أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - مشهد للحب وآخر للعنصرية














المزيد.....

مشهد للحب وآخر للعنصرية


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 4749 - 2015 / 3 / 15 - 11:17
المحور: الادب والفن
    


مشهد للحب وآخر للحقد والعنصرية
دينا سليم
بالحب والفرح فتحت لها ذراعاي، بنغمة صوتي الحنون هدّأت من روعها وطبطت على ظهرها لكي تشعر ببعض الأمان، وقلت لها:
- بمحبة سوف أسمعك إن أردت، كيف لي أن أساعدك يا فتاتي.
واستمرت في البكاء، تجهش وترتجف، فأيقنت أن الألم دخل قلب هذه الصبية الجميلة دون سابق انذار، فكررت مطلبي دون تردد فقالت:
- أنا مريضة به!
وطرأ على بالي حالا أن تكون مريضة بمرض لا شفاء منه لأنها نحيفة جدا، هزيلة لدرجة أني بدأت أحسب بمخيلتي نوع المرض الذي تشتكي منه، ومن خلال جزعي وخوفي عليها قلت لها بصوت منكسر:
- مريضة... سلامتك، أنا آسفة جدا إن حصل وضايقتك بسؤالي فجميعنا سنمرض في يوم ما!
مسحت دمعها بكف يدها المضمومة وكأنها تستعد لشوط ملاكمة، واليد الأخرى متشجنة تماما، قالت:
- لا لست مريضة، بل مصدومة، لقد رأيت خطيبي مع امرأة أخرى الآن، يداعبها ويقبلها، يا لها من صدفة، يا الله أكاد لا أصدق نفسي!
تنفست الصعداء وفرح قلبي وأحسست بشيء من الانتصار لأني اطمئننت عليها وأغبطني أنها تتمتع بصحة جيدة رغم نحافتها المقلقة... بأناملي مسحتُ دمعها ثم أجبتها:
- فتاة رائعة الجمال مثلك، وصبية بعمر الورد تبكي على رجل غير جدير بها، إنه مرض العشق إذن، اغسلي وجهك وتزيني واذهبي للبحث عن رجل آخر، الحياة لا تنتهي هنا، لا تضيّعي الوقت، هيّا!
قبلتني الفتاة المجهولة والتي لم أعرف اسمها، ثم ابتسمت قليلا، طهرت وجهها من سواد كحل عينيها، ابتسمت ابتسامة أخرى أمام المرآة، وضحكت قائلة:
- يا للصدفة العجيبة التي جمعتني بكِ وفي أحقر مكان في العالم.
أجبتها:
- وهل تظنين أن المراحيض أحقر الأماكن، بل إنها أكثر الأماكن نظافة، تمنحنا الشعور بالخصوصية والسرية، وعندما نلقي بأوساخنا داخل الأنابيب التي تتستر على نفاياتنا الداخلية نتخلص من عيوبنا فنشعر بالراحة والسعادة الروحية، فنخرج من هذا الباب الذي كان مغلقا علينا لتلتقي عيوننا مباشرة مع أنفسنا والمرآة... المراحيض أصدق الأماكن في حياة البشر!
لو تعلم هذه الفتاة الغريبة بصدق كلامي، وتمنيت لو شاركتنا جلستنا فيما بعد ولم تغادرني للبحث عن حبيب جديد، أنا وبعض الحالات المستعصية التي تحتّم الظروف علي أن ألتقي بها أحيانا، هذه اللقاءات التي أصبحت أوسخ من حجرات المراحيض، بمعية إحداهن تحديدا أتذكر الماضي، أعني اللقاءات السابقة في فلسطين الداخل، عندما كنا نختمها بعد يوم طويل من النقاشات والمشاحنات غير المجدية مع بعض الأخوة الاسرائيليين بمعركة ضارية دون أن نصل إلى جوهر السؤال (هل ما حدث في فلسطين يسمى نكبة أم ماذا)، كنا نترك أماكننا ونفترق على أمل اللقاء مجددا للبحث في جوهر القضية دون شتائم على الأقل، والآن، وهنا، أصبحنا نلتقي عربا مع عرب لجأوا من بعض الدول العربية لكي نتنازع مع بعضنا البعض ونعزز السؤال المخيف ألا وهو، (بماذا دينك اللقيط أفضل من ديني الحنيف).
لن أفعل وأسجد للرب خمس مرات في اليوم، ولن أصوم عن اللحم خمسين يوما، وأعذب نفسي وأهينها وأحشر جسدي في هذا الطقس الحار، وأكبت أحاسيسي الحقيقية وأذوب خوفا من ذنوب شخصية لم أقترفها، وأمضي أيامي الطويلة مرعوبة من عقاب الآخرة وأحلم كوابيسا بالحبل الذي سيعقد حول رقبتي، ولن أمضي عمري بازدواجية مقيتة وأكون وجها حقودا خلسة ومكلل بابتسامة مزيفة ظاهريا، وادعي التقوى والإيمان!
عذرا، أنا هي التي ستبقى دوما العاشقة فالمحبة ديني ودينونتي، سأحتفظ بابتساماتي ذاتها غير المفتعلة، وقلبي المحب للجميع والذي يحترم اليمام الذي يضع برازه على سقف بيتي كل يوم، أنا تلك التي لا تخشى خفافيش الليل التي تمرح لها بأمان في حديقتي لأني روّضتها على المحبة، نعم أغضب قليلا وأخبركم بغضبي الصريح لأني إنسان أحترم كينونتي كانسان والمكان الذي أعيش فيه سعيدة، أنا (أسترالية) جدا، وأعشق (فلسطينيتي) كثيرا، بل أكثر بكثير ممن اعتادوا على حمل قميص يوسف مشوهين اسمها وقدسية أرضها.



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكلاب لا تعمر طويلا
- محارة للذكرى
- الحافلة دليل قاطع على اختلاف الثقافات
- منازل بلا شرفات
- هل أدركك النعاس
- أغبياء
- حوار على رصيف ما
- كلوا بامية
- تناثر زهر التفاح
- اختيار الأديان لا الأزواج!
- ربيع المسافات لدينا سليم
- مسافات الشوق
- الهويات المجروحة أو البحث عن معنى للإقامة في العالم/ رواية ق ...
- حوار مع الشاعر جميل داري
- في قطاع غزة
- ماذا يوجد في حقيبتي
- يوم المرأة العالمي: هل المرأة مناضلة فعلا؟
- الإصدار الخامس للروائية الفلسطينية دينا سليم
- تقاعس
- اليهود النازحين من العراق - إبراهيم عوبديا الشاعر الهاديء


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - مشهد للحب وآخر للعنصرية