصر كغياب الربط، عند دراسة مفكرينا، بين الجدل الداخلي لفكرهم والإطار التاريخي لواقعهم، ثم النظر إلى الغرب نظرة أحادية تجعله مناصراً بشكل كلي للفصل بين الدين والدولة، وهذا غير صحيح حسب المحاضر، كما انتقد الاعتقادات السائدة لدينا بأننا وحدنا نفكر في الدين في حين أن الغربيين طرحوا العديد من المسائل التي نطرحها نحن اليوم، مثل ميشيل فوكو وبول ريكور الذي يعد مفكراً دينياً فضلاً عن كونه فيلسوفاً.كما تحدث الحداد عن ضرورة "إعادة كتابة تاريخ الأديان"، لأن القراءة المتداولة حاليا إقصائية تجعل من كل واحد يعتقد أن دينه هو الصحيح والأفضل، وأن غيره على خطأ، مشيراً إلى أن الأديان شكلت أثناء ظهورها لحظة إصلاح للوضع الديني الموجود حينها وأنها لم تنشأ من أجل العنف ومحاربة الآخر، مضيفاً أن الأديان التي أدانها الإسلام، سواء المسيحية أو اليهودية، ليست هي نفسها اليوم بل تطورت وتغيرت، لولا أننا في العالم الإسلامي، يقول الحداد، لازلنا ندرس تاريخ الأديان من خلال كتاب الملل والنحل للشهرستاني ".
وفي دراسة - مشروعية تجديد الفكر الديني : هواجس ومسوّغات- للأستاذ حيدر حب الله فهو يقدم بها الاشكال السائدة للخطاب الديني المعاصر بقوله : " لا تكاد تُحصى ألوان الخطاب التي مرّت بها الأمة الإسلامية منذ قرنين من الزمان، فمن خطاب النهضة مع الأفغاني 1897 وعبده 1905، إلى الخطاب السلفي الاجتهادي مع محمد رشيد رضا 1935، إلى السلفية الجهادية القطبية، إلى الخطاب الثوري الإيراني، إلى الخطاب النقدي المعرفي الجديد.. أشكال من التجارب والإرهاصات والمخاضات التي تحكي عن ولادة كبرى تحضّرها قوانين التاريخ والاجتماع لعالمنا المسلم.ومن بين ألوان الخطاب، خطاب التجديد الذي ظهر -فيما يبدو- منذ بداية القرن الماضي أو خمسينياته على رأيين في ذلك، وحال هذا الخطاب كحال سائر المفردات التي ظهرت في القرنين الأخيرين هو الالتباس والغموض، ففريق أخذ بالمفهوم مفسّراً له بتفسيرات عدّة، فيما رفضه فريق آخر، حذراً منه متوجساً تسكنه إزاءه الهواجس والمخاوف، فرُبط بالنهضة والتقدّم هنا فيما رُبط بالبدعة والابتداع والاغتراب هناك، وبينما قبلته أغلب المعاهد والجامعات العلمية الجديدة بدعم من الدول العلمانية والقومية، ظلّت المؤسّسة الدينية -في الغالب- حذرةً منه أو رافضة له بشدّة، حتى ظهرت فكرة أنّ الإسلام إلهي لا يجدّد ولا يتجدد؛ وجاءت مقولة جاهليّة القرن العشرين مع سيد قطب 1966في (معالم في الطريق) و (الإسلام ومشكلات الحضارة) لترفض تطوير الدراسات الإسلامية واجتراح الفقه الإسلامي لقوانين تواكب العصر، وتستبدل ذلك بأولوية أخرى هي أسلمة المجتمع الذي عاد إلى الجاهلية؛ من هنا من الضروري -بدايةً- تحليل المفهوم باختصار شديد، أو لا أقلّ ما نقصده نحن من هذا المفهوم حتى لا نتوه في زواقب المصطلحات وأزقتها؛ تمهيداً للحديث عن المشروعية، وإلا فهذه الوريقات ليست معقودة لهذا الموضوع.ما هو التجديد في الفكر الإسلامي؟ هل التجديد في المنهج أم في المضمون؟ التجديد -فيما نفهمه محاولة جادّة لإضفاء عناصر لم تكن موجودة من قبل على كيان كان وما يزال له وجود، وبهذه الطريقة يكون هذا الكيان قد جُدّد، سواء حصل التجديد في حذف بعض عناصر الكيان السابق أم في إضافة عناصر أخرى جديدة، أم في إعادة ترتيب العناصر نفسها، وسواء كان ذلك في الشكل أم المضمون أم في المنهج الذي يحكم مجمل العناصر أو الوصول إليها.. لكن لا يحصل التجديد بإحداث كيان جديد محلّ الكيان القائم القديم، وإذا حصل فهذا ليس تجديداً في ذلك الكيان وإنما استبدال واستعاضة، فتجديد الفقه الإسلامي -مثلاً- شيء والإتيان بفقه جديد، لا متجدّد، شيء آخر هذا هو تعريفنا للتجديد ... أمّا الاستبدال الراديكالي التام للمنظومة القديمة بمنظومة جديدة، وهذا هو التجديد بالحدّ الأعلى، فهو تجديد في الواقع وليس تجديداً في المستبدَل، لهذا كان من حقّ دعاة التجديد في الدين أن يطالبوا بتجديد لا يكون على حساب الدين وإنّما له، بتجديد لا يحدث قطيعة مع الدين والتراث وإنما تواصل واتصال، بتجديد لا يعني -كما يقول العلامة فضل الله وآخرون- إسقاط القديم كلّه واستبداله بفكر جديد لا علاقة له به ليكون ذلك خروجاً من الإسلام ومصادر الشريعة إلى غيره ... " .
أما مفهوم تجديد الخطاب الديني لدى د. سلمان بن فهد العودة فيأخذ تقريبا ذات المنحى لدى اغلب رجال الدين او المثقفين الاسلامويين الوسطين أو المعتدلين المطالبين به والعاملين في بعض الاحيان على تجديد بعض جوانبه وهو مفهوم وسطي نسبيا لقضية تجديد الخطاب لذلك يقول : " لماذا يتحاشى بعض المسلمين الاعتراف بضرورة التجديد ليبقى كل شيء كما كان يعهد، فليس في الإمكان أفضل مما كان، إيثاراً للإلف وتوجساً وارتياباً من كل حديث وجديد أو مشتق منهما، فهو يفضل أن يبقى فكره وخطابه ولغته وطريقته وعلمه متكلساً مترهلاً مهترئاً ألف مرة على أن تناله يد التجديد، أو تطاله بواعث التحديث وأسبابه.إن ذلكم مظهر جلي من مظاهر الضعف والخور والهزيمة النفسية كما أن الارتماء في أحضان كل جديد هزيمة نفسية.إن لفظة "الخطاب" كلمة عربية فصيحة مستخدمة، والأصوليون كان يستخدمونها كثيراً، والخطاب هو المحاورة والمحادثة بين طرفين، ونسبته للدين يقصد فيها الخطاب الذي يعتمد على مرجعية دينية في مخاطبته وأحكامه وبياناته، وإنني أقصد بالخطاب الديني ما يطرحه العلماء والدعاة والمنتمون إلى المؤسسات الإسلامية في بيان الإسلام والشريعة، سواء كان ذلك من خلال الخطب أو المحاضرات أو التأليف أو البرامج الإعلامية الأخرى، وقد يدخل في ذلك المناهج الدراسية الدينية في المدارس والجامعات الشرعية، بل يمكن أن يوسع مفهوم الخطاب الديني ليشمل النشاط الإسلامي والنشاط الدعوي وعمل الجماعات الإسلامية والمؤسسات الإسلامية بشكل عام الفقهي منها والعلمي والدعوي والتربوي ونوع النشاط الذي تقوم به لتقييم مدى نجاحه وفشله وقربه من المقاصد العامة للتشريع ومن بعد ذلك تقويمه وإصلاحه وتجديده.أما كيف يتم تجديد هذا الخطاب الديني؟ صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) أخرجه أبو داود والحاكم وصححه، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم تجديد الدين نفسه، والخطاب الديني جزء من هذا الدين وتجديده, والذين يقومون بعمل هذا التجديد جاؤوا بلفظ (مَن) فهو عام يشمل الفرد والجماعة، وفي ظل توسع الأمة واتساع رقعتها والانفتاح العالمي وتضخم الخلل الموجود في واقعها فإن هذا الواقع يفرض أن هذا العمل التجديدي ليس شأن فرد واحد، بل مجموعات تتكامل فيما بينها، وتؤدي أدواراً مختلفة وتخصصات علمية متباينة وحقول معرفية كلها تنتهي عند مصب المصدر الأصلي (الشريعة) ...أما ماهية هذا التجديد فترتيبٌ لسلّم الأوليات وتنظيم للأهم والمقاصد الكبرى للعلم والدعوة والإصلاح واتفاق على ذلك وتسهيل تطبيق ذلك وتوجيهه في أرض الواقع، وإبراز لجانب القيم والأخلاق الإسلامية الإنسانية العامة التي يحتاج إليها الناس كلهم دون استثناء، وتطبيع قيم العدل التي يأمرنا بها الإسلام تجاه الخلق كلهم ومعاملة الناس كلهم ومن يؤمنون به على انه الإسلام
