أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - حركة 20 فبراير بين المتخيل الروائي والمقترب النقدي















المزيد.....


حركة 20 فبراير بين المتخيل الروائي والمقترب النقدي


عبدالله مهتدي

الحوار المتمدن-العدد: 4328 - 2014 / 1 / 7 - 20:11
المحور: الادب والفن
    


حركة 20 فبراير بين المتخيل"الروائي" والمقترب "النقدي"
1-
"الحركة" ثالث رواية ل"عبد الإله بلقزيز"،بعد روايتيه "رائحة المكان" ( 2010)ثم "صيف جليدي"(2011)،أما الرواية فهي تتناول بإحدى أبرز أدوات الإبداع الأدبي "حركة عشرين فبراير "التي شغلت حيزا كبيرامن اهتمامات الرأي العام بالمغرب بنخبه السياسية و الاجتماعية و كافة شرائح المجتمع،منذ ما سمي ب"الربيع العربي" ،مادامت مرتبطة بقضية التحول نحو الديمقراطية والقضاء على الاستبداد و الفساد0 وأما مؤلفها فهو ذاك المثقف المسكون بالسياسة ،المهووس بمتاهاتها وألغازها كمراقب وكمحلل وكمستشرف للآفاق،وهو الذي كتب حول الإصلاح السياسي والديمقراطية،حول المعارضة والسلطة،الإسلام والسياسة،تكوين المجال السياسي الإسلامي والمجتمع المدني وقضايا القومية وحركات التحرر والإسلام السياسي......................
2-
تنشغل رواية "الحركة "بتيمة أساسية وهي "حركة عشرين فبراير" التي أسالت حبرا غزيرا,وشغلت الفكر مثلما أخرجت الألسنة عن صمتها،وأشعلت الحناجر, ,وأسالت من الدماء ما أصبح ينعت بمعنفي الحركة و بشهدائها ,وهي بذلك تكون أول عمل روائي يقارب هذا الموضوع الحارق.كتب الروائي الطاهر بن جلون كتابه"الشرارة"(انتفاضات في البلدان العربية),وصدرت الطبعة الأولى سنة2012,وقد ختم هذا الكتاب برواية "بالنار", وهي رواية تستلهم حكاية محمد البوعزيزي الذي حين أضرم في جسده النار وكأنما احرق زوارق الاستبداد في بعض عروش الوطن العربي التي أدمنت الاستفراد بالسلطة والثروة, لكن عبد الإله بلقزيز ركب هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر ككل عمل إبداعي فيه قدر من المسؤولية التاريخية اتجاه قرائه واتجاه انتمائه لوطن بعينه.لقد صدرت الطبعة الأولى لرواية "الحركة" سنة2012 ,موزعة على أربعة فصول:
-تقاسيم على مقام عشريني
-جدل
-أصداء و ثرثرات
-رحلة الألف ميل
الرواية عموما ليست ذات طموح كبير على مستوى بنائها الروائي, فالواضح أن كاتبها لم يستثمر في هذا البناء ,لكن رهانه الأكبر كان على مستوى مضامين الإشكالات التي تريد ملامستها , فهي اعتمدت غالبا على ضمير المتكلم باسم الراوي تارة ,وتارة أخرى باسم حسن الشاب العشريني الذي وجد صعوبة قصوى في إقناع والده بالانضمام إلى حركة 20فبراير,واتسمت بطغيان الحوار كشكل تعبيري حاول من خلاله المؤلف عكس المواقف المتآلفة والمتنافرة لشباب الحركة,مما يقع داخلها,منفعلين مع إيقاع الزمن السياسي الذي تؤثر فيه الحركة وتتأثر به,هذا الزمن السياسي المليئ بالاحتقان ,والذي انعكس على الزمن النفسي لشخصيات الرواية,فطبعها بطابع التوتر والصراع,صراع بين حسن وأبيه,بين ياسر وخاله,بين امجد ووليد,بين إيمان ونبيلة وعبد الحق ووليد ,بين شهبون ورفاقه , ,صراع بين "المستقلين"داخل الحركة والشباب المنتمي للتنظيمات الحزبية, بين الاديولوجية اليسارية و الاسلامويين ,صراع بين الحركة و السلطة ,بين الديمقراطية و إرادة الهيمنة والاستحواذ,بين "الاستقلالية و "التبعية" في علاقة الحركة بداعميها تنظيمات و أحزاب سياسية,صراع بين دعاة "الواقعية" السياسية و المواقف "الراديكالية" ..................
