|
الإتفاق النووي بين الولايات المتّحدة و إيران : حركة كبرى لقوى رجعيّة ... لا شيء جيّد بالنسبة للإنسانيّة
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 4875 - 2015 / 7 / 23 - 01:34
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الإتفاق النووي بين الولايات المتّحدة و إيران : حركة كبرى لقوى رجعيّة ... لا شيء جيّد بالنسبة للإنسانيّة لاري أفراست جريدة " الثورة " عدد 396 ، 20 جويلية 2015 Revolution Newspaper | revcom.us http://revcom.us/a/396/u-s-iran-nuclear-deal-en.html
يدّعى أوباما أنّ الإتفاق النووي مع إيران إتّفاق يخصّ السلام . وهو ليس كذلك . من الجانبين ، الإتفاق دفعت إليه الحاجيات و الفرص المرتآت لقوّة عظمى غضطهاديّة عالميّة ( الولايات المتّحدة ) و لقوّة إضطهادية إقليميّة ( إيران ). و ترى الولايات المتّحدة إدماج إيران كقوّة إستقرار فى منطقة حيث تواجه إمبراطوريّة الولايات المتّحدة تهديدات أكيدة ( مثل داعش ) فى وقت تواجه فيه أيضا تحدّيات متصاعدة من منافسين حول العالم هما روسيا و الصين . و بالنسبة لحكّام جمهوريّة إيران الإسلاميّة ، يتعلّق الأمر بكسب إعتراف الولايات المتّحدة و جعل النظام الإيراني مستقرّا إزاء سخط داخلي و توسيع دورها كمضطهِد فى المنطقة . لا وجود لشيء فى الإتفاق من الجانبين أو فى حجج المعارضين للإتفاق دعاة الحرب فى الولايات المتحدة أو فى إيران ، يخدم مصلحة الغالبيّة العظمى من الإنسانيّة . يوم 14 جويلية ، أنهت الولايات المتّحدة و قوى عالميّة أخرى إتفاقا نوويّا شاملا مع جمهوريّة إيران الإسلاميّة . و هذا حدث جلل . إستغرق التوصّل إلى صياغة الإتفاق أشهر عدّة فى خضمّ مفاوضات عسيرة و حادة . و محور الإتفاق هو برنامج إيران النووي إلاّ أنّه يمثّل أضا حركة إستراتيجية كبرى – و مخاطرة كبرى – من قبل الولايات المتحدة و إيران لمعالجة التحدّيات المتصاعدة التى يواجهها كلّ منهما على عديد الأصعدة فى منطقة و عالم متغيّرين بسرعة . ( و القوّة العالميّة الأخرى التى كانت جزءا من المفاوضات – الصين و روسيا و ألمانيا و فرنسا و بريطانيا – لكلّ منها دوافعه الخاصة فى مساندة الإتفاق ). و كيفيّة تطبيق هذا الإتفاق بعيدة عن أن تكون يقينيّة ، بما فى ذلك كيف سيكون ردّ فعل قوى دوليّة و قوى سياسيّة أخرى عليه لكن يبدو أنّ تبعاته ستكون بعيدة المدى و من الممكن أن تكون غير متوقّعة فى منطقة الشرق الأوسط وعالميّا . جوهر الإتفاق هو التالي : = ستقوم إيران حسب ما يقال بتحديدات و تغييرات كبرى فى برنامجها النووي . و تشمل هذه التغييرات تعهّد تخصيب الأورانيوم أعلى من 3,97 بالمائة نقاوة ، وتقليص مخزونها الحالى من الأورانيوم القليل التخصيب 98 بالمائة و تقليص مراكز تخصيب الأورانيون بثلثين و إعادة هيكلة المحرّكات المفاتيح . و تخضع إيران أيضا إلى مراقبة و توصيات و تفتيش مستمرّ لمواقعها النوويّة و من المحتمل لمواقع أخرى عسكريّة و بحثيّة لسنوات قادمة ( عمليّات