أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - الربيع العربي- وراء در














المزيد.....

الربيع العربي- وراء در


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 5 - 16:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من الفضائل الكثيرة لانتفاضات بعض الشعوب العربية أنها خلقت موضوعات جديدة وكبيرة للمشتغلين في الحقل الفكري والسياسي، ملأت فراغاتهم العقلية المتسعة، وأعادت السيولة إلى محابرهم التي كادت تجف لقلة الاستخدام، أو يبهت لون السائل فيها لكثرة اجترار المنهجيات القديمة في مقاربة ما يجري في هذه الدول العربية. وأكثر من ذلك فهي قد خلقت موضوعات كثيرة ومتنوعة للعاملين في مجال الإعلام، والأدب، والفن، وفي مجال العلوم الاجتماعية المختلفة... فالثورة لا تكون كذلك إذا لم تشغل جميع حقول المعرفة والسلوك على حد سواء.
وإذا كان لا يزال مجهولا صاحب براءة نحت تسمية انتفاضات بعض الشعوب العربية بـ" الربيع العربي"، الخاطئة من وجهة نظرنا، فالربيع لم يزهر بعد، وربما لن يزهر قبل سنوات وسنوات، مع ذلك كان لهذه التسمية قوة انفعالية تعبوية إيجابية لحض الناس على الثورة . إلا أن الفضل في تسمية أخرى هي " خريف الاستبداد" تعود إلى السيد أحمد داؤود أوغلوا، رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي السابق، نعدها أكثر دقة من التسمية الأولى في تعبيرها كعنوان عما يجري فعلا في بعض الدول العربية. وبغض النظر عن هذه التسمية أو تلك، يبقى السؤال يتكرر حول أسباب هذه الثورات ونتائجها المحققة والمحتملة، حول أدواتها وقابليتها للتعميم في ظروف أخرى. وفي الجواب عن هذا السؤال يرى البعض أن مسألة الفقر وسوء توزيع الثروة وانتشار البطالة، هي التي حركت الجماهير لكي تثور على حكامها، غير أن البعض الأخر وجد في مسألة استعادة الكرامة المهدورة من قبل أجهزة الأمن سبباً، وفئة ثالثة وجدت السبب في عجز الحكام العرب عن الرد على إسرائيل وهي التي تذل الشعب الفلسطيني يومياً. وهناك من وجد في الهيمنة الأمريكية سبباً.. بلا شك أن لجميع هذه القضايا حضورها ودورها في الانتفاضات الشعبية التي تجتاح بعض الدول العربية ، لكن السبب الأكثر عمومية من وجهة نظرنا يكمن في طبيعة النظام السياسي في هذه الدول ودخوله في تناقض كإرثي مع ضرورات تطورها ودخولها في العصر. من هذا المنطلق فإن ما يجري في الوطن العربي يعد ضرورة في التاريخي، وليس مؤامرة تحيكها الدوائر الغربية، والأمريكية منها، على وجه الخصوص، على أنظمة سياسية تعد صديقة لها بصورة موضوعية أو مباشرة.
وإذا كان يصح اختصار المشهد برمته في عبارة واحدة وهي أن الشعب العربي لم يعد يقبل العيش بالطريقة السابقة المفروضة عليه، إنه يريد الحرية، و الكرامة، و العدالة، يريد أن يكون مسؤولا عن مصيره. غير أنه من منظار الواقع وتعقيداته لا يكفي لشعب من الشعوب أن يريد الحرية، والمشاركة في النظام السياسي العام حتى يحقق ما يريد، بل قد يكون لهذا الواقع كلمات أخرى، وهذا ما يحصل اليوم في كثير من الدول العربية التي انتفضت فيها شعوبها ضد حكامها المستبدين.
لقد ساهم وجود مستوى معين من الحياة السياسية، والاستقلالية النسبية لهيئات المجتمع المدني والأهلي، وميل ميزان القوى المجتمعي الفاعل لصالح قوى التغيير، وكذلك وجود مؤسسة عسكرية وطنية غير سياسية، في تسريع عمليات إسقاط النظامين السياسيين في كل من تونس ومصر. أما في اليمن فإن وجود حياة سياسية نشطة، والتوازن النسبي بين قوى التغيير المجتمعية والسياسية، والقوى الداعمة للنظام، وخصوصية المؤسسة العسكرية التي تدخلت البنى الأهلية في تكوينها، جعلت عملية التغيير تطول، وتأخذ طابع المساومة والحلول الوسط.
