أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - جويريد وملك السويد














المزيد.....

جويريد وملك السويد


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4856 - 2015 / 7 / 4 - 20:34
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مرة سألت شغاتي موظف الخدمة في مدرستنا وقد بدأ الهواء في ذلك الصباح المشمس يتحول الى خيوط من الثلج تلسع انفونا ببرد غريب الأمر الذي جعلنا نعيد التلاميذ الى بيوتهم لشدة البرد ، سألته : ما أسم هذا البرد .
فقال :هذا برد جويريد يستمر في العشرة أيام الأولى من كل شتاء.
وقتها عرفت لماذا يطلقون اسم جويريد على اشخاص كثيرين في هذه القرى لأنهم يولدون في تلك الايام الشديدة البرودة ومنهم التلميذ جويريد منهل فدعوس ، الذي اصر أن يبقى يلعب في ساحة المدرسة ولم يذهب مع التلاميذ الى بيوتهم متحديا البرد وضاحكا عليهم وهم يهرعون راكضين لينعموا بدفء مواقد المطال وكأنه يقول لنا أن هذه الأيام هي ايامه.
ومع كل عام يعيد جويريد طقسه ، وحين تمتنع الجواميس عن قيلولتها في الايام الباردة وحده هو من ينزل الى الماء ويحصد القصب طعاما لها ، حتى صار بعض جيرانه يؤجرونه بثمن لينزل الماء ويحش القصب لجواميسهم فكنا نطلق عليه تندرا لقب : رجل البرد ، وآخر سماه في قصة كتبها ،عنوانها ( معدان الاسكيمو ) يتحدث فيها عن جويريد وعشقه لليوم الثلجي في صباحات يأنس فيها المعدان الى مواقدهم فيما جويريد بقدميه الحافية ومنجله يغور في الماء يقص القصب علفا لجواميسه وجواميس اهل القرية ، وفي ذات القصة تنبئ المعلم أن يسكن جويريد ذات يوم في بلاد السويد وربما نراه يلتقط صورة قرب ملكها .
ضحكنا لنبوءة صديقنا المعلم وعلمنا أنه لم يلب نداء دعوته الى الجندية وهرب الى ناحية الحر في كربلاء مختفيا عند اقاربه الذين هاجروا الى هناك في قحط ما والغريب انه اشتغل عاملا في معمل ثلج وكأنه يعرف ان هذا المكان الوحيد الذي يتلاءم مع اسمه وهوايته في عشق الأجواء الباردة ، ففضل أن يأوي الى مدينة بعيدة وان يختار مكانا باردا يتلاءم مع ما يتمناه ويريده.
وبالرغم من هذا فأن صورة جويريد والثلج هي الصورة الاكثر اقترابا لقدرية احسستها أن تصبح ملاذه الاخير في يوم ما وتمنيت له حياة مطمئنة بعيدا عن هلعه من شظايا الحروب وخوفه ان يرسلوه الى جبهة في نواحي البصرة تقتله فيها لهيب الشمس والرطوبة القاتلة ، وربما سيقبلَ ليذهب جنديا لو ضمنوا له أنه سيرسلونه على قمة جبل قنديل الذي يكسوه الثلج طوال ايام العام.
نسيت جويريد ، ولكني تذكرته في عودة ما وانا اتجول بين بيوت القرية التي عاد اهلها اليها بعد تهجير قسري وتغير اسم مدرستها من البواسل الى مدرسة آل البيت . حين سألت أن كان جويريد عاد من هجرته في ناحية الحر .
قالوا : أن جويريد لجأ الى معسكر رفحا في السعودية مع ثوار الشعبانية وبقيَّ هناك عاما واحدا ثم أتت بعثة من سويد ومنحته لجوءا سياسيا وهو اليوم يعيش في احدى مدن شمال السويد حيث اختار ابرد مدينة واصبح مواطنا سويديا .
ضحكت وتذكرت نبوءة المعلم وقصته التي تحققت الكثير من رؤاها حين علمت أن جويريد ارسل لأقاربه في القرية صورة التقطها مع ملك السويد يوم زار المدينة التي يعيش فيها .



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جلجامش في شوارع روما
- نوايا مصور الغارديان
- حفريات توفيق التميمي
- رسومات بيوت أصيلة
- تغريدة جعفر في تويتر
- بلدية باريس وبلدية الجبايش
- طفولة السميسم الله
- الحبوبة وأيام سانوبه......!
- كاهنة قرية أمُ البْشُوشْ
- النيوزلنديون أعمامنا
- غرق المشحوف ميدوزا
- خواطر قابيل وهابيل
- أطلس أبن بطوطة
- أبو العود والطور الصُبيّْ.!
- مريم وغبار الزقورات
- كيتلي جلجامش
- أجنحة حمام الدوح
- دربيل عفيفة اسكندر
- ثقافة الحاسوب
- قَدرُ دُخانُ السكائرَ


المزيد.....




- الإمارات.. فيديو حركة لبوتين مع شخص بوفد محمد بن زايد بمراسم ...
- من يدعم خطة نتنياهو في غزة وماذا تعني للفلسطينيين؟
- ناغازاكي تُحيي الذكرى الثمانين للقصف النووي وتنادي بعالم خال ...
- -الغزال الأسود- ضحية التجويع في غزة
- آبل تدخل عالم الروبوتات.. فهل ستقود ثورة التفاعل بين البشر و ...
- دورية إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة جنوبي سوريا
- عاجل | أ.ب: إصابة 3 أشخاص في إطلاق نار بساحة تايمز سكوير في ...
- الصومال يعلن استعادة السيطرة على مدينة إستراتيجية من حركة ال ...
- -تحول كبير-.. ترامب يدرس قرارا بشأن الماريغوانا
- انقسام وسط القيادات الأمنية الإسرائيلية بشأن احتلال غزة


المزيد.....

- كتاب: الناصرية وكوخ القصب / احمد عبد الستار
- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - جويريد وملك السويد