أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صالح حمّاية - قصة الدولة في -تنوره -.














المزيد.....

قصة الدولة في -تنوره -.


صالح حمّاية

الحوار المتمدن-العدد: 4818 - 2015 / 5 / 26 - 22:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين نرى الصرامة والعصبية التي تعامل بها رئيس جامعة الجزائر، و وزير التعليم العالي لاحقا "الطاهر حجار" مع مسألة الطالبة صاحبة التنورة القصيرة ، قد يخيل لنا للوهلة الأولى أن الجزائر دولة " اصولية -دينية " و أنها من هذا المنظور تتعصب مع اللباس القصير ، فالرجل وحين حاول تفسير معنى اللباس اللائق لدخول الجامعة ، زعم أن هذا اللباس يتنافى و ما ارتدته الفتاه من تنوره قصيرة وعليه فهو منعها من الدخول ، لكن الحقيقة أن ما طرحه السيد حجار كمبرر كان عاري عن الصحة تماما ، فعلى الأقل و إذا نظرنا للنساء العاملات في مهن الدولة (نقصد النساء العاملات في السلك الأمني بالتحديد ) فجميع هؤلاء النسوة مفروض عليهن وكلباس رسمي بدلات بجيبات قصيرة ، فسواء الشرطيات أو الدريكات أو الجمركيات فالجميع ملزم بلبس بدلات ذات جيبات قصيرة إن لم نقل أنها اقصر من تلك التي منعت بسببها الطالبة من دخول الجامعة ، فما الذي جرى لكي ينتهي الحال بالسياسي الجزائري كسيد حجار لأن يخالف تقاليد الدولة في فهمه لما هو مقبول وما هو غير مقبول بالنسبة للمجتمع ، ومتى حصل هذا التغير الشاذ ؟ .

الحقيقة و بالنسبة لهذا السؤال فالجواب يكمن في حالة التناقض التي تتفاقم يوميا بين تصور السياسيين لما هو واجب لكي ينفذ ، وبين تقاليد الدولة الجزائرية ، فالجزائر كدولة أسست أساسا على النمط الحديث ، ونقصد هنا إنشاء الدولة على أنقاض التركة الاستعمارية التي كانت تركة حداثية ( عدى طبعا مفهوم الدولة الوطنية الذي هو تصور حداثي ) لهذا فالدولة حين صاغت قوانينها لتنظيم اللباس أو الهندام للأسلاك الأمنية ، فهي قد تبنت نموذجا متحررا يتماشى و النموذج الذي تبني عليه ، في المقابل ومن الناحية الأخرى فالساسة الذي تعاقبوا على حكم الجزائر كان لكل تصوره الشخصي في رؤيته للحداثة ، فهناك مثلا من تقبل الحداثة في الدولة ودعمها ، وهناك كما هي جماعة حجار الآن من لها أزمة مع الحداثة و الحريات ، وعليه فنحن حين نرى هذا التعصب من السيد حجار إتجاه اللباس القصير ، فهو تعصب السياسي الآني مع تقاليد الدولة الجزارية ، وهو ذلك الصراع الأزلي الذي تعاني منه الجزائر و جل الدول التي انتكست في علاقتها مع الحادثة ، فالحقيقة أن ما يجري اليوم من فضوى في هرم السلطة حول أمور الحداثة و الدين في الدولة (مثلا في قصة التنورة ، أو في قصة تحرير بيع الخمور الخ) هذا كله نتيجة لهذا التناقض الحاصل بين تقاليد الدولة الحديثة ، وبين متطلبات السياسية الطارئ عليها ، فاليوم - أو لنقل منذ تصاعد المد الديني في المجتمعات (العربية )- هناك حالة من التذبذب في علاقة السياسي وقيم الدولة الحديثة ، فمن جهة هناك الدولة بالشكل الحديث الدولة الجزائرية الديمقراطية الشعبية ، في المقابل هناك بعض الساسة هم ذو توجه تقليدي ماضوي في أحسن الأحوال كي لا نقول داعشي ، وعليه نجد هؤلاء دائما في صدام مع الدولة ككيان ، وليس مع الحرية أو المجتمع ، وكدليل مثلا على هذا ما جرى في قضية التنوره القصيرة ، فالسيد حجار الذي منع الطالبة من الدخول ولأنه لم يكن يملك أي سند قانوني لفعلته ، سارع مباشرة وبعد تعيينه كوزير للتعليم العالي لسن قانون يمنع فيه اللباس القصير على الجامعات ، بما معناه أن الرجل كان يعي أن فعلته منافية للقانون و الدستور من البداية ، وعليه فقد رقع لنفسه سريعا قانونا لكي يعطي لنفسه المبرر بأثر رجعي .