3-
تمضي الرواية في مسار خطي مستقيم,تنمو شخصياتها من خلال نمو مواقفها من الأحداث التي تواجهها,تستفزها ,فتكون مجبرة على أخد الموقف الذي تمليه عليها قناعاتها ,خبرتها في النضال أو في معترك الحياة,والمثير للانتباه قبلا هو أن الرواية تبتدئ بسرد حالة أحمد أب حسن الذي كان مصرا على رفض انتماء ابنه لحركة20 فبراير,لكنها تنتهي والأب أصبح أشد حماسة من ابنه في قناعته بالحركة,وذلك في قلب للأدوار بينه و بين ابنه الذي ابتدأ متحمسا و انتهى ميالا إلى ترك الحركة,وهنا يمضي هذا القلب في المواقف مفتوحا على أفق للتفكير وللسؤال.لماذا يا ترى حين تنضج مواقف الأب ويصبح في حل من تغيير قناعته من الحركة,يتجه الابن إلى وضع رجل خارجها؟
تحيل رواية "الحركة "بالكثير من الغمز و اللمز على بعض الإشكالات المفصلية التي واجهتها حركة 20 فبراير",
وهي بامتياز محاولة في نقد مسار وفي فتح أفق,نقد المسالك الصعبة التي ركبتها الحركة,في رحلة الألف ميل,ومحاولة فتح أفق في مسار بات ملبدا بالغيوم ,ولعل المتتبع لمقالات مؤلف الرواية في مختلف المنابر الصحفية, وفي المجلات,خاصة ما جمع منها في كتابه"ثورات و خيبات-في التغيير الذي لم يكتمل" ,الصادرة طبعته الأولى في نفس السنة التي صدرت فيها روايته الأخيرة,سيلاحظ ليس بكثير عناء أن عبدا لإله بلقزيز حاول في رواية "الحركة" أن ينتصر لوجهة نظره النقدية لحركة العشرين من فبراير,نكاد نلمس ذلك من خلال أمجد كشخصية روائية محورية, باعتبارها اللسان الناطق باسم الكاتب,والمعبر عن مواقفه التي باتت معروفة,لدرجة أننا ونحن نقلب صفحات الرواية, صرنا نعرف مسبقا ما تريد أن تقوله, والى أبن تريد أن تاخدنا مواقف الشخصيات المختلفة ,على أن الكاتب إذا كان قد حاول أن ينتقد حركة20 فبراير من خلال عمل روائي, فانه لا يقوم بذلك من باب جلد ذات الحركة,بل استمرارا في مشروعه النقدي إذ يقرن النقد بالتحفيز على استكمال دور بدأته الحركة بشجاعة وشقت به طريق المستقبل –كما يقول-بعيدا عن لغة المداهنة أو التحبيط.
