أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيلوس العراقي - يهود زاخو والحج السنوي لضريح النبي ناحوم الألقوشي















المزيد.....

يهود زاخو والحج السنوي لضريح النبي ناحوم الألقوشي


سيلوس العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 4857 - 2015 / 7 / 5 - 14:56
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


القسم ـ 6 ـ من مقالات يهود وكورد في زاخو ـ تاريخ وذكريات


سنعرض هنا عشق وشوق وتعلق يهود زاخو بالأرض المقدسة ، من خلال أسلوب وطريقة تعاملهم مع شخصيات أنبياء اسرائيل الكتابيين ، والمتمثلة بشكل خاص وبالتحديد في النبي ناحوم الألقوشي، كشخصية تمثل قرابتهم وصلتهم بأرض اسرئيل.
إن ناحوم كان واحداً من الشخصيات البارزة في كوردستان، وعلاقة وممارسات وسلوك يهود كوردستان تجاهه ساهمت في سبك وتنشئة الترابط وتقوية الأواصر العضوية ليهود كوردستان بأرض اسرائيل.
مثّل ناحوم في الحقيقة تعويضاً (مادياً) لهم عن أرض اسرائيل البعيدة نسبياً عنهم جغرافياً ، لأنهم حين غادروا كوردستان وحلّوا مواطنين في أرض ودولة اسرائيل تم تخليهم عنه !
ففي عيد ש-;-ב-;-ו-;-ע-;-ו-;-ת-;- (شبعوت) وهو عيد الأسابيع السبعة (يوم الخمسين) الذي يعتبر أحد الأعياد الثلاثة الكبرى (الفصح والمظال إضافة لعيد الأسابيع ، وبالمناسبة فالعبارة العبرية حجّ معناها : عيد ) للشعب اليهودي، الذي يأتي بعد سبعة أسابيع من عيد الفصح ( العبور) اليهودي، ويعتبرعيداً من أعياد الحجّ، حيث كان يحجّ فيه الاسرائيليون اليهود الى أورشليم (جبل صهيون).
خلال أيام هذا العيد كان يحجّ يهود زاخو الى قبر النبي ناحوم في بلدة ألقوش المعروفة بالقرب من الموصل. علماً بأنه كان يقصد هذا الضريح اليهود العراقيين في أوقات مختلفة.
يعتبر الحج الى أماكن مقدسة ظاهرة عامة في العديد من الأديان في العالم، ويعبر بامتياز عن الايمان الشعبي للمؤمنين الذين يتمنون الاقتراب من الله، والحج في كل دين يستند الى الاعتقاد بميزة خاصة لبعض الأماكن في قدسيتها، كقبور الرجال الصالحين والقديسين أو موقع ذي مكانة سامية ورفيعة لدى جماعة دينية معينة، تعتبرها موقعا أكثر قرباً من السماء . وكان الحج من الممارسات التي ظهرت بين الأديان القديمة السابقة للأديان المعروفة اليوم. مع ظهور الأديان العالمية الكبرى : اليهودية، المسيحية، الاسلام، البوذية، الهندوسية والكونفوشية ، جذبت ممارسة الحج هذه جموعاً غفيرة من المؤمنين الى أماكن أوهياكل أوقبور تعتبر مقدسة بالنسبة لهذه الأديان. وتشترك اليهودية في هذا الأمر من ناحية تنظيم مسيرات ورحلات الحج الى الأماكن المقدسة .
لكن هناك أمر يختلف جداً في الممارسة اليهودية للحجّ وتتميز فيه اليهودية لوحدها به :
ففي الوقت الذي يمثل فيه الحج الى الأماكن المقدسة لجميع أتباع الأديان ممارسة دينية بحتة أو مقتصرة على هذا الجانب الديني فقط، فانها في اليهودية تعبير لا ينحصر بالجانب الديني بل يرتبط بالبعد القومي للشعب اليهودي ويعبّر عن الانتماء القومي وليس فقط الانتماء الديني.
