أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح سليمان - سامح سليمان يحاور الشاعر لقمان محمود















المزيد.....


سامح سليمان يحاور الشاعر لقمان محمود


سامح سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 4723 - 2015 / 2 / 17 - 19:56
المحور: الادب والفن
    


تعريف بالشاعر لقمان محمود :

*شاعر وناقد، يكتب باللغتين الكردية والعربية.
*عضو اتحاد الأدباء الكرد – فرع السليمانية.
*عضو نقابة صحفيي كردستان.
*عضو نادي القلم الكردي.
*عضو نادي القلم الدولي.
*عضو اتحاد الصحفيين العالمي.
* عضو مؤسس في منظمة مساعدة الأطفال اللاجئين ARCO.
*عضو رابطة الأدباء العرب.
*عضو الهيئة الإستشارية لجريدة الحرية.
* عضو مؤسس في جماعة (باران) للشعر الجديد في كردستان.
* حظي بشهادة تكريم في مجال الإبداع الأدبي، من مؤسسة ميديا للثقافة والإعلام،
عام 2014.
*عمل محرراً ومديراً للتحرير ومراسلاً لعدد من الصحف والمجلات.
* معد برنامج ثقافي في إذاعة صوت شعب كردستان.
*مدير مكتب مجلة (اشراقات كردية) في كردستان العراق.
* محرر في مجلة (سردم العربي) التي تصدر عن مؤسسة سردم للطباعة والنشر
في السليمانية.
من أعماله المطبوعة: -;-
- أفراح حزينة (شعر) دار دانية، دمشق 1990.
- خطوات تستنشق المسافة: عندما كانت لآدم أقدام (شعر)، منشورات النسر
الأبيض، بيروت 1996.
- دلشاستان (شعر)، دار الحداثة، المغرب 2001.
- إشراقات كردية: مقدمة للشعر في كردستان ( نقد) ، مركز كلاويز الأدبي،
السليمانية 2009.
- مراتب الجمال: قراءات في الشعر الكردي الحديث (نقد)، منشورات دار سردم
للطباعة و النشر، كردستان – السليمانية 2011.
- ترويض المصادفة (نقد)، منشورات منظمة كتاب بلا حدود، 2011.
- القمر البعيد من حريتي (شعر)، منشورات مؤسسة سردم للطباعة و النشر،
كردستان – السليمانية 2012.
- شرارة الأناشيد القومية في الغناء الكردي (نقد)، إتحاد الأدباء الكرد 2012.
- أتابع حريتي (شعر)، منشورات إتحاد الأدباء الكرد، كردستان، أربيل 2013.
- تحولات النص الأدبي، دار مارغريت، كردستان - السليمانية 2013.
- البهجة السرّية، منشورات مؤسسة سردم للطباعة والنشر، كردستان- السليمانية
2013.
- من السراب إلى الماء (شعر)، دار مارغريت، كردستان – السليمانية 2013.
- أسطورة شيركو بيكس الشعرية بين أغنية الوطن وصوت الحرية (دراسة)،
منشورات مؤسسة جمال عرفان الثقافية، كردستان – السليمانية 2014.
- وسيلة لفهم المنافي (شعر) منشورات مؤسسة سردم للطباعة والنشر، كردستان – السليمانية 2014.
* بعد 14 كتاباً، توزعت بين الشعر والنقد الأدبي، هل تبدو اليوم الكتابة أصعب عمّا كانت عليه من قبل؟ أم أصبحت أسهل بالنسبة إليك؟
الكتابة ابنة الاستقرار، وما نراه في السنوات الأخيرة من ثورات – حروب، قد دمّرت هذا الاستقرار بشكلٍ ما، وكأنّ الحياة على شفير الهاوية، وهي كذلك أيضاً إذا ما نظرنا إلى الدول التي حصلت فيها ثورات الربيع العربي، والتي أدّت إلى نتائج عكسية في أغلب هذه البلدان. ومما "زاد الطين بِلّة" صعود داعش في أكثر من بلد، كي يدمّر ما تبقى من الانسان والحجر والحياة، كنوع من إعادة البشرية إلى البربرية.
