أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد خيري الحيدر - ما هكذا تمنيتم العراق يا أبا حازم














المزيد.....

ما هكذا تمنيتم العراق يا أبا حازم


حامد خيري الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 18 - 13:14
المحور: الادب والفن
    


هاهو شعاع آخر يتوهج من شمس ذكراك المليئة بالمجد والكلمات، هاهي نسمة عذبة تذكر محبي الوطن بعبق النضال، سبع عشرة وردة في حديقتك الغناء تبث عبيرها عبر الأثير علها تلامس يد غارسها، لتناجيها سبع عشرة نجمة تتلألأ في سماء المجد مُحتفية بيومك... سنوات تمّر، وأخريات لازلن في الطريق... هذا ما كنت تقوله لدرب صبركم حينما مشيتموه، عندما آمنتم بأن مسيرة الأنسانية لاتقاس بسنين أو شهور أو أيام، بل بما يُقدم في سبيلها من تضحيات لبناء صرحها الخالد، عندها أخذتم تتسابقون لوثباتكم وانتفاضاتكم كأنكم ذاهبين لأعراسكم، واضعين أرواحكم على أكفٍ متأرجحة منتظرين بشوق ساعة زفافكم للخلود... هكذا تعلمتم وعرفتم الوفاء لقضيتكم.. من أجل الوطن ولأجل آمال الكادحين تمنيتم وقاسيتم وضحيتم... حلمتم بعراق تسوده كرامة الأنسان، تزينه ينابيع محبة وتشدوا بظله أناشيد سلام، أرضه خضراء مليئة بالعطاء، تزدان بربيع مُزهر يرتوي بخيرات دجلة والفرات، تشيّده مناجل ماضية تقبضها أكفّ صلبة تحصد سنابل الخير، تشّد من أزرها مطارق ثقيلة تحملها أيادي سمراء حنى الفولاذ لها هامته... بوطن يعيش في ربوعه رجال تقهر المستحيل سواعدهم، الى جانبهم نسوة مرفوعات الرؤوس يصنعن الحياة، وشيخوخة كريمة تظلل على أمهات لا يعرفن صورة الدموع، يتراقص حولهن أطفال فرحين كعصافير الجنان.....
يا لها من أمنيات أين نحن منها اليوم، أترانا أستيقظنا من سبات عميق لنرتجف من هول الحقيقة، يا ليتنا لم نفق وبقينا هائمين بين عوالم الغيوم ... أي كابوس لعين هذا الذي نعيش، ماهذا العراق الذي نرى، عن أية أرض نتحدث، أحقيقة هذه أم وهم أم ضرب من ضروب الخيال... أيعقل أن يدور الزمان بأرض الرافدين التي ولد فيها الحرف والحضارة التي شرّعت أول قوانين العالم، وأسست بواكير التمدن، ليسرق مصيرها في زمن اللامعقول من هم لا يفقهون بدنياهم سوى غسل عقول البشر وطمس أفكارهم، مُغتصبين براعم الطفولة ومكبلين أرادة النساء، جاعلين من منطق التطور ممسحة للأحذية.. هل يمكن أن تتحول الواحة الخيّرة الصافية التي كانت يوماً محّط أنظار العالم وقبلة الفكر والفن والثقافة، ومدرسة الأدب التي نظم فيها أول قصيدة حب في الدنيا الى ملعب لآفة الأمية ومرتع لرمال الجهل والطائفية ورمز للموت ومنظر موحش للبغظ والكراهية، لينفر منها حتى الأسماك والطيور... كيف تمردت قوانين التغيير لتقلب موازين حركة التاريخ فيحدث كل هذا، ليظل العراق على مدى الأيام تتقاذفه أمواج القدر بعيداً عن بر خلاصه.. يا له من لغز وتباً لها من أحجية أستعصى فكّ طلاسمها.. أهي لعنة من لعنات دهر غادر، أم هي صيرورة حتمية لدوران الأفلاك كما يدعّي من أمتهن الشعوذة، هل تنكرت الأرض لعشاقها، أم نحن من خنّا الأمانة فخضعنا لدبابير التخلف، لنعجّز حتى عن المطالبة بشرفنا.... أم ترانا نعلن برؤوس مُنكسة خضوعنا لقطعان الذئاب وهروبنا من ملاقاتها حفاظاً على نظافة ملابسنا.... لنهرول فزعين كي نقضي ماتبقى من سنين أعمارنا في منافي قاحلة مُحال أن تجري دمائنا في عروقها، لم نعد نعرف هي التي سرقتنا أم نحن الذين سرقناها، بعد أن تجرّدنا من كل شيء يذكرّنا بأرض ميلادنا حتى أسمائنا وشواربنا، ولم نترك خلفنا هناك سوى شواهد قبور لأحبة وأصحاب أحتظنهم ثرى حنون أبى التفريط بأجساد أبنائه... بأي وجه خائب وبأي حال مريض نخاطب أولئك الأبطال الخالدين الذين قدموا شبابهم وحياتهم وسقوا دروب الكفاح العنيد بدمائهم، ولم يأخذوا معهم سوى حب العراق، وكل ما استطعنا التبجح به لطلاء عار أنكسارنا أمام أجيالنا القادمة لايتعدى زعيق صامت مُنمق بكتابات جامدة أو منظوم بقصائد وأغاني لايسمعها سوى السراب، وكبرياء فارغة لا تقوى على تحريك ذبابة.... الجرح غائر، وضمادنا صغير لا يكفي بضع قطرات من دم الغصّة التي تخنقنا ... فأينك منا يا أبا حازم و أنت ترى شعبك قد بيع مع تاريخه ومجده ببخس الثمن... فهل تراك غدوت مثلنا وأنت في عالمك النقي الأبيض قد تجسّدك شبح القنوط، أم مازلت كعهدك دائماً تبتسم، ماسكاً شعلة الأمل، رامياً بصرك الى غدٍ بعيد حيث عيون الطفولة وضحكاتها، متيقناً و أن طال الدهر بحتمية سعادة شعبك في وطنك الحر الكريم... فيا ترى هل تمتد بنا الأعمار لتقرّ عيوننا بتحقيق ذلك الحلم يوماً فتعود مزهوة تلك العهود ونرى أطياف فرسانها، بعد أن أصبح كل ذلك حبيس وريقات صفراء بالية ضمّتها كتب رصفت بإهمال على رفوف المكتبات، غطاها الغبار بعد يأسها من أيجاد الذين يقرأون كلماتها.
آه أيها الجبل الأشم... هل من ريح دافئة تمّر عند قمتك تحمل اليك كلماتي، هل من طير هائم مُتعب أحتمى بصخورك ينقل لسمعك شكواي، أم ستظل تلك الكلمات حبيسة هواجسي المتلاطمة... الحيرة تقتلني يا أبا حازم، هل أبكيك، أم أبكي عراقنا الدامي، أم أبكي غربتي وتشردي.. الحيرة تقتلني يا أبي.....



#حامد_خيري_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطاغية وخراب بابل
- حكاية تحفة أثرية نادرة
- أحداق وسكين ...... قصة من خيال بلاد ما بين النهرين القديمة
- رحيل الآثاري العراقي برهان شاكر


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد خيري الحيدر - ما هكذا تمنيتم العراق يا أبا حازم