من خرافات واساطير التاريخ (5)

داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 4900 - 2015 / 8 / 18 - 18:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

{اصل الاكراد}
قال ابو حنيفة الدينوري : (وان الضحاك ، الذي تسميه العجم بيوراسف عندما كان من غلبته جم الملك وقتله اياه واطمئنانه في الملك وفراغه ، اخذ يجمع السحرة من آفاق مملكته ، ويتعلم السحر حتى صار فيه إماما ، وبني مدينة بابل ، وجعلها اربع فراسخ في اربعة ، وشحنها بجنود من الجبابرة وسماها (خوب) وسام اولاد ارفخشد الخسف ، ونبتت في منكبيه سلعتان كهيئة الحيتين ، تؤذيانه حتى يطعمهما ادمغة الناس فتسكنان . قالوا : فكان يؤتى كل يوم باربع رجال جسام فيذبحون وتؤخذ ادمغتهم فيغذى بها تانك الحيتان . وكان له وزير من قومه ، فولى وزارته رجلا من ولد ارفخشد يسمى ارميا ييل ، فكان اذا أتي بالرجال ليذبحوا استحيا منهم اثنين ، وجعل مكانهما كبشين من الغنم ، وامر الرجلين أن يذهبا حيث لا يوجد اثرهما ، فكانوا يصيرون الى الجبال ، فيكونون فيها ولا يقربون القرى والامصار ، فيقال إنهم اصل الاكراد ) ! . ( ابو حنيفة الدينوري ، الاخبار الطوال ص 37- 38 ، دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة الاولى 2001 بتحقيق الدكتور عصام محمد الحاج علي ) .
وهنا نعتقد فيمن وضع هذه الرواية عدة اعتقادات :
1- من اوحى لهذا الرجل بان الحيتان التان نبتتا على منكبيه هما يتغذيان على ادمغة الرجال وليس على غير ذلك ، بحيث قد استبدلتا بادمغة الكباش وتم الغرض . ثم الا يوجد اطباء في ذلك العهد حتى يعالجون الرجل وينتهي الامر .
2- هل يعني ان واضع هذه الرواية انه اراد ان يمدح او يجعل منقبة لأولاد ارفخشد ولا سيما ارمياييل ، على انه فعل شيئا ما لم يستطع ان يفعله احد من قبله ، حيث انقذ بعض الناس من محنة الذبح مما تسبب في نقصانهم الرجال . ثم ان الراوي لم يذكر لنا كم ذبح من الرجال على هذه الحالة ، وكيف ان الناس يذبح فيهم الرجال تلو الرجال وهم ساكتون ؟ هل هم حيوانات او جبناء ام ماذا ؟ .
3- هؤلاء الرجال الذين اختفوا في الجبال من اين يأكلون ومن اين يشربون وكيف ينامون ، وقد امرهم الوزير ان لا يواروا وجوههم الناس والعيون . ثم الا يسمع هذا الرجل الطاغية بخبر هؤلاء الرجال الذين كثر عددهم ؟ اواليس له اجهزة امنية ومخابرات او شرطة ليخبروه بخبر هؤلاء . وحتما ان الطاغية له العديد من العيون ومن المتملقين والنفعيين وسواهم ، وكل هؤلاء لم يعلموا بخبر الرجال الذين تحصنوا بالجبال وكونوا قومية لا زال صداها الى اليوم ، وهم متواجدون باعداد كثيرة في العراق وايران وسورية وتركيا وبقية الدول الاخرى .
4- ثم ان واضع هذه الرواية ماذا اراد من ورائها ؟ هل يريد ان يمدح الاكراد ام يذمهم ؟ بأن اصلهم من بقيايا الرجال الذين من عليهم الوزير فكونوا اصل القومية الكردية . هذا السؤال موجه الى الاكراد على وجه الخصوص وبقية الناس على وجه العموم . لكنني متيقن بان الرواية هي من الخرافات والاساطير العجيبة .

#داود_السلمان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات