أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صمود محمد - الحب في هذا الوطن














المزيد.....

الحب في هذا الوطن


صمود محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 19 - 09:48
المحور: الادب والفن
    


(الحب في هذا الوطن ) :

أقدامُها تتراقصُ على نوتاتِ عجلاتِ السيارات في الشارعِ التي لربما تكونُ إحداها سيارته ، تقفُ خلفَ النافذةِ ترخي نصفَ عينها إلى المرآةِ والنصف الآخر إلى لون النمرة !!! تبحلقُ عينيْها ، يصبحانِ غابةً كأنها تريدُ التهامَ الشارعِ كلمّا رأتْ اللونَ الأصفر وترتجفُ رجفةَ الحب .
ربما يكون هو، سيارته ، رغم أنّه أخبرَها أنه يحتاجُ ساعةً وربما أكثر ،ولم يمضِ سوى عشر دقائق أو أقل على مكالمته ، لكنها أحستْ بانتظارِه أنَّ الوقت ينمو لا يقل .
كيف تلتهمُ هذا الوقت اللعين الذي يزداد مع سيْر الساعة ، سارتْ في دهاليز البيت كلها : الصالون ، المطبخ ، الغرف جميعها ، شربتْ كأسا كأسين ثلاثة من الماء لتطفئَ نار العشق الذي تشتعل داخلها ، حتى أنها أقنعتْ نفسها أكثر من مرة أنها تحتاج الذهاب إلى الحمام !!‘وانتهى المطاف بها إلى البداية إلى تلك النافذة باحثةً عنه بين السيارات رغم أنها لا تعلمُ شكل سيارته فإنه اللقاء الأول .
_رن الهاتف : 052...
إنها لا تحفظُ رقمه بسجلِّ الهاتف ، حفظته بقلبها فقط ، فما زالت لا تعلمُ ماذا تسميه ،فالأشياء التي تعني لنا كثيرا نتحيّر أكثر بالاسم الذي يليقُ بها فنتركُها بلا عنوان في حياةٍ تتجددُ فيها الأسماء دوما ..
_ ألو
_انزلي ، أنا تحت .
كانتْ أربعةُ شواحط وكأنها دهر ! نزلتْ مثنى مثنى ،وقفتْ عند الدرجةِ الأخيرة محاولةً أن تُهَدّأَ العاصفة التي تتخبَّطُ في جدران قلبها كبداياتِ إعصار .
فتحتْ بابَ السيارة ، لم تنظرْ إلى عينيْه ، نسيْت أن تسلّمَ عليه ، وابتلع الصمتُ لسانها .. اشعلَ المدفأة ليدّفِأ يديْها الراجفتيْن ، لكنَّها لم تدفأْ !! دار حديثٌ قليلٌ بينهما يتخلله بعض من تلك النظراتِ المسروقة وكأنّهما لصانِ في الحب !!
في الحقيقة هما لصا حبٍ ، بل مرتكبا جريمةٍ في الحب ، كان عليها أن تعرفَ ذلك منذ أن وعدها منذ زمن أن يكون لقاؤهما على شاطئ يافا ، وأن يتناولا السمكَ في مطعم (العجوز والبحر) في مينائه ، ولكنه لم يستطعْ أن يفيَ بوعده فهي لا تمتلكُ تصريح الدخول إلى القدسِ وهو لا يستطيعُ أن يهرِّبَها خوفاً أن تُسحبَ منه هويّته الزرقاء !!! هو جبان في الحبِّ وهي لم تقطعْ تصريحًا للحب !!!
جلسا في مكان يطلُّ على القدس ، أو تصله قليلاً من نفحاتِ رائحتها ، قال لها محتسياً الرشفةَ الأولى من القهوةِ العربية :
_في شوارع القدس ، في وادي الجوز ، الشيخ جراح ، حي الزيتون ... الخ ..تكون الشوارع حاليا شبه خاليةٍ خوفًا من اختطافٍ مفاجئ ، طعنةٍ مفاجإة ، تكرار محمد أبو خضير مرة أخرى ! ومن يريدُ الخروج يأتي إلى بيت لحم ، أو رام الله، فتقريبا خمسة عشر بالمئة من الشباب يخرجون هناك وأنا منهم هذه الليلة لأجلكِ أنت .
نظر إلى عينيها الصاغيتين ، وارتشفَ الرشفةَ الثانية مستأنفًا حديثه متأثراً بغسان كنفاني :
