عامان على 30 يونيو وسقوط حكم الاخوان

اسلام احمد

الحوار المتمدن-العدد: 4870 - 2015 / 7 / 18 - 20:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

انتخبت الرئيس محمد مرسي مثل كثيرين مضطرا حين انحصرت المنافسة بين شفيق ومرسي اعتقادا مني أن الأخير أقرب إلى الثورة وأن الإخوان بشكل عام أقرب إلى الوسطية والاعتدال ثم سرعان ما تبين لي أنني كنت مخطئا إلى حد كبير بل لا أبالغ إن قلت أنني ارتكبت بانتخابي لمرسي أكبر خطأ في حياتي إذ تبين أن جماعة الإخوان تنظيم عقائدي مغلق ومتشدد دينيا تسعى للسيطرة والتمكين من كل مؤسسات الدولة والمجتمع بعيدا عن أي مشاركة من القوى السياسية الأخرى , كما اتضح أنها تتبنى العنف منهجا للتغيير والأخطر أن ولاءها الأساسي للجماعة ولجهات خارجية وأنها تسعى لتحقيق مخططات أجنبية بالمنطقة لذا لم أتردد في تصحيح خطئي فبدأت بمعارضة ونقد حكم الإخوان وتحديدا منذ إصدار الإعلان الدستوري المحصن , وفي هذا السياق كتبت عشرات المقالات , نشرت كلها بجريدة البداية , لعل أخرها وأهمها مقال بعنوان (لماذا يتعين إسقاط الرئيس محمد مرسي؟) لخصت فيه الأسباب التي توجب إسقاط حكم الإخوان , كما ساهمت ميدانيا في توزيع استمارات (تمرد) وأخيرا شاركت في ثورة 30 يونيو التي شارك فيها ملايين يمثلون معظم الشعب المصري وقواه السياسية

ولا شك أن ثورة 30 يونيو مثلت لحظة فارقة في تاريخ مصر وأعطت الأمل في إمكانية تصحيح مسار ثورة 25 يناير التي انحرفت عن مسارها والعودة من جديد إلى المسار الصحيح إذ فضلا عن حالة التوحد التي جمعت كل مكونات الشعب المصري ضد حكم الإخوان فقد نصت إجراءات 3 يوليو على خارطة طريق واضحة تم على أساسها وضع دستور يعد من أفضل الدساتير في تاريخ مصر الحديث خاصة في باب الحقوق والحريات كما تم انتخاب الرئيس السيسي بعد أن حظى بتأييد كبير من جانب غالبية الشعب المصري باعتباره رجل المرحلة ومرشح الضرورة الذي سيستعيد للدولة هيبتها التي فقدتها وللمجتمع قوته وتماسكه

غير أن الرياح لم تأت بما اشتهت السفن إذ بعد انتخاب الرئيس تعرضت البلاد لموجة إرهابية جديدة تراجع على إثرها ملف الحوار والمصالحة في المجتمع كما قامت الدولة بحملة اعتقالات أمنية واسعة بموجب قانون التظاهر تم فيها القبض على كثير من شباب الثورة ومن ثم انفض تحالف 30 يونيو الذي أسقط جماعة الإخوان بعد أن خسر النظام الجديد كثير من مؤيديه (تحدث تقرير حقوق الإنسان الأخير عن انتهاكات جسيمة للحقوق والحريات واعتقالات عشوائية وتعذيب ووفاة داخل السجون فضلا عن حالات اختفاء قسري) , ومن جهة أخرى لم تشهد البلاد تقدما كبيرا في الملف الاقتصادي , صحيح أن العجلة بدأت في الدوران من جديد ولكن السياسة الاقتصادية المنتهجة اعتمدت على المنح والمساعدات العربية والاهتمام بالمشروعات القومية الكبرى التي تخدم كبار المستثمرين ورجال الأعمال مثل مشروع قناة السويس فضلا عن رفع الدعم تدريجيا عن السلع والخدمات بينما لم تشهد أحوال الفقراء ومحدودي الدخل تحسنا كبيرا وبالتالي ظلت العدالة الاجتماعية غائبة! , وفي سياق آخر تم المماطلة في إجراء الانتخابات البرلمانية في ظل ضعف وتشرذم الأحزاب السياسية فكانت النتيجة انفراد الرئيس بالسلطتين التنفيذية والتشريعية ما مكنه من إصدار قوانين قمعية مقيدة للحقوق والحريات تحت ذريعة مكافحة الإرهاب كان آخرها قانون (الإرهاب) ثم قانون (عزل رؤساء الأجهزة الرقابية)

المشهد بعد عامين من 30 يونيو يبدو مأساويا إلى حد كبير فالدولة في حالة حرب حقيقية مع إرهاب عابر للقارات يلقى دعما داخليا وخارجيا في ظل ضعف المجتمع وانقسامه وترهل الجبهة الداخلية , ولا سبيل لمواجهة الإرهاب ما لم يتمكن المجتمع من استعادة قوته وتماسكه مستعيدا الروح التي سادت في 30 يونيو , ما يفرض على الدولة اتخاذ إجراءات سياسية ملحة من شـأنها استعادة تحالف 30 يونيو فهل من مجيب؟

#اسلام_احمد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل