أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بير رستم - ثقافة الخوف .. وإمبراطورية الدم. (الحلقة الأولى).















المزيد.....

ثقافة الخوف .. وإمبراطورية الدم. (الحلقة الأولى).


بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)


الحوار المتمدن-العدد: 4884 - 2015 / 8 / 1 - 15:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تخبرنا الدراسات الأنثربيولوجية (علم الإنسان) بأن التاريخ البشري وظهور الكائن الذي سوف يعرف فيما بعد بالآدمي أو الإنساني والبشري يعود إلى ما قبل مائتي ألف عام حيث تقول بعض تلك الأبحاث والدراسات الحديثة؛ "أدى اكتشاف حفرية لعظام الفك بها خمس من الأسنان السليمة يرجع عهدها إلى 2.8 مليون عام عثر عليها في صحراء بأثيوبيا إلى ان يزيح إلى الوراء فجر ظهور الجنس البشري نحو نصف مليون عام. قال العلماء .. إن هذه الحفرية تمثل أقدم أثر معروف يمثل الجنس البشري (هومو) ويبدو انها لنوع لم يكن معروفا من قبل ينتمي للمراحل المبكرة من سلالة النسب البشري. أما النوع الحالي لانسان العصر الحديث وإسمه العلمي (هومو سابينس) أي الانسان العاقل فلم يظهر إلا منذ 200 ألف سنة في أعقاب سلسلة من مسيرة التطور لنفس الجنس. وحتى الآن فان أقدم آثار معروفة للجنس البشري يرجع عهدها من 2.3 الى 2.4 مليون سنة وهي للجنس البشري (هومو هابيليس) أي الانسان الماهر"(1).

بما معناه؛ إننا كجنس بشري قد إنفصلنا قبل مائتي ألف عام عن مملكة الحيوان لنؤسس كياناً إجتماعياً ومملكة منفصلة مستقلة تقوم على الجنس الآدمي وبكل تأكيد لم يكن هناك، حينذاك، فوارق كبيرة بين الإنسان والحيوان وبين مملكتيهما؛ مملكة الحيوانات وتلك التي أنفصلت عنها لتكون لبني البشر .. وبكلمة أخرى؛ نستطيع القول: بأن الإنسان أيضاً كان في حالة توحش حيواني وإن وحشيته لم تكن لتقل عن وحشية الكائنات الأخرى، إن لم نقل بأن وحشيته ربما فاقت وحشية تلك الحيوانات المفترسة؛ كون الأخير يقتل ليستمر بالحياة بينما "الإنسان" بدأ بالقتل ليسيطر على الآخر والطبيعة معاً .. وإن أسطورة هابيل وقايين (قابيل) على مستوى الرمز والدلالة يمثل الواقع الإنساني ذاك بكل أبعاده الدراماتيكية.

وإن ذاك الإنفصال بين المملكتين يدوم إلى ما قبل عشرة آلاف سنة، وتشهد خلالها بعض التحولات الكبرى في مملكة البشر؛ وأعظمها وأجلها تكون بإكتشاف النار حيث تخلق الثورة الكبرى في التاريخ الإنساني. لكن ورغم ذاك الإكتشاف العظيم للنار فإن الحياة الفكرية والثقافية لن تعرف تحولاتها الكبرى إلا خلال العشرة آلاف عام الأخيرة وحيث إكتشاف الكتابة والرسومات والآلهة "الأصنام" والتي تعود إلى ما قبل ستة آلاف عام قبل الميلاد حيث ستكون معها النواة الأولى للفكر الإنساني وقضايا الطقس الديني والعبادات وتقديم القرابين لتلك الآلهة المخلوقة.

وهكذا وعندما نقف على مسألة تقديم القربان البشري للآلهة وبعيداً عن الطقس الديني اللاهوتي وقضايا العبادات، بل الوقوف على الظاهرة من الجانب الإجتماعي السوسيولوجي والأخلاقي، فإننا سنجد بأن القضية ليست قضية صراع في الوجود، بل هو صراعٌ على الوجود؛ بمعنى أن القضية _أي قضية قتل الآخر_ إنتقل من الصراع الحيواني البدائي للإستمرار في الحياة إلى الصراع على الحياة بحيث بات الأقوى يقدم الضعيف قرباناً للآلهة الصنمية في سبيل وغاية السيطرة على الوجود والطبيعة وضمناً حياة الآخرين من الجنس البشري وبالتالي إخضاعهم لإرادته وسلطانه وفي سبيل ذلك كان لا بد من وجود قوة عنفية قاهرة تجبر الضعيف على الرضوخ لتلك الإرادة والسلطة. وهكذا فإن ظاهرة العنف في مملكة الحيوان أخذت شكلها الأعنف والأقسى في مملكة البشر حيث في الأولى كانت على مستوى الإستمرار في الوجود والحياة، بينما في الثانية أخذت تؤسس للسيطرة على الحياة والوجود ذاته.

