أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد خيري الحيدر - عُقدة تدعى الوطن














المزيد.....

عُقدة تدعى الوطن


حامد خيري الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 4715 - 2015 / 2 / 9 - 21:38
المحور: الادب والفن
    


قبل سنين بعيدة مضت كنت قد قرأت للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش كتاباً عنوانه (شيء عن الوطن)، كان عبارة عن مجموعة مقالات كتبها الراحل بعد عام 1967، مضمونها كما يستدل من العنوان أحاديث احتضنتها الشجون، عكست بكلمات بسيطة لكنها قمة في التعبير، لوعة الشاعر بمعاناة وطنه السليب ومحنة شعبه المقهور نتيجة الاحتلال البغيض بما فرضه من اغتراب وتهجير قسري، أكثر ما يشد القارئ لها هو ذلك التمسك الأسطوري من قبل الشاعر بوطنه رغم ما أصابه من جراح أوصلته لحافة الفناء.... وبعد مرور كل تلك السنوات الطوال اخذت ذاكرتي المتعبة بفعل صقيع الغربة اللعين، تستعيد رغماً عنها وتمسكاً بشيء من بقايا الماضي المُهلهل العديد من العبارات التي وردت في ذلك الكتاب، حيث أخذت عقب سنين الغربة الخانقة أشعر بنفس ما كان قد أحس به الشاعر وما عاناه من آلام خلال تلك الحقبة الصعبة، بعد أن افترست وحشة غربتنا ربيع شبابنا وأجمل ايام عمرنا، ناخرة أرضتها عظامنا شيئاً فشيئاً، لنقضي ما تبقى لنا من ايام مبهمة في دوامة هذه الحياة محاصرين، مقيدين، بين أسوار تناقضاتها وتناقضاتنا على السواء، بعين نرنو الى همومنا وثقل أوزارها على اجسادنا المتهالكة المأسورة داخل واقعنا الغريب الذي فرض علينا، وبالأخرى نحو مأساة وطننا وما آل اليه حاله الكارثي الدامي المُبكي، ليُمحى من ذاكرتنا أدنى أمل بنهاية محنته الأزلية وعودته الى سابق عهوده الماضية الزاهية، كي يتسنى لنا ولو بعد حين التقهقر مُترنحين اليه.... هنا أتساءل باستغراب أو تعجب عن ماهية تلك العُقدة المحيّرة؟ أعني بها عُقدة التشبث بذلك الوطن الذي فاحت منه رائحة الموت وتملكته أشباح الهلاك، لينثرنا عنه كما يُنثر الغبار عن تحفة قديمة مات أصحابها، أو عن قطعة أثاث عتيقة بالية فقدت رونقها بفعل صخب الحداثة المُزيف، سالباً كل شيء منا حتى انسانيتنا وكرامتنا، بل وحتى شعورنا بأننا أحدى المخلوقات الحية الهائمة بغرائزها على سطح هذا الكوكب الدوار... وعزوفنا بذات الوقت عن مراح غربتنا الفسيحة التي أصبحت كذبة سمجة، ابتدعناها ولم يصدق زيفها أحد سوانا، بعد أن أثبتت مسيرة الايام وتجاربها العقيمة بعدم وجود ما يربطنا بأرضها سوى الحذاء، كما قال فصدق الاديب السوري الراحل (محمد الماغوط)، رغم تطورها المجنون وبهرجة الوانها الساطعة المُبهرة... هنا أقف عند عبارة واحدة ل(درويش) في كتابه قد تتضمن شيئاً من الاجابة والايضاح عن سؤالنا المحيّر.. (نحن لم نختر هذا الوطن بل هو الذي اختارنا).... فيا له من اختيار!!! يا ترى هل كان هذا الوطن نعمة وهبت لنا لصفاء قلوبنا، أم نقمة أنزلها القدرعلينا ليكشف ما بداخلنا من شرور، فهل كنا نزلاء في ملجأ للأيتام ليتبنانا ذلك الوطن مُنعماً ومُتكرماً علينا بأبوته علينا، مانحاً ايانا أسمه النبيل منّة كحال اللقطاء الباحثين عن نسب يستدل به حتى لو كان وضيع، أم تراه قد أشترانا من أحدى أسواق النخاسة لنكون عبيداً له ما امتدت أعمارنا وطالت على مساحة الدهر.. لكن أياً كان ذلك الاختيار، فأننا بالتأكيد قد دفعنا ثمنه دماً ودمعاً وغصةً مستديمة في القلوب، بعد أن سبقنا بذلك أسلافنا، ثم ليبقى سُبة ولعنة للقادمين من بعدنا... فيا ترى هل سينهض وطننا يوماً من رماده لنكون فخورين بعبوديته؟ أم ترانا سنظل نجتر ذكرياتنا وحسراتنا على ماضٍ ولى وانقضى، هي كل ما تبقى لنا من ذلك الوطن المتهاوي المنشود.