يعتبر عبدالاله بلقزيز أن خطاب 9 مارس2011 أهم خطاب في تاريخ المؤسسة الملكية بعد خطاب الاستقلال,وهو "برنامج عمل" غير مسبوق في تاريخ الدولة المغربية,و تعبير عن تجاوب الحاكم مع مطالب الشعب لاجتياز امتحان الشرعية بفتحه الأفق الإصلاحي , من جهة أخرى يرى أن المراجعة النقدية لمسار حركة 20 فبراير كفيلة بإعادة تأهيل عمرانها الداخلي,وهو بذلك اختار أن يمارس النقد ليس من أجل النسف و الهدم كما فعل الكثيرون,بل من اجل البناء عليه ليكون له ما بعده . تتلخص مجمل الأفكار المرتبطة بهذا الموقف النقدي في كون حركة 20 فبراير لعبت دورا كبيرا في الدفع بعجلة الإصلاحات,وفي إنعاش مطلب "الملكية البرلمانية" وإدخاله النطاق المطلبي العمومي , كما يلاحظ أن الدستور الجديد لم يفض إلى "الملكية البرلمانية" لان من نادى بذلك –حسب الكاتب في مقال نشر بجريدة"الأيام"عدد482 بتاريخ30 يونيو 2011-لايملك لاالحوامل الاجتماعية ولا ميزان القوى لتحقيق مبتغاه ,معتبرا في نفس المقال أنه حتى نصل إلى هذا الهدف يجب توفير شروط متعددة منها: -طبقة سياسية حديثة-أحزاب ديمقراطية حقيقية-مجتمع مدني حي و مستقل عن الدولة والأحزاب و التمويل الأجنبي –ثقافة حديثة وديمقراطية يتشبع بها المجتمع و الشعب,-قيم مجتمعية و ثقافية حديثة تتخلل البنى و المؤسسات الاجتماعية كافة 0لايوافق عبد الإله بلقزيزعلى موقف الحركة من دستور2011,إعدادا و نصا,معتبرا أن الحكم على ذلك ,كان يجب-حسب تعبيره-أن يكون بمنطق الممكن الواقعي وليس الواجب المبدئي,و لعل الدستور نفسه الذي نعته الكاتب بالدستور التوافقي و ليس الممنوح,كان الشجرة التي عرت غابة العثرات و التناقضات التي كانت تعتمل في جسد الحركة لترهن مستقبلها.ويعتبر عبد الإله بلقزيز أن القوى المعترضة على الحصيلة الإصلاحية كما"تحققت",لم تكن قادرة على حشد القوة الاجتماعية الكافية للاعتراض بعيدا عن حركة20فبراير وبمعزل عن الانخراط فيها,مما طرح وبقوة قضية استقلال قرار الحركة,خاصة داخل ما سمي بمجلس الدعم.إن البرنامج العملي الذي يقترحه الكاتب لخروج الحركة من مأزقها معافاة هو صياغتها برنامجا للنضال الديمقراطي تحتل فيه المسألة الاجتماعية مكانة هامة,وتوسعة نطاق علاقاتها بالقوى الديمقراطية و التقدمية,قصد"توسيع قاعدة أمانها الاجتماعي و السياسي و حماية استقلاليتها",مع رفع الشبهة عن انحيازها إلى طرف على حساب آخر من أجل توسعة نطاق التحالف الديمقراطي في المغرب,والوعي بالمسافة بين الآمال و الينبغيات والإمكانات الذاتية لتحقيق المطالب,وإعادة تقييم أساليب التعبئة و المخاطبة0000000000
4-
تثيرنا في رواية"الحركة" شخصية أمجد,ذاك الشاب العشريني الذي تتعرض مواقفه للاطراءمن جهة رفيقه حسن ,ثم نبيلة وإيمان........وللهجوم الشرس و الاتهام بالتخاذل و الإصلاحية من طرف وليد وياسر و جمال ومجموعة "الصقور" داخل الحركة,لقد توقع أمجد أن يتراجع منسوب الاهتمام بالحركة بعد الإعلان عن تعديل الدستور,وهو ما لاحظته مريم,التي خيل إليها أن الأمر مبيت ومقصود لمحو اسم الحركة من الاهتمام العام,يجسد أمجد بذلك دور القارئ لتجاعيد الواقع المتجهمة,والمستشرف لما يمكن أن يلوح به الغد,,انطلاقا من أن اتجاه الأوضاع السياسية في البلاد غداة المراجعة الدستورية, سيأخذ زمام المبادرة من الشارع بهدف تحييده,وستكون الحركة مقبلة على تحولات يجب أن تأخذها بعين الاعتبار في منطق تفكيرها.
يعتقد أمجد أن مقتل حركة 20 فبراير ,هوانغلاقها في خيار سياسي من لون واحد,مما حرمها من جماهيرية حقيقية ,لو أنها وسعت لخيارات أخرى داخل الحركة التقدمية الديمقراطية,وذلك لكسب أنصار جدد للحركة,كسب نصاب سياسي لها,إضفاء الطابع الوطني على النضال الديمقراطي,كل ذلك باسم الواقعية السياسية و نبد الطوباوية و العدمية,
يرى أمجد كذلك -والذي ربما في الرواية يمثل الحساسية "المستقلة" شأنه شأن حسن وتوفيق ونبيلة وآخرون -انه لو شاركت حركة 20 فبراير في المداولة حول الدستور لكانت حصتها أعلى, يوضح أمجد موقفه بدقة متناهية حين يرى بأن معارضة الحركة لمشروع الدستور مشروعة من الناحية المبدئية,لكنها غير مفيدة من الناحية العملية,لقد حال دون هذه المشاركة الحسابات الصغيرة والأفق الضيق للتفكير,الذي لم يلحظ في النص الدستوري المقترح نقط ضوء كثيرة رغم تحايله على مطلب "الملكية البرلمانية",وعلى مطلب استقلالية القضاء,وتكريسه لازدواجية السلطة التنفيذية.إن "استقلالية "الحركة باتت هي بيت القصيد,فالرواية تحاول أن تعطي للمراجعة الدستورية مكانة مركزية في كشف هشاشة الوضع الداخلي لحركة 20 فبراير,إذ منذ أن قرر امجد عقد اللقاء الصحفي للتعبير عن موقفه من الدستور,انكسر جرة "الإجماع ",وانخفض منسوب الديمقراطية,وخدش وجه الاستقلالية عن القوى الداعمة للحركة .يصف امجد في إحدى مقاطع الرواية التنظيمات التي تعمل داخل حركة العشرين من فبراير بكونها"تنظيمات بائدة,شاخت ونخرت التجاعيد وجهها,فوجدت في الحركة فجأة مساحيق التجميل التي تحتاجها",وهو نفسه الموقف الذي يتقاطع فيه مع كل من حسن و توفيق,فاجتماعات أعضاء الهيئة-مجلس الدعم-مجرد بروفة لإخراج الموقف ,والهيئة نفسها ثم صيغة المناصرة سيقت من باب الحيلة لركوب موجة الحركة والسيطرة على قراراتها,معتبرين أن شباب الحركة أبناء عصرهم وليسوا أبناء أعضاء مجلس الدعم, وكأنهم بذلك يحاولون القتل الرمزي للأب "الحزبي",ذاك الأب الذي يمارس "الوصاية "على الحركة ,و ينتج داخلها كل الظواهر الشاذة ,كالتشدد المطلق في التفكير و السلوك,مغادرة نشطاء للحركة,تحول الحوار إلى مهاترات,فقر قيم الحركة,ضيق مساحات الاختلاف وسيادة الرأي الواحد, و النزعة الاقصائية.
انه صوت أمجد, الذي شق صف "الإجماع "المفترض, وكشف أن الكثير من القضايا لم تكن لتحسم داخل الحركة خارج نطاق المكاشفة واحترام الاختلاف, ونبد الإقصاء.صوت أمجد الذي قالت بصدده إيمان انه صوت العقل و الحكمة في الحركة قبل أن يغادرها متحسرا على المآل الذي سارت فيه.ألا يكون هو نفسه صوت عبد الإله بلقزيز وقد لبس صوت وملامح هذا الفتى العشريني المشاكس؟
ألا تكون حركة 20 فبراير قد تأثرت بمنسوب الديمقراطية السائد داخل التنظيمات والأحزاب الداعمة للحركة,وفيما بين بعضها البعض؟ألا يمكن أن نعتبر أن أمجد ومن خلفه كاتب الرواية بنقدهم لمسار الحركة إنما يحاولون أن يضعوا مبضع النقد على جسد القوى و التنظيمات التي تمثلت داخل مجلس الدعم على اعتقاد بان الأزمة –إذا جاز الحديث عن أزمة-هي في عمقها أزمة تلك القوى الحاضنة للحركة العشرينية ؟
5-
تحاول الرواية أن تجد رابطا ما بين المراجعة الدستورية و"استقلالية "حركة 20 فبراير,هذه "الاستقلالية "التي كانت أثمن رأسمال تمتلكه الحركة في بداياتها,"وهو ما صنع لها قاعدتها و فاعليتها",وكما جاء في المتن الروائي,فان موقف القوى الداعمة للحركة من الدستور كان اللحظة الفارقة في رسم حدود هذه "الاستقلالية",إذ ستعمل هذه القوى على جعل الحركة "الحامل الاجتماعي" لموقف مقاطعة الدستور,وليس – كما كانت إبان النشأة- المعبر الشبابي و الجماهيري عن مناهضة الفساد و الاستبداد.وفي هذه الجزئية بالذات,لم تتوان الرواية على لسان بعض شخصياتها في تشريح طبيعة هذه القوى الداعمة.
فكمال يعتبر "جماعة العدل و الإحسان"ذات نزوع إلى احتكار التمثيل باسم الشعب,معتبرة الديمقراطية لائكية,والوجود داخل الحركة مما تفرضه الضرورة وليس شراكة في المبدأ وقناعة به,فالهيمنة العددية لإتباع الجماعة لاتقل أهمية وخطورة عن"التحكم"في صياغة قرارات الحركة من طرف مجلس الدعم,خاصة التنظيمات الحزبية الممثلة فيه,حيث تصف الرواية هذا المجتمع الحزبي بأوصاف توجز بها "أزمته" كالاعطاب اليومية ووسائط التواصل العقيمة و الثقافة التنظيمية القائمة على الانغلاق و التقوقع و الحلقية,والنزعة الاقصائية التي عبر عنها في الرواية وليد ,متهكما على المواقف المخالفة, ناعتا إياها بالإصلاحية والارتهان لمبادرات النظام.يخلص كمال إلى حقيقة أن تواجد اليسار و "جماعة العدل و الإحسان "مبني على غش متبادل .
على عكس أمين المنتمي لشبيبة"الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" ,والذي غالبا ما كان يردد بأنه "يطحن الحصى في رهانه "إشارة إلى المواقف الباردة من مشاركته في تظاهرات الحركة من طرف بعض نشطائه الحركة ,تبرز شخصية شهبون كشخصية شاذة ,لاهو كان من نشطاء الحركة,ولا غادرها نقدا و اختيارا,إنما كان يعتبر شعارات حركة 20فبرايرتفاهات مراهقين. انتمى إلى شبيبة"الاتحاد الاشتراكي" تم ما لبث أن غادرها صوب حزب "الأصالة والمعاصرة",شهبون تعبير حي عن أطروحة موت الايدولوجيا ,بما أن المصلحة هي عقيدة السياسة,التحق حديثا بالمدرسة الوطنية للإدارة,لكنه كان في حاجة للالتحاق بحزبه الجديد لنيل الحظوة والمنصب السياسي,ومن ثم الارتقاء الاجتماعي و الطبقي.