إذاً .. ظاهرة العنف والقتل هي ظاهرة قديمة تعود إلى بدايات الوجود البشري، إن كان في مملكة الحيوان أو مملكة البشر وقد جسدت تلك الظاهرة على مستوى الفعل الإنساني في تقديم القرابين أو الصراع على الوجود وقد تمظهرت وتجسدت ظاهرة العنف والقتل على مستوى الوعي الإنساني الأسطوري كذلك، ففي قصة قتل قايين (قابيل) لأخيه هابيل _كما أسلفنا_ نجد الظاهرة بكل تجلياتها ومعانيها الفلسفية والدلالية حيث الصراع هنا ليس بدافع غريزة البقاء الحيواني، بل بدافع السيطرة والهيمنة على الآخر والتي سوف تجد تعابيرها في صراع الإنسان والحضارات ضد الآخر ومملكاتهم وقبائلهم وحضاراتهم ولتكون القاعدة الحضارية التي تؤسس للعنف على المستوى الأخلاقي والثقافي للمجتمعات البشرية وعلى عكس ظاهرة القتل لدى الحيوانات والقائمة على غريزة الجوع والإستمرار في الحياة حيث ستأخذ ظاهرة القتل في المجتمعات البشرية بعدها الفلسفي العقائدي مع الأديان والحضارات التالية.

وهكذا سيكون الإسلام جزءً من سلسلة العنف الدموي في التاريخ البشري حيث ومن خلال قراءاتنا وبحثنا في أمهات الكتب القديمة _والتي سوف نقف عند بعض ملامحها في هذه الدراسة_ سنجد حجماً مرعباً من العنف والقتل والدمار ليس فقط كتعبير عن واقع مجتمعي قبلي متصارع، بل كجزء من منظومة أخلاقية وثقافية لتلك المجتمعات المتوحشة _وللأسف_ ولتصل إلى درجة أن يقول صاحب الرسالة وبما معناه؛ أن قتل الكافر أفضل من العبادات حيث ورد في الحديث النبوي: جاء أحد المؤمنين إلى الرسول (ص) وقال: من الأفضل؟ قال: مؤمنٌ يجاهد بماله ونفسه في سبيل الله، قال: ومن بعده؟ قال: مؤمنٌ يتعبد في وادٍ.."(2). وكذلك وبخصوص هذه الظاهرة _ظاهرة العنف والقتل و(الجهاد)_ يقول "ابنُ تيمية: (إن الجهاد أفضل من الحج والعمرة ومن التعبد في المسجد الحرامِ الذي تعدلُ الصلاة فيه مائةَ ألف صلاة في غيره من المساجد) (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ . يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ) (التوبة:19-21)"(3).

ويضيف المصدر السابق ((قال شيخ الإسلام: (وكذلك اتفق العلماء ـ فيما أعلم ـ على أنه ليس في التطوعات أفضل من الجهاد. فهو أفضل من الحج، وأفضل من الصوم التطوع، وأفضل من الصلاة التطوع والمرابطة في سبيل الله أفضل من المجاورة بمكة والمدينة وبيت المقدس حتى قال أبو هريرة رضي الله عنه: لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلي من أن أوافق ليلة القدر عند الحجر الأسود. فقد اختار الرباط ليلة على العبادة في أفضل الليالي عند أفضل البقاع، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقيمون بالمدينة دون مكة، لِمَعَانٍ منها أنهم كانوا مرابطين بالمدينة فإن الرباط هو المقام بمكان يخيفه العدوُ ويخيف العدوَ. فمن أقام فيه بنية دفع العدو فهو مرابط، والأعمال بالنيات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ» رواه أهل السنن وفي صحيح مسلم عن سلمان، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا أُجْرِيَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ» يعني منكرا ونكيرا. فهذا في الرباط فكيف الجهاد؟) ج 28))(4).