وفي اتجاه أخر لقضية تجديد الفكر و الخطاب الديني يمثله مجموعة من المفكرين والمثقفين المستنيرين . يرى المفكر الدكتور محمد شحرور انه : " في عصر التدوين بالقرن الثاني الهجري، تم تأطير الإسلام ضمن أطر ما زالت موجودة حتى يومنا هذا، وتم تعريف السنة، ووضع أصول الفقه، وحتى أصول اللغة العربية، ضمن أطر نبعت من المعارف السائدة، أي من قبل أناس محكومين بالنظم المعرفية السائدة في ذلك الوقت. ولما كان الله مطلقا، وما عداه نسبي، فكل ما تم وضعه كان من باب تفاعل الناس مع التنزيل منسوبا إلى القرن الثاني الهجري، وبعد وضع هذه الأطر التي لا خروج عنها، اقتصر البحث في الممكنات العقلية، التي يمكن استنباطها ضمن هذه الأطر والنظم، حتى يومنا هذا، إلى أن تم استنفاذها.ونسمع بين الحين والآخر من يقول: افتحوا باب الاجتهاد!! ونحن نقول إن باب الاجتهاد لم يغلق أصلا، حتى نطالب بفتحه، ومجامع الفقه الإسلامي مشرعة لا أحد يمنعها من الاجتهاد، لكن إمكانية الاجتهاد ضمن الأطر التي رسخت منذ القرنين الثاني والثالث الهجري، قد استنفذت، ولم يعد الاجتهاد ممكنا إلا إذا تم تجاوز هذه الأطر، والعودة إلى قراءة التنزيل على أساس معارف اليوم، واعتماد أصول جديدة للفقه الإسلامي، والأهم من ذلك كله، أنهم لم يكتفوا بوضع الأطر وتحديدها، بل تم إغلاق هذه الأطر تماما ".
ويعزو المفكر الدكتور محمد عابد الجابري إشكالية الإصلاح والتجديد في الفكر والثقافة العربية الى أنها إشكالية ( عقل ونص ) وقد كان سؤاله المحوري وهو من اسئلة عصر النهضة العربية عنوان لهذه الإشكالية وهو لماذا تأخر العرب والمسلمون وتقدم غيرهم من أمم العالم؟ حيث يرى الجابري في كتاب - تكوين العقل العربي - " أن العقل العربي تشكل ووضعت أسسه النهائية خلال عصر التدوين . ففي هذا العصر جمعت الأحاديث ودونت تفاسير القرآن، وكانت بداية كتابة التاريخ الإسلامي، وتم تأسيس علم النحو وقواعد الفقه، وتشكلت فيه الفرق والمذاهب الإسلامية. وهو نقطة البداية لتكوين النظام المعرفي في الثقافة العربية.وفي هذا العصر اكتمل تكوين العقل العربي الذي اصبح ثابت الشكل والمضمون، ومازال سائدا في الثقافة العربية الإسلامية حتى اليوم، وعليه فإن بنية الثقافة العربية ذات زمن واحد ثابت، وهذا ما دعاه إلى القول إذا كانت الحضارة اليونانية حضارة فلسفة، والحضارة الأوروبية المعاصرة حضارة علم وتقنية، فإن الحضارة العربية الإسلامية هي حضارة فقه و يخلص إلى أن الفقه شرع للعقل، يقول الجابري: «هنا مع أبي حنيفة، ومع أهل الرأي عامة، كان المشرع هو العقل، أما مع الشافعي فقد كان العقل هو المشرع له».وعليه لم يعد العقل هو المشرع للفقه، وإنما الفقه هو المشرع للعقل،أي أن النص أصبح السلطة المرجعية للعقل العربي. فأصبح العقل العربي عقلا نصوصيا، غير مرتبط بالواقع والطبيعة والتاريخ . وهذا ما عناه بمفهوم استقالة العقل العربي فالغرب الأوروبي بنى نهضته على التأسيس للعقل والعلم، وفي ذات الوقت كان المسلمين، في مرحلة استقالة العقل من ثقافتهم وتاريخهم .
