أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - مدام ميرابيل القسم الأول2














المزيد.....

مدام ميرابيل القسم الأول2


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4781 - 2015 / 4 / 18 - 12:09
المحور: الادب والفن
    


كل النساء جميلات، يعرف معظم الرجال هذا، بالرغم من أن هناك منهن الأكثر رقة، الأكثر دقة، الأكثر فظاظة، الأكثر غلاظة، الأكثر أناقة، الأكثر عراقة، الأكثر طبعًا، الأكثر نبعًا، الأكثر إخلاصًا، الأكثر إجّاصًا، الأكثر صدودًا، الأكثر برودًا، الأكثر كَذِبًا، الأكثر أَرِبًا، الأكثر بكاء، الأكثر اجتواء، الأكثر سذاجة، الأكثر سماجة، الأكثر إدهاشًا، الأكثر إنعاشًا، الأكثر لامبالاة، الأكثر لامغالاة، الأكثر شكرانًا، الأكثر عرفانًا... هذه، إضافة إلى ذلك، لديك سِحْرٌ شَامِلٌ –رَوْعٌ سِحْرُهَا- في النظرة، وَفَضْلٌ كَامِلٌ في الحركة، يجعلان من جمالها الخاص مجازًا رائقًا. إلهة، أليس كذلك، لها من المدى على امرأةٍ المدى، ولا عجب ما تثير لدى الشخص، إذا ما كانت، بوصفها إلهة، فلنقل، للحب، ربانيةَ الجمال، مجنحة، متقلبة ومندفعة، رخصة، ملتبسة ودنفة. باختصار، لا تفعل سوى إنجاز قدرها. لكن، هلا تصورتم ما تفعله امرأة بين النساء فيكم، ترونها، فتقعون في غرامها، وتترككم حالمين، دافعةً إياكم إلى الإلقاء بأنفسكم من أعالي قنطرة من قناطر نهر السنين؟ ومع ذلك، ترتدي ثيابًا عادية، ترون هذه الثياب أو يكاد، كَمَثَلٍ أعلى تهملونها، وتنثر شعرها اللاعاديّ، يغطي هذا الشعر عيوبكم أو من عيوبكم ينال، فلا تخوضون غمار المعركة إلى جانبه، وتخذلونه. هذا الخذلان وذاك الإهمال يُنْقَشَان فيكم كدعوة إلى الشهوة، ومن الجليّ لعيونكم ما ترون فيها من ظرافة وإثارة وطِفلية ونَزْوية، هذه العيوب المحاسن التي يوجبها الحب ويغفر لها في ذات الآن.
وإذن!
هذه المرأة كانت هناك، كانت تنتظر قطارها كما لو كانت كل حياتها تتمحور في تلك اللحظة، كما لو كان هذا القطار، بِحَمْلِها، سيعتقها أخيرًا من وجودها الدنيوي، ويعيد إليها جناحيها. اضطرم نظري، ككل الأنظار التي اجتذبتها، دفعة واحدة، وكأني أفيق من غفلة طويلة. تَبِعْتُها بدافع فطريّ، وأنا أحلم بأن هذه المرأة من بين أخريات، هذه المرأة العادية والسماوية، ستكون عما قريب عشيقتي، وبطلتي الأولى الخالدة. كان ذلك في باريس، على رصيف محطة شاتليه، بعد ظهر خريفي، ثلاثين عامًا هناك الآن.
أن أحاول إعطاءكم فكرة عن هذه الغادة؟ يا حبذا، لكني لست على يقين من أنني قادر على أن أجلو أكثر غموض سحرها. كانت متوسطة القامة، رقيقة، على الرغم مما يبدو عليها من نهم، برنزية، مع انعكاسات صهباء، كمصرية. وكانت عيناها زرقاوين داكنتين، على ما أذكر، مغضنتين، ووجهها مبتسمًا مغويًا، لارتكاسٍ طبيعيّ... جسدها الأبيض، صدرها الحي، ذراعها الحيية، يدها ذات المغزى. في الواقع، هذا ما كانت: كانت تملأ جسدها من قمة الرأس حتى أخمص القدم. كانت تلك معجزتها منذ عودة الوجود من العدم: لم تكن ساقاها تتباهيان دونما فائدة، حركاتها تنسى دونما ذكرى، جسدها يرهق دونما عناء. كانت امرأة كحديثي الولادة الذين ينتفض جسدهم عند الضحك وعند البكاء، وتكون لهم محورًا نقطةٌ واحدة. وعندما تتجسد هكذا روحها المختالة المتيمة، تبعث الحياة فيكم، وتعيد خلق عالم معتقداتكم، قبل أن تحاذروا حذركم.
