أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسام روناسى - لم يلد ولم يكن له كفواً أحد ..














المزيد.....

لم يلد ولم يكن له كفواً أحد ..


حسام روناسى

الحوار المتمدن-العدد: 4821 - 2015 / 5 / 29 - 17:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سأل عيسى يوماً أمه وقال: هل لا يزال أبي في الغرفة يا أمي؟
الام: في كل مرة تسأل ذات السؤال. نعم هو في غرفته، وهل تعتقد أنه في مكان آخر؟
عيسى: ولما كان لا يزال في غرفته، فلماذا لا يمكن أن أراه؟ والى متى؟
قالت الام: قلت لك يا بني هذا لا يمكن، بل مستحيل.
عيسى: ولكني سئمت.
الام: سئمت؟ ومن أي شيء سئمت؟
عيسى: سئمت أنك دائماً الطرف الثالث بيني وبين أبي.
الام: ومن تريد أن يكون الطرف الثالث بدلاً عني؟
عيسى: لا يا أمي. أنا أقصد أن لا يكون طرفاً ثالثاً أصلاً.
الام: عدنا لذات الموضوع. يبدو أن هناك من يوسوس في رأسك.
عيسى: لا يوجد من يوسوس في رأسي، بل أنا أفكر اذن أنا موجود.
الام: يا بني، أبوك في الطابق الاعلى وغير مسموح لك أن تشاهده أو تسمع صوته.
عيسى: ولماذا يا أمي؟ هل يعقل أن أناديه أبي ولم أشاهده أو أراه؟ هل يمكن أن أطيعه دون أن أرى شكله؟ ما الحكمة أنه يختفي ولا يظهر لي؟ ما الحكمة أنه يرسل فقط أوامره وتعاليمه وأحكامه بواسطتك أنت فقط؟ يقولون البينة على من ادعى. فأين بينة أبي؟
الام: بينة أبيك لا تضاهيها بينة في العالمين أبداً.
عيسى: وما هي بينته؟
الام: بيناته كثيرة لا تحصى.
عيسى: أعرف ماذا ستقولين. قصص وروايات وحكايا وأساطير الاولين.
الام: وهل هذا لا يكفي؟
عيسى: أمي. مثلما أنت أمامي، أصدقك. على أبي أن يظهر أمامي أيضاً لأصدقه.
الام: هذا لا يجوز.
عيسى: ولم لا يجوز؟ أقصد لماذا لا يظهر لأشاهده ويشاهده العالم. فتكون طاعتي له مضاعفة بأضعاف أضعاف.
الام: يا بني ما أنا إلا رسول مبين. ولكنه قال أنه يختفي ليمتحن إيمانك بوجوده.
عيسى: ولكن لماذا لا تختفين أنت أيضاً وتقومي بامتحان إيماني؟
الام: هذا صحيح، ولكن كما قلت لك هو كذلك قال لي.
عيسى: لقد بدأت أشكك في بعض وصاياه وبعض أوامره وبعض دلائله.
الام: استغفر الله يا بني، لا تقل ذلك أبداً. هل بدأت تشكك بوجود أبيك؟
عيسى: يا أمي، أنا أريد أن أشاهده أو فقط أسمعه ليطمئن قلبي.
الام: وماذا تريد بالضبط؟
عيسى: أريد أن أشاهده وأسمعه، مثلما أشاهدك وأسمعك. فهل تمتلكين الشجاعة وأبي لا يمتلكها؟ أم أنك جميلة وأبي غير جميل أم أنك موجودة وهو غير موجود؟ نعم، ربما أبي لا وجود له وأنك كنت تسخرين مني وتهزأين.
الام: كيف تفكر هكذا. فمن خلقك وأوجدك إذن؟
عيسى: أعرف أنه أوجدني، لكنا قرأنا في درس الفيزياء أن المادة لا تفنى ولا تستحدث، لذلك أريد أن أسأله من أين جاء وكيف، لكي أصدق بوجوده.
الام: قلت لك هذا مستحيل. إن أبيك لا يكلم أحداً أبداً ولا يظهر لأحد أبداً، فهو لما يناديني، يناديني من جانب الطور الايمن.
عيسى: وهل يمكن أن أكون معك حين يناديك مرة أخرى؟
الام: أيضاً هذا مستحيل، ولا تصر في الاسئلة أكثر، فربما تبوء بغضب من أبيك وغضبه شديد لا يرحمك حينها.
سألها عيسى وقال: وكيف يغضب عليّ ولا يرحمني وأنت تقولين أنني ابنه؟
الام: لو شككت أكثر، فربما يغضب عليك غضباً شديداً ويأمر بك الى التهلكة.
عيسى: يغضب علي؟ يأمر بي الى التهلكة؟ أرجوك يا أمي قولي لي هل أنا حقاً ابنه أم ابنه بالتبني؟
وهكذا ظل عيسى يطرح في كل مرة ذات الاسئلة على أمه ولا يلقى منها إلا ذات الاجوبة. وكان كلما ينظر الى الطابق الاعلى، يشتهي ويتمنى أن يصعد ويفتح الباب ليعرف الحقيقة، حقيقة وجود أبيه. مرت الايام والسنين حتى مرضت أم عيسى، ففارقت إثر ذلك الحياة، وفارقت تلك الحياة عيسى، وبقي عيسى يفكر، ربما سيبقى يفكر!! فساد كل ما حول عيسى وحول العالمين صمت رهيب وظلام دامس، وربما لا!! فلم يعد هناك من يدري وربما يكن هناك !!
استغل عيسى الموقف وسارع ليفتح الباب وبعد أن كسره عنوة وصار داخل الغرفة، غرفة أبيه الاعلى، لم يجد لحظتها سوى وريقة قديمة جداً أكلتها حشرة الإرضة، لم يتبق منها إلا كلمة واحدة هي: بسمك اللهم !!
بسبب تلك اللحظة، استرجع عيسى ذاكرته بسرعة أيام كان يطيع أمه ويصدق أحياناً ما كانت تمليه عليه من أحكام وقوانين، وبعد أن ساد الصمت والظلام، يقول عيسى عن تلك اللحظة: نظرت حولي، فإذا بغيمة صغيرة جميلة جداً بيضاء شاهدتها بعيداً عني بعض الشي، كانت شفافة ورقيقة، قد تكورت وتكورت، حتى أصبحت بحجم وجه طفل رضيع، ابتسمت لها، ابتسمت الغيمة لي، لوحت لها ورعشة كبرى قد أصابتني، هزت برأسها، عرفت أنها تكلمني أنا. لا بل استوعبت حينها وقشعريرة شديدة باتت تتملكني، بأن أبي موجود وموجود، لكنه لم يكن الذي وصفته أمي.
حسام روناسى
[email protected]



#حسام_روناسى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوصايا العشرة لبدوي في المدينة
- الرحمن علم القرآن خلق الانسان .. كيف؟
- كم منكم يخاف نار جهنم؟
- لماذا الله نور وليس ضياء؟
- سورة البرلمان ..
- طفولة HAYA والكتاب
- لماذا تبقى الدول المتخلفة .. دولاً متخلفة؟
- لماذا الصين افضل من باكستان
- في بلادي: السجين ممنوع ضربه أحيانا ولكن .... مسموح !!
- ماذا لو أصبحنا كلنا أصدقاء
- صروح


المزيد.....




- مليونية حاشدة للجماعة الإسلامية ببنغلاديش وقادتها يوجهون مطا ...
- وزير الإعلام السوري: بيان الطائفة الدرزية تضمن دعوة لتهجير ا ...
- إسرائيل تتهم الشرع بـ-تأييد الجهاديين- و-تحميل الضحايا مسؤول ...
- “ثبتها الأن” تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات والع ...
- بيان من الرئاسة الروحية للدروز بعد وقف إطلاق النار بالسويداء ...
- “أغاني وبرامج تعليمية لأطفالك”.. تردد قناة طيور الجنة الجديد ...
- الشرع يثمّن موقف العشائر ويدعو لنبذ الطائفية
- “ثبتها على جهازك خلال ثواني” تردد قناة طيور الجنة 2025 الجدي ...
- كيف ضخّم كتاب -مدينة القدس زمن الحروب الصليبية- الوجود اليهو ...
- الجهاد الإسلامي: إبادة غزة لن تمر دون انعكاسات على المنطقة ا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسام روناسى - لم يلد ولم يكن له كفواً أحد ..