أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رضا كارم - بورقيبة التاريخي لا بورقيبة المفبرك في معامل الإديولوجيا














المزيد.....

بورقيبة التاريخي لا بورقيبة المفبرك في معامل الإديولوجيا


رضا كارم
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 4770 - 2015 / 4 / 7 - 20:09
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الحديث عن بورقيبة في تونس منشطر نصفين. اوّل يصدر عن إديولوجيا حداثويّة مخترقَة قيميّا و دالّة على ارتباط بالآخر و انبهار به و بخس قيمة الذّات بوصفها ذات مزامنة لعصرها قادرة على الإبداع.
و عن انهزام ذاتيّ لا شعوريّ و تسليم بالعجز و استسلام للسّكون و تبرير لتلك العمليّات و الحالات و الصّفات .
و ثاني الشّطرين ، يتشظّى إلى فريقين إديولوجيّين. واحد متأسّس على ذات مهزومة ، أجابت عن هزيمتها بالحشو و العبث الإديولوجيّ ، فصوّرت صالح بن يوسف قوميّا بالقوّة المفارقة للتّاريخ، و جعلت بورقيبة في مسار حلف بغداد المعادي لعبد النّاصر و وطّدت وشائج الذّات بالغريق اليمنيّ ايّام الإمامة و الغريق اليمنيّ المقبل في أيّامنا.
و الآخر موسوم بهمّة المسايرة النّقديّة لرأس المال و مقولاته و إنتاجاته جميعا.
و هو الخطّ الماركسيّ اللّينينيّ الذي لم يبدع خارج نقد رأس المال شيئا. و الذي انتهى رأس مال مدولن ، لم يضرب الأسس التي انبنى عليها نظام الاستغلال و السّيطرة ، بل أبدع بجعل تلك السّيطرة أشدّ نفاذا و عمقا. و هو يرى في البورقيبيّة نهجا استبداديّا لا وطنيّا . و لذلك بدأ نقده ضاربا لتلك الدّولة منشدّا إلى دولة وطنيّة ديمقراطيّة .
و في الحالين، اعتبر بورقيبة مجرّد بورجوازيّ فاسد مستبدّ و عميل للغرب الاستعماريّ.
و الملحوظ في نقد الفريقين ، التّركيز على قضايا الوطن و الدّيمقراطيّة ، أي الوقوع في فخّ اللّيبراليّة من جهىة و الاعتقاد القويّ الرّاسخ بمحاربتها من جهة نقيضة...
و قد أسفر ذلك عن عقلين يشتغلان داخل جسد واحد. فانتهى ذلك الجسد الى نقض عقليه في كثير من الحالات و انتصر الى ضرورات "الأمر الواقع" و أنتج تبريرات من قبيل الأولي و الثانوي، و لكلّ مرحلة أدوات العمل المميّزة لها، و المرحليّ العرضيّ، و الاستراتيجيّ المركزيّ...دونما أن يتخلّص الفريقان من هيمنة ما يرفضانه. بل استبطنا اللّيبراليّة، فركنا الى المشهد الحقوقيّ بما في ذلك الفعل النّقابيّ و حوّلا الاتّحاد الى غطاء مقنّع ، تعي السّلطة وظيفته و تصمت عن المتقنّعين به طالما لازموا ما دون الخطوط اتلحمراء و اكتفوا بما يُرسم لهم و يُؤثّب بهم.
نقد هؤلاء لبورقيبة ظلّ حبيس أيقونات اللّيبراليّة. فركّزوا على الوطن و الحرّية . و قسموا الحرّية إلى حرية تنظّم و ممارسة سياسيّة. و غضّوا الطّرف عن مسألة الكرامة ، و تمثيلها العينيّ في التّشغيل و رفض جرائم السّلطة من سرقة و فساد و رشوة، كما صرّح الخطاب الثّوريّ في 17ديسمبر 2010.
من الضّروريّ إذن أن نتحدّث عن بورقيبة من خارج مقولات الحداثويّين و اللّبراليّين التّقليديّين بمن فيهم جماعات الإديولوجيا القوميّة و الشّيوعيّة .
سنكتشف خارج التّقسيمات الدّغمائيّة و الواثقة من نتائجها، رجلا تحرّك في كلّ مرّة بشكل انقلابيّ . بدءا بالترويج للحجاب بوصفه قانون هويّة ، ثمّ التّرويج لنزعه بوصفه قانون هويّة بديل.
ثمّ الانقلاب على تفاهمات القاهرة، و السّير في استقلال تونسيّ لا يعضد المسألة الجزائريّة.
و من ثمّة اغتيال رفيق درب، ثمّ سجن رفيق درب آخر، ثمّ تأسيس قوميّة ميتافيزيقيّا و إجبار الواقع على التّبدّل خارج رهانات الواقع و الفاعلين فيه.
لقد كان بورقيبة سلطويّا حدّ التّدمير الذّاتيّ. و قد جعل تونس و شعبها رهينة خياراته ، التي لم تكن دائما خيارات العقل المبدع، بقدر ما انبنا أساسا على عقل يستوعب الآخر في بنيته ، و ينفي كلّ آخر و كلّ اختلاف. و لذلك لم يجد في "المناطق الدّاخليّة" غير أساطيل لتنمية السّواحل ، فاتّبع نهج البايات ، و استرسل في السّياسات الفرنمسيّة الاستعماريّة، و لم يكن رئيسا للتّونسيّين ،إلّا بمقدار ما كان ناهبا لهم قامعا لحقوقهم في الحياة بكرامة ، سالبا لثروات أراضيهم قاصرا لفعل التّغيير على السّواحل دون غيرها.
إنّ بورقيبة ليس غير نسخة رديئة لنظام البايات و سياسات الامبرياليّة في زمانها. و قد كانت التّقنية سببا في نقل المياه من أوديتها إلى فنادق الشّمس و الجمل ....
ليس هذا الرّجل أكثر من مستثمر في التربية و الصّحّة لقاء استثمار في صناعة صورة المستنير باني الحداثة و محرّر المرأة كما سمّى نفسه. و لا يهمّ كثيرا أنّ تعدّد الزّوجات قد ألغي بالقوّة، و قد كادت النّهضة تعيده لولا "صناعة الإرهاب" ، كما ليس مهمّا أنّ المرأة تخلّصت من قداسة السفساري و الحجاب، لأنّها عادت لترتديه بالملايين.
لقد حرّر جسد المرأة من "شرف القبيلة و نواميسها" دون أن يحرّر عقلها و حركتها من نواميس الاستبداد و الهيمنة و السّلطة . فبدت امرأة مشوّهة بشدّة. ميّالة إلى إبراز ما كان مخفيّا، و إلى إخفاء ما يجب أن يبرز. عقل تحت "السفاساري" و خطاطة نهد بارز دون فائدة تتجاوز الجنسانيّ و الرّغباتيّ الإلذاذيّ.
باني الحداثة، حتّى في غياب كلّي مطلق لشروطها و العقل القادر على تجذيرها و فرزها وفق مقولات موضوعيّة . حداثة لم يقع الفصل فيها بين العقليّ الكونيّ الإنسانيّ و المعقود على شروط بيئة بذاتها بحيث يرفض الانصياع لشروط بيئة مختلفة.
بنى مدرسة و مصحّة، و قد سبقته فرنسا. و لم يفعل غير مواصلة سياساتها. إن بورقيبة برقابة العلم و شواهد الحركة التّاريخيّة ، ليس مجرّد عميل أو تابع قصد العمالة و اتّبعها(و قد يكون ذلك دقيقا)، إنّه أهمّ من ذلك مرتبط بالاستتباع العمليّ و العقليّ.
لم يفعل غير تكرار فرنسا و البايات . و استعاد القرون الوسطى أحيانا مثلما واصل التّهميش الاستعماريّ الفرنسيّ أحيانا أخرى...
(و للحديث بقيّة)



#رضا_كارم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجبهة الشّعبيّة بحاجة إلى -فضيلة القتل- أو عليها انتظار-رذي ...
- المثلّث الخبري المعرفيّ : من يملك الحقيقة يسيطر على التّاريخ ...
- 23أكتوبر في مقاهي الهزيمة القرار، و الهزيمة المختارة
- العشرون من مارس 56: بنود -استقلال دولة- أو شرعنة احتلالها؟من ...
- لماذا هي كتابات أخرى؟ و لماذا يعلو الصّوت؟
- التوافقات الطّبقيّة تشكيل من خارج دائرة الحرمان لموجبات عناص ...
- لكن الكاميرا سقطت
- المعركة عميقا ، الصّراع متواريا ، المقاومة هناك أيضا
- 17 ديسمبر يا 20 فبراير:معركتنا واحدة يا جماهير التغيير اللاط ...
- فري كربول، فري عبد المجيد الشرفي
- أيّ مشروع لأيّة صيرورة؟
- ما معنى العمل بين الجماهير لتحريضها و تحريرها؟
- الأول من ماي: ذاكرة الحرّية.
- إرهابي بقناع قاض، إرهابي بمهنة بوليس
- ثم صاح بأعلى صوته: حرّية، حرّية ،حرّية
- الخبز و الماء أو نشيد الجوعى في محفل المقاومة.
- السّياق و أزمة التّغيير
- ديمقراطيّ دون أنسنة، زاهد دون محبّة
- روايات -الوطن- ، واقع الاستعباد
- أزف زمن التقاطعات، للهزيمة أصل


المزيد.....




- باكستان: مقتل 16 جنديا في هجوم انتحاري غرب البلاد وإصابة مدن ...
- بوريل: لم يعد بإمكان الاتحاد الأوروبي -البقاء على هامش- الصر ...
- -الله وحده أنقذ إسرائيل من إيران- – مقال في جيروزاليم بوست
- عشرات الإسرائيليين يهاجمون جنوداً في الجيش الإسرائيلي في الض ...
- أوكرانيا.. مقتل وإصابة 16 شخصاً بهجمات روسية على مبنى سكني ف ...
- خبير عسكري: الاحتلال يزيد ضغط عملياته بغزة مع احتمالية الذها ...
- موجة حر شديدة تضرب أجزاء من أوروبا وتحذيرات من حرائق
- مكالمة مسربة تثير غضب التايلنديين من رئيسة وزرائهم
- رئيس جامعة فيرجينيا يستقيل بعد ضغوط من إدارة ترامب
- عشرات القتلى في فيضانات بباكستان


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رضا كارم - بورقيبة التاريخي لا بورقيبة المفبرك في معامل الإديولوجيا