عموما ,يحاول كاتب الرواية أن يستدرجنا إلى اعتبار حركة 20 فبراير قبل الدستور ليست هي ما بعده,يقول على لسان الراوي واصفا حالة نبيلة: "لايزيد صدر نبيلة إلا ضيقا بأجواء المناقشات التي تدور بين أعضاء التنسيقية,تلاحظ أنها باتت تتحول,شيئا فشيئا إلى مناقشات عصيبة الكلمة فيها للأعصاب,والعنف اللفظي و لمشاعر التوتر.التسامح فيها قل, وحصة الاختلاف في الرأي فيها ضؤلت.كان بيئة جديدة نشأت,فأفقرت قيم الحركة,وطوحت بها.............تعترف في داخلها أن"مجموعة الصقور" يختطفون الحركة, ويأخذونها إلى المجهول....."
هل يا ترى هذا ما أصاب حسن بالإحباط , ودفعه إلى الإحساس بالغضب الجواني الحارق,والى تلمس الطريق التي انتهى إليها أمجد باحثا عن متنفس آخر ؟
6-
إذا كان عنوان الرواية"الحركة" يشير إلى حركة 20فبراير, فان الإشارة إلى التنظيمات والأحزاب السياسية أخد هو نفسه هذا المنحى من الترميز.ف"الجبهة"هي الكتلة الديمقراطية,و"الإقساط والبر" هي جماعة العدل والإحسان,و"الحزب التقدمي" هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ,و"حزب التحرير" هو حزب الاستقلال ,وحزب" الفصول الأربعة " هو حزب التقدم والاشتراكية ,وحزب " الأمس و اليوم" يرمز إلى حزب الأصالة و المعاصرة,أما"حزب المقدمة "فهو حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي,و"حزب التحالف" هو الحزب الاشتراكي الموحد, و"الطريق القويم "هو حزب النهج الديمقراطي,وأخيرا "حزب الخواص" هو الاتحاد الدستوري.
وأما شخصيات الرواية ,ففئة الشباب هي الفئة الغالبة على انتمائها الاجتماعي,رغم توزعها بين اصطفافات حزبية متنوعة, وبين "المستقلين, بين ابن الاسكافي وابن استاد الثانوي...., فئة منقادة لتوتراتها و صراعاتها و تناقضاتها في ما بين بعضها البعض, وبينها وبين جيل "الآباء".
7-
يورد عبد الإله بلقزيز على لسان الراوي ما يلي: "كان يمكن لحادث سقوط متظاهر من الحركة برصاص الأمن في مدينة السردين الكيماوية أن يلهب عمل الحركة أكثر من ذي قبل....",كما يعتبر أن عملية القتل هذه لم يتم استثمارها بسبب استقبال بعض أعضاء الحركة لوفد إسرائيلي,انشغال الأحزاب بالعملية الدستورية,انطلاق المظاهرات المضادة ,واخيراانتشار بعض المندسين للإساءة لسلمية الحركة.يتعلق الأمر هنا بمدينة آسفي, وبالشهيد كمال العماري, وبتظاهرة حركة 20 فبرايرليوم 29 ماي 2011 ,أو ما سمي بالأحد الأسود.
فعلى من نراهن يا ترى, على "الحقيقة" الروائية أم على "الحقيقة "التاريخية ؟
إن بلاغ الوكيل العام للملك-حسب صحيفة "الأيام"عدد 479 بتاريخ 10 يونيو2011 –أكد أن"تقرير الأطباء الشرعيين خلص إلى كون الوفاة نتجت عن اعتلال رئوي واسع مع فقد الدماغ للأوكسجين....."و أشار إلى تكليف النيابة العامة للفرقة الوطنية الشرطة القضائية بإجراء بحث شامل و معمق لتحديد ظروف و ملابسات الوفاة.لكن النشطاء العشرينيين , والرأي العام بالمدينة, والصحافة لهم رأي مخالف,إذ حسب نفس الصحيفة تمت معاينة "جثة كمال العماري ووقفنا في مستودع الأموات بالأبيض و الأسود وبالألوان أيضا على جروح وكدمات و كسور ...زرقة في الكتف و ضربات معمقة في الظهر و الصدر و رجل مكسورة ومنتفخة ودم منفوث من فم وأنف كمال....لا يظهر وضعه أن الأمر يتعلق بسكتة قلبية...".