وبالعودة إلى التاريخ عموماً وتحديداً الإسلامي منه، فإننا سوف نجد المئات _إن لم نقل الآلاف_ من تلك الشواهد والمجازر التي تؤكد على تلك القضية في قمع الإنسان للإنسان وإلغاءه وقتله وسحله وخاصةً بعد أن أصبح للمسلمين جيوشهم ومقاتليهم وبالتالي العمل على تأسيس نواة إمبراطورية مترامية الأطراف؛ حيث سيتخلى محمد عندئذٍ عن الحالة الدعوية والتبشيرية بالكلمة الطيبة والأقرب إلى تبشير الإنجيل كما كانت معمول بها في الأيام والسنوات الأولى للدعوة بمكة وليكون أقرب إلى إله الحرب اليهودي التوراتي الموسوي. لكن وقبل أن نبحث في هذه المسألة؛ العنف في الإسلام، نعود ونؤكد بأنها لم تكن سمة خاصة بالإسلام وحدها، بل إن ثقافة القتل وإلغاء الآخر هي سابقة للإسلام _كما رأينا_ حيث غريزة الوجود والبقاء ومن ثم السيطرة والإمتلاك والسيادة كانت وراء ثقافتنا المتوحشة في قتل قايين لهابيل والتي ما زالت مستمرة إلى تاريخنا المعاصر وحيث التكفير والإرهاب العالمي.

الهوامش:
1- موقع رويترز العربي، مقالة بعنوان "إكتشاف حفرية يزيح للوراء تاريخ ظهور الانسان نصف مليون عام" للكاتب (ويل دانام).
2- رياض الصالحين، ص320.
3- موقع ملتقى الحديث، مقالة بعنوان "نصيحة للمجاهدين في سبيل الله" لـ(أبو عبد الرحمن إبراهيم البغدادي).
4- المصدر السابق.



#بير_رستم (هاشتاغ)       Pir_Rustem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغترب والتطرف الديني.؟!!
- إبراهيم محمود.. يستحق أكثر من (راتب تافه)!!.
- تركيا .. والمنطقة العازلة!!
- حل المسألة الكوردية ..يعني إستقرار منطقة الشرق الأوسط!!.
- الإسلام .. والعنف!! الحلقة الثانية عشر والأخيرة: إكتمال دائر ...
- مفاهيم وقضايا (5) الإسلام .. والمرأة.
- مفاهيم وقضايا (4) الإسلام .. والإرهاب.
- نهاية حقبة الديكتاتوريات
- مفاهيم وقضايا (3) الإسلام.. والمقدس!!
- الإسلام .. والعنف!! الحلقة الحادية عشر: تتمة الدخول إلى مرحل ...
- مفاهيم وقضايا (2) الإسلام.. واللغة.
- الإسلام .. والعنف!! الحلقة العاشرة: الدخول إلى مرحلة العنف.
- مفاهيم وقضايا/ الله؛ هو وحده.!!
- الحريات الفردية .. هي الأساس لتحرر مجتمعاتنا!!
- لإسلام .. والعنف!! الحلقة التاسعة: تتمة بدايات مرحلة العنف.
- الإسلام .. والعنف!! الحلقة الثامنة: تتمة بدايات مرحلة العنف.
- الإسلام .. والعنف!! الحلقة السابعة: بدايات مرحلة العنف.
- الإسلام .. والعنف!! الحلقة السادسة _ تتمة مرحلة الجسر أو الإ ...
- قراءة .. في قضية التمديد الرئاسي.
- سوريا .. وتعدد المسارات والخيارات!!


المزيد.....




- “يا بااابااا تليفون” .. تردد قناة طيور الجنة 2024 لمتابعة أج ...
- فوق السلطة – حاخام أميركي: لا يحتاج اليهود إلى وطن يهودي
- المسيح -يسوع- يسهر مع نجوى كرم وفرقة صوفية تستنجد بعلي جمعة ...
- عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي
- عصام العطار.. أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في سوريا
- “يابابا سناني واوا” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ال ...
- قائد الثورة الاسلامية: العمل القرآني من أكثر الأعمال الإسلام ...
- “ماما جابت بيبي” التردد الجديد لقناة طيور الجنة 2024 على الن ...
- شاهد.. يهود الحريديم يحرقون علم -إسرائيل- أمام مقر التجنيد ف ...
- لماذا يعارض -الإخوان- جهود وقف الحرب السودانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بير رستم - ثقافة الخوف .. وإمبراطورية الدم. (الحلقة الأولى).