أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - عساكر الفصل الثاني عشر















المزيد.....

عساكر الفصل الثاني عشر


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4861 - 2015 / 7 / 9 - 12:43
المحور: الادب والفن
    


في الريف، بين الأشجار الخضراء والزهور الحمراء، كان المستشار الألماني شرومير (مير يعني بحر) يتحدث مع وزير خارجيته شروتير (تير يعني أرض)، حول الموقف الأحمر-الأخضر لألمانيا.
- حتمًا، الحروب نعمة ربانية لي، إن قامت بها الطبيعة، وإن قام بها الإنسان، حتى ولو قلت دومًا إنني ضدها، قال المستشار.
- صحيح، قال شروتير. أفكر في الفيضانات التي اجتاحت ألمانيا الشتاء الماضي، والموقف من الضحايا: تعويضهم، الذهاب عندهم لمشاطرتهم ألمهم، الوعود المستحيلة، بناء السدود، القناطر، وما لست أدري لاحتواء غضبهم من الطبيعة... مع ذلك، كان الغضب نافعًا لك، ارتفعت شعبيتك، وربحت الانتخابات. بفضلي كذلك، أخضر الخضر، لا ننس هذا، الطلاوة التي يحلم بها مواطنونا لما تنزع الطبيعة منهم كل أمل بالهدوء والابتهاج. رغم ذلك، كان الكل يعتبرك خاسرًا. ومع حرب الأمريكان التي على وشك الوقوع، والتي أعلنتَ موقفك المعارض لها بلا غموض، شعبيتك الهابطة أدنى ما يكون صعدت أعلى ما يكون.
- فلتحي الحروب، شروتير!
- أنا... أقول...
تردد وزير الخارجية، ثم:
- فلتحي كل الحروب، شرومير!
- ومع ذلك ليس كلها، ليس كلها.
- أتكلم عن الحروب القادمة، والتي يُعلن عنها في الوقت الذي تتدهور فيه شعبيتك.
- إذن ستكون حرب هناك كل شهر، كل أسبوع، كل يوم، لن يكون هناك لا شرومير ولا شروتير (تير:أرض).
- لن تكون هناك أرض بكل بساطة، علق القائد البيئي. وماذا سيفعل الخضر بعد ذلك؟
- لن يكون هناك خضر بما أن أرضًا هناك لن تكون.
- صحيح، هذه النقطة فاتتني.
- هذا شيء خطير لواحد من المريخ!
انفجر شروتير ضاحكًا:
- سكان المريخ الصغار الخضر هم نحن؟
- أنت، أنتم الخضر، ليس أنا، الاشتراكي... كي، الديمقراطي... طي!
- اجتماعي-ديمقراطي، شرومير، هل تسمح؟
- ولِمَ هذه "الهل تسمح"؟ أسمح، طبعًا أسمح. دعني أقل لك مَن أنا لمرة. ريفنا الألماني الغالي يلهمني، يؤثر فيّ.
- في أي وقت، سلام أم حرب؟
- دعني أقل لك ما أشعر به لمرة: في وقت السلم، وطز في شعبيتي.
- أنت تقول هذا بجد؟
تردد:
- لا، أنا لا أقول هذا بجد.
- أوف!
- أنا لا أريد منافستك في ميدانك.
- هل تعرف شرومير، عندما كنت صغيرًا، كنت معجبًا بالعنف الذي كان ينتشر حولي، إلى أن ذبح نازي كلبي الصغير لأنه كان أسود. لهذا أصبحتُ أخضر، اللون المعارض للأسود.
- ماذا تحكي شروتير، الأخضر هو اللون المعارض للأسود؟ بالأحرى الأبيض.
- لي الأخضر.
- كما تريد. تصور أنني عشت نفس الحادث مثلك. كان لكلبي الصغير المصير ذاته الذي كان لكلبك، لكن لأنه كان أبيض منقطًا بأسود. ولهذا أصبحت اجتماعيًا-ديمقراطيًا.
- أين الأسود وأين الأبيض في حزبك؟ سأل رئيس الخضر بدهاء.
- لا تمييز بينهما، ويا للحظ! إلا أن أبيضي إذا كان أخضر، خسرت المستشارية.
- وأنا، أنا ماذا في رأيك؟
- لما يكون الأسود لك أخضر، يكون الأخضر لي أصفر.
- ولماذا أصفر على وجه الخصوص؟
- لأن صينيين ألمان لا يوجد.
- وألمان ليلك، هل يوجد؟
- نعم، عندما يصبح أبيض حزبي أحمر.
- إذن، في رأيك، نحن لسنا على علاقة جيدة بالألوان.
- دعني أقل لك ما أفكر فيه لمرة. نحن لسنا على علاقة جيدة بأنفسنا، وأسوأ عندما تكون الطبيعة هي المعنية، سواء كانت في الحرب أم في السلم, ومع ذلك...
- ماذا؟
- المهم أن تستمر الحرب قليلاً، لتمر إصلاحاتي.
- لن تمر، إصلاحاتك، وهذا، أسود أم أبيض، أحمر أم أخضر، أنت تعرف جيدًا. إصلاحاتك تذبح العمال وطالبي العمل أكثر مما تفعله حرب، والمتقاعدين، والعمال على كافة أشكالهم.
- لا يمكنني أن أفعل غير ما أفعل، أنا مضطر لفعله، وأنت تعلم جيدًا الأسباب.
- أنا، أقول... –تردد شروتير قليلاً- نعم، أعرف، أفرغتَ صناديق الدولة لتعوض ضحايا الفيضانات، والآن تريد إفراغ جيوب الذين عوضتهم لتملأ صناديق الدولة. أنا لا أقول إنك على خطأ، لكن يجب معرفة العيش مع الواقع، بالتحالف مع سِلم الطبيعة وسِلم الإنسان. معرفة العيش، معرفة السير، وأنت، أنت لا تعرف العيش، لا تعرف السير.
- أنت تخريني شروتير بحججك الجاهزة! ضع نفسك في موضعي، وسترى ما يجلب لك سلم الطبيعة وسلم الإنسان من خراء!
استمر الحديث على هذا المنوال، مثقلاً بعض الشيء بالدُّعابة الألمانية. للمستشار، حرب ضد العراق أم غيره، إذا ما جعل النقابيون، شركاؤه الحق، عسيرة عيشته، قدم استقالته. قال له الآخر إنهم يسمونه السيد المستشار "كفى!" قدر ما يلوح بهذا التهديد دونما تنفيذ. والعكس تمامًا مما هو عليه سلوكه في مادة الزواج: عندما يختار زوجة جديدة، يتزوجها في الحال.
- لكني أمير كهل، قال المستشار الألماني، ليس كهلاً جدًا، وإنما أمير ألماني. أمير جمهوري. دعني أقل لك ما أحلم لمرة. أحلم بمملكة على رأسها رئيس، أو بجمهورية يحكمها ملك. هذا كزوجتي الأخيرة، لها بشرة بيضاء وشعر كستنائي. إنها أجمل غزو لي.
- أنا، أقول... أنا ضد النظامين، أريد القول كل الأنظمة ما عدا نظام الطبيعة.
- أتعرف ماذا، شروتير؟
- ماذا، شرومير؟
- فلتذهب إلى الجحيم!
- لا، كن مطمئنًا، أنا لن أتخلى عنك.
- فلتذهب إلى الجحيم، صاح الآخر، لأنك تذكرني بأمي. أنا لا أريد أمومتك، أنت لست ماما، شروتير. أنا لا أريدك. بدأت لا أحتمل حججك الجاهزة، بدأت أرى الأسود أخضر، وقد طفح الكيل!
- وأنا أيضًا، معك، قد طفح الكيل! يا الله، سأترك الحكومة، بتستاهل!
ونهض.
- أنت تخريني عندما تركب رأسك.
- ها أنت تريد أن تكسب ولائي.
- هيا، أنا أمزح! قال المستشار الألماني مستعيدًا هدوءه.
- لا، أنت لا تمزح.
- أنا أمزح، أؤكد لك.
- أنت تكذب.
- أنا أمزح، خراء! قصة كلبك الصغير أثرت فيّ كثيرًا.
جلس شروتير:
- أنا أيضًا أثرت فيّ قصة كلبك الصغير.
- هذا مثل كلينا، نحن أحمر وأحمر، والأسود ما يجمعنا.
- إذا شئت، لكن في الأصل نحن أسود.
في تلك اللحظة، خرجت الزوجة الأخيرة لشرومير من البيت الخشبي الصغير، وهي تحضر ثلاث كؤوس جِعة.
- إنها هي سِلمي وفرحي، همهم شرومير.
تعثرت، واندلقت الكؤوس الثلاث على رأس المستشار. بعد الهياج والقهقهات، تمنى شروتير ألا تقوم الحرب. وعلى العكس، تمنى شرومير أن تكون الحرب أطول ما يمكن.


يتبع الفصل الثالث عشر



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عساكر الفصل الحادي عشر
- عساكر الفصل العاشر
- عساكر الفصل التاسع
- عساكر الفصل الثامن
- عساكر الفصل السابع
- عساكر الفصل السادس
- عساكر الفصل الخامس
- عساكر الفصل الرابع
- عساكر الفصل الثالث
- عساكر الفصل الثاني
- عساكر الفصل الأول
- عساكر تقديم الناشر الفرنسي
- فندق شارون الفصل العاشر والأخير
- فندق شارون الفصل التاسع
- فندق شارون الفصل الثامن
- فندق شارون الفصل السابع
- فندق شارون الفصل السادس
- فندق شارون الفصل الخامس
- فندق شارون الفصل الرابع
- فندق شارون الفصل الثالث


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - عساكر الفصل الثاني عشر