في السياق ذاته,خلال حديث جرى بين أحمد-أب حسن-وصديقه الهاشمي,ذكره هذا الأخير "بأن شهورا أربعة مرت على ميلاد الحركة,كانت مليئة بالأحداث والمظاهرات,ولم يحصل مكروه لحسن أو أحد من رفاقه,انتبه إلى هذه الحقيقة وقد ذهل عنها طويلا, تري؟هل تغير المخزن و بات رحيما بخلق الله ؟
ما تقوله "الحقيقة "التاريخية عكس ما يسرده "المتخيل" الروائي, فالحركة أحدتث رجة عميقة جعلت المغرب الأمني في حالة تأهب قصوى , كانت العصا و الجزرة عنوانا السياسة المنتهجة حتى قبل أن تنصرم هذه الشهور الأربعة ,فالقمع و المضايقات ما كفت منذ أن انبثقت الدعوة إلى التظاهر عبر العالم الافتراضي,الترهيب الذي تعرض له النشطاء قبل العشرين من فبراير خاصة توقيف مجموعة من الشباب بمدن الدار البيضاء و القنيطرة و مراكش يومين قبل بدأ فعاليات مسيرات 20 فبراير , تحريك حملة إعلامية مضادة عبر المواقع الاجتماعية ,الدفع بتأسيس بعض الحركات المناوئة ,مثل "حركة 9 مارس ",و"حركة الشباب الملكي", تجنيد الإعلام العمومي ,تشكيل المجلس الوطني لحقوق الإنسان بدل المجلس الاستشاري ,إقرار المجلس الوزاري لمجموعة من مشاريع القوانين و المراسيم ل"مكافحة "الفساد و تطبيع الحياة العامة ,تنصيب مؤسسة الوسيط عوضا عن ديوان المظالم ,الإفراج عن بعض المعتقلين السياسيين,إصدار المرسوم الوزاري القاضي بالحق في ولوج الوظيفة العمومية مباشرة بعد تعميم نظام المباريات,إطلاق يد الباعة المتجولين ومشاتل البناء العشوائي, تشجيع"البلطجية"للتشويش على التظاهرات العشرينية كما تجسد بشكل واضح إبان تظاهرات الحركة يوم 31 يوليوز 2011 بالبرنوصي بالدار البيضاء , لقاء مستشار الملك مع القيادات النقابية بهدف تحييد النقابات و الطبقة العاملة,المراجعة الدستورية و الرغبة في تحييد الشارع و استيعاب الأحزاب السياسية داخل النقاش الدستوري,إقحام المؤسسة الدينية في التعبئة لمشروع الدستور عبر دعوة المجلس العلمي الأعلى وتجنيد الأئمة و الخطباء,مما ينم عن توظيف الدين في الصراع السياسي,دفع الزاوية البودشيشية كلاعب إضافي في الحملة على الدستور,إضافة إلى مشجعي كرة القدم,اتهام نشطاء الحركة بالعمالة للخارج,الاعتقالات و الاختطافات,......هذا دون أن ننسى ما جرى يوم 13 مارس2011 بالدار البيضاء,ثم يوم 22 ويوم29 ماي من نفس السنة,في كافة المدن المغربية بدعوى انعدام الترخيص القانوني بالتظاهر.,استشهاد كمال العماري يوم2 يونيو2011 .....
