محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4909 - 2015 / 8 / 27 - 13:32
المحور:
الادب والفن
يجيئون من البؤر الاستيطانيّة المنتشرة داخل سور المدينة. يجلسون في السوق المسقوفة وعلى رؤوسهم قبّعات صغيرة سوداء. يرتّلون مقطوعات دينية، ثم يصمتون ويأكلون خبزاً يابساً. وفي فضاء السوق رطوبة. أحدهم يهرش لحيته وهو يتفحّصها باهتمام. وعلى مسافة أمتار، يجلس صاحب المطعم المقدسيّ. مطعمه خال من الزبائن، ربّما لأنّ الوقت ليس وقت غداء أو عشاء، رائحة الفلافل تملأ المكان وصاحب المطعم مشغول البال، لأنه يخشى على مطعمه من مصادرة أو إغلاق..
وهم على الكراسي جالسون، تراتيلهم تندلع في الفضاء الشحيح. تأتي سوزان وفي يدها كتاب. تقف على مقربة منهم، تصغي إليهم وشعر لحاهم يترامى على صدورهم. تدلف إلى المطعم، تهبط خمس درجات نحو الأسفل وتختار طاولة قريبة من الباب، يقدّم لها النادل أقراص فلافل وصحن حمّص ، تأكل الطعام ببطء وهي تتصفّح الكتاب.
تغادر المطعم بعد نصف ساعة، والتراتيل لا تتوقّف إلا عند الساعة العاشرة ليلاً، وصاحب المطعم تلك الليلة لا ينام. صاحب اللحية الطويلة، المشغول بلحيته دائماً، كان يعاني من إرهاق، حشر لحيته تحت الغطاء ونام.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