أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - هل أدركك النعاس














المزيد.....

هل أدركك النعاس


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 4361 - 2014 / 2 / 10 - 13:19
المحور: الادب والفن
    


هل أدرككَ النّعاس مجددا؟
دينا سليم: بريزبن
الحديقة صامتة هادئة، محاطة بسور صنع من الخشب المصقول، عشرات القطع طويلة المدى التحمت ببعضها البعض، صُدع ظاهر حصل في الجدار المرصوص بالألواح الخشبية المستقيمة...لوحة خشبية مفصولة، حادت عن المجموعة، لقد انتُزعت من مكانها فحدث تشوّه واضح في الجدار، زاغ اللوح من مكانه ومال مبتعدا، وكأنه يد مريض تستجدي الحياة قبل الرّحيل، حاولت الأم إعادتها وبكل قوتها إلى الصف لكي تلتئم مع مثيلاتها لكنها أخفقت، أصبح الميل شديدا والقطعة لم تعد تشبه مثيلاتها، أعادت الكرّة مجددا وبقوة العزم أرادت للقطعة العودة إلى الصف المرصوص، لكن هذا الضلع أبى العودة، نذير شؤم أو ربما هي علامة توثيقية واضحة أن من سكن هذا البيت قد انفصل أخيرا عن الحياة!
مهما تحلّب الورد، وإن نشفت عصارته، ألا تأنّى جسدك بالتهام نفسه، بلى تبقى عيناك منارة، رغم قمّة العذاب، تبقى عيناك منارة، شرسة هي الحياة، قاسية هي النهارات التي آويت إليها ولم تجد فيها سوى القسوة، مهارة الألم تتجمع داخلك وتنبذ كل خلية رحيمة، حتى بدأ يتآكل جسدك ببطء مثل مروحة تهرش أجساد الفراشات وتترك نثارها يتطاير، نثارك تطاير في زحمة السنين، فتأسس غبار ذكراك داخل نفوس الآخرين حتى أصبحتَ منسيا تماما، الحقيقة مرة عندما تتحدث عن نفسها، هل تعذبت يا بني لمّا أقلتك الملائكة إلى مكان آخر، أخبرني، هل حظيت بمزيد من العذاب، أم كان موتك مريحا وهادئا، هل هدأت روحك الآن واستكانت، أم بقيت زمنا لا بأس به تبحث فيه عن الراحة، متى وجدتها، لو تستطيع أن تخبرني متى زارك ملاك الموت، وهل انتظرك بالمرصاد طويلا حتى لفظت آخر أنفاسك، هل أحاطك مصمما البقاء، لماذا لم تراوغه هذه المرة، فأنت أذكى المراوغين، لماذا لم تراوغه، ماذا حصل لكي تستسلم له هكذا، وكيف تستسلم له بكل هذه السهولة؟ لا أصدق أنك منحته روحك بنفسك، لا أصدق أنك لم تقاومه، لا أصدّق أنك متّ، لا أستوعب غيابك...
عينان متقدتان، وأبواب مغلقة عليك وخطواتك عرفت الهمس، هادئ صلب النفس، عيناك جريحتان وفؤادك قويّ وجسدك طريح الفراش، عضوان إثنان قويان بقيا ملكك (قلبك وعقلك)، هذا ما كنت عليه فعلا، وأبدا لم تبكي، لا تعرف البكاء ولم أرك يوما تبكي، الآن بدأت أتساءل لماذا، بعد أن فقدتك عرفت سبب جمود دموعك داخل مقلتيك، يا لهذا الكبرياء، أم هو الجبروت الذي يتحدثون عنه، أم كانت مكابرة، أم الدموع هي مجرد كذبة، أم أنا كنت ضريرة فلم أرها!
يا لهذا الانكسار الفظيع الذي بدأت تشعر فيه الأم، يا لهذه اللحظات المشؤومة التي حطت رحالها بين كفيّها المرتعدتين وجعلتها ترتعش مثل سنبلة من وطأة سنان المنجل، بدأت تشعر بأول انكساراتها التي سوف تحدث أخيرا على أرض عمرها ملايين السنين، حيث استطاع الأطباء تطييب جراحاته النازفة، لكنهم لم يستطيعوا بترها، أستراليا، التي اختارتها لتكون الموقع لذبح أمومتها بعيدا من هناك، من هنا أرادت أن تتحدى العالم مجددا بعد رحلة العلاج الطويل في الوطن الأم، حيث خضع (باسم) لعلاج مكثف بعد رحلة معاناة طويلة، هنا استطاع أن يحيا ثماني سنين أضيفت إلى حياته البائسة، ثماني سنوات فقط وقلبه لم يعد يحتمل، فجاء ملاك الموت ليسحب من تحته بساط الحياة.
ويصمت (باسم) وقد قرر أن يغلق نافذة قلبه على نفسه حاجبا الجميع من حياته بما فيهم أقرب الناس إليه، بل وأكثر، فقد قرر أن يساهم بتظليل الضمير الذي يناشده الكفّ عن تصرفاته الصبيانية غير المجدية. لقد أغلق على مشاعره ظانا منه أن ذلك يمنحه المزيد من القوة والكبرياء، لم يعلم أن القلب هو مصدر المشاعر والعواطف..مركز الانسانية..وجوهر البشرية، وأن القلوب المقفلة تلك التي أغلقها الكثيرون من قبله، ظنا منهم أن انعدام المشاعر مصدر قوة وكبرياء، وأن الإنسان بلا قلب..بلا جروح وبلا ألام.. كان خطأ فذيعا.
لكنهم نسوا..أنه بلا ألم..لا وجود للسعادة أبدا!
حتما أدركك النعاس يا بني ولم تستطع الإفلات منه هذه المرة، لقد طال سباتك، لماذا لم تستفق، لماذا نفذت قرارهم دون أن تقاوم، لماذا عبثت بقلبي وكسرته؟ أتمنى أن أحتويك وأضمك إلى قلبي، وأستنشق رائحتك، وأعبث بشعرك الناعم، وأقول لك (اشتقتُ لكَ...نعم اشتقتُ لكَ)، سأقولها آلاف المرات.
ما زلت ها هنا، أقف خلف سور حديقتك، أنتظرك لكي تفتح لي الباب، افتح لي الباب أرجوك، هل تريد أن أكسر الجرس أم ستفتح الباب دون أن أفعل، هذا اللوح الخشبي المنفصل عن اخوته يعذبني ... هل عدت إلى سريرك وتركتني أنتظر خارجا؟



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغبياء
- حوار على رصيف ما
- كلوا بامية
- تناثر زهر التفاح
- اختيار الأديان لا الأزواج!
- ربيع المسافات لدينا سليم
- مسافات الشوق
- الهويات المجروحة أو البحث عن معنى للإقامة في العالم/ رواية ق ...
- حوار مع الشاعر جميل داري
- في قطاع غزة
- ماذا يوجد في حقيبتي
- يوم المرأة العالمي: هل المرأة مناضلة فعلا؟
- الإصدار الخامس للروائية الفلسطينية دينا سليم
- تقاعس
- اليهود النازحين من العراق - إبراهيم عوبديا الشاعر الهاديء
- دعوة الى حوار
- قصة قصيره
- حوار
- المرأة ويوم 8 آذار - لن أتحدث اليوم سوى عن الورد المزروع خلف ...
- ذاكرة الهواء


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - هل أدركك النعاس