إن أساس قيام الشعب اليهودي برحلات الحج يستند الى تنفيذ وصية من الوصايا، التي تعتبر واجبا ً على اليهودي القيام بالحج الى هيكل أورشليم ثلاث مرات في السنة العبرية. وهكذا نرى قيام عدد من أفراد الشعب اليهودي في الشتات بالقيام بالحج الى اورشليم حتى بعد سقوطها وتدمير هيكلها في عام 70 ميلادية، لاستذكار أمجاد اسرائيل وشعبها مما يعبر عن الجانب القومي بالدرجة الأولى.
إن قيام اليهود بالحج في أرض اسرائيل وفي بلدان الشتات الى قبور الرجال القديسين اليهود في مناسبات وأعياد خاصة، كأن تكون ذكرى وفاة ذلك الصالح، كانت أمراً وممارسات دينية ـ قومية في حقب الشتات، بالرغم من أنها كانت أيضاً موضوع جدل ونقاش، رفض أوقبول، في أوساط الدارسين والرابيين من محتلف المدراس الدينية والروحية والفكرية اليهودية.
فأحد مواضيع الخلاف مثلاً كان فيما اذا السجود أو الانبطاح أمام قبر رجل صالح كان عبارة عن توسط ووساطة ، وفيما اذا يعتبر انحرافاً عن القيام بالصلاة مباشرة الى الله ؟
وهل يعتبر فقط كعادة وإن لم تكن بالوصية ؟
وجدير بالذكر أن حكماء حركة القبالة في أرض اسرائيل وفيما بعد جماعة الحسيديم هم من شجعوا على هذه الممارسات وسندوها بحماس.
برغم العناصر المشتركة له مع كل ممارسات الحج، كان لحج يهود زاخو الى قبر النبي ناحوم الألقوشي في كوردستان ميزته الخاصة.
فبالرغم من أنه كان في الخط التقليدي اليهودي في تكريم القديسين الصالحين، وأخذ طابع الحج الى الهيكل الذي يحمل الصفة الدينية القومية الكثيفة والقوية بارتباط يهود الشتات بأرض اسرائيل، لكن الفارق الوحيد بأن حج يهود كوردستان في جانبه الديني ـ القومي لم يكن في هيئته متجها الى أرض اسرائيل بل كان في منحى روحي داخلي، باتجاه الداخل ـ كوردستان، وليس باتجاه شخصية مقدسة، بل الى قبر نبيّ بالقرب من "جبل سيناء" .
يتجه الحجاج الى هذا الجبل ليس لاستلام الشريعة ، بل يصعدوا الجبل ولفائف التوراة بين أيديهم مرفوعة، وكأنها صورة وهيئة الشعب الذي يقوم بالعاليه ـ الصعود والعودة الرمزية الى الأرض المقدسة.
فحج يهود زاخو كما يهود كوردستان الآخرين كان باتجاه القوش البلدة المسيحية حيث يوجد قبر النبي ناحوم الذي يحترمه ويجلّه المسيحيون والمسلمون أيضاً.
يتم ذكر ألقوش في المصادر والكتابات اليهودية منذ القرن الثاني عشر الميلادي:
يذكرها كل من بنيامين الطليطلي في عام 1170 ميلادية، و بيتاحيا الريجنسبرغي عام 1185 ميلادية.
كما زار ألقوش ، ديفيد (داؤد) من بيت هلليل في عام 1827 ميلادية ووجد فيها 30 عائلة يهودية.
واسرائيل جوزيف بنيامين لاحظ في عام 1848 ميلادية حين زيارته ألقوش، بالرغم من أن القبرهو بيد اليهود لكن القرية يقطنها فقط آراميون وهؤلاء يستقبلون الحجاج اليهود بكلّ كياسة ولطف.
كان موشي تصليم (أو زيليم) مسؤولاً عن القبر، لكن مفاتيحه كانت مؤمّنة بيد امرأة مسلمة كانت تعيش هناك، وتحافظ على قنديل الضوء مضاءًا باستمرار، وتفتح البوابة للزائرين.
وخلال العقود الأخيرة قبل الهجرة الكثيفة لليهود في بداية الخمسينات، كان هناك بيت خاص في ألقوش ليهوديّ هو خادم (شماشه) القبر وباحته كان قد تم تعيينه من قبل يعقوب صيماح ـ من الموصل ـ الجباي المسؤول عن ادارة شؤون السيناغوغ.
يقع القبر في باحة واسعة ، تحوي على سيناغوغ كبير، واستناداً لبعض الشهود فأن السيناغوغ كان يتسع لألف شخص. وحجم السيناغوغ يشابه حجم ذلك الذي لرابي مائير بعل هانيز في طبريا في أرض اسرائيل.
كان ضريح النبي ناحوم في داخل هذا البناء الكبير، في كهف (بشكل مغارة) وداخل الكهف غرفة صغيرة فيها قبر "ست سارة" التي يعتقد بأنها أخت ناحوم النبي، ويعتقد آخرون أنها واحدة من أقربائه.
إن قبر ناحوم الألقوشي هو واحد من سبعة عشر قبرٍ لقديسين ورجال صالحين اسرائيليين في كل العراق، ستة عشر شخصية منهم شخصيات كتابية أو تلمودية دفنوا في العراق.
يقول رابي حبيب علوان : بكل تأكيد فأن النبي ناحوم قد أتى من أرض اسرائيل، أتى حاملاً نبوءته على نينوى، وحين مات تم دفنه في ألقوش.
مثلما أيضاً النبي عزرا من أرض اسرائيل ومات ودفن في العراق ـ العمارة. النبي يونان بن متّاي أتى من أرض اسرائيل ومات ودفن في العراق ـ الموصل.
يكتب بن يعقوب : إن بابل (المقصود منها العراق) تحوز على المرتبة الثانية بعد أرض اسرائيل في عدد القديسين (اليهود).
جذبت بابل العديد من الحجاج الأجانب الذين جاءوا لزيارة قبور القديسين الذين دفنوا فيها، لأداء الصلاة ومراسيم (الزيارة) العبادة فيها. كان لهذه القبور أهمية في الهاماتها في نفح الحياة الروحية لليهود المحليين الى حد بعيد.
وكل من كان يموت ويُدفن في بابل فكأنه دفن في أرض اسرائيل.
كتب كلّ من ايريك باور و يوسف يوئيل ريفلين وابراهام بن يعقوب حول الاحتفال بعيد الأسابيع وعادة الحج الى قبر النبي ناحوم الألقوشي.
أطلق يهود بغداد على عيد الأسابيع اسم عيد الزيارة، مثلما استخدمت ذات التسمية (زياره) من قبل يهود كوردستان.
كان لعيد الأسابيع تأثيره في المسلمين الكورد، وتم اطلاقهم عدة تسميات على هذا العيد، ففي العمادية أطلق عليه "يا زيرا" و أيدا زيرا " أو عيد الشعير الذهبي، تحويراً لكلمة زيارة.
أما بالنسبة ليهود زاخو فأطلقوا على الحج الى قبر ناحوم الألقوشي عبارة "ايدا سيد ناحوم : عيد السيد ناحوم".
اعتاد يهود العراق الحج الى قبور النبي حيزيقييل (حزقيل) في قرية الكفل، وقبر رئيس الكهنة يشوع (يوشواع) في بغداد، وقبر النبي عزرا الكاتب في العمارة (ولاية البصرة في وقتها) ، أو قبر النبي دانييل في كركوك ، أو قبور يونان النبي وعوبديا النبي في الموصل. ومع هذا فكان قبر النبي ناحوم الألقوشي الأكثر زيارة.
لماذا كان يفضّل يهود زاخو ويهود كوردستان عامة زيارة قبر النبي ناحوم الألقوشي في عيد الأسابيع بصورة خاصة ؟
لا نعرف شيئاً عن سيرة حياة النبي ناحوم ومحيطه الشخصي.
استناداً للسفر الذي يحمل أسمه في الكتاب المقدس العبري ، نعلم بأن نبوءته كانت بين تاريخين اثنين : سيطرة الآشوريين على نو ـ آمون في مصر عام 661 قبل الميلاد ، وتدمير وسقوط نينوى عام 606 قبل الميلاد. ولدينا عدة افتراضات تتعلق بتماهي القوش.
ما يميز ناحوم عن غيره من الأنبياء، أن له نبوءة واحدة فقط : نينوى عاصمة آشور، سوف يتم تدميرها، يعني سقوط مملكة آشور. في حين أن نبوءة الأنبياء الآخرين كانت تتضمن غالباً تحذيراً للشعب اليهودي من الخطيئة وحثه على التوبة وعدم القيام بالأعمال الشريرة ، والاّ فالعقاب سوف يكون نتيجة الخطيئة وهو : الدمار والخراب. وأن الذبائح والقرابين لا يمكنها أن تهدّيء الله ، الذي يطلب السلوك الحسن واقامة العدل، ومثل هذه الدعوات للتوبة عن خطايا الشعب لا وجود لها في نبوءة ناحوم الألقوشي في السفر الكتابي الذي يحمل اسمه . وكنتيجة للكرب والمرارة المتراكمتين على مرّ الأجيال، كان ناحوم مليئاً بالكراهية الشديدة للعدو التاريخي الكبير لمملكتي اسرائيل ويهودا.
تأخذ نبوءة ناحوم الألقوشي شكل وهيئة نشيد نصر وأغنية للفرح والابتهاج لسقوط العدو، وبدل حث الشعب ودعوته للتوبة كما يفعل باقي الأنبياء، نرى في نبوءة ناحوم اختياره أسلوباً وخطاباً مختلفاً يخاطب فيه الشعب اليهودي لتكثيف شعور الشعب بوحدته القومية ورفع معنوياته. مقوياً في الشعب الايمان بالله، فكانت نبوءته تعزية وخلاص وسلام ، مثلما نقرأ في ناحوم 2: 1:
" ها على الجبال قدما مبشر
منادٍ بالسلام
عيّدي يا يهوذا أعيادك
وأوفي نذورك،
فالمُهلك لا يعود يعبر فيك من بعد
لأنه انقرض انقراضاً"
وهذا لا يدعونا للدهشة من يهود كوردستان وزاخو وهم أحفاد اولئك المسبيين من قبل الآشوريين ويعيشون كأقلية مع الكورد الذين هم بدورهم أيضاً أقلية أخرى في العراق، ويعانون أحياناً كثيرة على يد جيرانهم غير اليهود، من أنهم يتماهون مع الروح القومية للنبي ناحوم الذي تنبأ بالفداء لشعبه اليهودي وبخراب واندحار الأمم الوثنية.
إن حاجة اليهود لحياة قومية مستقلة ومِحنهم في حياة الشتات، حدت بيهود كوردستان ، ومنذ مئات من السنين مضت، أن ينقلوا ايلقوش الى تل في كوردستان، في موقع ليس بعيداً من نينوى المدينة الآشورية التي تم تدميرها كما تنبأ ناحوم. وهناك في تلك البلدة سيكون قبره الذي سيجعلوا منه مكاناً وأرضاً مقدسة .
إن يهود زاخو وبالتحديد رابييها (حاخاميها) ودارسي التوراة فيها، رأوا في النبي ناحوم الذي أتى من أرض اسرائيل ليتنبأ بموت ونهاية نينوى كتعبير ملموس وحسيّ حقيقي لارتباطهم وصلتهم بأرض اسرائيل، كما أضافوا بعض التقاليد الشعبية حول أخته سارة ودفن كليهما في ألقوش.
يقول راحاميم كوهين معلم العبرية والكتاب المقدس في مدرسة زاخو العامة، بحسب شهادة ابنه صالح كوهين وتلميذه يونا صدقياهو بهذا الخصوص:
" لنا نبيّ، واسمه ناحوم الألقوشي... ولأنه قد تم دفنه بالقرب من الموصل، في قرية مسيحية تدعى القوش (ايلقوش).
الناس (الشعب) تقول بأن هؤلاء (يعني الوثنيين أو الأمم) عادوا من جديد الى طريقهم القديمة (من بعد أن تابوا على يد النبي يونان الذي تنبأ بخراب نينوى)، جاء ناحوم المرسل من الله ، فغادر اورشليم حيث كان في ايلقوش (القوش) متجها الى الموصل ، نينوى، وتنبأ عليها ، وتم تدميرها ثانية... وهناك من يقول بأن المسيحيين قد قتلوا ناحوم (غريب !!!) وهناك من يقول بأنه مات ودفن هناك. وماذا يوجد هناك ؟ مبنى فيه تابوت حجري كذاك الذي للملك داؤد. اعتدنا الذهاب هناك كل عام بجمع كبير...".
مع أنهم كانوا يؤمنون بوجود العلاقة بين النبي ناحوم وأرض اسرائيل، فأن يهود زاخو باعتبارهم عمليين وواقعيين، رأوا في ناحوم شخصية مجردة abstract تنتمي لماضٍ بعيد ، فانهم آمنوا بأن النبوءة بالهزيمة الساحقة للعدو ورؤية vision النبي في تعزية شعب اسرائيل سوف تتحقق في الوقت المناسب. لغاية أن يصل ذلك الزمن وذلك اليوم، فأن يهود زاخو مطمئنين مقتنعين باستمرار بالقيام بزيارة قبره كبديلٍ لأرض اسرائيل وكسندٍ قومي وديني لحياتهم في كوردستان.
فأخذ التعويض عن البعد القومي الديني لأرض اسرائيل شكل الحج الى قبر ناحوم من قبل يهود زاخو، معاً مع الجماعات اليهودية الأخرى في كوردستان (وباقي) العراق. ويمكن القول بأن 70 % من يهود كوردستان كانوا يذهبون الى القوش لزيارة قبر ناحوم، مع أنه كان تقليداً خاصاً بيهود زاخو.
التجمع السنوي عند قبر ناحوم كان عاملاً لتقوية الوعي القومي والديني لكلّ الحجاج اليهود ، حيث كانوا يعتبرون قبر ناحوم مزاراً مقدساً بمثابة هيكل أورشليم المقدس. فكانوا يتمّمون الوصايا الثلاثة من قبل اليهود في أيام هيكل اورشليم الثاني قبل خرابه :
الظهور أمام الربّ ، وتقديم العطايا " يحضر جميع الذكور أمام الربّ إلهكم في الموضع الذي يختاره...لا يحضرون أمام الربّ بلا شيء معهم" تثنية 16: 16 أي لا يأتون وأيديهم فارغة.
الاحتفال "سبعة أيام تعيدون للربّ إلهكم في الموضع الذي يختاره..". تثنية 16: 15
الفرح "وأفرحوا في عيدكم، أنتم وبنوكم وبناتكم وعبيدكم وجواريكم واللاوي والغريب واليتيم والأرملة الذين في مدنكم". تثنية 16: 14
وبعد زيارتهم لقبر ناحوم، يصعدون "جبل سيناء" كتعويض طقسي للتقليد المتمثل باستلام الشريعة في عيد الأسابيع.
ويذكر مورديخاي سعدو للباحثة ـ مؤلفة الكتاب الذي نعرّب منه ـ بعض ذكرياته لهذا الحج :
كان علينا أن نذهب في كل عام في عيد الأسابيع الى ألقوش. كنا نذهب من زاخو ، ونكون هناك بثلاثة أو أربعة أيام قبل عيد الزيارة.. كانت لدينا العادة في الصعود على جبل سيناء، كان هناك جبل يدعى بجبل سيناء، ثم من هناك نرفع لفائف التوراة، مع الغناء والرقص والفرح. وكنا نصلي هناك صلوات عيد الأسابيع".
إن الحج الذي يتم من قبل الكثير من أتباع الأديان المختلفة يتضمن القيام باحتفالات في موقع حدث معين يعيد فيه الحجاج تمثيل حلقة لحدث من الماضي يتعلق بموقع الحج، على العكس من هذا فأن ما يتم بالقرب من قبر ناحوم الذي هو موقع وهمي تصوري لا يستند الى سند تاريخيّ (كتابي)، لذلك كان على المشاركين في الحج ابراز الكثير من قوة التخيل والتصوير.
فرحلة الحج الى قبر النبي ناحوم ، كانت توفر لهم عوامل تنقلهم من المستوى الأرضي الى ماهو مقدس ومن الزمن الأرضي العادي الى زمن مقدس، كما أن الهوية والانتماء الديني للحجاج كان يمر بمرحلة تجدد.
من خلال قيام الحجاج باعادة تمثيل استلام الشريعة من قبل موسى وشعب اسرائيل، بصعودهم في عيد الأسابيع الى مرتفعٍ (جبل سيناء) قريب من قبر ناحوم الألقوشي.