#حامد_خيري_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب الفلسطيني نهاد ابو غوش حول تداعايات العمليات العسكرية الاسرائيلية في غزة وموقف اليسار، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتب الفلسطيني ناجح شاهين حول ارهاب الدولة الاسرائيلية والاوضاع في غزة قبل وبعد 7 اكتوبر، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة على تطور النظم السياسية في العراق القديم
- القيثارة العتيقة ...... قصة من خيال بلاد ما بين النهرين القد ...
- سرقة آثارنا ... نزيف متى يتوقف؟
- منبع الحضارات القديمة
- أرض السنابل ...... قصة من خيال بلاد ما بين النهرين القديمة
- سفرٌ نحو السَحَر
- ما هكذا تمنيتم العراق يا أبا حازم
- الطاغية وخراب بابل
- حكاية تحفة أثرية نادرة
- أحداق وسكين ...... قصة من خيال بلاد ما بين النهرين القديمة
- رحيل الآثاري العراقي برهان شاكر


المزيد.....




- اطبع نتائج السادس الاعدادي 2023 الدور الثالث موقع ملازمنا كا ...
- نور الرياض 2023: قمرًا على رمال الصحراء
- رمز الحرية اليوناني يتجهز لمغادرة لندن
- الفنانة النرويجية أوسة أسك تعرض آخر أعمالها في الرباط
- -أعضاؤها متهمون بالتطبيع-.. إلغاء عرض مسرحية عربية ضمن أيام ...
- بوتين: الثقافة في الغرب أصبحت بدائية واستبدلت العلوم الكلاسي ...
- المؤرخ عبد القادر ياسين: لهذا فشلت مشاريع توطين الفلسطينيين ...
- “المؤسس عثمان 5” مسلسل قيامة عثمان الحلقة 138 مترجمة على قنو ...
- Kurulus Osman مشاهدة مسلسل قيامة عثمان الحلقة 138 كاملة مترج ...
- مسلسل قيامة عثمان الحلقة 138 مترجمة على فيديو لاروزا وعرض او ...


المزيد.....

- عد إلينا، لترى ما نحن عليه، يا عريس الشهداء... / محمد الحنفي
- ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد / الحسين سليم حسن
- الدكتور ياسر جابر الجمَّال ضمن مؤلف نقدي عن الكتاب الكبير ال ... / ياسر جابر الجمَّال وآخرون
- رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- زمن التعب المزمن / ياسين الغماري
- الساعاتي "صانع الزمن" / ياسين الغماري
- الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأدباء ... / السيد حافظ
- مسرحية - زوجة الاب - / رياض ممدوح جمال
- الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأ ... / مجموعة مؤلفين عن أعمال السيد حافظ
- أنهارٌ من زنبق: النهر السادس / دلور ميقري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد خيري الحيدر - عُقدة تدعى الوطن