الكتابة في هذه الظروف وما قبلها كانت وما زالت هي الحرفة التي أمارسها بشكل يومي، منذ ثلاثين عاماً عبر الصحف والمجلات.
فمنذ أن شاركتُ الشاعر الراحل (شيركو بيكه س) في تحرير مجلة "سردم العربي" أحسستُ أنّ الكتابة أخذت معنى أصعب، لا من حيث الكتابة فقط، بل من حيث مدّ الجسور بين الثقافتين الكردية – العربية. فمجلة "سردم العربي" كانت وما زالت تُعنى بالتواصل الثقافي الكردي – العربي. بهذا المعنى أستطيع القول أن الكتابة لم تكن سهلة في يومٍ من الأيام، فهي الحرفة الوحيدة التي تقودك نحو الأصعب.
وبالعودة إلى سؤالك، أستطيع القول، أنّ كل شيء يكون صعباً في البداية، لكن مع الكتابة يبدو الأمر بالعكس. فأيام المراهقة كنتُ أمزّق ما أكتبه دون أن أشعر أنني قد مزقتُ شيئاً من روحي. أما الآن فالعكس هو الصحيح. أصبحت الكتابة مسؤولية وجزءاً مهماً من شخصيتي الإبداعية.
وهنا أذكر أنني تركتُ العمل في مجلة "اشراقات كردية"، التي كنتُ مدير مكتبها في كردستان العراق، ومحررها بنفس الوقت. تركتها بعد أن انحرفت عن مسارها الصحيح، في تقديم الثقافة الكردية إلى الآخر – العربي بالشكل والمضمون المتفق عليه.
لذلك أسستُ بعد هذه الحادثة "جماعة باران الثقافية"، لرد الاعتبار إلى الثقافة الكردية، من خلال نخبة من الشعراء والكتاب والمفكرين، وما زلتُ حتى هذه اللحظة مؤمناً بأنّ الكتابة ليست سوى جسر يربط ما بين القوميات والأديان والأعراق واللغات. وهنا تكمن صعوبتها. الكتابة الآن رسالة إبداعية إلى الإنسانية جمعاء.
* ما تقييمك لما يسمى بثورات الربيع العربى، هل كان ربيعاً عربياً أم خريف أصولي صناعه أمريكيه؟
لقد حطّمت ثورات الربيع العربي جدار الخوف من الأنظمة التي أحاطتها، إلا أنها استبدلت ذلك الخوف بالتبعية للمُموّل التركي والغربي. فأغلب الثورات التي شهدتها دول عربية عدّة، كانت من أجل الحرية والكرامة بالدرجة الأولى.
وللوقوف على هذه الثورات، علينا أن نحصي الأيادي الأخرى التي تدخلت في تحريك هذه الثورات السلمية وتأجيجها بالسلاح والعتاد والأفراد. وهنا لا أعطي الشرعية للأنظمة المستبدة التي حاولت بكل ما لديها من عنف وقسوة في تدمير هذا الانسان كي يثور أكثر، وكي يموت أكثر على مرأى ومسمع من العالم.
جاءت الثورات كنتيجة طبيعية ضد الظلم والطغيان وضد الأنظمة الشمولية التي حكمت بالنار والحديد.
الآن، وبعد مرور أكثر من أربعة أعوام، هل نترحّم على الأنظمة السابقة؟ أم نثور من جديد؟ أظن أنّ الوقائع تؤكد غير ذلك، فبعد تفشي الإرهاب في بعض الفصائل المقاومة من أمثال داعش وجبهة النصرة وغيرها، باتت الأمور تأخذ مجرى آخر، وهو كيف يمكن للسوري أن يتخلص من تنظيم داعش ومن جبهة النصرة، مع بعض التعديلات البسيطة كيف تتخلص ليبيا ومصر واليمن وتونس والعراق أيضاً من الإرهاب.