كان اسرائيل جوزيف بنيامين حاضراً في هذا الاحتفال عام 1848 م ، حيث يكتب :
"بعد نهاية صلاة الصباح، يقوم الرجال بحمل التوراة ويتقدموا الجمع في مسيرة، مع رجال يحملون السلاح ، المسدسات والخناجر، والسيوف يصعدون مرتفعاً (جبلاً ) قريباً ، في ذكرى استلام الشريعة والبشارة بها للشعب على جبل سيناء، تتم تلاوة من التوراة، مع صعودهم برفقة سلاح ومسلحين، شبيهة بمسيرة حرب. والجماعة منتشرة ومتفرقة على سفح الجبل، تعطي صورة فانتازية لبدء حرب.
وهذا المشهد هو تعبير واضح عن الصراع ، الذي عند مجيء المشياح المنتظر، سيستمر ـ الصراع ـ ضد هذه الأمم التي ستعترض على عودة الشعب الى أرض الوعد ، وتقف ضد إعادة تأسيس المُلك ، والحرية في مملكة اسرائيل المستقلة ".
إن حمل الأسلحة، كتصوير للصراع ضد الأمم، كان يتماهى تماماً مع صراع الكورد أيضاً مع الحكومة المركزية من أجل نيل الحرية لكوردستان. وهنا يظهر تأثير تسلح الكورد وكوردستان الظاهر في حضور السلاح كرمز للصراع في مسيرة الحجاج من يهود كوردستان في جبل سيناء ـ ألقوش.
كما أن الاحتفال بذكرى استلام الشريعة على يد موسى في سيناء، في عيد الأسابيع، يرمز الى بداية الوعي القومي والديني لشعب اسرائيل.
يتم استلام كل فرد يهودي حاجّ صعد الى جبل سيناء ـ ألقوش للشريعة ، وليس مثلما حدث للمرة الأولى حيث موسى (فقط) الذي استلمالشريعة نيابة عن الشعب في سيناء بعد الخروج من مصر.
وهذا بحد ذاته يشكل تعزيزاً مكثفاً لهوية حجاج يهود زاخو وكوردستان وترسيخاً لانتمائهم القومي كشعب اسرائيلي.
كان يقوم بمرافقة يهود زاخو في حجّهم الى ألقوش الى قبر ناحوم ، شرطيان كورديان جبليان، أحدهما في مقدمة قافلة الحجاج والثاني في مؤخرتها، لحماية اليهود من اللصوص وقطاعي الطرق.
ومن الأمور التي تسترعي الانتباه، والتي توضح مدى العلاقة القوية والأمان والضمان ليهود زاخو، بحسب ما يذكر زكي ليفي أحد الشهود، أن يهود زاخو في حجهم الى قبر ناحوم لمدة تتراوح من ثلاثة أيام لغاية اسبوع بأكمله، كانوا يتركون كل بيوتهم في ضمانة جيرانهم من مسلمي زاخو ولم تحدث أي سرقات او اعتداءات على ممتلكاتهم خلال فترات الحج.
للموضوع تتمة



#سيلوس_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفاح العبري وهريسة الإمام الحسين
- صواريخ صدام حسين تشتم رائحة العمبة العراقية
- يهود وكورد : الرابط الديني ليهود زاخو بأرض اسرائيل
- الله الصمد : بين نير الحمير العبرية ونير القرآن العربية
- زاخو أورشليم كوردستان
- العلاقة بين الكفر والغطاء والقبغ
- يهود وكورد في زاخو 3 : تجارة وأعمال وقجغجية
- يهود وكورد في زاخو : تاريخ وذكريات 2
- يهود وكورد في زاخو : تاريخ وذكريات 1
- الرئيس الليتواني ينقذ شاعراً يهوديا
- ريادة اليهود في عالم المطابع والطباعة
- الرئيس يعرف الرقص والموت شهيدا على يد الاحتلال
- الرقص في الكتاب المقدس والتقليد اليهودي
- التاجر والمليادير اليهودي - سيلاس العراقي -
- لماذا لا يعرف إله القرآن فلسطين إلا أرضاً لبني اسرائيل ؟
- يهود العراق يعيدون إحياء الشبكة التجارية العالمية للقرون الو ...
- مؤسسة تجارية يهودية عراقية عابرة للقارات في القرون الوسطى
- القرد العبري
- الدف والتف في العبرية وأعمدة الصحافة العربية
- هل المسلمون منزعجون من جيش محمّد سوف يعود ؟


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيلوس العراقي - يهود زاخو والحج السنوي لضريح النبي ناحوم الألقوشي