في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(25)

ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 4688 - 2015 / 1 / 11 - 16:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في آذار1937 ومن لجان امريكية وفرنسية وتشيكوسلوفاكية شكلت لجنة موحدة للتحقيق في قضية تروتسكي.-ولم تضم اي تروتسكي،بأسثناء الفرد روسمر!فكيف تدعي ياسيد نمري،بان التروتسكيون هم من نظم المحاكمة؟!-.فكل اعضاء اللجنة المختلطة كانوا من خصوم تروتسكي الفكريين والسياسيين،ولاتربطهم به اي علاقة!.من امثال:اوتو زوهل،فرانسيسكو زامورا،كارلو تريسكا،بنجامين ستولبرغ،كارلتون بيلز،وغيرهم،وكان رئيس الهيئة التحقيقية هو،الفيلسوف والتربوي المعروف عالميا،جون ديوي.والمعلوم عن ديوي،فأنه كان متعاطفا مع النظام البيروقراطي السوفياتي.اما جون فنتري،الذي دافع عن توم موني،وساكو فنزيتي،فكان دوره كمستشار قانوني لتلك اللجنة.وكان دخول جون ديوي-ليس كما يزعم النمري:كخداع لديوي من تروتسكي!-.بل كان تعبيرا عن كامل رغبته،ودون اي ضغوط او (خداع)!.فمن الوجهة الفلسفية،فان ديوي هو عمليا خصما فكريا -حقا- لتروتسكي!.فقد كان ديوي يميل-وبحكم تجريبيته-الى ستالين البروغماتي،وبالضد كان موقفه من تروتسكي الماركسي(الدوغماتي)!.كما يعتقد هو.
بذل الستالينيون جهدا كبيرا في محاولة ثني ديوي واقناعه بالعدول عن المشاركة في تلك اللجنة،لكنه كان ثابتا على قراره،ورفض الانسحاب.وعندما ادرك الستالينيون اصراره،شنوا عليه هجوما،وكالوا له التهم والافتراءات الكاذبة!.وايضا من الجانب الاخر،حاول اصدقاء ومعارف جون ديوي،ايضا بعدم المساهمة في ذلك التحقيق،وايضا لم يستجب ديوي لذلك.-فأين موقع الخداع المزعوم ياسيد نمري؟!-.
قرأجون ديوي كما هائلا من الصفحات الدامية لمحاكمات موسكو،وكثيرا من الوثائق،وقد استغرق في قراءتها قرابة الشهر!.فأصبح ملما ومقاربا للقضية بعد احاط بها من جميع جوانبها.ولان الحكومة الامريكية لم تسمح لتروتسكي بدخول الولايات المتحدة!.لذا قرر ديوي الانتقال بتحقيقه الى مكسيكو.كان ديوي مقتنعا بان موسكو لم تثبت ابدا ادانتها لتروتسكي في الاتهامات المزعومة التي الصقت به زورا،بأسثناء الاعترافات العارية عن الصحة والتي انتزعت بالاكراه!وبنيت على الخوف والالم والتهديد بتصفية عوائل المتهمين!واعترافات على هذه الشاكلة لاتأخذ بها اي هيئة قضائية مهما بلغت من بدائية.ولكن ديوي وفي نفس الوقت لم يكن واثقا تماما من براءة تروتسكي بعدايضا.
بدأت جلسات اللجنة في10نيسان1937في البيت الازرق-بيت دييغو ريفيرا،الرسام الشيوعي المكسيكي،مضيف تروتسكي،م.ا-الذي كان يسكنه تروتسكي،وفي غرفته بالذات.واعلمه ديوي بأن هذه اللجنة هي مجرد جهاز محايد للتحقيق،وليس محكمة رسمية معترف بها،وتقتصر على الاستماع لشهادات ،وبيانات،ووثائق،تلك الاوراق التي قدمها تروتسكي،مع خضوعه هو ايضا لاستجواب مضاد،ولكن المصداقية والجدية في التحقيق كانت حاضرة بقوة.وفي ضوء تلك المعطيات وعلى اساسها،ستقرر اللجنة نتائج التحقيق،وخلاصة ما تخرج به من قرار:ادانة ام براءة من التهم التي نسبت اليه.لم تكن اللجنة منحازة طبعا لتروتسكي،فهدفها المعلن والمحدد،هو،توفير الفرصة لتروتسكي للدفاع عن نفسه كمتهم.فقضيته قريبة الشبه من قضية موني وساكو فنزيتي،ولكنها تختلف نسبيا،لان هؤلاء منحوا حق الدفاع عن انفسهم،في حين لم يتوفر ذلك لتروتسكي،ومنع من حقه الانساني والقانوني في الدفاع المشروع عن نفسه ضد التهم الجائرة والمزورة التي نسبت اليه،فقد حكم عليه غيابيا بالاعدام ولمرتين!!وحكما جديدا قادما في الطريق،في قضية بوخارين!من قبل محكمة موسكو المسرحية المصطنعة من ادانات مسبقة ومعدة وجاهزة!!.
فقد رفضت جميع الطلبات التي تقدم بها تروتسكي لاسترداده،واستحضاره امام اي محكمة نرويجية او مكسيكية.فقضية مثل قضية تروتسكي تشغل وتهم الرأي العام العالمي،والضمير الانساني الكوني.