ولكن مع كل ذلك ماذا نفهم من المقصود بالخطاب الديني في الثقافة العربية وما معنى إن يتم إصلاحه أو تجديده أو الثورة عليه كما ذهب البعض ولماذا ؟ .
في مقال للمفكر الدكتور حسن حنفي كتبه في العام 2008 اي قبل بدء ما اطلق عليه الربيع العربي وما لحق به من انبثاق اللحظة الداعشية واخواتها من التنظيمات الاسلاموية الراديكالية التي باتت تقدم صورة دموية للاسلام وما رافق ذلك من انطلاق دعوات رسمية وشعبية لاصلاح وتجديد الخطاب الديني كتب يقول – ما الخطاب الديني ؟ " الخطاب الديني اليوم هو خطاب الوعظ والإرشاد ومنابر الجمعة والشرائط المسجلة، والكتيبات بل الملصقات والإعلانات التي تستعمل لغة الدين للترويج للمنتجات مثل بخور مكة، وبلح المدينة، وعطر الحجاز، ومسواك النبي . ليس المقصود بالخطاب الديني لغة القرآن والحديث، فهذا خطاب ليس من اختيار البشر، بل هي لغة توقيفية وليست وضعية بتعبير القدماء. هي لغة عامة وشاملة، بها العام والخاص، وضع ما ينبغي أن يكون ووصف ما هو كائن، الغيبي والحسي، الديني والدينوي، العقائدي والتشريعي، الإلهي والإنساني. ويستطيع الداعية أن يختار من هذا المعجم اللغوى ما يشاء طبقا لأهدافه وغايته. وعادة ما يختار اللغة العقائدية الأخلاقية أكثر مما يختار اللغة الاجتماعية والسياسية. فإذا اختار مفكر آخر هذه اللغة فإنه سرعان ما يتهم بالعلمانية والماركسية والاستشراق. ويصل الأمر إلى الاتهام بالكفر والإلحاد. لذلك عرض الأصوليون منطقا لغويا يهدف إلى إحكام المتشابه، وبيان المجمل، وتأويل الظاهر، وتخصيص العام. وهي لغة تحدث أثرها في النفس مباشرة لبساطتها وتوجهها نحو القلب من دون تكلف الدعاة أو حذق الخطباء أو بلاغة النحويين .
وهو ليس الخطاب السائد في العلوم الإسلامية القديمة، فهذه متنوعة أيضا بين أصول الدين وأصول الفقه وعلوم الحكمة وعلوم التصوف، ولكل علم لغته ومصطلحاته التي تكوّن مفردات خطابه، فلغة علم أصول الدين تعاليمية لا يفهمها إلا الخاصة، صورية مجردة. لذلك حرمه الغزالي على العوام في «إلجام العوام عن علم الكلام»، ولغة علوم الحكمة أيضا لغة عالمة مجردة، منقولة أي مترجمة عن اليونان، توحي بالاشتباه. تحول العقائد إلى ميتافيزيقا، والمعرفة إلى وجود، وهي أيضا للخواص، ولغة علوم التصوف بالرغم من الطابع الأخلاقي والروحي واتصالها بالتجربة الإنسانية فإنها أيضا تحوم حول المحارم إذا ما ظهرت ألفاظ الحلول والاتحاد ووحدة الوجود. أما لغة الأصول فهي لغة تشريعية قياسية تقنينية، تعبر عن الأوامر والنواهي والأحكام الشرعية، وهي ليست لغة الخطاب الديني المتداول في الحياة اليومية. هي من اجتهاد القدماء، تعبر عن عصرهم وثقافتهم في الداخل والبيئات الثقافية المحيطة ... الخطاب الديني المقصود هنا هو الخطاب الرسمي في أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية خاصة المرئية بعد انتشار القنوات الفضائية وتخصيص بعضها للبرامج الدينية وشهرة «مشايخ الفضائيات» الذين يصدرون الفتاوى بالتحليل والتحريم، ولا يتكلمون إلا في الحلال والحرام، والأوامر والنواهي، والعقائد والغيبيات، وفيما لا ينفع الناس، ولا يتعرضون لتحديات العصر وقضايا الساعة. هو خطاب الوعظ والإرشاد ومنابر الجمعة والشرائط المسجلة، والكتيبات بل الملصقات والإعلانات التي تستعمل لغة الدين