التفتيش لا يمكن أن تقبل بها أيّة وجوه سياسيّة أمريكيّة أبدا إنّ طبّقت على البرنامج النووي للولايات المتّحدة الأمريكيّة ! ) . = و بالمقابل إتفقت الولايات المتّحدة و ألمانيا و بريطانيا وفرنسا و روسيا و الصين على رفع العقوباتالإقتصاديّة و الماليّة المتّصلة بالطاقة النوويّة و المفروضة منقبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة و الإتحاد الأوروبي ضد إيران إذا طبّقت بنود الإتفاق . ( قال أوباما إنّه يمكن " إعادة فرض العقوبات " متى قرّرت الولايات المتحدة و حلفاؤها أنّ إيران خرقت الإتفاق ). و لأوّل مرّة ، قبلت الولايات المتّحدة والقوى العالميّة الأخرى ، شكليّا ، حقّ إيران فى برنامج غير عسكري لتخصيب الورنيوم للحصول على الطاقة و إنتاج الأدوية إلخ ). و يوفّر الإتفاق لجمهوريّة إيران الإسلامية مستوى من الإعتراف من قبل الولايات المتّحدة بشرعيّتها وهو أمر رفضا الولايات المتّحدة القيام ه لعقود ،ويفتح المجال لإمكانيّة مزيد الإتفاقيّات مع الإمبريالية الأمريكيّة و لاعبين عالميين آخرين فى المستقبل . تفكيك هراء أوباما التضليلي : عندما أعلن عن الإتّفاق ، زعم الرئيس أوباما أنّه سيمنع إيران من " الحصول على السلاح النووي " و أنّه " قد أوقف إنتشار الأسلحة النوويّة فى المنطقة " و أنّه قد خفّف بشكل كبير " فرصة إندلاع المزيد من الحرب فى الشرق الأوسط ". و قال إنّ هذا كان ممكنا " لأنّ أمريكا كانت تفاوض من موقع قوّة و موقع مبدئي و " إنّ ذلك يبيّن أنّ " الدبلوماسيّة الأمريكيّة بوسعها أن تحدث تغييرا حقيقيّا و ذا مغزى- تغييرا يجعل بلادنا والعالم أكثر أمنا و سلاما " . أوّلا ، لنفكّك هرا أوباما التضليلي إعتمادا على بعض الحقائق الأساسيّة ثمّ نتعمّق أكثر : = لا يتعلّق الإتفاق بإنهاء خطر الأسلحة النوويّة أو النزاع النووي و لن يفعل ذلك . فإيران لا تملك أسلحة نوويّة . لكن الإمبرياليين الأمريكان يملكون – الآلاف من الأسلحة النوويّة – و بحوزة حليفها القريب ، إسرائيل ، المئات . هل تخّلت الإمبرياليّة الأمريكيّة و إسرائيل عن رأس نوويّة واحدة ؟ لا . هل يخضع كلاهما لعمليّات تفتيش و مراقبة و توصيات ؟ لا . فى الواقع ، على خلاف إيران ، رفضت إسرائيل أن تُمضي معاهدة الحدّ من الإنتشار النووي أو الخضوع لأيّ تفايش او مراقبة دوليين , كلّ من الولايات المتحدة و إسرائيل قد صرّحا مرارا و تكرارا بأنّ لهما الحق فى إستخدام القوّة العسكريّة فى أي مكان يرونه مناسبا . و فى الواقع ، إثر إعلان الإتفاق ، وضّح أوباما نقطة هي تهديد إيران بإستعمال القوّة العسكريّة فى حال قرّرت الولايات المتّحدة أنّها تخرق الإتفاق . = هذا الإتفاق يمكن أن يكون خفّف من إمكانيّة المواجة العسكريّة بين الولايات لمتحدة و إيران ، على الأقلّ الآن بيد أنّ الولايات المتحدة لا تزال تخوض الحرب و تدعمها – فى سوريا و العراق و اليمن و أفغانستان و فلسطين و الصومال – و أشكال أخرى من العنف المسؤول عن الموت و العذاب