لقد اتّسخت الثورة مع مقاتلين أوروبيين وأفارقة وصينيين وشيشان وعرب. وكل يوم يمرّ تزداد ضراوة هذا الاتساخ من ذبح وجلد ورجم، وكأننا عدنا آلاف السنين إلى الوراء. لذلك مهما كانت التسميات: ربيع عربي، خريف أصولي، ليست ذات أهمية طالما تركيا تحاول بكل الوسائل إعادة العثمانيين إلى المنطقة عن طريق داعش والاخوان المسلمين.
* من وجهة نظرك ما أهم قضايا المرأه العربيه و كيف يمكن حلها، و من أفضل من تحدث عن المرأه؟
- سأبدأ من الشطر المحذوف من السؤال، لأنه يمثل أوضاع النساء خلال عصور تاريخية قديمة، بدءاً من رواية الفيلسوف أفلاطون لدور النساء في مدينته الفاضلة، الى صورة المرأة في العهد القديم، والعهد الجديد،مرورا بحديث البابا «بيوس الحادي عشر» عن الزواج المسيحي باعتباره مؤسسة إلهية هدفها الرباط الداخلي المتبادل للزواج مع الاعتراف بتبعية المرأة للرجل، ووصولاً إلى المقولة العربية التي تُشير إلى أن المرأة تخرج من بيت أبيها الى بيت زوجها،ومن ثم الى قبرها.
إذ لا تزال صورة المرأة في المجتمعين العربي والكردي هي صورة المرأة التقليدية في أغلب مجتمعاتنا المعاصرة. فلا تزال - هذه المجتمعات المعاصرة – تسعى بشكل أو بآخر إلى ترسيخ دونية المرأة، باعتبارها وضعاً طبيعياً، وحكماً إلهياً نظراً لاختلاف قدراتها عن الرجل.
ومن هنا فإن أهم قضايا المرأة (العربية – الكردية)، هي التخلص من هذه الصورة التقليدية، وذلك بتوظيف قدرتها الانسانية في الخدمة الاجتماعية والعمل العام لا الخدمة المنزلية فحسب، منطلقة من أن تربية الأطفال ليست واجباً نسائياً فقط بل هي وظيفة اجتماعية. فالاختلاف في الجنس يجب أن لا يكون مبرراً للقهر.
واطلاقاً من مقولة "الرجل لا يحرر المرأة"، على المرأة أن تحرر نفسها بنفسها من عنصرية الرجل.
أما عن الشطر الآخر من السؤال، والمتعلق بأفضل من تكلم عن المرأة، أقولها وبكل صراحة، لم أجد في أقوال الرجال إلا بصيصاً من الضوء، ربما مع مرور الأعوام أصبح هذا الضوء شاحباً أكثر من اللازم. ومن هنا أقول أن "سيمون دي بوفوار" هي أفضل من تحدثت عن المرأة، عندما قالت "الانسان لا يولد امرأة، بل يصبح امرأة" في إشارة إلى التشكيل الثقافي والاجتماعي لمفهوم الذكورة والأنوثة. فالمجتمع هو الذي يصنع من الانسان، ذكراً كان أم أنثى.
* نرجو أن تحدثنا بإستفاضه عن الثقافه الكرديه؟
بحلول القرن العشرين، برز مصطلح "الثقافة" ليصبح مفهوماً أساسياً في علم الأنثروبولوجيا، ليشمل كل الظواهر البشرية، مقترناً بتفسيرين، الأول: نبوغ القدرة الإنسانية لحد يجعلها تصنف وتبين الخبرات والتجارب بطريقة رمزية، ومن ثم التصرف على هذا الأساس بطريقة إبداعية وخلاقة، أما الثاني، فيشير إلى الطرق المتباينة للعديد من الناس الذين يعيشون في أرجاء مختلفة من العالم والتي تصنف خبراتهم، وتؤثر بشكل كبير في تميزهم بالإبداع.
حيث يوجز الدكتور زكي نجيب محمود فهمه للثقافة بقوله: إن النسيج الثقافي في بلد ما، وعند فرد معين من الناس إنما هو "الأداة" التي يعيش بها الانسان كيفما كان عيشه، فإن رأيت صورة الحياة العملية قد اختلفت بين شعبين أو بين فردين، فاعلم يقيناً أن ذلك الاختلاف مرده إلى اختلاف فيما نسميه "الثقافة" أياً كانت العناصر التي تتألف منها الثقافة.