نحن في حبسٍ ، شوارعُنا حبس ، أسماءُ أحيائنا حبس ، الردايو في مقهانا حبس ، الجريدة التي نقرأها في الباص الذي ممكن أن يُداهمَ بكل دعسةِ بنزين حبس ، بيتي الذي خلف الجدار حبس ... من منا يا ليلى في هذا الوطنِ الجريح غير محبوس ...
مشاعرنُا المكبوتةُ بين اللونيْنِ حبس !!!
شاركَها صمتها المؤلم ورشفَ الرشفةَ الثالثةَ متحاشيًا النظر إليها خوف أن تنزلقَ كلمة سهوا من قلبه !! ثم كسرَ حاجز الصمت مثرثرًا ثرثرةَ الهاربِ من الحقائق :
القهوةُ العربيةُ لذيذة جدا ، لا أعرفُ لما يفضلون (عليت ) ؟!! أم أنه اتكيت على حساب الوطن ؟؟!!
نظرت إلى عيْنيه محاولةً أن تجعلَه أن يخرجَ عن هذا السياق ، فقد انتظرتُه كثيرا انتظار بوحِ ما في جوفِه حتى تعلمَ ما الاسم الذي تسجلّه به في سجلِّ هاتفها المحمول !!
فركتْ يديها ، ثم قدميْها ، كأنها تسخِّنُ الكلمات لتخرجَ من حنجرتِها التي تشنجتْ عن قول الحروف، قائلة له :
_لما فضلتني ؟؟
_ لأنكِ تحبينَ اللون الأصفر مثلي !!
في تلك اللحظة كرهتْ جميع الألوان حتى لونها المفضل ، ليست تلك الإجابة التي تريدُ أبدا .
_أتربطُ ما بيننا بالألوان ؟؟!!
_ منذ أن ولدتُ وحياتنا في هذا الوطن مرتبطة بالألوان ، بالجدران ، بالمعابر !!!
ارتشفَ رشفتَه ما قبل الأخيرة ، جاعلاً الأخيرة ليحتسيَها معها حين يأخذُها على الشاطئ ذات يوم :
_يجب أن أعودَ ، فكما تعلمينَ الشوارع فارغة الآن والخطر أكبر !
ركبا السيارة ، كانتْ ترتجفُ بردا ، ولربما لهفةً لهمسةٍ عن زهرة الياسمين ! نظر إلى يديْها ، مرة ، مرتان ، ثم يغضُّ النظر ، أوصلَها إلى المنزل ، فتحتْ باب السيارة مرتجفةً ، ثم سرى الدفءُ في أرجاءِ جسدِها بقدرِ الأمطارِ التي بالخارج ، التفتتْ إلى يديْه وهو يطوّقُ بعشقٍ يديْها المرتجفتيْن ، نظرت إليه قائلا لها :
_تصبحين على وطن بلا ألوان ، لنتحد !!!
ترجَّلتْ من السيارة ، نظرت إلى هاتفها ، ثم أبقتْ على رقمِه دون عنوان لأنّها لا تمتلكُ تصريحاً بأن تسجّلَه ، و علمتْ أنّ الحبَّ على هذه الأرض ليس مرتبطاً فقط بدقاتِ القلبِ ككلّ عشاقِ بقاعِ العالمِ بل مرتبط :بشروط ٍ، حدودٍ ، حواجز ، جدار عنصريّ ، معابر ، ولون هوية !!
علمتْ أن الحبّ على هذه الأرض إن لم يكنْ مناسباً للتقسيمِ الهزليّ لن يهديَها سوى زهرةِ كفِّ الذئبِ ذات اللون الأصفر !!!
فردتْ جسدها الوحيد على فرشتِها ، محاولةً أن تنام لتحلم!!



#صمود_محمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على الرصيف
- الحب اللوزي
- المطر يا سيدي
- أشهد
- نعمة النسيان
- خاطفو أحلام الطفولة
- حكام العرب
- حبيبتي غزة
- أنت لست شيئا !!
- العاشق في شباب دائم
- مخابرة سرية
- أتراها زانية
- أمي
- ترويدة : يا طويل العمر
- خان العدلَ القاضي
- الشهيد
- رسالة من لاجئة فلسطينية إلى مخيم اليرموك
- يا أمة احتفلت بجهلها ...!!!!!!!!!!!!
- مدينة النصيب عاصمة قلوبنا
- فليقف هذا الشتاء


المزيد.....




- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...
- بعد زلة لسانه حول اللغة الرسمية.. ليبيريا ترد على ترامب: ما ...
- الروائية السودانية ليلى أبو العلا تفوز بجائزة -بن بينتر- الب ...
- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صمود محمد - الحب في هذا الوطن