|
الكورد و المرأة و أشياء أخرى في الدستور العراقي
فينوس فائق
الحوار المتمدن-العدد: 1342 - 2005 / 10 / 9 - 10:18
المحور:
القضية الكردية
عندما أصبحت عودة الكورد إلى داخل خارطة العراق واقعاً لا مفر منه و ألحقت كوردستان مرة أخرى بالعراق ، حينها تبخر الكثير من الآمال و ضاعت ، و ظهرت في الأفق معطيات أخرى فرضتها السياسة الدولية و السيناريوهات السياسية الجديدة في المنطقة ، في ذلك الوقت بالذات كثيراً ما كنت أنسى أنني إمرأة ، كنت أفكر في السياسة التي بدت لي على شكل تعويذة أو أقرأ أبجدياتها و كأنها طلاسم ، و أنظر في الواقع و كأنه لوحة سوريالية ، لا أقول هذا الكلام كي أدعي أنني متشائمة و إنما أقوله لأنه واقع ، و لأن التشاؤم و التفاؤل في مثل هذه الحالات لا يترجمان ما بداخل الإنسان حرفياً ، إذ لابد من أن نتصور و نعتقد و نؤل و نفسر و نزعم و نصدق و نكذب و نجمل و نجامل و...هكذا من الأمور التي تدخل في خانة الممارسات السياسية اليوم.. في تلك الأيام كان و مازال الحس القومي عندي يبلغ ذروته و أكثر ، لدرجة كنت أتكلم من خارج كوني أنثى ، إلى أن جاء الدستور ، حينها تذكرت أنني إمرأة ، لكنني شعرت بالألم ثلاث مرات ، أولاً : لأن الدستور لم ينصفني ككوردية و ثانياً لم ينصفني كإمرأة ، و ثالثا:ً لأنه دستور حضاري في جوانب كبيرة منه ببعض المقاييس و هذا شيء لا أنكره إلا أنه و بسبب النقطتين الأولى و الثانية حزنت على نفسي ، و قلت في نفسي ماذا كان سيحدث لو أن هذا الدستور أكرمني ككوردية و كأنثى ، كم كان سيكون دستوراً مثالياً و متميزا ، فترى هل يصح القول في السياسة أن الحلو ما يكمل كما يقول المثل .. إستمعت قبل ايام إلى كلام أحد الباحثين العرب الشيعة و إسمه طالب الرماحي على شاشة تلفزيون المستقلة ، تحدث متحاملاً على الكورد و بشكل غريب ، حين قال : أن سقف المطاليب الكوردية صار عالي جداً و أن الكورد باتوا يطالبون بما هو أكثر بكثير من حقهم ، ماذا يريدون الكورد؟ إستغربت كثيراً من كلام السيد طالب ، فكرت في نفسي و قلت : لكن لماذا عندما كان الكورد يقتل منه الآلاف لم يقل أحد أنه قتل من الكورد الكثير ، و عندما كان يقصف بالغاز السام لماذا لم يقولوا أن الكورد قتل منهم الكثير بالغاز السام ، و عندما أنفلنا و سقنا إلى الموت بإسم الدين لم يتفوه أحد ليقول أننا قتلنا (بضم القاف) أفواجاً أفواجاً ، و عندما كنا ندفن (بضم النون) في القبور الجماعية ، لماذا لم يقل أحد أننا دفننا جماعياً ، لماذا لم يكونوا يحصوون موتانا و شهدائنا و دمائنا و ضحايانا ، لكنهم اليوم و بكل ديمقراطية يحصوون مطاليبنا ، و يعتبروننا نتعدى حدودنا في المطالبة بمطاليبنا . لقد ضحى الكورد كثيراً و بعدها قدم التنازلات الكبيرة و عندما شاركت هاتفياً في الرد على السيد طالب الرماحي للأسف لم يسمح وقت البرنامج أن أكمل كلامي ، فقد أردت أن أقول أن الكورد قدم التنازل الأعظم عندما تخلى عن حلمه بإقامة دولة كوردية و قبل بكورسي رئاسة الجمهورية في العراق ، و لا أقول هذا الكلام و كأنه منة من الكورد ، و إنما عندما أقدم الكورد على تلك الخطوة كان ذلك من إيمانه العميق أنه مازال هناك ما يمكننا أن نتعايش من أجله كإخوة في عراق واحد موحد ، و قدمنا الخيار الفيدرالي ، ليقال لنا و في وجهنا أننا خونة و ندعوا إلى تقسيم العراق ، في حين أن كلمة الفيدرالية تهدف إلى لم الشمل أكثر مما تمهد للتقسيم كما يتصور البعض ، فكان أن الدستور لم يشر لا من بعيد و لا من قريب إلى حق تقرير المصير ولو لذر الرماد في العيون.. أما فالحديث عن المرأة و مقامها بين سطور الدستور العراقي الجديد الذي سيتم الإستفتاء عليه بعد مدة فهو حديث ذو شجون ، إذ أن الدستور يضع المرأة في مقام الأطفال و يقول في الفقرة ثالثاً من المادة 35: و يحرم الإتجار بالنساء و الأطفال و الإتجار بالجنس ... هكذا و كأن المرأة كائن إستجلب من كوكب آخر و مازال البشر (الرجال) يتاجرون بنا ، دون التفكير أن المرأة و في غالبية بقاع العالم المتحضر تدير و تقود و ترأس ، لا أدري أين كن النسوة النائمات بين دهاليز البرلمان عندما صاغ الرجال الدستور ، و أخيراً و آخر ما يذكر الدستور به المرأة هو الفقرة رابعاً من المادة 48 عندما يقول صائغوا الدستور الرجال: يستهدف قانون الإنتخابات تحقيق نسبة تمثيل للنساء لا تقل عن الربع من أعضاء مجلس النواب. أعود و أقول أين كن النسوة نائمات عندما وضعت هذه الفقرة ، أظن و الله أعلم كن نائمات في سرداب البرلمان و إلا فإني أتصور نفسي أنني لو أحترم كوني أنثى لكنت أستقيل يومها أشرف لي على أن يعتبرني الرجل ربع المجتمع و يستحوذ هو على ثلاثة أرباع المجتمع . يحرم الدستور كل أنواع التعذيب النفسي و الجسدي و المعاملة غير الإنسانية ، في حين أنه لايأتي لا من قريب و لا من بعيد على ذكر منع العنف الأسري الذي يمارس ضد المرأة. قد ينفع هذا الدستور اية دولة أخرى غير العراق في المنطقة ، لكن الحالة في العراق تختلف على الأقل الحالة الكوردية داخل العراق ، فللكورد باع طويل مع الحرية و الديمقراطية و تجسيدها على كل المستويات ، و خصوصاً ما يتعلق بمسألة حقوق المرأة و وصولها إلى مراكز عليا في الهرم الحكومي و تعديل و تغيير و سن القوانين الخاصة بوضعها في المجتمع.. مسودة الدستور هي بإختصار مشروع لتسييس الدين أو وضع اللباس الديني على جسد السلطة في العراق ، و العودة إلى ما قبل التأريخ بدستور ديني شيعي بكل المقاييس ، فحتى الديمقراطية التي يأتي على ذكرها الدستور هي ديمقراطية بمقاييس دينية و و هي ليست الديمقراطية التي تطبق في الغرب و الدول المتقدمة في العالم ، فهر جرعات من الديمقراطية التي لا يسمح بالكثير منها إلا في بعض الحالات و من تحت العباءات و الحجاب ، تلك الديمقراطية التي لا لون و لا طعم و لا رائحة و لا وجود لها متحججين أنهم يؤمنون بأدوات تطبيق الديمقراطية و ليس الديمقراطية نفسها ..
#فينوس_فائق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أخطاء لغوية ... أخطاء سياسية
-
المحامية بشرى الخليل تمارس الإرهاب العاطفي على الشعب العراقي
-
مسودة الدستور العراقي وضع النقاط على الحروف أم إسقاط النقاط
...
-
التنازل عن حق تقرير المصير بخط اليد ،يعني أن الكورد قاصر و ي
...
-
يا سادة الدستور يصاغ مرة واحدة لا تستعجلوا
-
دور الثقافة في تثبيت حقوق المرأة ديمقراطياً في الدستور العرا
...
-
كاد الخوف يقتلني
-
بعض الأمهات الأمريكيات يرفضن الحرب الأمريكية ضد الإرهاب
-
مؤتمرات الدستور تنهي اعمالها في لندن
-
كلام في الإرهاب
-
هل سينتهي فكر البعث بتغيير العلم؟ و هل يجب صياغة الدستور الد
...
-
مدارات نسوية
-
اسئلة في الثقافة
-
إغتيال الخزنوي بداية مرحلة جديدة من نضال كورد غرب كوردستان
-
هل يجب على (علي بابير) أن يقرأ القرآن على مسامع أزلام صدام
-
لا إله إلا الله
-
هل جريمة الأنفال هي قضية تخص الكورد فقط؟
-
المجرم المناسب في المكان المناسب
-
كلمة في الصحافة الكوردية في مناسبة مرور 107 عام على صدور أول
...
-
أكذوبة -وراء كل رجل عظيم إمرأة-
المزيد.....
-
الأمم المتحدة تطالب بإيصال المساعدات برّاً لأكثر من مليون شخ
...
-
-الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل
...
-
اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي
...
-
الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا
...
-
-الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا
...
-
آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال
...
-
مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة
...
-
محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم
...
-
انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها
...
-
محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|