-خَطَواتٌ ضَرُورِيه في طَرِيقِكَ الى النجومِية-

بولس اسحق

الحوار المتمدن-العدد: 4820 - 2015 / 5 / 28 - 15:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

حدثنا إيليا الذي صعد الى السماء في الكتب اليهودية، لانه كان عليه السلام بارا وتقيا، ولخبرته في الامور الالهيه عن الخطوات الضرورية لكل من يرى في نفسه مؤهلا أن يكون نبياً أو رأى أنه قادرٌ على إنشاء ديانة تشبه او تنافس الزرادشتية، ولمّ اكبر قدر من الجماهير المغيبه الناعقة الثورية ، والتي تكون مستعدة لتأليه وتقديس وتأويل اعماله الاجراميه، التي لا بد منها لاجتثاث كل من استعمل اومجرد انه حاول ان يستعمل عقله ولو لهنية، ولتحقيق ذلك إليه الخطوات الضرورية ، وهي نتاج دراسة وتحاليل منطقية وليست امورا عبثية بلا شاهد او حجج قوية. انها من تجربة شخصية لنبي سابق نال النجومية، ونالت سيرته وكتابه الشهرة العالمية، لما تحتويه من اعمال ارهابيه واجرامية باوامر الهيه، واليك بعض من هذه الخطوات الضرورية كما وردت الينا من خلال كتاب سيرته الذاتية تحت باب من هدي النبوة:
1-اختيارالبيئة وهي الركن الاساس وبمثابة العمود الفقري لنجاح باقي الخطوات ، حيث انك لا تستطيع أن تدعى النبوة في بيئة واعية ومجتمع علمي متقدم فسرعان ما سينكشف أمرك و تنفضح إدعاءاتك. عليك أن تختار مجتمعاً متخلفاً نسبياً لا يفقه في العلم الشيء الكثير و له ميول لتصديق الخزعبلات و الخرافات والحكايات الاسطورية و تسهل مخاطبته عاطفياً. فقط في بيئة كهذه يمكنك أن تنجح و تبرز و تبني لك مقاماً محمودا وتجند أتباعاً يؤمنون بما تقوله بلا نقد أو شك. لاحظ أنك لا تسمع عن معجزات في الدول المتحضرة حيث المجتمع واعٍ ، ولا عن السحر وطرد الأرواح الشريرة إلا في بلاد الرمال اي الجزيرة العربية، حيث الميول قوية لتصديق كل هذه الأمور الخرافية بسبب العقلية "المتخلفة" التي هي هناك السائدة والطاغية
2-عليك بتنصيب نفسك الوسيط الوحيد بين البشر و الآلهة فتعلن أن الملائكة مثلاً إختارتك وحدك انت فقط، لتنقل لك أهم وأشمل أفكار الآلهة وأنها لسبب ما لا تظهر إلا عندما تكون لوحدك و لا يكون أحد آخر يسمعك أو بالقرب منك. "هكذا تضمن أن الآخرين لن يستطيعوا التحقق من صحة ادعاءاتك". أيضاً يمكنك إدعاء وجود كائنات خرافية أخرى خفية لا أحد يراها أو يسمعها مثل الجن و الشياطين وغيرهم فلا أحد أصلاً يستطيع أن يثبت أنها غير موجودة و بالتالي لن يقدر أحد على تكذيب أي من ادعاءاتك، ونفس الشيء ينطبق على سائر الغيبيات.
3-إذا إدعى شخص آخر غيرك الوساطة مع الآلهة فانظر البند التالي حول كيفية التعامل معه،كونك أنت مدعي النبوة والوساطة مع الآلهة لك وحدك وحصرية،وهذا يضعك في موقف لا يسمح أن تكون هنالك معارضة لك. وللتخلص من معارضيك يمكنك أن ترسل من يغتالهم و هم نائمون أو أن تقتل بنفسك أو بأمرك كل من يجرؤ على نقدك أو هجائك بغض النظر إن كان شيخاً أو إمرأة. لا تقلق على كيفية تداول الخبر أو من التبليغ و الكشف عن جرائم لا مبرر لها قمت بها فيمكنك دائماً الإدعاء أن من تخلصت منهم كانوا يتآمرون ضدك و أن ما فعلته كان دفاعاً ضرورياً عن النفس و هجمة استبقاية على من كان يسعى لقتلك. و إذا اتهمت بالسرقة عند نهبك لقوافل الآخرين مثلاً يمكنك دائماً الإدعاء أن كل ما فعلته هو استرداد ما كان قد سُلب منك سابقاً. و إذا كان هنالك من لا يصدقك "فليسأل القتلى عما كانوا يخططون له لنرى إن كان قادراً أن يثبت أنه لم تكن بِنِيّتهم الإعتداء عليك".