على نطاق واسع فى الشرق الأوسط و آسيا الوسطى . و تخطّط الولايات المتّحدة للرفع فى دعمها العسكري لإسرائيل و العربيّة السعوديّة – و كلاهما نظامان رجعيّأن و دعاة حرب – غداة الإتفاق النووي . = و الأهمّ هو أنّ الإتفاق لا يبيّن أنّ " الدبلوماسيّة الأمريكيّة يمكن أنتحدث تغييرا حقيقيّا و ذا مغزى " أو أن تجعل جماهير الشعب أكثر " أمنا و سلاما " . لا وجود لشيء جيّد بالنسبة للإنسانيّة فى أي سطر من أسطر هذا الإتفاق . إنّه إتّفاق بين الإمبريالية الرجعيّة و القوى العالميّة من جهة و قوّة رجعيّة إقليميّة من الجهة الأخرى . و هما تحاولان الحفاظ على النظام الإقتصادي – السياسي الراهن الذى يواجه كافة أنواع التحدّيات ، نظام يتسبّب فى البؤس و العنف و الحروب الكارثيّة التى يغرق فيها الآن الملايين من شمال أفريقيا عبر الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى : الرأسمالية العالمية و كذلك الأصوليّة الإسلاميّة الرجعيّة كما تتجسّد فى الأوتوقراطية الإسلاميّة الإيرانيّة . = و يتفاخر أوباما بأنّ هذا الإتفاق حصل لأنّ الولايات المتحدة تفاوض " من موقع قوّة و موقع مبدأ " . " القوّة "التى يحيل عليها أوباما هي هيمنة الولايات المتّحدة الإمبريالية العالمية الإقتصادية و العسكريّة ، التى سمحت لها و لقوى كبرى رجعيّة بخنق إقتصاد إيران بعقوبات و بتهديدها بصفة متكرّرة بالهجوم عليها . و " المبدأ " المعني هنا ليس أكثر من " القوّة تولّد الحقّ " . العقوبات الإقتصاديّة التى سلّطتها الولايات المتّحدة و الأمم المتحدة و الإتحاد الأوروبي على إيران لم تكن أبدا ببساطة تهدف إلى إيقاف البرنامج النووي الإيراني بل كانت تهدف لتعذيب و إغضاب الشعب الإيراني قصد إضعاف النظام الإيراني و إيجاد إطار للمفاوضات . و الكتل فى صفوف الطبقة الحاكمة الإيرانيّة كانت هي الأخرى تتبع أكثر مصالحها الخاصة . و قد عرقلت هذه العقوبات الإقتصاد الإيراني منتجة بطالة متفشّية و قاطعة واردات حيويّة منها الغذاء و الأدوية . و جرّاء ذلك لحق الضرر الشديد بملايين الإيرانيين و قد لاقى المئات و الآلاف حتفهم و لم يعلن عليهم . يمثّل إستهداف المدنيّين عقابا جماعيّا وهو جريمة ضد الإنسانيّة . هكذا تبدو" الدبلوماسيّة " الإمبريالية . = و كانت الولايات المتحدة تفاوض أيضا لأنّها تواجه تحدّيات عميقة جديدة – نقاط ضعف – منها منافسين عالميين أكثر هجوميّة و إنقسامات عميقة صلب نظام الولايات المتحدة و شرق أوسط يشهد غليانا و إخفاق فى جهود تواصلت لعقود لعزل جمهوريّة إيران الإسلاميّة و الإطاحة بها . وقد أفرز ما تسمّيه الولايات المتحدة " الحرب على الإرهاب " ( فى الحقيقة حرب من أجل الإمبراطوريّة ) وغايته إعادة تشكيل كامل المنطقة بالعنف ، كلّ انواع المشاكل الجديدة بالنسبة للإمبريالية الأمريكية . و بالرغم من كونها قوّة أصغر بكثير و قوّة إقليميّة أضعف أتت جمهوريّة إيران الإسلاميّة إلى طاولة المفاوضات بجملة من " أوراقها " الخاصة ( إنسجامها النسبي داخليّا ، نقاط قوّة فى المنطقة و علاقات دولية ) ، و كذلك تحدّيات جدّية منها إقتصاد عرقلته العقوبات و حملات مغلّفة و تهديدات عسكريّية من الويلاات المتّحدة و إسرائيل و العربيّة السعوديّة و سخط داخلي عميق حيال حكمها التيوقراطي الإضهادي . ما الذى يحاول الجانبان القيام به هنا ؟ ذودلالة هو هذا الإتفاق النووي فى حدّ ذاته بالنسبة للولايات المتحدة . فلا أحد يحاجج بأنّ إيران تملك أيّة أسلحة نوويّة . و تدّعى الولايات المتحدة و حلفاؤها أنّ إيران كانت تبحث عن أن تصنع أسلة نوويّة إلاّ أنّه لم يقع التدليل على ذلك أبدا . الأكيد هو أنّ تحدّى إيران لمطالب الولايات المتحدة بأن توقف برنامج تخصيبها للأورانيوم و إمكانية أن تتمكّن إيران من تطوير القدرة على البناء العملي لسلاح نووي ، كانا يهدّدان بعمق نظام الولايات المتحدة المهيمن على المنطقة حتّى عسكريّا . لذا هذا الإتفاق يحد هذا الإتّفاق بشكل كبير من قدرة إيران على مزيد تطوير برنامجها النووي فما بالك بصناعة قنبلة ( إن كانت أصلا تنوى صناعتها )، بموجب تخفيضات شديدة فى برنامج إيران لعلى الأقلّ سنوات عشر و عمليّا تفتيش أخرى قد تصل إلى أكثر من 25 سنة وهي من العمليّات ألكثر تدخّلا التى شوهدت أبدا . لكن الأهمّ من ذلك هو أنّ فريق أوباما يرى أنّ هذا الإتفاق النووي بداية عهد جلب إيران إلى " مجمع الأمم " كما عبّر هو نفسه عن ذلك ، و بكلمات أخرى ، إدماجها أكثر فى النظام العالمي و افقليمي اللذين تهيمن عليهما الولايات المتحدة . و إن تمّ لها ذلك ، و ثّمة شكّ فى ذلك ، ستتحوّل إيران من واحد من أكبر مشاكل الولايات المتحدة لفترة زمنيّة طويلة إلى بلد هام عالميّا ، يساعد أجندا الولايات المتحدة عوض أن يلحق بها الضرر. و بعد عقود من الشيطنة و العزل الدبلوماسي و السياسي ، يتمّ فعلا الإعتراف بإيران كدولة شرعيّة يقع التفاوض معها ، و يتمّ الإعتراف بحقّها الأساسي فى تخصيب الأورانيوم و برفع العقوبات ستسترجع إيران حوالي 100 مليار دولار من أموالها الخاصة المجمّدة ويُفتح أمامها واسعا الإقتصاد العالمي و لأسواق الماليّة . لهذا ، يصرّح حكّام إيران بأ،ّ الإتفاق إنتصار و قبول بموقفهم . لكن الإتفاق يعدّ بالنسبة للولايات المتحدة و حلفائها أيضا رافعة هامة فى محاولتها جلب إيران إلى دائرتها . اوّلا ، يسمح لها بإرساء جهاز حصول على معلومات إستخباراتيّة حول البنية التحتيّة الإيرانيّة و القدرات العسكريّة و هو أمر فى حدّ ذاته يشبه السيف المسلّط على رقبة إيران ( لأنّه يمكن أن يمكّن الولايات المتّحدة من ميزات عسكريّة هامة فى حال نشوب حرب ). و قد تقوّض التوصيات و التفتيش المذلّ أوراق إعتماد شرعيّة النظام كحصن من المقاومة للإمبريالية الأمريكية . لقد ورد فى جريدة " السياسة الخارجية " أنّ " نظرة أوباما كانت أنّ الإتفاق سيضعف قوّة طهران ليس بإستبعاد خيارها النووي و حسب بل كذلك بتقويض أوراق إعتمادها كقاعدة للكتلة المناهضة للغرب . بتخفيف