8-
ينتمي أمين ل"لحزب التقدمي " الذي سارت مواقف قيادته إزاء الحركة على النقيض من مواقف بعض شبيبته,ما انفك هذا الشاب الاتحادي من ترديد أنه يطبخ الحصى في رهانه,تعبيرا عن إحساسه بأنه و رفاقه غير مرغوب بتواجدهم داخل الحركة,رغم الاعتقاد بالانتماء إلى نفس السلالة الفكرية للحساسيات اليسارية الناشطة ,عكس نشطاء "الإقساط والبر".تحاول الرواية أن تركز على أهمية مشاركة هذا الفصيل الشبابي لدعم جماهيرية الحركة,حسب أمجد المتحمس لذلك انطلاقا من قراءته الخاصة لأفق المسار العام للأحداث المتسارعة,كما تركز على النزعة "الاقصائية "السائدة داخل الحركة في الدفع بذاك الفصيل إلى الهامش.
هل كانت العلاقة مند البداية ملتبسة بين الحزب التقدمي و حركة 20 فبراير؟ ألم يساهم لا وضوح الموقف الحزبي في ذلك؟ تم الى يمكن اعتبار تحميل بعض مكونات الحركة جزأ من المسؤولية في تردي الأوضاع ل"لحزب التقدمي "مبررا غير كافي لتفسير هذا الجفاء؟أم أن بعض مواقف الحركة لم تكن على هوى الحزب رغم التقاء السبل حول "الملكية البرلمانية"؟.
يردد إدريس لشكر الذي سيصبح فيما بعد الكاتب الأول للحزب التقدمي خطابا يقترب في بعض جزئياته من خطاب السلطة, مفاده أن شعار الحركة أصبح هو العرقلة, مادامت تلح فقط على الاحتجاج,الحياد عن البرنامج التأسيسي,ظهور أصوات داخل الحركة هدفها ملأ الشوارع بالدم,ظهور أجندات أخرى تريد الركوب على الحركة.
9-
هل تبنى الحركة الجماهيرية الواسعة على الاصطفاف الاديولوجي,أم على برنامج للتغيير الديمقراطي؟ لماذا راوحت حركة 20 فبراير مكانها دون الانتقال من حركة احتجاج إلى حركة اجتماعية جماهيرية؟ لمذا لم تستوعب الحركة كل الشرائح و الفئات المتضررة من الوضع السائد؟الم تعاني الحركة من نضوب في منسوب الديمقراطية الداخلية ومن غياب النفس التنظيمي,ومن شح في الإبداع التاطيري؟ ألى يمكن اعتبار مسار الحركة من مسار المكونات العاملة داخلها؟هل الشارع هو الخيار الأوحد لتعبير الحركة عن تواجدها أم يجب الانفتاح على خيارات أخرى؟ ألى يمكن اعتبار انه كلما كان هناك تراجع عددي في مسيرات الحركة قابله " تطرف" شعاراتي؟لما تشخصن بعض شعارات الحركة في أشخاص,بينما يجب استهداف السياسات العمومية , و نهج الاستفراد بالسلطة, والفساد؟ألى يمكن اعتبار الحركة في المرحلة الراهنة وبالإمكانات المتوفرة,وميزان القوى السائد,كلما اقتربت من منطق "الإصلاح" حققت جماهيريتها ,وكلما دنت من منطق "الثورة" مالت إلى التحول إلى حركة فصائلية؟ هل للحركة أفقا ثقافيا و اقتصاديا ما ؟ما حجم البعد الاجتماعي في نشاط الحركة ؟
10-
متى تكتب الرواية الأخرى عن الحركة ؟من سيكتبها؟ هل الدم والغطرسة والقمع؟أم قيمة مناضليها المتعالين عن أي ضيق أفق؟ وحزامها الجماهيري الذي لا بد منه كشرط أن تكون أو لا تكون؟
من سيحكيها ؟وبأي نفس ؟ .



#عبدالله_مهتدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص قصيرة جدا
- الحلم


المزيد.....




- ماذا قالت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز بشهادتها ضد ترامب؟ ...
- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...
- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - حركة 20 فبراير بين المتخيل الروائي والمقترب النقدي