للترويج للمنتجات مثل بخور مكة، وبلح المدينة، وعطر الحجاز، ومسواك النبي. هو خطاب شبكات المعلومات مثل « إسلام أون لاين » وغيرها من المواقع الإسلامية لمشايخ الفضائيات أو للدعاة الجدد . وهي أيضا لغة الجماعات الإسلامية المعاصرة، لغة الإعلام المضاد لإعلام الدولة، وإن كانت تتسم بنفس الصفات العقائدية والأخلاقية والأمرية، ما ينبغي أن يكون، والتشريعية. ولكن لتحقيق هدف آخر وهو جعل هذا الخطاب بديلا عن الخطاب السياسي الرسمي للدولة من أجل هز قواعدها. ويدعو إلى الرفض لحاكمية البشر باسم « الحاكمية لله »، وإلى عصيان القوانين المدنية بدعوى تطبيق الشريعة الإسلامية، في مقابل الخطاب الإعلامي الرسمي الذي يدعو إلى طاعة أولي الأمر والقيم السلبية كالصبر والتوكل والخوف والخشية أو ترك الدنيا والاستعداد للآخرة " .
و يرى الدكتور شريف درويش اللبان بمعرض تعريفه للخطاب الديني في مقاله - اتجاهات خطاب الصحافة العربية نحو قضية تجديد الخطاب الديني – ان " مفهوم الخطاب الديني الأقوال والنصوص المكتوبة التي تصدر عن المؤسسات الدينية أو عن رجال الدين أو التي تصدر عن موقف أيديولوجي ذي صبغة دينية أو عقائدية، والذي يعبر عن وجهة نظر محددة إزاء قضايا دينية أو دنيوية أو الذي يدافع عن عقيدة معينة ويعمل على نشر هذه العقيدة... . " وفي معرض تميزه بين الخطاب الديني وبين الدين نفسه او ثوابته يقول "... ثمة إشكالية تتعلق بقضية تجديد الخطاب الديني تتمثل في ضرورة التمييز بين الخطاب الديني والنصوص المقدسة الثابتة، حيث إن ذلك الخطاب يعتمد على النصوص المقدسة ولكنه يظل في حدود العمل العقلي البشري والاجتهادي الذي يرتبط بإمكانات وقدرات منتجيه. ويرى البعض أن مفهوم تجديد الخطاب الديني يتنازعه طرفان: الأول: فئة تتحدث عن تجديد الخطاب الديني، وهي تصدر عن منطلقات غير دينية، الثاني: بعض القوى الإسلامية الخائفة التي اشتد بها الخوف خشية المساس بالثوابت الدينية ."
ان الهدف من عرض النصوص السابقة، هو طرح قضية التعامل مع التراث الإسلامي وقرأته وتجديده من اتجاهات تمثل التيارات المختلفة في الثقافة العربية، إن كانت إسلامية التوجه أو علمانية وليبرالية، ولا ادعي إن هذا المقال يمكن إن يشمل كل جوانب وحقول قضية التجديد، ولكن على الأقل يمكن إن نستخلص من هذه النصوص وبغض النظر كما قلت سابقا عن من هو كاتبها - أي أننا نعطي الأهمية للنص وليس للكاتب- عمق هذه الإشكالية في الثقافة العربية، ورغم ان هناك عدد هائل من الكتب والدراسات والمقالات، وعلى رأسها المشاريع الفكرية لمفكرين معاصرين من أمثال محمد اركون ومحمد عابد الجابري وفهمي جدعان والطيب التزيني ونصر حامد ابو زيد وحسن حنفي وجورج طرابيشي ... الخ وغيرهم من مفكري وكتاب التنوير العرب مع حفظ الألقاب، قد بحثوا في كتاباتهم قضية التجديد و القراءة الجديدة لهذا التراث بهدف تأسيس فكر ديني جديد ، ألا إن هناك ما يمكن ان نسميه عوائق فكرية وعوائق مؤسسية، قد وقفت في وجه ان تأخذ هذه المشاريع تحديدا منحى عملي او تطبيقي داخل الثقافة العربية، او حتى ان تدخل في حيز النقاش العمومي المؤثر في العالم العربي ومن هذه العوائق :
اولا : سيطرة الفكر الديني التقليدي، على المؤسسات التعلمية من المراحل التأسيسية انتهاء الى الجامعات ومرحلة الدراسات العليا فيها .