العداوة مع طهران ، تستطيع الولايات المتّحدة كذلك أن تغيّر وضعها العسكري فى الخليج الفارسي ، الذى كان جزئيّا مدفوعا بالتهديد الإيراني منذ 1979 " ( 15 جويلية 2015 ). من أهمّ أهداف أوباما دفع إيران نحو دائرة الولايات المتّحدة و منع المنافسين كالصين و روسيا من القيام بغارات أخرى ( كانت الصين أبرز المثتثمرين فى مجال الطاقة الإيرانيّة ) ، و إدماج إيران كقّة إستقرار فى المنطقة ، فى زمن تعدّ فيه الولايات المتّحدة من أهمّ مشاكلها فى المنطقة التفكّك . و التعويل على قوى فى المنطقة عوض نشر القوّات الأرضيّة الأمريكيّة ،و إلحاق الهزيمة بالتهديدات الأكثر إلحاحا ( على غرار داعش ) ؛ و الأهمّ من كلّ هذا و ذاك القدرة على تمكين الولايات المتحدة من مرونة أكبر لمواجهة تحدّيات عالمية أكبر حتّى . ( مثلا ، قدّم الجنرال جوزين ف. دونفورد الإبن ، مرشّح أوباما لأن يكون الرئيس القادم للقيادات المشتركة لهيئة الأركان ، شهادة فى الكنغرس فى المدّة الخيرة بأنّ " السلوك الهجومي لروسيا و ذخيرتها النوويّة يجعلان منها التهديد الأكبر للأمن القومي الذى تواجهه الولايات المتّحدة " – " نيويورك تايمز" ، 9 جويلية 2015 ). " هذا المكسب ليس نهائيّا . إنّه قابل للذوبان بما أنّ القوى المناهضة له قوى ضخمة " : من السهل قول كلّ هذا و لكن منالصعب فعله و كيف ستسير أموراللإتفاق أمر بعيد عن أن يكون يقينيّا . لقد كتبت مجموعة السياسة الإمبرياليّة ، مجموعة الأزمة العالميّة ، بأنّ " مكسب الإتفاق النووي " ليس نهائيّا . إنّه قابل للذوبان بما أنّ القوى المعارضة له قوى ضخمة " ( 14 جويلية 2015 ). بداية ، يحاجج معارضو الإتفاق – فى الولايات التحدة و إسرائيل و العربيّة السعوديّة – بأنّ الشرعيّة و الموارد اللذين ستحصل عليهما الجمهوريّة الإسلاميّة بفضل الإتفاق قد يجعلانها تمثّل تحدّيا أكبر للنظام التقليدي فى المنطقة . و بذلك ، يقرّ هؤلاء المعارضين بالواقع غير المتحدّث عنه ألا وهو أنّ مجرّد تحديد برنامج إيران النووي لم يكن قطعا المسألة المحوريّة – هيمنة الولايات المتحدة على المنطقة و إستقرار حلفاء لها مفاتيح مثل إسرائيل و العربيّة السعوديّة و إيران تشكّل لهما تحدّيا جدّيا هما المسألة المحوريّة . و التحذير بأنّ أيّة محاولات لإصلاح النظام فى المنطقة أو تشجيع إيران فى وقت إضطراب هائل قد يكون كارثيّا . و يردّ أوباما بأنّه ببساطة يحاول الحفاظ على الوضع السائد فى المنطقة من الدعم غير المحدود للولايات المتحدة للأعمدة التقليديّة لهيمنتها – إسرائيل و العربيّة السعوديّة و مصر – و سلوك عدواني لا نهاية له تجاه إيران ( مع إمكانيّة حرب تخيّم فى الأفق ) من غير الممكن تواصله ، نظرا لإخفاق التدخّلات الكبرى للويلاات المتّحدة لفرض الإستقرار فى العراق أو أفغانستان ، و التمرّدات الجارية فى المنطقة ، و القوّة النامية لداعش و جهاديين سنّيين آخرين ، و الأهمّ حاجة الولايات المتحدة للتعاطى مع المنافسين العالميين ،و بوجه