محمد عبد الله دالي
الحوار المتمدن-العدد: 4812 - 2015 / 5 / 20 - 18:07
المحور:
الادب والفن
زفاف في حضرة النهر
أثناء إلقاء مسئولة التنظيم النسوى ،محاضرتها على مجموعة من الزميلات ،كانت نظراتها متوجه نحو ثلاث من الفتيات وهنً يتشحن بالسواد ، وبعد إن انتهت محاضرتها ،طلبت منهنً الانتظار لفترة قصيرة قائلة : ـــ
ـــ زميلاتي ، لدي أسئلة ، أرجوا ان احصل على إجابة منكنً ،عسى أن أتمكن من مساعدتكنً على اجتياز المأساة التي نمر بها جميعاً ، جاءها الرد بالإيجاب.
فبادرت مسئولة الرابطة قائلة ، بلادنا تمرُ بأشد الأزمات والأوقات وتتعرض للخطر ، منذ زمن ليس بالقصير ،وأنا أرى الحزن بادٍ عليكنً ،وهذا أمر طبيعي ، لأننا فقدنا الكثير من الأحبة .أجابت إحداهنً : ــ
ـــ زميلتي ، أنا والكثير من الفتيات ، فقدنً أزواجهنً وإبائهن وإخوانهن والقادم أعظم
ساد صمت تخنقه العبرات ، تنهدنً وعيونهنً تلمع بالدموع ، فاقترحت إحداهنً قائلة : ــ أود أن نكرم شهدائنا ،أيتها العزيزة ، ولهم الحق علينا
ـــ اقتراحك في مكانه .
ـــ سنذهب إلى مكان استشهادهم ونكرمهم علناً أمام الأشهاد ، أتفقنً على ذلك ،فاتصلن بجميع الأمهات والزوجات ،المفجوعات ،فرفعنَ الرايات البيضاء وكل واحدة تحمل صورة لأبنها أو زوجها وخطيبها ،وعندما وصلنً إلى مكان الفاجعة ..تباطىء الجمع بالسير احتراما وإجلالاً ، اقتربن من النهر ثمَ توضئنً بماءه إكراما وتقديراً للدماء التي أريقت على جانبيه، أوقدنَ الشموع ووضعت كل إمراة شمعة على صورة شهيدها وطافت الصور على وجه النهر تحمل الشموع وهي تتلألأ وتضيىْ كالنجوم في السماء ، والموج يعزف سنفونية حزينة ،تتناغم مع الضوء ,وكأن الشاعر ينشد قوله الشهير : ــ
نسج الريح من الموج زرد ــــ أي درع لقتال لو جمد
كانت زفت جماعية لشهداء الحرية تنطلق في حضرة النهر وهي تحكي إن وحوشاً من أبناء جلدتنا ,سفكوا دماء الأبرياء . وهنا دماءُ امتزجت في مياهه تروي ارض الوطن .
محمد عبد الله دالي الرفاعي
في 20/5/ 2015 .
#محمد_عبد_الله_دالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