كان اسمها مارغريت، مارغريت ميرابو، وكانت تسكن في شارع موفتار رقم 69. ستقولون لي: من الطبيعي أن تسكن في شارع موفتار! شارع متعرج، امرأة متعرجة. هل تكون كاملة؟ أعتقد أنكم تقبلون بسحر اللحظات، بالروع الخلاق للقبض على شخصٍ كطُرفةٍ رائعة، بالروع المثالي، بالإغواء الرباني لنقشِ أنفسِكُم بأنفسِكُم على رخامِ فنانٍ خارجٍ عن الطراز. وبالتالي، عليكم أن تعرفوا ما لم يعد بعيدًا عن الواقع، ما لم يعد مخيِّبًا دومًا. لن أقول لكم إن هذه المرأة كانت الاستثناء الأكثر لا احتمالاً الأكثر إعجازًا. بكل صحو السماء وكل وضوح الشعاع، من ذا الذي سيكون بإمكانه أن يتصالح مع كل هذا الكمال؟ من ذا الذي سيكون بإمكانه أن يحتمل الخلود؟ خلال كم من الزمن؟ لا مذاق لشيء في الكمال، لا مذاق لشيء في الخلود، شيء بديهي –كذلك على الخلود والكمال أن يكونا بالفعل لا زمنيين. لكن كذلك، ماذا تعرفون عن المذاق؟ لعلمكم، أعتقد أنني لا أعرف عنه الكثير، وعلى أية حال ليس أكثر منكم، قبل أن أعرف مارغريت. على الأقل، كانت مارغريت في هذا مثالية، وامرأة، أفضل من أية امرأة على الإطلاق، لا قبل ولا بعد.
عند وصولي إلى الرقم 69، لم أجرؤ، بالطبع، على الدخول من ورائها، فلم أشعر أبدًا بالروح المغامِرة هذه، الروح المتكبرة التي تدفعني إلى متابعة امرأة غريبة حتى داخل عشها لأقول لها... أشياء لا أعرف ما هي. لم أخطط لشيء، وبقيتُ أنظر ببلاهة إلى الرقم المطلي بيد العبث فوق الباب. بعد عدة لحظات، ارتسم خيالها خلف النافذة، لأعبرَ، في الحالِ، طريقي، معتبرًا أن ما أفعل فعل المراهق لا الكاتب الكبير الباحث عن الأوهام لكتابة روايته القادمة، ولألتفتَ إلا وأنا آخذ مكانًا في مقهى على ساحة "المنحدر"، الواقعة قليلاً فوق.


يتبع القسم الأول3



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدام ميرابيل القسم الأول1
- الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون النص الكامل النهائي
- الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون الرواية الجديدة لحي ب ...
- الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون الرواية الجديدة لحي ب ...
- الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون الرواية الجديدة لحي ب ...
- الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون الرواية الجديدة لحي ب ...
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل الثالث عشر والأخير
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل الثاني عشر
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل الحادي عشر
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل العاشر
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل التاسع
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل الثامن
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل السابع
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل السادس
- أبو بكر االآشي القسم الثالث الفصل الخامس
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل الرابع
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل الثالث
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل الثاني
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل الأول
- أبو بكر الآشي القسم الثاني الفصل الثاني عشر


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - مدام ميرابيل القسم الأول2