أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - الكلاب لا تعمر طويلا














المزيد.....

الكلاب لا تعمر طويلا


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 4734 - 2015 / 2 / 28 - 10:57
المحور: الادب والفن
    


الكلاب لا تعمّر طويلا– دينا سليم
نَهَتني جدتي ذات عصر:
لا تقتربي من هذا السّياج، ولا تتخطي هذا الممر، وإياك أن تعبري من هذا الطريق الضّيق، ولا تختصري السبيل فتقعين في جحر مكيدة لا يمكنك الخروج منها، فربما تتغير الطّريق معك فجأة، فما عدو الإنسان سوى الإنسان.
وعندما سألتها لماذا كل هذا الحرص بينما ننعم بالعيش الرغيد ولا يوجد لنا أعداء، ولماذا هذا الخوف طالما تربينا على احترام الجميع من الصّغير إلى الكبير، واعتدنا مراعاة شعور الضّعيف وإطعام الفقير وتهدأة خاطر الذليل!
فأجابتني: أخشى من هذا اليوم الذي سيأتي وكل من ذكرتِهم يصبحون أقوى من العدالة الإنسانية، نحن في هذا العصر جميعنا أخوة، في النهار يضحك كل في وجه الآخر ونغمّس كل بطبق الآخر، وعندما تحين ساعة المساء يترك كل منا الآخر ويذهب بمعية ضميره إلى مخادع عقله القلق ليضعها على وسادته البيضاء، منهم من يلوثها بأفكاره السلبية ومنهم من يزيدها طهارة، سيأتي يوما ويتبدل كل شيء ويصبح الأخ عدوا لأخيه، ربما اليوم سيتأخر لكنه سيأتي، المهم هو ألا تفقدي إيمانك بالمحبة، لأنه من يزرع محبة يجدها ومن يزرع كراهية يحصدها، وصافي القلب سيبقى قلبه صافيا، وهذا الدنيء السّيء، حامل المعاصي، سوف ينكشف حتى لو بعد حين.
لم أعد أثق بأحد جدتي، فالعصر منذ غادرتنا، أي قبل عشرين سنة ونيف، لم يعد هذا العصر الذي عشناه، لكن مشاهد كثيرة جميلة ما تزال تلوح داخل ذاكرتي، رأفة فلانة ورحمة فلان، وإيمان فلانه وتقوى فلان، قبح فلان أمام حسنات فلانة، نيّة فلانة المتلحف عقلها بالسواد مقابل النيّات الصادقة القليلة لفلان، لكني من بين كل هذا أتوقف عند مشهد ربما لا أهمية له، عندما أتذكر هذا الكلب المتشرد الذي ينتظر لقمته بوداعة خلف سور بيتنا، تخصصينها له كل يوم، ولكي لا نتشاجر، أنا واخوتي، وزعتِها فيما بيننا حسب عدد الأيام لكي نفعل ذلك مسرورين راضين، والدّرس الأهم في الرّحمة أصبح ملقنا ومفهوما ضمنا وهو ألا ندوس على ظهر نملة وندع القوقعة تمر بسلام، فمن يشفق على حيوان طريد لا يمكنه أن يكون قاسيا... هذا الذي لحق به صبية الحارة لرجمه وجاء في يوم ما ليلتجيء في ساحة دارنا، لم نخش من اقترابه بل بكينا أمام نظراته الحزينة، ولم نحترس منه حتى لو كان موبوءا بمرض، هذا الذي نبح كثيرا عندما سقطت عينه على ثعبان تسلق جدارنا وتحيّن فرصة مهاجمته ولو على حساب حياته، هذا المسكين الذي أتت نهايته وسُحق تحت عجلات سيارة شحن كبيرة ولم يجد من يلملم أشلاؤه من الطريق، هذا المنبوذ علّمنا هو أيضا كيف يكون الوفاء.... لكن الكلاب لا تعمّر كثيرا، لو تعيش زمانا طويلا!



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محارة للذكرى
- الحافلة دليل قاطع على اختلاف الثقافات
- منازل بلا شرفات
- هل أدركك النعاس
- أغبياء
- حوار على رصيف ما
- كلوا بامية
- تناثر زهر التفاح
- اختيار الأديان لا الأزواج!
- ربيع المسافات لدينا سليم
- مسافات الشوق
- الهويات المجروحة أو البحث عن معنى للإقامة في العالم/ رواية ق ...
- حوار مع الشاعر جميل داري
- في قطاع غزة
- ماذا يوجد في حقيبتي
- يوم المرأة العالمي: هل المرأة مناضلة فعلا؟
- الإصدار الخامس للروائية الفلسطينية دينا سليم
- تقاعس
- اليهود النازحين من العراق - إبراهيم عوبديا الشاعر الهاديء
- دعوة الى حوار


المزيد.....




- فيلم جديد يرصد رحلة شنيد أوكونور واحتجاجاتها الجريئة
- وثائقي -لن نصمت-.. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل ...
- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - الكلاب لا تعمر طويلا