أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رمضان عيسى الليموني - لماذا هاجم الغزالي سلطة الموقعين عن رب العالمين ؟














المزيد.....

لماذا هاجم الغزالي سلطة الموقعين عن رب العالمين ؟


رمضان عيسى الليموني

الحوار المتمدن-العدد: 4851 - 2015 / 6 / 29 - 21:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد وضع الفقهاء أنفسهم في منزلة الأنبياء، يقومون بتبليغ ما يستنبطونه من أحكامٍ فقهيةٍ لعامة النّاس، وبمرور الزمن شكّل تراكم التفسيرات على مدار التاريخ الإسلامي نصّاً أخر موازياً للنص المقدس " قرآنا وسنّة"، وأصبحت له سلطة وسلطاناً مثلما للنص المقدّس من سلطة وتأثير، لنصل في النهاية إلى عالم موازٍ لعالم الأنبياء من الفقهاء المقدسين وأولئك العلماء من ذوي اللحوم المسمومة، لقد حرصت علوم الفقه والتفسير على أن تصنع بينها وبين" النص" قرآنا وسنّة سبباً قويّاً يعطيها مشروعية القبول ويضفي عليها بعض ما لذلك النص من هيمنة وسلطة على الأمة، وامتلك الفقيه معرفة تتحصن " بالإجماع" تسوّغ ضرورة الأخذ بها والخنوع لسلطانها، وهذا ما يؤكده اعتراف الإمام الشافعي بأنه قد تعلّم في مدرسة الإمام مالك وجوب جعل سلطة العالم لا تعلوها سلطة أخرى، إنّها سلطة إنتاج الفقيه، وأصبح هؤلاء الفقهاء همّ " الموقعون عن ربّ العالمين" في شرح النصّ وتفسيره واستنباط الأحكام الفقهية، وبرغم الحراك الذي شهده الاجتهاد والذي اتضح في ظهور العديد من المدارس الفقهية المختلفة التي تتسم كلّ مدرسةٍ منها بمصادر فقهية وعقلية متباينة، إلا أن نشاط الفقهاء الأوائل قد قوبل بجمود واتباعٍ أعمى للتابعين على مدار قرونٍ مازلنا نعاني من أثار جموده وقداسته. وتتجلى هنا مفارقة عجيبة؛ فالفقهاء الأوائل حينما مارسوا النشاط الاجتهادي كانوا يرون أحقيتهم في إعمال الذهن لاستنباط أقصى ما يمكن للعقل إنتاجه، دون أن يصرّوا على إلزام ليس فقط من سيأتي بعدهم بل حتى أهل زمانهم بالتمسّك به والسير على خطاه، فقد نهى الإمام أبو حنيفة تلميذه أبا يوسف عن كتابة فتاواه قائلاً: ويحك يا يعقوب أتكتب ما أقول، إني قد أرى رأياً اليوم، وأخالفه غداً، وقد أرى الرأي غداً وأخالفه بعد غداً، وفي رأي آخر له" هذا الذي نحن فيه رأي، لا نجبر أحداً عليه ولا نقول: يجب على أحد قبوله بكراهية فمن كان عنده شئ أحسن منه فليأت به" وكان الإمام مالك يقول عن كتابه" الموطأ" إنما أنا بشر أصيب وأخطئ فأعرضوا قولي على الكتاب والسنة" ولذلك فقد رفض إقرار الموطأ كتاباً فقهياً للدولة في عصر الخليفة المنصور العباسي، قائلاً له" فدع الناس وما اختار أهل كل بلد منهم لأنفسهم"، وهو ذاته من يعظّم من سلطة العالم التي لا يجب أن تعلوها سلطة؟!، لكن يبدوا أنه كان يقصد سلطة العالم في مجابهة سلطة السياسة في ذلك الوقت، ومن ثمّ فوجه المفارقة أن ذلك النشاط الاجتهادي والمتفاعل مع الواقع الاجتماعي لم يكن حجّة على المتأخرين للتمسك به والسير على خطاه، غيرّ أن هؤلاء المتأخرين قد سجنوا أنفسهم طواعية أو تخوفاً في سجن " سلطة نص القدماء" وتخلوا عن حق التجديد وبذل الجهد في فهم وتأويل النص الديني وفقاً لأحداث الواقع المتغيرة، واكتفوا بالتمسك بإرث السلف لسد الطريق أمام الاختلاف في الرأي وإعمال العقل، وقطع السبل أمام كل مجتهدٍ أو مجددٍ مكتفين بترديد الفهم الظاهري للحديث النبوي" خير القرون قرني ثم الذي يليه ثم الذي يليهم" لينتهي الأمر إلى التقليد والتكرار ومزيدٍ من استهلاك إرث القدماء الذي تحولّ بقوّة الزمن إلى سلطةٍ توازي سلطة " النص المقدس"، واعتبار مخالفة لآرائهم هدماً للدين ولمقاصد الشريعة، لذا فقد فطن الإمام أبو حامد الغزالي لتلك السلطة الخاشمة لإرث القدماء الذي تتذرّع به السلفية حين قال" لماذا يصبح الأقدمون محقين وحججاً على المتقدمين، هل لسابقٍ في الزمان، أم لبيانٍ، فقد سبقهم من هم أفضل وأشرف منهم فلم لم يأخذوا بما قالوا؟ فإذا رخصوا لأنفسهم الاجتهاد فلم يحجرون على من جاء بعدهم ولم يفعلوا"، لقد عمل الإمام أبو حامد الغزالي على كسر سلطة " الموقعين عن ربّ العالمين" الذين سعت السلفية إلى فرض كامل سلطانهم المعرفي على التابعين والحيلولة دون استمرار النشاط الاجتهادي وتجديد الخطاب الديني صانعين قدسيّة لهؤلاء الأقدمين، متعمدين تجاهل حقيقة أن الاختلاف بين المذاهب الفقهية إنما صدرت عن تباين الآراء والتفسيرات للنص، دون أن أن يكون هناك سندٌ لأدعاء كل مذهب بأنه الحق المطلق ومن سواه إنما هو الباطل المطلق، وقد أشار أبو حامد الغزالي إلى" أن الخلق – بعد انقطاع الرسالة والرسول- كلّفوا ما يظنونه صواباً، كما لم يكلفوا الصلاة بثوبٍ طاهر، بل بثوب يظنون أنه طاهر، كذلك المسافر لم يكلّف أن يصلي إلى القبلة بل إلى جهة يظن أنها القبلة بالاستدلال بالجبال والكواكب والشمس، ولم يكلّفوا أداء الزكاة إلى الفقير، بل إلى من ظنّوا فقره، لأن ذلك لا يعرف باطنه"، إن تعظيم السلفية لسلطة " القدماء" إنما يغتصب حق كل جيلٍ في إنتاج اجتهاده، وتحرير نفسه من سلطة النصوص الشارحة والمفسرة " للقرآن والسنة" باعتبارها " نصاً مسلماً ومقدساً" لا يجوز الخروج عليه.