فغالباً ما يرتبط مصطلح الثقافة بالأدب في الثقافة العربية، على غير ما هو دارج في الاصطلاح أو الفهم الغربي. إذ ثمة فهمان، يقتربان ويفترقان للأدب والثقافة في المنظومتين الشرقية والغربية. لكن بإدماج المفهومين ضمن إطار سؤالك، نجد أن الثقافة الكردية ذات تاريخ قديم وعريق ومتميز في المنطقة من حيث العادات والتقاليد والأدب. فالكرد كأحد تلك الشعوب التي عاشت في ميزوبوتاميا (بلاد مابين النهرين)، قد تركوا لنا أساطير وملاحم وقصصاً غنائية عديدة تنتظم في مجموعة مُصنّفة ترتّب الحالات المختلفة من وجودهم، وتستجلب صوراً عن خبراتهم في تفاعلها مع الواقع المعاش.
ولعلّ استحضار عناوين مثل حكاية "كاوا الحدّاد"، و "قلعة دمدم"، و "سيامند وخجي" و "فرهاد وشيرين" و "مم وزين" على سبيل التعداد لا الحصر، يُؤكد ما ذهبنا إليه من أن لهذا الشعب حكاياته وملاحمه وأساطيره وثقافته.
حيث تندرج ملحمة "كاوا الحدّاد" و "قلعة دمدم" تحت خانة الملاحم البطولية، التي تتغنى ببطولات الكرد في الذود عن أنفسهم، وانتصارهم لقيم البطولة والفروسية. فيما تندرج حكايات "مم وزين" و "سيامند وخجي" في سياق ملاحم العشق التي تعكس علاقاتها بالمجتمعي والتاريخي من خلال رابط قصصي شعري يجسد وضع الكرد قومياً. وهنا أقصد أحمدي خاني (1650- 1707) صاحب ملحمة "مم وزين"، والذي يُعتبر مؤسسا للفكر القومي الكردي.
لقد ركّز الخاني في ملحمته هذه على الهمّ القومي، من خلال قصة حب جمعت بين "مم" و "زين" لتعرية الحاكم الكردي الذي كان كعهد أغلب الأمراء والآغاوات الكرد المشغولين بالحروب الداخلية، وبالفتن والمناصب والأراضي. وبالعودة إلى متن هذه الملحمة نجد بأن الهم القومي عند خاني جاء على لسانه – بكل وضوح – في المقدمة، وذلك في إطار رغبته في وضع كتاب خاص للكرد أسوة بغيرهم من الشعوب. وفيها تصدى الخاني لانقسام الصف الكردي، ورأى فيه سبباً رئيساً لمحنتهم في عدم وجود دولة كردية. إذن، نحن أمام بحث أنثروبولوجي ينقل لنا حياة الكرد بأكملها، من زاوية ثقافية بحتة.
وبالعودة إلى "الثقافة الكردية"، أستطيع القول أن الكرد واقعون بين أربعة دول هي: تركيا والعراق وأيران وسوريا، لذلك فأن الثقافة الكردية بألوانها المختلفة، دينية كانت أو دنيوية.. قومية أو وطنية.. يمينية أو يسارية.. رجعية أو تقدمية.. إبداعية أو شعاراتية.. تريد أن تقف على الأرض وهي تعالج المشكلات والعلاقات مع هذه الدول التي لا تهمها الكرد كثقافة وحياة ووجود. ثقافة الكرد جميعاً هي الحياة، كما أن قضية الكرد جميعاً هي الحياة. الثقافة الكردية كانت ومازالت تعمل للحفاظ على مقدساتها سواء كانت هذه المقدسات عقيدة دينية أو قومية أو استقلالاً وطنياً.
