أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - القدس كما هي في المشهد اليومي9














المزيد.....

القدس كما هي في المشهد اليومي9


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 4863 - 2015 / 7 / 11 - 12:41
المحور: الادب والفن
    


الخميس 16 / 8 / 2007
دخلت مقهى باب العامود وكان الوقت عصراً، والمدينة تجثم صابرة متصبّرة تحت شمس آب.
والمقهى لا يشهد إلا قليلاً من الزبائن بسبب الحالة غير الطبيعيّة في القدس. وأنا أغادر المقهى بعد ساعة، لكي أتجوّل في أنحاء المدينة. أهبط نزلة باب العامود التي تملأها البسطات. بسطات عليها سلع من مختلف الأصناف، وباعة ينادون الزبائن لكي يشتروا سلعهم. وأنا أمضي نحو طريق الواد وأرى كيف تحوّلت أماكن كثيرة إلى محالّ للنوفوتيه، وإلى محالّ لبيع النثريات القادمة من الصين.
ولا ينتهي تجوالي في المدينة إلا بعد ساعتين، ويكون المساء قد اقترب، وطقس المدينة قد اعتدل وقلّت فيها حركة الناس. والمحالّ التجاريّة على وشك أن تغلق أبوابها، أو هي قد أغلقت أبوابها بالفعل.
والمدينة تستقبل الليل وهي مرهقة من ضجيج النهار.

الثلاثاء 28 / 8 / 2007
اقترح عليّ الدكتور سليم تماري أن أقرأ المخطوطة السابعة من يوميّات خليل السكاكيني، وأن أقوم بكتابة مقدّمة لها تمهيداً لنشرها في مجلّد جديد. رحّبت بالفكرة ووجدتها منسجمة مع مشروعي لمتابعة ما صدر وما يصدر حول القدس أو له علاقة بها.
ذهبت بعد الظهر إلى المكتبة العلميّة في شارع صلاح الدين. اشتريت كتابين حقّقهما سليم تماري وعصام نصّار عن القدس العثمانيّة والقدس الانتدابيّة، والكتابان هما يوميّات كتبها واصف جوهرية.
اشتريت الكتابين وتركتهما في المكتبة إلى حين عودتي من رياضة المشي التي قمت بها في شوارع المدينة. قطعت شارع صلاح الدين من أوّله إلى آخره. قطعت شارع الزهراء، ثم مشيت في شارع الرشيد واتّجهت إلى البلدة القديمة. جلست في مقهى باب العامود، ثم مشيت في أسواق البلدة القديمة وأنا أقول لنفسي: سأحفظ كلّ تفاصيلها، ولن أملّ المشي فيها.
أنهيت تجوالي في المدينة، وعدت إلى المكتبة. أخذت الكتابين وعدت إلى البيت وكان الوقت مساء.

السبت 8 / 9 / 2007
مشيت في شارع علي بن أبي طالب ثم انعطفت يميناً نحو شارع ابن خلدون الذي يمرّ من أمام المدرسة المأمونيّة للبنات. هذه المدرسة هي واحدة من أعرق مدارس البنات في القدس. أختي أمينة التي ماتت وهي في الحادية والعشرين من عمرها، كانت ترغب في إكمال دراستها في هذه المدرسة، ولم تتحقّق رغبتها بسبب نزعة المحافظة التي كانت تسيطر على أسرتي.
اجتزت المدرسة وأنا أحمل بعضاً من ملابسي الصيفية. اقتربت من المكوجي الذي يقع محلّه مقابل فندق ريتس. (الفندق مغلق بسبب كساد السياحة في القدس). أودعت الملابس لدى المكوجي، وانطلقت في تجوال دام ساعتين في شوارع المدينة وأسواقها. وصلت حتى آخر سوق العطّارين ثم عدت.
كانت المدينة تعيش لحظات ما قبل حلول المساء. لحظات مشوبة بشيء من البرودة التي تشي بخريف يتسرّب إلى أوصال المدينة في حياء.

الخميس 13 / 9 / 2007
ما زلت أقرأ مخطوطة المجلد السابع من يوميات خليل السكاكيني، تمهيداً لكتابة مقدّمة لها، ومن ثمّ لطباعتها ونشرها وتوزيعها بمبادرة من مؤسّسة الدراسات المقدسية التي أصدرت المخطوطات الست السابقة في مجلّدات.
دهشت من شدّة تعلّق السكاكيني بزوجته سلطانة. كم كان يحبّها! وكم كان قلقاً عليها أثناء مرضها! وكم تفجّع عليها بعد وفاتها! هذا رجل إنساني النزعة متفتّح العقل، واسع الاطلاع، عميق الثقافة، عقلانيّ متمرّد على السائد.
غير أنّ موت سلطانة ودفنها في مقبرة بالقدس دفعه إلى اتخاذ مواقف عدميّة غير عقلانية، وراح يعتبر الحياة عبثاً، ينطبق عليها ما قاله سليمان الحكيم: باطل الأباطيل الكلّ باطل. ثم راح يفكّر بتأليف كتاب عنوانه: "الحياة عبث فتعالوا ننقرض".
مع ذلك، فإنّ هذه النكسة الفكريّة لا تقلّل من أهميّة آراء السكاكيني التنويريّة بخصوص المدرسة الحديثة، واللغة، والفكر والمجتمع والدين. وحينما تظهر أفكار نيّرة على هذا النحو لرجل فلسطيني متحرّر في النصف الأوّل من القرن العشرين، فهذا يعني أنّ المجتمع الفلسطيني كان على قدر من التفتّح رغم تقليديّته الظاهرة آنذاك.
هذا يعني أيضاً، أنّ تشريد الشعب الفلسطيني من بلاده، ترك أثره السلبيّ على إمكانات النهوض التي كانت تتهيّأ لهذا الشعب لو أنّه لم يقع فريسة العدوان.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القدس كما هي في المشهد اليومي8
- القدس كما هي في المشهد اليومي 7
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 6
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 5
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 4
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 3
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 2
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 2
- القدس كما هي في المشهد اليومي/1
- القدس في السير والشهادات واليوميات
- القدس والنص السردي الغائب
- الفنان عادل الترتير/ البدايات كانت في القدس
- فنان مقدسي اسمه فرنسوا أبو سالم
- القدس والثقافة والتراتب الاجتماعي المقلوب
- القدس وتبدلات شارع صلاح الدين
- ثقافة معزولة في مدينة محاصرة
- تبدلات شارع الزهراء
- العمران وضواحي القدس الآن
- القدس الشرقية تذوي والغربية تزدهر
- مقاهي القدس التي تتناقص باستمرار


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - القدس كما هي في المشهد اليومي9