ثانيا :عدم وجود أرادة حقيقية لدى الأنظمة السياسية في اكثر دول العالم العربي، بوجود نظام تعليمي تنويري، يستند الى العلم والفلسفة والانفتاح على الأخر، يؤسس لجيل قادر على التفكير والنقد وليس الحفظ واجترار النصوص والنكوص على الذات .
ثالثا : اغلب الكتاب التنويرين من مختلف مشاربهم الفكرية والسياسية، تتوجه مشاريعهم الفكرية ودراساتهم للنخب الثقافية، بل أحيانا لنخب النخب المثقفة لذلك فان الشخص العادي متوسط التعليم والثقافة يصعب عليه فهم لغة و طبيعة وأهداف هذه الأفكار والمشاريع، وفي الغالب ان قدمت تقدم لهم من خلال بعض وسائل الإعلام أو مثقفين يتخذون موقف عدائي، من إي فكر تنويري باعتباره معادي للإسلام، وان كانت الحقيقة تخالف ذلك فهذا الفكرهو ناقد، ( للفكر الديني بالدرجة الأولى الذي يؤمن به هؤلاء ) وليس للإسلام الدين في اغلب الأحيان، وان كان النقد في كثير من كتابات التنويرين قد طال الإسلام الدين إي النصوص المؤسسة له ( القران والحديث النبوي )، وتجاوز ذلك أحيانا الى نقد شخص الرسول عليه السلام والصحابة وتاريخ التأسيس، والنقد هنا لا يعني العداء أو اتخاذ موقف سلبي من النصوص المقدسة بقدر ما يعني الحفر معرفيا بها وتقديمها، بشكل يخالف ما درج عليه في تقديم هذه الأصول .
ان الخطاب الديني يشكل في حقيقته أداة، من أدوات الفكر الديني السائد والمسيطر واي خطاب ديني بشكل عام هو بطبيعته خطاب متجدد، والتجدد هنا لا يعني التغير الإيجابي دائما بل محاولة صاحب أو مصدر الخطاب اي المرسل، الذي قد يكون نظام سياسي يشكل خطابه الديني من خلال أجهزته الأيديولوجية الدينية، أو ممثلي مذهب معين، أو تنظيم ديني، التأقلم في الشكل والمضمون في كل مرحلة تاريخية، مع ظروف هذه المرحلة ونظامها السائد، اي النظام التربوي والسياسي والاقتصادي والأدوات الإعلامية، حتى يقوم بتأدية مهمته المرسومة له مسبقا . ويبدو ان الكتاب والمفكرين العرب والأحزاب الأيديولوجية، من مختلف المشارب، قد اتخذوا اربع اتجاهات او اصطفوا في تيارات من قضية التراث الإسلامي أو الثقافة الإسلامية بشكل عام، وتجديد الخطاب الديني بشكل خاص، باعتباره احد النتائج المهمة لتحديث التراث أو علمنته أو أعادة قرأته وتشكيله يمكن إجمالها بالشكل الأتي :
الاتجاه الأول : اتجاه ما من اطلق عليهم الإصلاحيين أو الإحيائيين، في بداية عصر النهضة العربية وهو اتجاه تغلب عليه السمة التوفيقية، بين الثقافة العربية والانفتاح على الحضارة المعاصرة .
الاتجاه الثاني : اتجاه العلمانيين وهو يضم في جنباته الليبراليين واليسارين والقوميين وهو أيضا لا يكاد يخلوا من محاولات التوفيق بين التراث والحداثة بين الدين والدنيا والإسلام والسياسة .
الاتجاه الثالث :اتجاه فرعي ينتمي الى التيار العلماني بشكل عام، وهو يدعو إلى القطيعة مع التراث والدين، ولا يعترف بأهمية أو ضرورة تجديد الخطاب الديني، ويقدم خطاب حداثي أو ثوري يدعو إلى تحيد الدين بالكامل عن المجال السياسي والاجتماعي، وهو في داخله أيضا لا يجمعه ألا الإطار العام أي الموقف من الإسلام ولا يمكن اعتبار هذا الاتجاه اتجاه رئيسي، له قاعدة شعبية كبيرة في صفوف العلمانيين العرب .
الاتجاه الرابع :اتجاه ما يمكن أن نطلق عليه الإسلام الرسمي، و أسلام السلفية الجديدة، ويندرج تحت هذا الاتجاه اتجاهات فرعية كثيرة، تبدأ من المؤسسات الدينية ذات الطابع الرسمي المرتبط بالأنظمة السياسية للدول مثل دور الأفتاء ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمؤسسات الدينية ذات الصبغة الاستقلالية نسبيا كمؤسسة الأزهر والحوزات العلمية والمراجع في المذهب الإثني عشري، امتداد الى المؤسسات الدينية الحزبية كالإخوان المسلمين وحزب التحرير والاحزاب الدينية الى السلفية الوهابية، الى ما اصبح يطلق عليه تنظيمات جماعات السلفية الجهادية، وجميع هذه الاتجاهات الفرعية، هذه اصبح لها مفكريها ومنظريها وخطابها الديني، ولكن ابرز ما يجمعهم هو أيمانهم بفكرة الحاكمية وتطبيق الشريعة الإسلامية، والعداء للعلمانية والحداثة، وان كان بأشكال ودرجات متفاوتة .
في كل هذه الاتجاهات، لا يمكن القول إنها تتسق بين ببعضها البعض بشكل كامل، في فكرة طبيعة الفكر الديني والخطاب الديني، وإشكالية تجديده فالخلافات والاختلافات الموجودة داخل الاتجاه الواحد، تكاد تتشابه مع مستوى الخلاف مع باقي الاتجاهات . وبذات الوقت لا اعتقد إن اغلب فئات الاتجاه الرابع وهو اطلقنا عليه السلفية الجديدة، تؤمن بأي تجديد أو إصلاح حقيقي للفكر الديني و للخطاب الديني، أو على الأقل إن فكرة الإصلاح والتجديد لديها، تستند إلى مفهوم الماضوية الجديدة أو أيدلوجيا تاريخية القائمة على فكرة، " لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها " .
وفي النتيجة يبدو انه لا بد من تفكيك الفكر الديني والخطاب الديني من جديد، حتى نفهم بنيته جيدا وتاريخ تشكله، حتى نستطيع فهم مكامن الخلل والتناقض به، ونستطيع الحديث عن خطاب ديني جديد او اصلاحي، وهو ما سوف نحاول القيام به، في الاجزاء اللاحقة من هذه المقالة .
_____________________________________________________________
• ملاحظة النصوص المقتبسة من مقالات والدراسات الكتاب أعلاه قد تم التصرف بها مع محاولة عدم الأخلال بالفكرة العامة لها وذاك حتى تتناسب مع مسارات المقالة .



#نضال_الابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة العربية بين صراع العقيدة والقبلية
- بوكو حرام - قراءة في الجذور
- المحتوى الالكتروني العربي على شبكة الانترنت
- مقدمة في القانون الدولي الإنساني
- اردوغان وأحلام العثمانيين الجدد
- الأردن دولة لا علمانية ولا دينية
- الخلافة على منهج النبوة - العقيدة والحقيقة
- بني اسرائيل - التاريخ والأسطورة
- - العقل وعقل النص القرآني -
- فوضى مفهوم - الشرعية - ما بعد الربيع العربي
- القومية العربية - السقوط الاخير
- السفر الثاني ... من كتاب غير مقدس
- السفر الاول ... من كتاب غير مقدس
- لماذا نريد دولة علمانية
- لاهوت القوة وتجسده في الدولة
- الصراع على سوريا
- التباس الهويتين الاردنية و الفلسطينية الجزء الاول - ارتسامات ...
- الاخوان المسلمين وهواية الصيد في البحر الميت
- في مفهوم - ثقافة احترام القانون -
- وهم الدولة الاسلامية


المزيد.....




- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الابراهيم - تجديد الخطاب الديني وما بعد تجديد الخطاب الديني - الجزء الأول -