أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيب شحادة - رجل غني، رجل فقير والقاضي - قصّة أخلاقية














المزيد.....

رجل غني، رجل فقير والقاضي - قصّة أخلاقية


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 4788 - 2015 / 4 / 26 - 01:47
المحور: الادب والفن
    


رجل غني، رجل فقير والقاضي - قصّة أخلاقية
ترجمة حسيب شحادة
جامعة هلسنكي


عاش فيما مضى رجل فقير يدعى أحمد؛ عمل بنشاط وجدّ للحصول على لقمة العيش، وكان راضيًا وقانعا وممنونا عمّا كان يجني. كان له جار ثري اسمه فريد وكان بخيلا بقدر ثرائه. لم يسعد قط عندما كان يرى الآخرين ولا سيما جاره الفقير أحمد سُعداء. دأب فريد دائما على تنغيص حياة أحمد.
ذات يوم، أقام فريد وليمة في بيته، أمر خدّامه بطهي طعام فاخر. نكهةُ ما أعدّ مما لذّ وطاب فاحت وساقتها الريح إلى كل الجوار. لم يأبه فريد بالطبع بدعوة جاره الفقير أحمد بل كان يتلصلص من شرفته على ساحة داره. أصيب فريد بالقنوط والحيرة لما رأى أحمد الفقير جالسا يتمتع بشذا ما يصله من مطبخه. كاد قلب فريد يتوقّف عن النبض مصدوما.
ماذا، فكّر ’’كيف يجرؤ ذلك المعوز على استنشاق نكهة مطبخي؟ إنه مطبخي! نكهة الطعام الذي طهي بمالي! يا له من وغد! كيف يجرؤ؟ سأجعله يدفع ثمن ذلك! سأقدّمه للقاضي طالبا العدالة‘‘!
سار فريد إلى بيت أحمد وهو يغلي غيظا وبدون أية تحية صرخ على جاره: ’’إنك لصّ، حرامي، وغد! كيف تجرؤ على اختلاس مما في ؟‘‘
أحمد المسكين لم يع، بأية سرقة يتّهمه فريد. وبدون أي توضيح جرّ فريد جاره إلى القاضي. انتشر الخبر كانتشار النار في الهشيم وتجمّع جمهور غفير ليرى ماذا سيكون الحُكم. وقف فريد أمام القاضي وعرض قضيته بصوت عالٍ ورنان.
’’يا سيادة القاضي، إن هذا الرجُل وبكل وقاحة كان يجلس في ساحة بيته الخلفية وبدون أدنى جهد يتمتّع بنكهة الطعام الزكية المنبعثة من مطبخي. إنّي أطالبه بدفع مبلغ من المال مقابل تمتّعه ذلك على حسابي. يا سيدي، كنتَ دومًا عادلا وإنّي على يقين بأنك ستحكم بالعدل في هذه القضية‘‘.
القاضي كان حقّا محترما، بارعا، وعادلا. إنه أصغى بهدوء - الصدمة التي ارتسمت على وجهه تحوّلت رويدا رويدا إلى طرفة عين. الآن التفت إلى أحمد وسأله: ’’هل هذه التهمة صحيحة؟ هل تمتّعت على حسابه‘‘؟ ”نعم أيها القاضي، ما كان في اليد من حيلة‘‘.
’’يا أحمد عليك أن تدفع لفريد مقابلَ ما تمتّعت به. قرّرت المحكمة أن تحضرا إلى هنا غدا في نفس الوقت؛ بمشيئة الله سنقيم العدل‘‘.
ألقى فريد على أحمدَ نظرةَ ازدراء وخرج وابتسامة النصر على شفتيه. أحمد المسكين كان مرتبكا، وعندما همّ بالانصراف اقتاده القاضي إلى ركن ما وهمس شيئا ما في أذنه. استنار وجه أحمد وأسرع قافلا إلى منزله.
في اليوم التالي كانت قاعة المحكمة تغصّ بالناس. كل سكّان المدينة الذين يعرفون خصال فريد الدنية وطبيعة أحمد البريئة كانوا متلهفين لمعرفة حلّ المشكلة. وقف الجاران أمام القاضي. أحمد حمل صندوقا كبيرا. توهّج وجه فريد عند رؤيته صندوق نقود أحمد. هذا هو كل ما لديّ من مال يا سيادة القاضي! ’’حسنا، هُزّ الآن الصندوق ليعلم جميعنا يقينا أن فيه نقودا‘‘، أمر القاضي. هزّ أحمد صندوق النقود بحيوية وسمعت جلبة مجلجلة.
التفت القاضي إلى فريد:’’آه، يا فريد أليس الصوت بهيجا‘‘؟ ’’نعم، نعم، يا سيادة القاضي‘‘، ردّ فريد.
أمر القاضي أحمد بهزّ الصندوق ثانية ففعل. ثم سأل القاضي فريدا: ’’ألا تشعر بالسعادة لسماعك صوت هذه النقود الكثيرة‘‘؟ لمعت عينا فريد وهتف ’’أجل، يا سعادة القاضي، إن صوت تلك النقود تغمرني بالمتعة القصوى‘‘، وحالا همّ بانتزاع صندوق المال من أحمد.
’’إياك أن تلمسه‘‘! قالها القاضي ’’أحمد قد سدّد الدين بالكامل. بالضبط كما أن نكهة طعامك قد أسعدته هكذا صوت نقوده أدخل البهجة إلى قلبك. دُفع لك بنفس العملة، أقيم العدل‘‘.
دوّى التصفيق الحادّ في قاعة المحكمة تقديرا على حصافة القاضي المتقدة. تابع القاضي بصوته الشرس ’’على فريد أن يدفع لأحمدَ مائة قطعة نقد ذهبية عقابًا على مضايقته لجاره وتعكير صفو سلام منزله‘‘.
عاد أحمد إلى البيت سعيدا ورجع فريد إلى داره بحكمة أكبر.



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البرقُ ضرب من؟ قصّة أخلاقية؟
- يوم الأرض ومخطط الجهض
- حول العبرية المحكية الحديثة وفصحى عربية العصر
- كلمة عن الصوم في المسيحية
- رمل وحجر - درس أخلاقي جميل
- كلمة عن الفيجن
- بلاد شمس منتصف الليل
- لماذا استهلّ الله التوراةَ بالحرف باء؟ بقلم مرجان السراوي
- دراسات في الأدبين السامري والقرائي لليڤ-;-نشطم
- درس عظيم في الحياة يقدّمه مخلوق ضئيل جدا، واقع الحياة
- نظرة على كتاب: عرب جيّدون لهليل كوهين
- لمحة عن قاموس القدس - إنجليزي عربي
- قصّة محفّزة حول راحة البال
- كدتُ أبيع إيماني - قصّة مدهشة
- أطفال فلسطينيون من سوريا يحكون حكاياتهم
- قصّة المرآة
- كيف هلك جدّك؟
- كلمة عن بافو رُوتسالاينن، الواعظ الفنلندي الشهير (١-;- ...
- لا تستخفّ بقوّة الكلمات أبدا
- اليهودية التي لم نعرفها ليوخي براندس ومقتطفات منه


المزيد.....




- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيب شحادة - رجل غني، رجل فقير والقاضي - قصّة أخلاقية