وعلى هذا فحين نعود لقضية التنورة فهذه القضية الحقيقة ليست قضية تعصب ديني عابر ، أو قضية ربما قضية شكليات قانونية ، بل القضية هي دولة تفقد معالمها الأساسية، فالدولة الجزائرية بشكلها الحديث اليوم وللأسف تتلاشى رويدا رويدا أمام تصاعد التصورات التقليدية داخل السلطة ، ونحن لو دققنا لوجدنا الفوضى الحاصلة في هرم السلطة اليوم كلها فوضى ناتجة بسبب هذا التناقض بين دولة قائمة على النمط الحديث ، وبين ساسة منحازين للماضوية، وعليه فنحن دائما نشهد حالات من تفجر الصراع بين ما هو ماضوي و بين ما هو حديث ، وربما إذا أردنا إعطاء مثال واضح على هذا، فيمكن ذكر حادثة تحرير بيع الخمور ، ففي تلك الحادثة مثل الوزير عمارة بين يونس كسياسي لبرالي وجه الدولة بشكلها الحديث ، فهو حين تعامل مع مسالة الخمر تعامل كما تملي الدولة الحديثة بدون أمزجه أو أهواء دينية ، وعليه مرر القرار ، في المقابل ذهبت رئاسة الحكومة إلى النقيض بتبني الآراء الأصولية و الدينية المناقضة لقيم الدولة ولغت القرار ( أو،ولنكون أكثر دقة جمدت القرار لأنها لا تملك سند قانوني لمنعه) وكما ترون فهنا لدينا نظام يسير في حالة منافية لقيم الدولة التي يقود ، بل دعونا نذهب لما هو ابعد ونقول أن النظام الحالي وكما نلاحظ بات يعاني من مشكلة مع الدولة الحديثة ، فالجزائر لو أسست على نمط بدائي في مؤسساتها كما هي ممالك الخليج أو دولهم حيث اللادستور، و اللاقانون و اللاحقوق ، فقد كان يمكن بسهولة رفض و تمرير القوانين على حساب الهوى الشخصي ، لكن لان الجزائر دولة لها تقاليد، فالسلطة ( ولنقل بعض الأطراف فيها ) باتت مضطرة لتعاني مع كل تلك الضغوطات حتى تفعل تفعل، تماما كما فعل حجار حين ذهب لتفكيك قيم الدولة بالتلاعب بها قانونيا لكي يمكنه تمرير ما يريد من تصورات رجعية .



#صالح_حمّاية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيقان عارية و إرهابيون .
- بعد موجة العودة للدين لنجرب الابتعاد عنه .
- وماذا عن القمع الديني يا صحافة .
- لا جدوى من الإسلام إلا كديانة إرهابية .
- مشكل الطلاق ليس قانوني يا سيادة الرئيس .
- الهمجية كقيمة إسلامية رفيعة ؟ .
- نحن المسلمون همج وسنبقى همج .
- الإسلام ضد العالم .
- الإسلام ساعيا لدمار الغرب بعد أن دمر الشرق .
- الأدلة على عدم إسلام الحسن باتيلي .
- إرهابكم يا مسلمين لن يجدي .
- وماذا عن الكفر-فوبيا و الشرك-فوبيا ؟.
- إذا شارلي ايبدو مؤامرة فماذا عن ولد مخيطر ؟ .
- براءة الإسلام المتطرف من مجزرة -شارلي إيبدو- .
- الخوف على فرنسا أولى من الخوف على المسلمين .
- المسلمون و الفهم السلبي لله .
- اللهم أحفظ الكفار و المشركين .
- اللهم أهلك العرب و المسلمين .
- حول العنصرية إتجاه المسلمين .
- تضامنا مع المناهضين للإسلام .


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صالح حمّاية - قصة الدولة في -تنوره -.