* ما الذى تريد تحقيقه من خلال تجربتك الأدبيه؟
الكاتب الحقيقي له رسالة بكل تأكيد.. و رسالة الكتابة كانت ولاتزال خطيرة ومؤثرة، ولايزال الكاتب، والمبدع حياً يرزق، يدق الأبواب بقوة، يناضل ويصارع، ويقضّ مضاجع الطغاة وتجار الحروب وسماسرة الأوطان والأرواح. لا يزال الكاتب يثير العواصف دولياً، ويفجر النقاش والجدل وطنياً وعالمياً. ولا يزال الكاتب يسقط الأقنعة ويكشف مافي الزوايا من خبايا.
بهذا المعنى، أردتُ تحقيق جزء من هذه الرسالة عبر كل كتاب، أو قصيدة، أو مقالة، أو دراسة كتبتها.
* الثالوث الشهير ( الجنس - الدين - السياسه ) كيف تناولهم الشعر العربى و الشعر الغربى؟
ليس هناك ما هو أسمى من الحرية. في ظل اللاحرية تزداد التابوهات. ما يهمني هنا هو الابداع القادر على بناء جديد للعادات والتقاليد، للخروج بالمجتمع من ماضٍ سحيق إلى مستقبل مشرق يصنعه حاضر مفعم بالحرية والديمقراطية. فمن أهم شروط الابداع ليقوم بوظيفته هي الحرية، وعلى مختلف الصعد.
إنّ هذه التابوهات الثلاثة (الجنس، الدين، السياسة) تكونت بالتدريج في ظل الاستبداد والاضطهاد وانتهاكات حرية التعبير وكرامة الانسان.
وهنا لن أدخل في التفاصيل، لكن بإمكاني القول أن التحدي الكبير أمام المبدع يكمن في أن يتخطى عمر المراهقة من ناحية (الجنس)، وأن يتولى زمام الأمور من ناحية (الدين) بدل رجال الدين (الوجه الآخر للسلطة)، فهؤلاء يحاولون بشتى الطرق الابقاء على الوضع الراهن كي يبقى أزلياً وأبدياً.
وللإقتراب من المأزق الديني القائم حتى الآن، أستطيع القول، أن المجتمع نفسه بات جزءاً من رقابة سلطوية، تمارس بشكلٍ ما سلطتها الدينية على كل ما هو خارج منظومة التقليد والتخلف.
أما من ناحية (السياسة)، فعلى الكاتب الحقيقي، الإلتفات إلى المجتمع، لحثّه على الانفتاح على الآخر، كي يتجاوز الثابت والمستقر في الوعي الجماعي.
أعتقد أنّ الشعر والابداع بشكل عام قد تجاوز هذه التابوهات في الغرب، مقارنة بالشرق الرازخ تحت سلطة الدكتاتوريات.
إن المسؤول الأكبر عن فقدان الحرية بمختلف مستوياتها يعود بشكلٍ من الأشكال إلى التابوهات الثلاثة التي مازالت تمارس دورها السلبي على الابداع والديمقراطية بحجة استتباب الأمن والاستقرار.
* وماذا عن الحزن، الحياة، الموت، الحرية، المرأة، المنفى في تجربة لقمان محمود الشعرية؟
الشعر أداة سحرية لتوسيع العالم عبر رفع سقف المخيلة. بهذا المعنى، كلّما رأيتُ صياداً يتربص بالسماء عرفتُ أن هناك أغنية ستسقط. وكلما رأيتُ طائرة تتربص بالأرض أيقنتُ أن هناك روحاً ستغيب.
في عالم كهذا كتبتُ ديواني الأول "أفراح حزينة" عام 1990، للاقتراب من عالم "إزدواجي"، عالم يدّعي الجميع فيه أن سلاحه نظيف، وأن أهدافه نظيفة. كان "الحزن" في ذلك الوقت قريباً من "الفرح" الرومانسي. فالجميع كانوا يتحدثون عن السلام الحزين، بينما أيديهم كانت تضغط بفرح على الزناد.
حينها كانت مرتزقة حزب البعث المتمثلة في صدام حسين قد دمّرت مدينة حلبجة الكردية (بناسها وأحجارها وأنهارها وحيواناتها) بالقنابل الكيماوية، كما دمّر معظم القرى الكردية تحت اسم "عمليات الأنفال"، فساق إلى الموت أكثر من 200 ألف طفل وامرأة وشيخ.. ليتم دفنهم وهم أحياء في مقابر جماعية.
أمام هذه الكارثة الكبيرة جاء ديواني الثاني "خطوات تستنشق المسافة: عندما كانت لآدم أقدام" عام 1996، كتعبير عن الحياة والحرية في واقع الموت والاستبداد والقسوة والألم من النظام البعثي في سوريا. في هذا الديوان كان يتداخل الحياة مع الموت، والحرية مع الاستبداد، والخطوات مع يوم جديد بلا موت.
وبما أن الكتابة تحيينا بشكل دائم، فقد خصصتُ ديواني الثالث "دلشاستان" للمرأة، باعتبارها ضد الألم والفقدان ونقص الهواء والجمال على الأرض.. وهكذا جاء ديواني الأخير "وسيلة لفهم المنافي" عام 2014، كنتيجة للتراكمات التي اعتملت في داخل اللاوعي والوعي معاً (منذ أن تركت الوطن قسراً) من غربة ونفي وحنين وشوق.
* كيف يمكن تعريف الشعر و الشاعر، و هل يلعب الشعر دوراً فى تقدم الأمم أو أنهيارها؟
- لا أحد يستطيع تعريف الشعر، ولا يفكر الشاعر أصلاً في تعريف الشعر والبحث عن أسس وقواعد وطريقة كتابة القصيدة. يقول القديس أوغسطين: (ما هو الزمن؟ إن لم تسألوني ما هو، فإنني أعرفه. ولكن إن سألتموني، فإنني لا أعرفه!). هذا هو الشعر أيضاً العصيّ على التعريف.
أما تعريف الشاعر، فهو الذي يكتب قصيدته اليوم، لكن بعد مئة عام إذا قرأها قارئ ما أحسّ بأنها كُتبت اليوم.
أما جوابي عن الشطر الثاني من السؤال، فألخصه بالمقولة الشائعة "الشعر ديوان العرب"، وهي مقولة صحيحة استمرت قروناً طويلة، ولعبت دوراً بارزاً في الوعي الإنساني.
إنّ العالم الذي نعيشه هذه الأيام صار مفتوناً بأشياء أخرى. لذلك ما تلعبه بندقية قديمة أهم من مئة ديوان صادر حديثاً. وما تلعبه الرصاصة أهم من مئة قصيدة. لم يبق للشعر دور في تقدم الأمم ولا في انهيارها. السلاح فقط له دور في هذا المضمار. نعم لقد أسندت هذه المهمة إلى السلاح لا إلى الكلمة.
ورغم ذلك مازال للشعر مكانة كبرى في ثقافتنا، وفي الثقافة الإنسانية عموماً. آخذين بعين الإعتبار إنّ شعراء كباراً من أمثال بودلير ورامبو وفرلين ومالارميه، لم يجدوا بسهولة من يطبع دواوينهم، ولم يطبع منها آنذاك سوى عشرات النسخ.
وهنا أشير إلى ما قاله أوكتافيو باث في كتابه "الشعر ونهايات القرن": سواء كان قرّاء الشعر كثرة ٌ أم قلة ٌ فإنهم لم يشكلوا أبداً أكثرية في المجتمع.
الشعر يا صديقي هو الجمال الوحيد الذي يؤلمني، لأنه الكبت القديم - الجديد للغة.
* هل توجد علاقه بين الشعر و الفلسفه و الفن التشكيلى؟
نعم. هناك علاقة بين جميع الأجناس الأدبية، وبين جميع أنواع الابداع. فقد علمتني الفلسفة الفكر، وعلمني الفن التشكيلي الدهشة.