الوضع في ليبيا يختلف جذريا. هنا لم يسمح نظام القذافي بوجود دولة، بل سلطة عائلية، وبالتالي لم يكن هناك حياة سياسية، ولا جيش وطني، ولا تنظيمات مدنية، أو أهلية خارج الأطر القبلية التي حاول القذافي استمالتها إليه مستخدما ثروة ليبيا الهائلة التي بذرها في كل اتجاه...ومع أن انتفاضة الشعب الليبي، أخذت في البداية الطابع الشعبي السلمي، وشملت جميع المدن الليبية في تعبير واضح عن رغبة الغالبية العظمى من الشعب الليبي بضرورة التغيير، إلا أن الرد العنيف للنظام الليبي، وتدخل القوى الخارجية جعل مسار التغيير يأخذ صيغة الحرب الأهلية.
يكاد يكون الوضع في سورية مشابها للوضع في ليبيا، لكنه أكثر تعقيدا منه. فإضافة إلى وجود نظام قوي، له أنصار ومؤيدون، ولديه جيش قوي ومنظومة أمنية متشعبة، فإن وضع سورية الجيواستراتيجي المهم، خصوصاً لكونها دولة محاذية لإسرائيل حال دون حصول تدخل عسكري لإسقاط النظام، كما حصل في ليبيا. يضاف إلى ذلك، بالطبع، وجود حلفاء أقوياء للنظام مثل روسيا وإيران لا يسمحان بذلك.
للخصوصيات التي ذكرناها يكاد يزهر"ربيع" تونس ، رغم أنه انحرف قليلا نحو اليمين، فسمح بعودة أعداء الأمس الذين طردوا من الباب عبر شباك الديمقراطية. أما في مصر فقد ارتد "الربيع" إلى الوراء ، ليعيد تجديد انطلاقته إلى الأمام، لكنه لا يزال يتعثر، وثمة احتمال كبير للارتداد من جديد، بعودة النظام السابق بحلة جديدة تحت يافطة الديمقراطية. أما في ليبيا واليمن وسوريا فقد ارتد الربيع إلى شتاء قاس وصقيعي، فضاع ما حلم به مواطنو هذه الدول من حرية وكرامة وديمقراطية إلى حين.
يقول بعض الفلاسفة إن ما هو ضروري في التاريخ سوف يتحقق، لكن التاريخ وهو يعمل على تحقيق ضروراته يسلك مساراً ليس مستقيما دائماً، بل متعرجاً، وقد يشهد ارتدادات حادة نحو الوراء. إذا صح ذلك، وهو على الأغلب صحيح، فإن نداء منطق التاريخ للـ" الربيع العربي- وراء در" لن يكون الأخير بل سوف يتلوها نداءات أخرى حتى يستقيم الاتجاه فيتحقق التغيير التجاوزي المطلوب نحو المستقبل. عندئذ سوف يكون نداءه إلى " الأمام سر" إلى الحرية والكرامة والديمقراطية التي تستحقها شعوب المنطقة العربية، وقد تأخرت كثيرا في الحصول عليها رغم أنها دفعت ثمنا باهظا لها على شكل تخلف وأزمات، وهي تجدد اليوم دفع الثمن دماءً.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المهمة شبه المستحيلة
- موسكو ودي ميستورا والتسوية من - تحت إلى فوق-
- اقتصاديات العنف في سورية
- حيتان السلطة
- عندما تمارس السياسة والثقافة ب - المقاولة --حازم نهار نموذجا ...
- تيفان دي ميستورا والمهمة شبه المستحيلة
- الأسد يخون معارضيه - قراءة في خطابه الأخير -
- نظام يجيد تفويت الفرص
- الانشقاقات المعاكسة
- هل يقبل الشعب السوري بقاء النظام من جديد
- غزوة - الأنفال- في الساحل لاسوري
- مسار التفاوض الموازي
- أزمة أوكرانيا امتحان للقطبية الروسية
- مشروع دستور للجمهورة العربية السورية
- اعادة احياء البنى الأهلية في سورية
- تفكيك النظام السوري
- مركزية الرئيس في النظام السياسي السوري
- مشروع دستور مقترح
- السياسة عندما يرسمها الأمنيون
- مؤتمر جنيف2 وأراء الناس به


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - الربيع العربي- وراء در