أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - السُّوعاجي *














المزيد.....

السُّوعاجي *


ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 4888 - 2015 / 8 / 5 - 02:09
المحور: الادب والفن
    




كان بينهما فارقٌ كبير في السن، وكانا يشتغلان في إصلاح الساعات. أحدهما رجل تجاوز عتبة الستينات، والآخر في عقده الرابع. لم يكونا من سكان المدينة وإنما يَقْدِمانِ إليها من مدينة أخرى، أو بالأحرى من سوق آخر.
في يوم الثلاثاء، وهو اليوم الذي ينعقد فيه السوق الأسبوعي الكبير، الذي يقْدمُ إليه الباعة والزبائن من كل نواحي المدينة وهوامشها، وكذلك من مدن أخرى. ابتداءً من كل بواكر هذا اليوم المشهود، كان يجلس الرجلان إلى طاولتين غير متباعدتين عن بعضهما، على الرصيف الثاني من الطريق المؤدي إلى مقر انعقاد السوق، يسار المركز القديم للبريد. ولا يرفعان رأسيهما عما يشتغلان على إصلاحه من ساعات يدوية أو جِدارية، أو ساعات التنبيه ذات النواقيس القوية الجرْسِ، والتي يتحرك في واجهتها رأس دجاجة وكأنها تنقر الحبوب مع كتاكيتها الصغيرة.
ينهمكان في معالجة الساعات، مستعملَين في ذلك مفكَّات براغي دقيقة، وكمّاشات متناهية الصغر. وللتعامل مع الأجزاء الدقيقة للساعات، يستعينان بمكبِّرة ذات عدسة واحدة، يُثبِّتانها أمام عينهما بواسطة عظمة حاجب العين ومِحجرها. وكلما أزالا بُرغِيًّا من أي ساعة، يضعانه على قطعة مغناطيس ليلتصق بها فتسهل العودة إليه.
لا يتكلمان كثيرا مع الزبائن، فنهارُ السوق جدُّ قصير، وعليهما معالجة مشغولاتهما بسرعة وقبل الأصيل الذي سيعود فيه كل واحد من رواد السوق من حيث أتى، قبل أن تظلم الدنيا ويصعب العثور على وسيلة نقل.
يتسلَّمان الساعات، ولا يسلِّمان مقابلها أي وصل أو وثيقة تضمن حق الزبون إن ضاعت بضاعته. في مثل هذه الحالات وفي ذلك الزمن الصافي، يرتبط الزبون ب "لمعلَّم" برباط الأمانة والشرف والنخوة والرجولة. وإن حدث وضاعت البضاعة، فمن العيب أن يفكر الزبون في طلب التعويض.
ولشدَّة الطلب على خدماتهما من قِبل رواد السوق أو سكان المدينة، يكون الزبون مرغما على انتظار أسبوع كامل ليتسلم ساعته. أو قد يضرب له "مْعَلَّمْ" الساعات موعدا قريبا في سوق آخر من أسواق الضواحي، كسوق الخميس أو سوق الأحد.
أين هما الآن؟ الله أعلم...

-----------------
*السوعاجي : مُصلح الساعات.



#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمات عابرة
- الشارع الرتيب
- 3 قصص قصيرة جدا
- زيفُ المساء
- من الذاكرة
- ثقافة -كافي كريم-
- كلمات(7)
- كلمات 6
- نتمنى أن تكون صحوة ضمير:
- كلمات (4)
- كلمات3
- مدن الضباب 3/3
- مدن الضباب 2
- لمن تُفرش السجاجيد الحُمر؟؟؟
- مدن الضباب
- رجُل الإحصاء
- العرس14
- العرس13
- العرس12
- العرس 11


المزيد.....




- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - السُّوعاجي *