الخصوص روسيا و الصين . و فى نفس الوقت ، قد بيّنت إيران أنّها مستقرّة نسبيّا و تملك نظاما منسجما ( و قد تحدّث أوباما بقلب مفتوح عن إنشغاله بالإستقرار الويل المدى لبلدان مثل العربيّة السعوديّة و مصر ) و معها تتقاسم الولايات المتحدة مصالحا مشتركة فى المنطقة منها سحق داعش و الجهاديّين السنّيين و فرض الإستقرار فى العراق و معالجة الحرب الأهليّة فى سوريا . و فى نفس الوقت ، الوضع برمّته الذى لادّى إلى هذا الإتفاق غير مستقرّ جدّا و هناك و ستوجد نزعات و ضغو شديدة قد تفجّر الإتفاق . لجمهوريّة إيران الإسلاميّة حاجياتها و موحاتها الخاصة و رفع العقوبات قد يوفّر لها مجالا أوسع لجعل حكمها مستقرّا و للمناورة على النطاق العالمي نو ممارسة التأثير فى المنطقة . ( بعدُ تتحدث روسيا عن القدرة على إستئناف الإتفاقيّات مع إيران بشأن التقنية النوويّة والتجهيز العسكري ). هناك أخطار فى الإتفاق بالنسبة لجمهورية إيران الإسلامية أيضا . فالجمهوريّة الإسلامية التيوقراية وصلت إلى السلطة مدّعية أنّها معادية للولايات المتّحدة و مناهضة للإمبريالية و أنّ الإسلام يوفّر " طريقا ثالث " لا هو بارأسمالي و لا بالشيوعي . و كانت هذه الإدّعاءات خطابا ديماغوجيّا . لقد بيّنت الثورة الإسلاميّة فى إيران عدم قدرتها على إنجاز قطيعة مع النظام الرأسمالي العالمي – بما فى ذلك تبعيّة إيران لإنتاج النفط و مبيعاته . إنّ برنامج ورؤية ثورتهم الإسلاميّة لم يتجاوزا قط إيران شبه الإقطاعيّة التى تهيمن عليها الإمبرياليّة ،و إعادة التفاوض مع الولايات المتّحدة و قوى أخرى ، و فرض شكل ديني من الحكم و القوانين الإجتماعيّة . وهذا ضمن أشياء أخرى ، قد أملى إعادة هيكلة العلاقات السياسيّة / الثقافيّة مع الغرب ، و كذلك سياسات فى المنطقة تعارض مع أهداف الولايات المتحدة . و الآن و جمهوريّة إيران الإسلاميّة تنوى الإتفاق و التعاون مع الإمبرياليين الأمريكان الذين سبق و أن نعتتهم ب " الشيطان الأكبر " أمر فاضح و على مستوى جديد تماما ، هناك إنقسامات جدّية صلب الطبقةالحاكمة الإيرانيّة حول إنعكاسات الإتفاق النووي على الوضع الإيراني وعلى الحكم الإسلامي . فالبعض يخشى أنّه سيقوّض قوانين النظام و شرعيّته المنسجمين . و يشعر آخرون بمن فيهم الرئيس روحاني بأنّ الطريق الوحيد الذى يخوّل للجمهوريّة الإسلاميّة البقاء على قيد الحياة هو طريق كسر عزلتها الديلوماسيّة و الإقتصاديّة و مها تلك المتّصلة بالولايات المتحدة . وبينما تحاول إدارة أوباما أن تبقى حلفاءها على نفس الخطّ و تحافظ على الضغوطات على إيران بالرفع من الدعم العسكري لإسرائيل و العربيّة السعوديّة و التهديد بعقاب إيران لدعمها " الإرهاب " فى المنطقة ( أي دعم قوى مثل حزب الله فى لبنان الذى هو فى نزاع مع الولايات المتحدة و إسرائيل ). و بينما هناك تقارير تفيد أنّ الإسرائيليين و مسانديهم فى الولايات المتحدة سيشنّون حملة كاملة ضد الإتّفاق فى الولايات المتّحدة ، و تقارير تفيد