#رمضان_عيسى_الليموني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة الخطاب الديني وأزمة التواصل
- الفقراء... مازالوا ينتظرون
- حرق داعش
- مونتاج لشريط طويل 2
- مونتاج لشريط طويل:
- الصور القاتلة كيف تستخدم الصور في صناعة الحروب
- التبصر الأعمق
- أطفالنا يُسرقون منّا
- الحياة التي يجب أن نعيشها


المزيد.....




- بعد أدائها تحية نازية.. رقيبة شرطة أسترالية تحت التحقيق وقائ ...
- تردد قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2024 خطوات تنزي ...
- “بدون إعلان”.. تردد قناة طيور الجنة أطفال لمتابعة أجمل الأغا ...
- “تسلية ممتعة لأطفالك”.. اظبط الآن التردد الجديد لقناة طيور ا ...
- تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على النايل سات وتابع أ ...
- رئيس البرلمان الايراني: اتيت الى لبنان بدعوة من السيد نبيه ب ...
- ” أنا بدي أصوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على جميع ا ...
- البابا فرانسيس يستقبل زيلينسكي في الفاتيكان لمناقشة سبل السل ...
- الولايات المتحدة: السجن 14 عاما لجندي أمريكي متهم بتقديم -نص ...
- بطة بطة شفناها جوة البركة محلاها??.. تردد قناة طيور الجنة بي ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رمضان عيسى الليموني - لماذا هاجم الغزالي سلطة الموقعين عن رب العالمين ؟