4-أنت كنبي يجب أن تظهر سعة معرفتك و مدى ثقافتك بالتاريخ الفولكلوري ولتحقيق ذلك لا تجد أحسن من أساطيرالأولًين لتملأ بها أحاديثك فترويها بطريقة بهلوانية تستلهم النفوس وتوحي بالواقعية وتعطي الإنطباع أنك تتمتع بالمصداقية. يمكنك أن تخبر عن حمير و بغالٍ لها أجنحة تطير بسرعة الضوء و تصل السماء، وحفز مكنوناتهم النفسية بانك زرت الاله بدعوة شخصية مرتقيا على ظهر طائر، ولا تذكر اسمه حرفيا وحيرهم باوصافة لا هو حصان ولا هو بالحمار، وربما كان بغلا فتيا وصارع بكل قوة قانون الجاذبية، أو عن أنبياء قبلك كانوا يكلمون الحيوانات و النمل أو يعيشون في بطون الحيتان أياماً أو أكثر ، يعني الخرافة يجب أن تلقيها بما يتلائم مع الحضور، فإذا رأيتهم مهتمين مشدوهين فقل أن هذا النبي مثلاً بقي اسابيع في بطن الحوت أما إذا لم يكن الجو ملائماً فإختصر و اجعلها بضعة أيام فقط . و إذا شحت لديك في أي وقت أساطير من التراث الشعبي فبإمكانك اللجوء إلى قصص خيالية أخرى مثل قصص الف ليلة وليلة او قصة السعلوة وأليس في بلاد العجائب و هاري بوتر فتستعير منها ما شئت فصراحة هذه الأخيرة بمضمونها و واقعيتها لا تختلف كثيراً عما سبقها. هل إستطاع أحد أن يثبت أن السعلوة لم يكن لها وجود؟؟
5-الأساطير و الخرافات المتداولة يجب ألا تكون كل ما لديك لترويه فعليك ببعض المواد التي تميّزك عن الذين سبقوك من الدجّالين. هنالك أمثلة و نماذج كثيرة لكيفية كتابة سيرتك الذاتية والعقيدة التي تريد طرحها على الجماهيرالابية. وهذا أحد النماذج المعروفة هو أن تبدأ كتاباتك ببضع رموز أو أحرف غير مفهومة لتوحي بالغموض مثلاً فتزيد من جاذبية رواياتك و تشغل "العقول" بمحاولة فك ما لا حل له اصلاً، مثل( ا.ل.م) أو ( ا.ل.ر) أو غيرها. يعقب هذه البداية التوكيد منك أن كل ما تقوله لا شك فيه و يمثل قمة الحقيقة المطلقة الجلية (مثلاً أن تدعي أن كتابك لا ريب فيه). وبهذه الطريقة تكون قد قطعت الطريق أمام كل من يخطر على باله أن يدّعي رأياً مخالفاً أو أن يحاججك بما لا ترغب في سماعه. من يملك الحقيقة ليس مهماً في هذا الخصوص فأنت لا تستطيع أن تسمح لنفسك بألا تظهر صاحب المعرفة الكلية أو أن ما تقوله يمكن الجدال فيه. وأما عن الطريقة التي تختارها لملء كتابك فيمكن أن تضيف ما شئت للأساطير حتى أنه يمكنك أن تجعل كتابك يحوي حديقة حيوانات فاذكر مثلاً البقرة و النمل و النحل و العنكبوت و الفيل والقرد والخنزير والطير الابابيل.
6-الأساطير وحدها لن تجلب لك القوة والشهرة. ولكي تجند الأتباع الذين سيساعدونك على الوصول لمبتغاك يجب أن يكون لديك ما تعرضه عليهم لتكسب نفوسهم او على الاقل تتقي شرهم. يمكنك أن تدفع لهم الأموال (يعني أن تؤلف قلوبهم مثلاً) أو أن تخدعهم بالعالم الآخر و ما سيحصلون عليه هنالك "وطبعاً لن يعود أحد من هنالك ليحاسبك على ما كنت تخدعهم به". تذكر دائما انك لا تخاطبهم بالعقل (هم أصلاً لو كان لديهم عقل ما كانوا ساروا ورائك) و بالتالي أنت بحاجة لوسائل أخرى غير عقلية لضمّهم إليك ولإخضاعهم لك أي لم يبق أمامك سوى العاطفة، أي الإقناع عن طريق الترغيب و الترهيب. إعرض عليهم كل ما تشتهيه أنفسُهم من نساء وغلمان و خمر و كل متعة جسدية أخرى تخطر على بالك لكي تضمن أنهم سيكونوا لجانبك عن رغبة و قناعة بأن مصلحتهم أن ينصاعوا لك. ولكي تضمن أن أحدهم لن يترك صفوفك و يتخلى عنك و بالتالي يفتح المجال للآخرين فعليك أولاً أن ترهبهم بعواقب عدم الإنجرار وراءك و ثانياً عليك الأمر بهدر دم كل من يجرؤ على عمل ذلك. أما عن الترهيب فاسمح لخيالك السادي و المنحرف بالإبحار كيفما شاء فأذكر مثلاً النار الأبدية و كيف أن جلودهم ستتبدل كلما إحترق جلدهم ليكون العذاب هائلاً بلا نهاية، و أضف بعض المؤثرات الأخرى كالحديد المصهور الذي سيشربوه واسياخ النار التي ستدخل من الدبر، وانتقى لها مخرجا عصيا ،اوشجرة الزقوم التي هي زادهم يوم الابدية.