بأنّ السعوديين يردّون الفعل بالتصعيد من حملتهم فى المنطقة ، عادة مخاضة عبر وساطات ( تشمل بعض القوى الجهاديّة السنّية التى يمكن فى النهاية أن تهاجم السعوديين أنفسهم ) ، ضد إيران . و هذا مثال آخر عن كيف أنّ كافة " الأجوبة " التى تقدّمها القوى افضطهاديّة فى مواجهة الصعوبات تخلّف بدورها بؤسا و فظائعا جديدين للشعوب ، و تطلق العنان لتناقضات جديدة فى صفوفهم أيضا . داخل الولايات المتحدة ، أدان الجمهوريّون الإتفاق بخطابات ذات نبرة فى منتهى العدائيّة و وعدوا بجلسات إستماع فى الكنغرس و من الممكن أن يسعوا إلى التصويت ضد الإتّفاق . و تعكس النبرة اللاذعة لهذه الإعتراضات من قبل قوى الطبقة الحاكمة ، خلافات حول السياسة الخارجيّة و كذلك تتداخل مع نزاعات أساسيّة و لمدّة طويلة فى صفوف الحكّام حول مجموعة كاملة من المسائل . ( من أجل تحليل دقيق للنزاعات صلب الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة فى هذه الفترة و كيفّية التصرّف على الركح من أجل القيام بثورة تحريريّة حقيقيّة ، أنظروا بوب أفاكيان ، " الحرب الأهليّة القادمة و إعادة الإستقطاب من أجل الثورة فى العصر الحالي " ). و الصراعات الجارية بين الولايات المتحدة و إيران ، بين الولايات المتّحدة و القوى العالميّة الأخرى المعنيّة بالمفاوضات و تواصل الإضطراب فى المنطقة ، و أعمال معارضي الإتفاق النووي ، مجتمعة تجعل الأمر فى غاية الخورة على الجانبين – و ينعكس هذا فى الصراع الشديد الحقيقي فى صفوف كلّ طبقة حاكمة . و هذا الصراع الشديد يزيد بدوره من إمكانيّة عدم الإستقرار و عامة يشير إلى واقع أنّ هذا الإتّفاق لن يؤشّر لإستقرار لمدّة طويلة فى الشرق الأوسط و فى العالم . و يؤكّد كلّ هذا واقع أنّ الذين يترأسون هذا العالم من الفظائع – فى الولايات المتحدة و إيران و البلدان الأخرى ، ليسوا شديدي القوّة . إنّهم يواجهون تناقضات صعبة المراس و ليست لديهم حلول جوهريّة للفظائع التى تسبّبوا فيها . و الثورة الشيوعية هي السبيل الوحيد للخروج من هذا الجنون و القيام بالثورة و فى أقرب وقت ممكن أمر ملحّ و كذلك هو القتال من أجل الثورة فى كلّ مكان بنشر الخلاصة الجديدة للشيوعية لبوب أفاكيان فى كافة أنحاء العالم ، و هذه الخلاصة الجديدة مكثّفة فى " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة – بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة " ( متوفّر بلغات سبع ) و على موقع revcom.us و ذلك قصد إيجاد قطب تحرّري آخر للإنسانيّة . وهناك حزبان طليعيّان فى كلّ من الولايات المتّحدة و إيران و هما يعملان من أجل الثورة الحقيقيّة : الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكية و و الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) . القيام بالثورة تحدّى جدّي و صعب لكن ممكن وهو الطريق الحقيقي الوحيد للتخلّص من " البدائل " التى يقدّمها حكّام الولايات المتّحدة أو حكّام جمهوريّة إيران الإسلاميّة .
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مدافعون عن الحكم الإستعماري الجديد - صحيفة - جينمينجباو - و
...
-
تقرير الأمم المتّحدة يكشف جرائم حرب الهجوم الإسرائيلي على غز
...
-
الحرب الأهليّة فى اليمن و مستقبل الخليج
-
إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية - الحزب الشي
...
-
عاشت اللينينيّة ! – بيكين 1960
-
الفائز فى الإنتخابات البرلمانية التركيّة : الأوهام الديمقراط
...
-
لتغادر الولايات المتحدة العراق ! الإنسانيّة تحتاج إلى طريق آ
...
-
نضال الحزب الشيوعي الصيني ضد خروتشوف : 1956 - 1963 - الفصل ا
...
-
مقدّمة كتاب - نضال الحزب الشيوعي الصيني ضد التحريفيّة السوفي
...
-
الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي- اللينيني – الماوي ) : عن
...
-
دون عمل نظري ، لا طليعة شيوعية يمكن أن تظلّ طليعة - الحزب ال
...
-
قتل فركهوندا جريمة فظيعة ( أفغانستان )
-
مقالات تحليلية لأحداث مصر و ليبيا و سوريا من جريدة - الثورة
...
-
الإنتخابات الإسرائيليّة البشعة - نزاعات محتدّة و تحدّيات جدي
...
-
12 سنة من غزو الولايات المتحدة للعراق خلّفت القتل و التعذيب
...
-
الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) :حرب
...
-
الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) : لل
...
-
بوب أفاكيان و ريموند لوتا يحلّلان إنتفاضات 2011 ( الفصل الأو
...
-
مقدمة كتاب - نصوص عن الإنتفاضات فى بلدان عربية من منظور الخل
...
-
- يا نساء العالم إتّحدن من أجل تحطيم النظام الإمبريالي و الأ
...
المزيد.....
-
العدد 609 من جريدة النهج الديمقراطي
-
“المستأجرين” بالاسكندرية تدعو لتأسيس فروع للرابطة.. والحكومة
...
-
العدد 610 من جريدة النهج الديمقراطي
-
بيان المجلس المحلي – فرع آسفي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
...
-
كلمة الحملة الوطنية لتحرير الأسير جورج عبدالله أمام السفارة
...
-
مسؤول روسي: الرأسمالية العدوانية أدت إلى عدم الاستقرار في عا
...
-
تصريح صحفي بالندوة الصحفية لتقديم نتائج المؤتمر الوطني 14 لل
...
-
بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي :كل الإدان
...
-
الحكم الإيراني في ورطة من صنعه منذ ساعة واحدة
-
ش??ي ئيسرائيل ب?س?ر ئ?ران و ناوچ?ي ??ژه??اتي ناو??است، د?ب?
...
المزيد.....
-
الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي
...
/ مسعد عربيد
-
أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا
...
/ بندر نوري
-
كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة
/ شادي الشماوي
-
الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة:
...
/ رزكار عقراوي
-
متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024
/ شادي الشماوي
-
الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار
/ حسين علوان حسين
-
ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية
/ سيلفيا فيديريتشي
-
البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية
/ حازم كويي
-
لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات)
/ مارسيل ليبمان
المزيد.....
|