* للناقد لقمان محمود مجموعة كتب نقدية منها: إشراقات كردية: مقدمة للشعر في كردستان، مراتب الجمال، ترويض المصادفة، شرارة الأناشيد القومية في الغناء الكردي، تحولات النص الأدبي.. إلخ. ما هو المطلوب من الناقد بالدرجة الأولى؟
على الناقد أن يمتلك رؤيةً موسّعة ونافذةً للعالم إلى جانب معرفة الأدوات. ولعل النظر المتفحّص والتحليل المتمعّن لمسيرة النقد الأدبي التي تأسّست على متن النظريات النقدية الكبرى، يكشفان بجلاء أنّ كل مدرسة نقدية كانت إجابة آنـية عن اشـتراطات لحظة فكرية استدعتها في زمان بروزها ومكانه.
فالبنيــوية مثلاً، نصّبت للنص من داخل اللغة بنى ودلالاتٍ، في استجابة للإشــكال الفكري الذي أثارته المــاركسية؛ فألغت بنــيوية براغ والبنيوية الفرنسية وصاية المؤلف، وجــعلت بلوغ المــعنى مشروطاً بفك سنن النص.
إن النص الإبداعي في أصل منشئه المبتـدع، كينونةٌ مكتملة لها هويتها الفريدة التي تستـقيها من وحدة الجنس الذي تنضوي ضمنه، ومن تعدد احتمالات التخلُّق الإبداعي ولا نهائية إمكانات التحقّيق الإنساني. فعلى النــقد الأدبــي أن يعيد النــظر في ماهــيته وجــدواه وتاريخه، ليجدد ذاته، بما يلائم اللحظة الإبـداعية الراهنة.
المطلوب من الناقد أن يستوعب ما توصل إليه درسُ النقد العالمي، الذي أعلن منذ بدايات التسعـينات عن موت النـظرية، أو ذوبان المعـالم الفاصلة بين حدودها المعرفية، في ظـل الانزياح عن المحـدّدات المنهجـية الضيقـة، والانفـتاح على المرجعيات الثقافية المحلية والقطرية والعالمية، وعلى مباحث الدراسات الإنسانية عموماً، التي تُجاوزُ حدود "الأدب المعتمد" إلى مفهوم "النص في العالم".
* ما جديدك في الفترة المقبلة؟
كتاب نقدي بعنوان: مجدٌ سكران. بالإضافة إلى إصدار أعمالي الشعرية ضمن مجلد.



#سامح_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سامح سليمان يحاور الأديبه السوريه ماريا كبابه
- سامح سليمان يحاور الشاعر المصرى الشريف منجود ج 2
- سامح سليمان يحاور الشاعر المصرى الشريف منجود ج 1
- سامح سليمان يحاور الشاعر المعرفى ثائر أيوب ج 2
- سامح سليمان يحاور الشاعر المعرفى ثائر أيوب ج 1
- سامح سليمان يحاور الكاتب المصرى باهر عادل
- سامح سليمان يحاور القاص و الروائى السورى المبدع محمود الوهب
- سامح سليمان يحاور المثقف الكردى مصطفى مقصود
- سامح سليمان يحاور الباحث و المثقف الجزائرى عبد المؤمن لطفى ج ...
- سامح سليمان يحاور الباحث و المثقف الجزائرى عبد المؤمن لطفى ج ...
- سامح سليمان يحاور الباحث و المثقف الجزائرى عبد المؤمن لطفى ج ...
- سامح سليمان يحاور الباحث و المثقف الجزائرى عبد المؤمن لطفى ج ...
- حوار مع الباحث و المثقف السورى حسن خالد ج 1
- حوار مع الباحث و المثقف السورى حسن خالد ج 2
- الشاعر و الناقد ريبر هبون يحاور سامح سليمان حول الدين و مؤسس ...
- حوار فلسفى هام و عميق مع الباحث و المفكر المصرى أحمد سعد زاي ...
- مناظره هامه بين المفكر المصرى سامح سليمان و الشاعر وحيد راغب ...
- حوار فلسفى مع الباحث و المفكر المصرى أحمد سعد زايد ج 1
- حوار هام و عميق مع القس المصرى المستنير رفعت فكرى سعيد
- حوار مهم و ثرى جدااااااً مع الفنان المسرحى الكردى سكفان طورى ...


المزيد.....




- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح سليمان - سامح سليمان يحاور الشاعر لقمان محمود