7-عليك أن تظهر و كأنك تدافع عن هدف نبيلً أونصرة الاله السقيم وهذا في غاية الأهمية. أنت طبعاً لا تستطيع أن تقول أنك في النهاية تسعى وراء المال أو القوة أو النساء أو المصلحة الشخصية، أو أن ما يتهيأ لك من آلهة و ملائكة وشياطين، سببه فقط أمراض عقلية و هذيانات، بل عليك أن تظهر مدافعاً عن غاية عليا مثل كبرياء و شرف الآلهة مثلاً. هذه الأداة عملية جداً حيث يمكن تسخيرها للعديد من التسويغات، مثلاً إذا أردت أن تحارب أي مجموعة دينية أوعرقية لأسباب سياسية ومادية أو اردت أن تنهب ثروتها أو أن تستبيح نساءها، ففي مثل هذه الحالات ما عليك إلا الإدعاء أن الآلهة غير راضية عن هذه المجموعة وأنها(اي الالهه) أمرتك بمحاربتها فهذا كل ما تحتاجه لشيطنة هذه المجموعة و هدر دمائها و جعل خيراتها حلالاً عليك و على أتباعك و لشرعنة كل ما ستقوم به و لتبرير الحرب أمام أتباعك الذين يدعمونك على كل حال فهم إما مستفيدون منك فيدّعون تصديقك أو سُذج يُصدقون كل ما تقوله، فهم مثلك لا مهنه لهم سوى النهب واعمال البلطجية،وسيكونون لك من الشاكرين لانك جعلت من اجرامهم وصعلكتهم المذمومة من القبائل العربية، عملا مقدسا بامر الالهه وسينالون به الرحمة وسينعمون بالكرخانه الالهيه.
8-قل كل ما يخطر على بالك عندما لا تكون هنالك إمكانية للتأكد من صحة ما قلته. قل كلاماً مبهماً يفسر بطرق عدة فإذا لم يصلح التفسير الأول هنالك تفاسير أخرى يمكنها أن تكون البديل و ابق لنفسك حرية إختيار التفسير الذي تراه مناسباً. تكلم عن أمور ستحصل في المستقبل و حاول أن تغطي جميع الإمكانيات "حتى و إن قلت كلاماً متناقضاً فما تثبت صحته بعد سنين طويلة يمكن لأتباعك الإفتخار بأنك تنبأت به و يستخدموه كدليل على نبوتك، و أما ان ثبت بطلانه فيمكن دائماً الزعم أن المصدر الذى ذكر هذه النبؤة غير موثوق به، أو أن هذا الكلام المنسوب إليك مدسوس أو مشكوك فيه لأي سبب كان".
9- لاتنسى أن تكتب الأفكار التي توجه الناس الى خدمة مصالحك الشخصية في كتاب خاص وتنسبه الى الآلهة, حيث يطلب منهم أن ينفذوها دون قيد وشرط, ويكفيك أن تدعوهم لتقديس الكتاب ومنعهم من السؤال لكي لاتحرج عن الجواب بآية ذهبية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ), ستجدهم حينها يحفظونه بأحسن شكل وفي أأمن مكان ويقبلوه
كلما تناولوه في أيديهم وبعد الإنتهاء من قرأته, لاتقلق ... سوف لن ينسوا البكاء عليه .
10-ولا تنسى أن تضع بجانب إسمك عبارة تخدمك في إثبات نبوتك وإعلاء مقامك ليتفوه بها أتباعك كلما نطقوا بإسمك, أي اشبه ما تكون بـ (علامة تجارية), وكمثال على العبارات مثلاً " إنحنى له الاله" أو "فضله الآلة" أو حتى مايدل على أن الآلة يصلي عليك ويسلم بعدها.
11-إذا ماهاجمك أعدائك ليقتلوك في فراشك, إهرب وانفذ بجلدك, وضع شخصاً آخر في فراشك, كائناً من يكون حتى لو كان الطفل إبن عمك, لايهم إن قتلوه أم لا, "وعلى الأغلب لن يقتلوه لأنهم يتحلون بما يكفي من أخلاق رفيعة وان كانت جاهلية ، فهم لايقتلون بريئاً حتى لو كان ابن عمك"!! وادعي انك قمت بالهجرة وليس عن جبن كان هروبا او فرار،فما اسهل التسفيط بالكلام..وفي الختام التحية والسلام.

#بولس_اسحق (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات