أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - تمرين تركي لمنطقة عازلة في سورية














المزيد.....

تمرين تركي لمنطقة عازلة في سورية


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 4737 - 2015 / 3 / 3 - 08:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمرين تركي لمنطقة عازلة في سورية
منذر خدام
لأول مرة وبصورة علنية ورسمية تعلن تركيا عن دخول قوات تركية إلى الأراضي السورية مساء الواحد والعشرين من شهر شباط لعام 2015، بذريعة نقل رفاة جد مؤسس الدولة العثمانية سليمان شاه، خشية وقوعه تحت سيطرة داعش. واللافت أن حجم القوات كان كبيراً بحيث شمل أكثر من مائة مدرعة وآلية عسكرية ثقيلة، ونحو سبعمائة جندي تركي، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام مختلفة. لا شك بأن هذا الحشد العسكري يزيد كثيرا عن حاجة نقل مجرد رفاة لجد مؤسس إمبراطوريتهم العثمانية ونحو ثلاثين جنديا من حراس قبره، مما يسمح بقراءته كنوع من التمرين العسكري قصد منه توجيه رسائل سياسية عدة لأطراف دولية وإقليمية تفيد بعزم تركيا وضع حد للتمدد السوري الإيراني في الشمال السوري المساند من ميليشيات شيعية مختلفة، كما تسميه جهات تركية، وجهوزيتها، إذا اقتضى الأمر، لإنشاء منطقة عازلة في شمال سورية من طرف واحد.
من المعلوم أن قبر سليمان شاه جد مؤسس الإمبراطورية العثمانية كان قد دفن على ضفاف نهر الفرات في منطقة تسمى ترك مزاري في قلعة جعبر، الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات القريبة من مدينة الطبقة السورية. ثمة روايات مختلفة حول تواجده وعشيرته في المنطقة، وحول وفاته أيضاً، بل وحتى حول قبره الحقيقي. بحسب بعض المصادر التاريخية فإن سليمان شاه كان زعيم عشيرة توجه بها نحو سورية هربا من المغول الذين كانوا يغزون المنطقة قبل نحو ثمانمائة عام. وخلال محاولة فراره مات غرقا في نهر الفرات في سنة 1227 ميلادية ليدفن في قلعة جعبر. وبموجب اتفاقية أنقرة الموقعة بين تركيا وفرنسا في سنة 1921، في مادتها التاسعة عدت منطقة القبر(بضع مئات من الأمتار المربعة) خاضعة للسيادة التركية ، وصار منذ ذلك التاريخ يرفرف العلم التركي فوقها، إضافة إلى تواجد سلة من الجنود الأتراك لحراسة القبر.غير أنه في سنة 1973، وخشية من أن تغمر مياه سد الفرات منطقة القبر، فقد اتفقت الحكومة السورية مع الحكومة التركية على نقله إلى قرية قره قوزاك التي تبعد نحو 25 كيلومتر عن الحدود التركية، وزيدت المساحة المحيطة بالقبر إلى نحو8797م2، وجهز المكان بمنشآت سياحية مختلفة لتقديم الخدمات تحسباً لقيام كثير من الأتراك والمجموعات السياحية بزيارة القبر. وبالفعل عندما كان القبر في قلعة جعبر بعيداً عن الحدود التركية السورية إلى الجنوب بالقرب من مدينة الطبقة السورية، لم يكن يلفت انتباه احد، ونادرا ما كان يزوره الأتراك أو السائحون، لكنه تحول في مكانه الجديد إلى محجة للأتراك، وللنشاط السياحي قبل تفجر الأزمة السورية.
لكن لماذا في هذا الوقت بالذات قررت تركيا نقل الرفاة إلى منطقة أخرى داخل الأراضي السورية، تقع بالقرب من الحدود السورية التركية؟!! هل فعلاً السبب في ذلك هو حمايته من تدنيس محتمل له يمكن أن تقدم عليه داعش؟!! .
لا يخفى على أحد حجم التدخل التركي غير المباشر في الأزمة السورية، فعبر أراضيها دخل إلى الأراضي السورية عشرات الآلاف من " المجاهدين " المتطرفين من مختلف دول العالم، إضافة إلى العتاد الحربي المتنوع الذي جاء بعضه من تركيا بتمويل قطري، أو من أمريكا وغيرها من البلدان بتمويل خليجي. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل صارت تركيا بمثابة القاعدة الخلفية للمجموعات المقاتلة في سورية، تؤمن لها كل مستلزمات الدعم اللوجستي، بما في ذلك تدريب المقاتلين، وعلاج الجرحى منهم. ومن البداية شجعت السوريين على اللجوء إلى تركيا لحسابات إستراتيجية بعيدة المدى. لقد فضح نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، في إحدى تصريحاته، دعم تركيا للمجموعات المتطرفة في سورية والعراق، بما في ذلك تامين الغطاء السياسي لها. وبالعودة إلى ما قبل تفجر الأزمة في سورية لا بد أن يلاحظ المراقب حدة هذا التناقض الظاهري بين وضعية العلاقات السورية التركية في ذلك الوقت التي كانت تتسم بالقوة والشمولية حتى عدت من قبل المسؤولين في البلدين بأنها إستراتيجية، وحجم التورط التركي الراهن في الأزمة السورية. لا يمكن فهم ذلك إلا من خلال ملاحظة الانكفاء التركي غرباً نحو أوربا، والتوجه شرقا لخلق مجال حيوي لتركيا في البلدان الإسلامية المحيطة بها، لكن ليس على قاعدة الندية والمصالح المشتركة، التي كانت تطالب بها سورية والعراق، بل على قاعدة محورية الموقع والدور التركيين. ولذلك عندما انتفض الشعب السوري ضد حكامه مطالبا ببعض حقوقه الطبيعية في الحرية والكرامة، سارعت تركيا للتدخل ودعم الحركات الإسلامية شركاؤها في الأيديولوجية، على أمل أن تشكل البديل المحتمل عن النظام البعثي " العلماني" الحاكم في سورية. وظل تدخلها مستمرا، بل وتوسع خصوصا بعد أن حمل السوريون المنتفضون على حكامهم السلاح، وهو اليوم مستمر أيضاً حتى بعد أن سيطرت المجموعات المصنفة إرهابية من قبل الأمم المتحدة مثل داعش والنصرة وغيرهما، ظنا منها بأن لا احد يستطيع في المستقبل، عندما يقرر المجتمع الدولي حل الأزمة السورية، تجاهل الدور التركي والمصالح التركية. واليوم عندما صار التدخل الإيراني في القتال إلى جانب الجيش السوري واسعاً وقوياً خصوصا في جبهة شمال حلب، وفي الجبهة الجنوبية، صعدت تركيا من تدخلها المباشر. في هذا السياق بالضبط جاء التدخل التركي العسكري الكبير في سورية بذريعة نقل الرفاة، لكنه في حقيقة الأمر فهو لا يعدو كونه رسالة واضحة لا لبس فيها تفيد بأن تركيا لن تسمح بهزيمة حلفائها في شمال سورية، ولن تسمح أيضا للإيرانيين وميليشياتهم التي تقاتل إلى جانب الجيش السوري بالاقتراب من الحدود التركية. وإذا كان تدخل بعض وحدات جيشهم لنقل رفاة جد مؤسس إمبراطوريتهم العثمانية مجرد تمرين عسكري، فإن الجيش التركي جاهز للتدخل على أوسع نطاق إذا اقتضت تطورات الأوضاع في شمال سورية ذلك.

.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تنجح موسكو فيما فشلت فيه جنيف
- حقيقة الموقف الأمريكي من الأزمة السورية
- ما بين لقائي القاهرة وموسكو عشر نقاط سحرية
- حقية دور روسيا في الأزمة السورية
- هل يشهد عام 2015 حلا للأزمة السورية
- خارطة طريق لانقاذ سورية
- وادي الضيف واليوم التالي
- الربيع العربي- وراء در
- المهمة شبه المستحيلة
- موسكو ودي ميستورا والتسوية من - تحت إلى فوق-
- اقتصاديات العنف في سورية
- حيتان السلطة
- عندما تمارس السياسة والثقافة ب - المقاولة --حازم نهار نموذجا ...
- تيفان دي ميستورا والمهمة شبه المستحيلة
- الأسد يخون معارضيه - قراءة في خطابه الأخير -
- نظام يجيد تفويت الفرص
- الانشقاقات المعاكسة
- هل يقبل الشعب السوري بقاء النظام من جديد
- غزوة - الأنفال- في الساحل لاسوري
- مسار التفاوض الموازي


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - تمرين تركي لمنطقة عازلة في سورية