أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - عن البوح الذي يملك أجنحة طائرة ويمنحنا الحق في الحلم















المزيد.....

عن البوح الذي يملك أجنحة طائرة ويمنحنا الحق في الحلم


عبدالله مهتدي

الحوار المتمدن-العدد: 4750 - 2015 / 3 / 16 - 21:44
المحور: الادب والفن
    


عن البوح الذي يملك أجنحة طائرة
ويمنحنا الحق في الحلم
-في ذكرى العبور الجميل -

..................................
كنت تتحدثين،فتبدعين نصا آخر،له طعم القصيدة المحتفية بالضوء،المترنحة بين فسح الألم والأمل،بين العودة واللاعودة،بين الواقع والحلم.تتحدثين لغة الحواس التي تثقنيها جيدا،كما تحترفين لغات الكشف،كان كل شيء فيك يبوح بصوت تتلاقى فيه أصوات الآخرين،ويتعانق فيه الهمس الحارق، عيناك،جلستك،حركات اليدين،الابتسامات التي تشرق من حين لآخر،كي تهب الحكي طقسه الخاص،كنت تحاولين أن تعري سيرة تجربة مع الحلم،لم تكن التجربة في حد ذاتها بيت القصيد بالنسبة إليك،رغم مناشير الوجع التي حفرت أخاديدها في رحلة البوح،ورغم مشانق الصمت التي نصبت للأحبة الذين عبروا.ما كان يهمك،هو الوردة التي في داخلك أتنمو أم تموت؟ تلك الوردة التي فاح أريجها فأخصب خيالاتنا،فجر فينا الإحساس بمتعة الحكي،وهو يتدفق من سواقي "هاجس العودة"،كنت كذلك تبدعين للصمت معناه،وهو مغزول في عينيك،حين ترمقين الجالسين أمامك بدهشة العاشق،تحرضين الأسماع على الركض خلف شموس الأناشيد التي تحبل بها قصائدك اللامرئية.
كنت تأخذينا إلى رحلة بوح جريح بسلاسة عارف بأحوال المسافات الموغلة في التيه،تتوغلين بنا داخل كيمياء الأحاسيس التي طرزت صدور أمهات قاسين من أجل أن يتوقف الزلزال،وأن تمضي العاصفة،وكي تعود العصافير التي اختارت أن تحلق خارج السرب إلى دفئ الأحضان الباكية،وكي يزغرد نشيد الضوء في رحم العتمات.
هكذا وأنت تبوحين،كنت تفتشين في عيوننا المتحفزة،عن أوشام مدينة مثقلة بالتيه،كنا نحن في الجهة المقابلة حيث العواطف تسقط كل معنى للحدود بين الحدود،نبحث في عينيك عن خيط أمل ،وأنت الخارجة من تجربة مقارعة الألم،كنت عبر البوح تقاومين ذاكرة المحو،تفتحين وقتنا الرمادي على جراحنا الأخرى،وعلى الأنين المشترك.
إنها الكتابة التي تحمل في قدرها سؤال الوطن، وسيرة اليتم، وأنفاس الحلم.كنت تبوحين عبر فعل الكتابة وكأنما تعيدين ترميم جسد الضوء،كي تهبينا من هواجسك بعضا من مطر الشوق ،ومن ظلال نحتمي بها من ليل العسف،كنت تحكين بألم خاص،رغم ذلك ،كان الأمل يشع من عينيك وهما تمارسان حقهما المنتزع في الحلم،ولأنك اكتشفت المعنى،كنت توزعين ابتساماتك بالتساوي،لأن شجرة العشق قد أينعت في دواخلك المسكونة بالوطن،وأنت تستفزين في صمتنا وهج الأسئلة الشائكة،كي لا يصيب أعيننا اليباس.
كنت تحكين بوداعة، بتلقائية،وبحنو خاص،وكأنما تملئين القاعة بفقاعات الضوء التي كنا نعدو خلفها مثلما يعدو الأطفال خلف فقاعات الصابون مندهشين،لكن فقاعات ضوئك،كانت تتوغل دواخلنا المجروحة لتسكن الأعماق،لتعيد تشكيل فهمنا للألم وللحلم،لتعيد كتابتنا سؤالا لبوح آخر....
وها أنذا قد وقفت،كي أعبر مثلما سيعبر آخرون،أنتظر حصتي من هواء الهواجس التي ستغسل أنفاسنا من صديد الصمت،كان الطابور طويلا،وكنت أحمل الرواية في يساري،وأتقدم بنظرات مرتعشة نحوك،كطفل يدرك شساعة الأفق وهو يخطو خطوه الأول، كي تثبتي على صدر الصفحة الأولى توقيعك،وكي أنصت أكثر للنشيد الذي يتغنى في داخلك بالمشترك الذي عادة ما يقبر في زحمة الخاص،وبالخاص الذي هو قوة الدفع نحو المشترك،أتقدم وكثير من الأسئلة تترنح في بوحي الصامت عن حال الأمل في حكيك العاري،عن الشمس التي تشع من عينيك،وأنت تحررين صوتك من ليل الصمت،وكأنما تحررينا من قبضة اليتم،تفجرين في مخيلتنا حيطان الكتمان.