لقد اعتبر جون ديوي قضية تروتسكي،وعدها جزءا من واجبه الاجتماعي والتربوي والاخلاقي،فقال في حينه:"ان العمل خلاف ذلك سيكون خيانة لعمل حياتي"...استمرت الرافعات اسبوعا،واستغرقت13جلسة طويلة،خضع خلالها تروتسكي لاستجواب مضاد حول كل تفاصيل الاتهامات التي حيكت ضده زورا،ولكنه لم يتملص او يرفض او يهرب او يمتنع عن الاجابة على جميع الاسئلة التي وجهت اليه،فأجاب عنها كلها.
لخص تروتسكي مرافعته الختامية بتاريخ17نيسان1937بعد انتهاء جلسات التحقيق،وطلب قراءة مرافعته جالسا حيث نال منه التعب والوهن.قال فيها:"انه اما ان يكون هو والغالبية الساحقة من المكتب السياسي للينين خونة للاتحاد السوفييتي وللشيوعيين،كما زعم موجهو الاتهام في موسكو،واما ان ستالين ومكتبه السياسي مزورون.لقد قيل ان السعي للنفاذ الى اعماق الاشياء يعني التدخل في الشؤون الخاصة للاتحاد السوفييتي،وطن شغيلة العالم.ان وطنا لايسمح لشغيلته بنقاش الامور هو في الحقيقة"وطن غريب جدا"هو بالذات وعائلته حرموا من المواطنة السوفييتية ولم يكن لديهم خيار اخر غير ان يضعوا انفسهم بحماية الرأي العام العالمي".وعندما قال شارلس بيرد:"انه يتعين على ستالين نفسه ان يقدم الدليل على صحة اتهاماته،لاعليه هو،وانه يستحيل في كل حال تبيان خطل شهادة سلبية عن طريق شهادة ايجابية".رد تروتسكي:"بأن المفهوم القانوني للدفع بالغيبة..يعني وجود المتهم في مكان اخر عند حصول الجريمة،يفترض مسبقا امكانية هكذا دحض،وانه قادر على اثبات دفعه بالغيبة وعلى اتيان"الواقعة الايجابية"المتمثلة بأن ستالين نظم "اكبر مكيدة في التاريخ".لكن الجوانب الحقوقية للقضية"كانت تنصب على شكل المكيدة لاجوهرها"والذي كان لاينفصل عن الارضية السياسية التي تمت عليها التطهيرات"عن الاضطهاد الكلياني الذي يتعرض له الجمهور من:متهمين،وشهود،وقضاة،ومحامين،وحتى الاتهام،ضمن ظروف كهذه من الضغط والتهديد والتعذيب،تكف المحاكمة عن كونها سيرورة حقوقية لتتحول الى"مسرحية"حيث الادوار معدة وجاهزة سلفا،ليظهر بعدها المتهمون،كممثلين على المسرح،وبعد سلسلة من البروفات،والتي تجعل من المخرج واثقا جدا بأن ممثليه لن يخرجوا عن النص بتاتا،وليس ثمة مجال لاي نقاش بين الاتهام والدفاع.كان الممثلون الذين ادوا ادوارهم ببراعة يلعبون مشاهدهم والمسدس مصوب نحوهم!!.
كان على الاستجواب المضاد ان يركز على تروتسكي وباقي المتهمين وتاريخهم كمناضلين وبلاشفة،ودوره هو في الانتفاضة،وتبيان ان تلك الجرائم المنسوبة لهم لاتنسجم او تتلائم لامع طبيعتهم،ولامكانتهم كثوار ماركسيين ومناضلين من اجل الثورة البروليتارية العالمية،ومنذ بدء نشاطه السياسي،ولهذا سعى ستالين لتزوير وتشويه تاريخهم ايضا ليسهل عليه وصمهم بشتى التهم الباطلة.والمحاجة التي تستند على المنطق القياسي العقلي الكلاسيكي،مثل،على من يعود مثلا مقتل كيروف بالنفع،ويخدم من؟!.المعارضة ام ستالين؟!.ومن كان يحقق مكاسبا من اعمال التخريب في المصانع والمناجم؟!.المعارضة ام ستالين؟!.طبعا كان ستالين يستخم التعثر واللامبالاة البيروقراطية والفشل والانتكاسات الاقتصادية كمصدر لصنع الاعداء المخربين،فهم الشماعة التي علق عليها ستالين كل ذلك الفشل والانتكاسات!.فما اسهل تحميل الكوارث الصناعية التي تحدث نتيجة الاهمال او تخلف التقنية والرغبة في الاسراع الاوامري على عاتق الخصوم السياسيين،وخلق مايسمى ب"اعداء الشعب"!.فماذا تكسب المعارضة مثلا من التحالف مع النازية الفاشية او اليكادو؟!.اننا نجد العكس هو الصحيح،فستالين لاغيره هو الذي انتفع وحقق انتصارا ومكاسب سياسية باعترافات المتهمين المدعية كرها انهم حلفاء لهتلر والميكادو!!.
سنكمل في المقال القادم...
.......................
وعلى الاخاء نلتقي...

#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات