|
هل اللاوعي العربي مليء بالعنف ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4851 - 2015 / 6 / 29 - 11:04
المحور:
المجتمع المدني
لاشك ان الثقافة بشكل عام او النظرة الى الحياة و ما فيها ليست وليدة يوم او مدة قصيرة عند الفرد، و لابد للفرد ان يكتسب تربيته و اخلاقه و سماته و صفاته خلال سنين عمره من البيت و الشارع و المدرسة و مكان العمل و كل اماكن التواصل الاجتماعي الواقعي و من ثم في المرحلة الحديثة من الاعلام المتنوع . و الاهم انه يتوارث ما مرٌ به تاريخ ابائه و اجداده من الوالدين عبر معايشتهم او حتى يمكن ان يدعي الكثيرون عبر جيناتهم، و من ثم العائلة و الاقرباء و المقربين اليه من خلال تعلمه ما في خلفياتهم من خلال سلوكهم و تعايشه معهم . بالقاء نظرة فاحصة على ما يحدث على الارض و في وسائل الاعلام من البرامج التي تلقى نجاحا واسعا و منها التي تخفق يمكننا ان نكشف عن عقلية الانسان العربي و اللاوعي الذي يخزنه و كيفية تفكيره و ما اثر عليه في نشاته حتى بلوغه . الاكثرية الساحقة من المجتمع العربي يحتاج الى تغيير في نظرته الى الانسان و في عقليته بشكل جذري، فان المآسي و العنف و مشاهد القتل و التمثيل بالجثث و التعذيب و التشويهات التي يراها دون ان يتاثر من داخله و ربما من يفعل ما انكره بالامس، لا يستنكرها من منظور العقل الانساني الذي لا يمكن ان يواجه هذه الحالات و لا ينكره فعلا و قولا بل ربما يستنكره نظريا من موقع و الفكر التشفي ان اعتبره دوا او انه يشفق عليه ان كان صديقا او قريبا، و هو في حال لا يمكن ان ينافسه في حياته فربما يقترب من التعامل الانساني اليه، و الشفقة ليست بالانسانية النقية التي لا يمكن ان تنبت الا من خلال جو و بيئة و مجموعة متمتعة بما تتطلبه صلب العقلية الانسانية . في هذا الشهر الذي تُعرض فيه المسلسلات والمسماة بالبرامج الترفيهية و الارهابية المحتوى و الايعاز، الم نرى البرامج التي تلقى نجاحا ساحقا و تكسب ما لا تكسبه اي برامج وعاظية او علمية او ترفيهية هادفة و صالحة للعقل السليم، من لم ير المقالب السفيهة العدوانية و التي تضحك عليها الاكثرية الساحقة من المشاهدين و لا يمكن ان تمر عليهم دون ان يتمعنوا فيه ليشفوا غليلهم من خلال العنف بطريقة ما يمكن ان نسميه ترفيهية الا انها تعبر عن داخل هذا المجتمع المبني على هذا التوجه، و هو الاستناد على تعذيب الاخر لاي سبب كان، و يجب مقارنته بمقالب الاخرين التي لا تحمل اية اذية للنفس و الجسم الانساني في اماكن اخرى . هذا الواقع المليء بهذه النفسيات و بنسبة ساحقة يحتاج لثورة ثقافية علمية ان تجرف ما في نفس الانسان العربي و الشرقي بشكل عام من الاساس التي بنيت عليه نتيجة الظروف الموضوعية و الذاتية التي عاشها في سنين عمره الضائعة . علم النفس يؤكد على ان النفسية البشرية الناشئة في بيئة و تاريخ و ثقافة تكتسب ما موجود على الارض من البنى الفوقية المسيطرة و البنى التحية المثبتة لما موجود و يخزنه في اللاوعي الانساني على مرور الزمن . لم تكن الاعراب في الجزيرة العربية الا صيادين و الغازين للاخر من اجل الحصول على لقمة العيش من جهة و ليشفوا غليلهم من ما اثرت عليهم من السمات التي تكسبهم اياها الظروف الجغرافية القاحلة و الاحساس بالوحدة و الفراغ في الصحراء . و هكذا خزنت هذه الصفات و توارثت و عمت على المطقة من خلال الغزوات و نشر ما سمي بالدين الصلاح و هو القهر و الخراب من اساسه . و من خلال القتل و التشريد للمنظمات الارهابية و ما يهتم به الانسان المدني الذي يعرف نفسه بالمسالم من بيته و العلاقات الاجتماعية و ما فيها و الخلافات التي تؤدي الى المشاحنات في نهاية الامر و بشكل بسيط و سهل الى القمع و القتل، و يمكن لاي متابع ان يكشف ما المخزون النفسي و الفكري في اللاوعي المريض للانسان العربي في المنطقة، و لهذا نرى انهم و حتى ان نزحوا و هجروا الى مناطق اخرى اكثر رقيا الا انهم يتصارعون مع انفسهم لما يخزنون و يكنون من البغض و الشدة و الكره مع البيئة المعادية لتلك الصفات و التي تغيرت مع مرور الايام هي ايضا، لذلك يصعب على بعضهم التغيير و يصرون على ما اكتسبوا من ارضهم و الدليل هو انضمامهم الى المنظمات الارهابية بكل سهولة . هذا ما يدلنا على ان الواقع العربي مليء بما يحتاج و الاصح هو ما يستوجب ازاحته و مسحه من المثبتات قبل المتغيرات، كي ننظف اللاوعي و المتوارث من الاجداد من المحفزات على القتل و الكره و العيش على انهاء الاخر من اجل الذات دون اية عقلية للبناء المستند على المشاركة و التعاون، و العقلية الانسانية التي تحتاج للتسامح و التعايش قبل اي شيء اخرلا يمكن بنائه على البغض و الخلفية او اللاوعي المريض بسمات العنف و القمع و القتل . لذا، اننا نقول ان التشخيص لما نعيش فيه من الامراض سهل و لكن العلاج يحتاج لمدة طويلة و بآليات علمية مناسبة، هل نحن بصدد التغيير ام نزيد الطين بلة، و متى نبدا التغيير لبناء الانسانية ؟
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مع الماضي او الحاضر ام الاهم هو التجديد الدائم
-
متى ينتهي شغف الكتابة ؟
-
متى تتراجع الدخلاء في العراق ؟
-
السياسة و الصحافة العراقية في مرحلة المراهقة
-
مسيرة تركيا بعد فوز حزب الشعوب الديموقراطي
-
الشتيمة و اشعال الفتنة في العراق
-
كيف يجب ان تتعامل الحكومة الفدرالية العراقية مع نوايا استقلا
...
-
متى نصل للمرحلة الانسانية في شرق الاوسط ؟
-
يتهافتون لاسترضاء امريكا رغم انعاتها براس الفتنة
-
ايهما الاَولى النضال القومي ام الطبقي في كوردستان
-
وفيق السامرائي يريد اشعال الفتنة بين الكورد
-
اخطرهم الفساد الاجتماعي المنتشر في العراق
-
العراق و مراوغة الاسلام السياسي
-
الانتخابات التركية و مجزرة الارمن
-
هل الشعب العراقي يؤيد قرار الكونغرس ؟
-
ماذا تنتظر سوريا من ايران ؟
-
متى ستنتهي اللعبة ؟
-
اوباما و كوردستان
-
لا يمكن ان يستمر العراق على هذه الحال
-
هل الوقت ملائم لاعلان الدولة الكوردستانية ؟
المزيد.....
-
مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
-
-حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص
...
-
تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة
...
-
اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
-
عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف
...
-
منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ
...
-
ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
-
الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين
...
-
المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى
...
-
الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|