معذرة سيدة البوح، عن هذه الجرأة الأخوية، وبعد، فلك كامل الحق في أن يكون الحلم لك.
1- يتعلق الأمر بحفل توقيع رواية "هاجس العودة"للروائية المغربية والكاتبة المتألقة،حليمة زين العابدين،بمقر "منظمة العمل الديمقراطي الشعبي"،سنة 1999 بمدينة آسفي.وكان حفلا نادرا ما تعرف المدينة شبيهه.نظرا –أولا-للطوق الذي كان مضروبا على العمل الثقافي الجاد،بمدينة طمرها النسيان في الهامش،رغم تاريخها العريق،ومقوماتها على مستوى ارثها الحضاري ،وموروثها الفني.ثم-ثانيا- للأسماء الوازنة التي حضرت ونشطت ذاك اللقاء الفكري والإبداعي،وأخص بالذكر إضافة إلى الروائية حليمة زين العابدين،الروائي والناقد عبدا لقادر الشاوي،والفقيدة آسية الوديع،وثلة من المهتمين بالوضع الثقافي والسياسي العام.ونظرا-ثالثا-لخصوصية العمل الروائي المحتفى به،"هاجس العودة"،باعتباره أول عمل روائي للكاتبة،ثم لأن هذا العمل الروائي كان في حد ذاته إبداعا فريدا ،لأنه وان كان يندرج في أدبيات الاعتقال السياسي التي سلطت كشافات الضوء على ما سمي ب"سنوات الجمر والرصاص"،إلا أنه يتناول الاعتقال السياسي من زاوية مختلفة،تهم بالأساس حركة عائلات وأسر المعتقلات والمعتقلين السياسيين،والمعاناة التي كابدتها الأمهات و الأخوات بالخصوص في كسر طوق العزلة عن فلذات أكبادهن،وفضح هذه الظاهرة التي كان النطام المغربي يحاول طمرها ،ونفيها،بكافة الوسائل.
لقد دأب وقتها مقر "منطمة العمل الديمقراطي الشعبي "كفصيل يساري على تنشيط الحقل السياسي والثقافي لهذه المدينة المنسية،في اطار تفعيل برنامج كان لنا من خلاله حضور بعض الأنشطة النوعية ،مثلما كان مع اللقاء المفتوح مع الفقيد عبدالسلام المودن،أو مع المناضل علال الأزهر،وآخرين....ثم جاءت زيارة حليمة زين العابدين للمدينة التي نال أبناؤها أيضا نصيبهم من العسف والقهر والاعتقال،وكانت مناسبة لافتة لاقتسام متعة الاستماع لكاتبة خبرت جيدا قضية الاعتقال السياسي،وخبرت معاناة الأمهات اللواتي طفن البلاد طولا وعرضا،من أجل التعريف بقضية شغلت الرأي العام السياسي
والثقافي،الوطني والدولي وتهشيم سياج الصمت عن فضاعات مرحلة سوداء. في هذا الإطار ،حضرت هذا اللقاء،وحصلت على نسخة من الرواية مع توقيع الكاتبة.
جرت مياه كثيرة تحت الجسر،وبقي اللقاء ذاك عالقا بذهني،لم يكن لي بعدها أي اتصال لا من قريب،ولا من بعيد بالروائية حليمة زين العابدين،إلى أن جمعنا معا، وبعد مرور ما يقرب من خمسة عشر سنة،ومن بعيد،إحدى مواقع التواصل الاجتماعي،حيث أبدت الأخت حليمة زين العابدين استحسانها لقراءة لي نشرت على جدار ذلك الموقع، لإبداع قصصي للصديق الرفيق ،زهير التيجاني،المعنون ب"عيد الحب من جديد"،المنشور بمجلة "المحلاج" بتاريخ 26/10/2013.يومها ما كان لي إلا أن أغتنم الفرصة لأكتب ما كتبت،"عن البوح الذي يملك أجنحة طائرة،ويمنحنا الحق في الحلم".
أما القراءة التي كنت قد كتبتها حول قصة"عيد الحب من جديد"،فقد كانت كما يلي:
"حكاية قصة

في ثنايا الفرح الطفولي الذي تعبق به القصة ،ثمة حكاية،ثمة فسحة من بوح يلوح منها الطفل القابع في دواخلنا المسكونة بالتيه،كي يمتلك الزمن،هو ذا وقد حرر نفسه من نفسه،كي يعيد الدهشة إلى المعنى،بعد أن انتظر عيد الحب ، هو ذا قد عاد،لا ليعود الحب الذي ذاب في زحمة المسالك ،وفي عتمة الطرقات،بل ليعود الطفل الساكن تجاويف الروح،ممتطيا أنفاسا لم تجرحها تجاعيد الزمن الرمادي.
إن القصة في حد ذاتها،رحلة سفر،سفر بعيد ،يمتد من طفولة" الأعياد" التي لا تنسى،إلى اللحظة التي يصبح فيها الجسد عبئا على ذاته،فيبدأ من زمن النهوض من الفراش صحو المزاج، إلى لحظة الجلوس أمام الكمبيوتر، متمفصلا مع الزمن المنفلت،حيث تنهض الذاكرة كي تقوم بترميم مفاصل البوح.
هو إذن ترحال جميل،يمتد في أزمنة ثلاثة،الزمن الواقعي،حيث التتابع الحدثي للحكي،زمن الكتابة بمعنى ما ،ثم زمن الذاكرة،حيث الاحتماء بماء الشجر الظليل،وأخيرا، الزمن الافتراضي الذي يبدأ مع انتهاء الحكي،فتكون بداية عالم من نهاية آخر،بداية قصة من نهاية أخرى....
بين هذه العوالم الثلاثة ثمة أشياء كثيرة جرت تحت الجسر،فهل حقا " لم يتغير شيء"،وعيد الحب نفسه،قد كان البداية لكل شيء،بعد إعادة النظر في كل شيء ؟من شرب الشاي بدل القهوة السوداء،إلى اليقين الصوفي بأنه ما زال "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"....إذا كان الخروج "من جوف الحوت الرملي" يصنع الأمل،ويعيد تشكيل السؤال الوجودي،عن معنى المعنى،فان عيد الحب هو التجسيد اللحظي والأبدي للولادة الأخرى،تلك الولادة التي تسحب الجسد و الروح من نفق الليل القابع في بطن الحوت،الذي قد يكون الأرض نفسها وهي تقطع بنا المسافات تلو المسافات،أو الزمن الذي يلتهم ذواتنا شيئا فشيئا.
هو إذن الإحساس المرهف والجميل بالزمن، هذا الإحساس الذي يمتد عميقا في جسد القصة، فيصير نفسها، كيانها، وجدانها الحي، كيف لا ونحن نسترجع طفولتنا لأننا كبرنا؟أو نكبر لأنه يصبح بإمكاننا أن نتذكر طفولتنا ،أكانت ماء أم رمادا،رقصا أم أسى؟أفقا مغلقا أم مسلكا مفتوحا على الدهشة والحلم ؟ كيف لا ونحن أمام تحول كيميائي في طقس الحب...من الفيزيقي إلى الافتراضي ؟
إن النص القصصي،"عيد الحب من جديد"،نص ماكر،يمارس احتياله على القارئ،ليستدرجه إلى الإحساس بمتعة مضاعفة،تلك المتعة التي لا تمنحها إلا كتابة مبدعة،تصبح فيها المقدمات،ليس لها من صلة بالنهايات،و النص نصان،نص قراناه،لأنه مادي ،ملموس ،رغم قابليته المحتملة للتأويل،ونص خارج نطاق الإدراك،لأنه النص الغائب، العالم الافتراضي،الحبيبة.......
فمتى حقا نستطيع أن نعبر إلى النص الغائب ؟
متى نستطيع أن نركب الضوء لنعبر إلى من نحب؟؟؟"

2-أما عن النسخة من رواية حليمة زين العابدين،"هاجس العودة"،والتي حصلت عليها مزينة بتوقيع واهداء كاتبتها،في ذاك اللقاء الذي ينتمي للزمن الجميل،فقد ضاعت –ويا للأسف-في سراديب السجن ،بعد أن كانت قد خرجت من عتمته،وتلك حكاية أخرى......



#عبدالله_مهتدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصتان
- سأختار طريقا أسهل
- شجر الحديقة
- حديقة المعنى
- شوق
- أعطاب -أمريكا-في مرآة بوكوفسكي
- مرثية الى صفرو
- لايليق بالقصيدة أن تكون مسكنا للقتلة
- سيرة غياب
- زغاريد لتيه
- حركة 20 فبراير بين المتخيل الروائي والمقترب النقدي
- قصص قصيرة جدا
- الحلم


المزيد.....




- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - عن البوح الذي يملك أجنحة طائرة ويمنحنا الحق في الحلم