أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مُضر آل أحميّد - لا أزمة ثقافة، بل أزمة تفكير














المزيد.....

لا أزمة ثقافة، بل أزمة تفكير


مُضر آل أحميّد

الحوار المتمدن-العدد: 4768 - 2015 / 4 / 4 - 12:50
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


ما الفرق بين علمٍ لا ينفع، وجهل لا يضُر؟
خذوا وقتكم في التفكير ودعوني أحاول عرض قضيتي. يقول المعلم كونغ –والذي أصبح اسمه بعد لَيتَنتِه ثم تعريبه، كونفوشيوس- "التعلم من دون تفكير جهد ضائع، والتفكير من دون تعلم أمر خطير." وبما أنّ مشكلتنا ليست في التعلم وإنما في التفكير، فيكون الحديث عن التفكير. فهنالك اولئك الناس اللامبالون، لا يحاولون إخفاء ذلك، ولا يستحون منه، وإنما يعيشون وفق منهاج محدد يجعل الحياة أسهل بأشواط، وهو اللامبالاة. خبر عاجل: مقتل خمسين شخصا بإنفجار سيارة ملغّمة بينهم ثلاثة أطفال وامرأة حامل.. ؛ يا للمساكين! ثم يعود ليكمل نقاشه حول من الأجدر بالفوز بمسابقة الرقص. اولئك لا يتثاقفون ولا يتعالمون، ولا يخفون أنهم لا يهتمون. ولكن، لدينا في الطرف الآخر من يدّعون العلم والثقافة، والإنسانية، وحب الآخرين.. ؛ فهؤلاء لا يبالون، ويحاولون إيهامنا بأنهم يبالون. وغالبا ما يكون هذا الصنف ممن يقرأ ويطالع ويحوز الشهادات الدنيا والعليا؛ إلا أنه أيضا لا يفكّر. ولاشكّ أنهم يفكرون بأنفسهم، وسعادتهم وتحصيل المزيد مما يظنّون أنه سيسعدهم من اموال ومراكز اجتماعية؛ ولا جدال أنك لتحب الآخرين عليك أن تحب نفسك أولا، ولكني أقصد الذين لا يفكرون بالآخرين أساسا. إن هؤلاء المتثاقفون ليس عندهم في حيواتهم فواصل للتفكير، فهم يعملون ليأكلوا، ويأكلون ليستطيعوا العمل؛ ويدرسون ليحصلوا على عمل أفضل وبالتالي تتحسن نوعية طعامهم. لكنهم لو وقفوا وعافوا هذا السباق المحموم نحو اللاهدف لأدركوا أنّ هنالك الكثير الذي يمكن تقديمه وإنجازه لعائلاتهم ومجتمعاتهم، وبالتالي للإنسانية، غير الطعام وإدّعاء الإهتمام. ليست مشكلتي مع المتثاقفين أنهم لا يهتمّون، فكثير من الناس مثلهم، وإنما في إدعاءهم الإهتمام ومحاولتهم ركوب الموجات، وخصوصا مع الصنف الأول ممن لا يعرف الفرق بين هاءه وتاءه، فينفشون ريشهم ويرفعون صدورهم ألقا ونشوة.
إن مشكلتي مع الصنف الثاني أن مجتمعاتهم لا تجدهم عندما تحتاج اليهم، أنّ المساكين من الصنف الأول عندما يحتاجون من يدلّهم الطريق ويجيب عن اسئلتهم البسيطة لا يجدون اولئك المتبجحين، فيتصرف المساكين من أنفسهم وعلى قدر أفهامهم، ليأتي المتثاقفون بعد إنقضاء الأزمة ويسدون نصائحهم القيّمة. قد يقول البعض أن أسبابهم تعطيهم التبرير في ألا يكونوا حاضرين عند الأزمات، وربما صحّ ذلك، ولكن من لا يكون حاضرا عند الأزمة لا نحتاجه بعد إنقضاءها؛ لا نريد من يصمت عندما نحتاجه ليمد لنا لسانه ويصرعنا بما قرأ وتعلّم عندما لا نحتاجه. يقول الدكتور علي شريعتي: "إذا لم تكن حاضر الذهن في الموقف فكن أينما أردت، المهم أنك لم تحضر الموقف، فكن أينما شئت، واقفاً للصلاة أم جالساً للخمرة، كلاهما واحد." نعم، إنه الموقف، وليس غيره. فكرت في هذه الثنائية عندما كنت في العراق وكنت أسمع عن قيام بعض صِبية تنظيم القاعدة، او غيره، بقتل إنسان في وقت الصلاة من يوم الجمعة وأمام باب الجامع. ربما كان من الأفضل لأولئك المصلين أن لو كانوا يجلسون في خمّارة لا يدرون ما يحصل أمام جامعهم، فعندها يكون لهم تبريرا معقولا لغيابهم عن الموقف، وهو أنهم كانوا ثملين. لا يختلف المتثاقفون عن اولئك المصلين، فهم سيعودون الى معارفهم بعد زوال الموقف ويبدأون -كما بدأ المصلون اولئك بالدعوة الى الصلاح حال عودتهم، أو هروبهم، من الموقف- بالخطبة عن أهمية الثقافة والتوعية والعلم والمعرفة. فلو أن تبريرهم يكون أنهم لا يبالون، لخلصونا من إشكالات عديدة، أهمها حسابهم مع من يمكن الإعتماد عليهم عند الأزمات.
إن إدعاء إنسان أنه من النخبة المثقفة يحتم عليه أن يكون على قدر المسؤولية، على قدر ما تحتويه تلك الكلمة من معان وأبعاد. يظنّ الكثير أن النخبة تعني ترف، وسمعة، ومراكز، وصلات، وشبكة علاقات تُسهل الحياة؛ ويظنون أن القراءة والدراسة تخوّلان الإنسان ان يكون من النخبة. وأقول لهم إنّ حاجتنا ان نكون من النخبة هي حاجة مجتمعاتنا للإنتشال، هما في علاقة طردية. وإن كان بقّال المنطقة اعتى اعداء اللامبالي، فأعداء النخبة قد تكون دولا ومنظمات ممن لا يريد المتثاقفون الا رضاها. لم يفكر النخبة يوما بأن يستخدموا الكلمة لتزيدهم شرفا او مالا؛ إنهم فكروا، وعرفوا أن الإنسانية تحتاج الى القليل ممن يتحمل المسؤولية، إنهم فكروا، وقرروا أنهم لن يكونوا كباقي الطفيليين من المتثاقفين الذين يعتاشون على ركوب الموجات، والناس. فربما، وربما، تقرأون أقلّ لتفكروا أكثر.
"ان القيادة ليست حقا للنخبة، بل هي واجبها الرئيسي." سارتر



#مُضر_آل_أحميّد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين المطرقة والسندان!
- إبراهيم وأمّة العجائز
- اللادينية الجديدة.. عالمٌ جديد جبان
- أنستهزئ بالإسلام؟
- تجارة الحريّة: الحجاب أنموذجاً
- وداعا ً للسياسة
- لأنكِ بنت!
- انتهى زمن الفلسفة؟!


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مُضر آل أحميّد - لا أزمة ثقافة، بل أزمة تفكير