أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - أطلس أبن بطوطة














المزيد.....

أطلس أبن بطوطة


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4842 - 2015 / 6 / 19 - 21:12
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يقول أبي في العبارات التي يختزل فيها محطات حياته ، وهي كثيرة : لقد جعلتُ الخبز مسافة السفر بين قدمي وهي تمتد بين علوة الحبوب ودكة باب بيتنا .
سألته مرة: أليس لك غير هذا السفرُ سَفرْ .؟
قال :هناك سفرة بين عام وعام الى مراقد الأئمة . وأخرى أبدية الى السماء .
وأنا أسمع أبي أضحكَ واقول :لهذا يبقى معك الحذاء أكثر من عام .
قال ضاحكا : يبقى اكثر من خمسة اعوام لأنه لا يستهلك الخطوات ، ولكن قلبي من يستهلكها.
ويوم وزعوا علينا في الخامس الابتدائي كتاب الاطلس مع كتاب الجغرافية على أنْ نعيدهُ نهاية العام ، سكنني عشق امكنة السفر وكلما أرى مدينة على الخارطة واتذكر حذاء أبي الذي لم يصل الى امكنة لاتصل اليها الان سوى احذية العيون في نظرات ترتدي الخطوات وتمشي بين اوراق الكتاب الساحر الذي اشتغلت بسببه عامل طين لأربع ايام عند جارنا الذي بنى له غرقة طين جديدة في بيته لأن زوجته تنجب كما القطط ـ حتى أجمع غرامة الكتاب حين أدعي أنهُ سُرقَ مني.
في ثانوية صادفت لأول مرة كتاب رحلة ابن بطوطة في مكتبة المدرسة ، عندها تخيلت أن ابن بطوطة سافر ببغلة وليس بحذاء الى كل هذه المدن وحسدتهُ ومن فرط حسدي قرأت رحلته أربع مرات ، وحين كبرت زرت طنجة اربع مرات ، وكل مرة ازور قبره في المدينة القديمة أربع مرات ، وكتبت عن رحلته كتابا اتمنى طباعته اربع مرات .
وذاته الاطلس الذي دفعت ثمنه أخذته معي الى المدرسة التي تعينت فيها في مناطق الاهوار وقد اعطوني درس الجغرافيا لأدرسه الى تلاميذي ، لأن الدولة لم تعد توزعه مع بداية كل عام .
وهكذا رأى التلاميذ مدن ابن بطوطه وشكل حذاء أبي ، وفسرت لهم أنَ السير في شوارع مدن هذا الاطلس لا يحتاج الى اقدام حافية مثل اقدامهم بل يحتاج الى قدم ترتدي حذاء من الجلد الخالص كي لا تُبلى من مسافات السفر الطويل ، فكان الاطفال ينتظرون بشغف كل عام حذاء ( اللابجين ) الثقيل الذي يوزع في معونة الشتاء فيتخيلون أنهم يرتدونه في التجوال بين مدن الكتاب بعد أن كنت اعيره لكل تلميذ ليلة واحدة ، وحده التلميذ مسعود أدعى المرض ولم يدام يومها وكان الكتاب لديه فعرفت أن المرض حجة وقد لبس حذاء ابن بطوطة المصنوع عند حرفي ماهر من أهل مراكش وسافر مع احلامه التي لا يكفيها يوما واحدا ، لنرى شعاع الفرح في عينيه يوم اعاد الاطلس بعد يومين.
وهكذا في كل مدينة يبحرُ فيها الحذاء حنين ذكريات واجهة محلات باتا في شارع الجمهورية في مدينتي وهي تخط اعلانها العريق : الشوارع بدون احذية باتا لن تصلح للنزهة.
وها انا الآن اتنزه في مدن شوارعها اختام الجوازات والغربة والافتراق عن صباحات السعادة في عيون تلاميذ الصف الخامس الابتدائي في المدرسة الأبرار بقرية أم شعثه يوم يكون درس الجغرافية اول الدروس في جدول الدروس اليومية.
وها هو وجه أبي ، وجه أبن بطوطة ، وجه غلاف الأطلس يجتمعون في دمعة الخاطرة التي يصبغها الشوق الى عالم اجمل ما فيه أن الخبز وبطاقة السفر وقباب المدن المقدسة ومواسم توزيع معونة الشتاء في سلة واحدة..........!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبو العود والطور الصُبيّْ.!
- مريم وغبار الزقورات
- كيتلي جلجامش
- أجنحة حمام الدوح
- دربيل عفيفة اسكندر
- ثقافة الحاسوب
- قَدرُ دُخانُ السكائرَ
- مندائية بعطر الآس......!
- آدم وحواء في قريتنا
- بهارات فاسكو دي غاما
- معدان البيسبول
- بسكويت الجنة
- أقباط 24 قيراط
- هيرقليطس ، ديالكتيك الماء والسماء
- دوسلدورف و كرمة بني سعيد..!
- أيتماتوف وجميلة إبِحيدر
- مؤتمر السرياليون في الاهوار
- الحلقوم الاحمر
- داحس من دون الغبراء
- ذكريات مدرسة كمال جنبلاط


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - أطلس أبن بطوطة