في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(24)

ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 4683 - 2015 / 1 / 6 - 17:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

"من بين رسل المسيح الاثني عشر،كان يهوذا الخائن الوحيد.لكن لو انه استولى على السلطة،لاعلن الاحد عشر رسولا خونه،ومعهم الرسل الاقل اهمية وهم وفقا للوقا سبعون".
-تروتسكي-


يقول السيد النمري،وفي مقطع من مقاله(في بيتنا تروتسكي):"وفي محاكمة تروتسكي في العام 1936 تبين أن زينوفييف وكامينيف كانا على اتصال وثيق بتروتسكي فأعيدت محاكمتهما وتم الحكم عليهما بالإعدام . إذّاك استشاط التروتسكيون في أميركا غضبا ونظموا محاكمة صورية لتروتسكي في ابريل 1937 برئاسة الفيلسوف الأميركي جون ديوي (John Dewy) الذي تردد بقبول المهمة نظراً لكونها دعماً لمهمة تروتسكي المعادية للسوفييت . عقدت المحكمة جلساتها في منزل تروتسكي في ضواحي مكسيكو وحضرها رهط واسع من التروتسكيين . ما يهمنا في هذه المحاكمة الصورية مسألة واحدة تشكل إدانة قاطعة لتروتسكي والتروتسكيين وهو أن تروتسكي إدعى أمام المحكمة برئاسة ديوي أن السياسة الاقتصادية التي يطبقها ستالين منذ العام 1928 إنما هي من تخطيطه حيث كان ستالين قد سطا على أرشيفه وسرق منه المخططات الاقتصادية المطبقة حالياً في الاتحاد السوفياتي . تروتسكي يشهد بذلك وفاته أن تلك الشهادة الحدية تفقده كل سبب لمعاداة الاتحاد السوفياتي وستالين شخصياً ".
ان السيد النمري،لايقف بعيدا جدا عن ذكر حقائق الوقائع فحسب،بل وايضا يفتقر للرصانة العلمية والجدية الموضوعية في تناوله للاحداث التاريخية!.فسرده يتسم بالسطحية والهشاشة والابتسار المبتذل!.فالتروتسكيون لم يستشيطوا لاغضبا ولافرحا!ولم ينظموا،مادعاه النمري ب(المحاكمة الصورية)!.فهي اصلا لم تكن محاكمة من النمط التقليدي والرسمي،ولاتمت بصلة للاجراءات القانونية والحقوقية،التي شرعتها الانظمة البرجوازية كمعطى دستوري في العصر الحديث.وهي ايضا لم تدعي ذلك قطعا.فقد كانت عبارة عن مساهمة اجتماعية اخلاقية ومدنية ،وخطاب للضمير الانساني المسؤول،ونوعا من التحقيق والتحقق المجتمعي العام لهيئة اعتبارية قام بها،واشرف عليها نخبة من المفكرين والمثقفين لكشف حقيقة ومدى صحة الاتهامات التي صبها النظام البيروقراطي ضد تروتسكي.وكان ابرزهم الفيلسوف الاجتماعي والبيداغوجي جون ديوي،واستجابة لرغبة وارادة تروتسكي،من اجل اجراء تحقيق رأي عام خارج السلطات وهيمنة الانظمة،في مزاعم الاتهامات الباطلة،والاكاذيب الشنيعة والمفبركة،والتي نسجت ضد وحول تروتسكي ظلما وافتراءا.فقد سعى تروتسكي ومنذ وجوده في النروج من اجل ذلك.وابدى استعداده الكامل ليضع تحت تصرف اي لجنة تحقيق،كل الوثائق والاوراق والادلة التي بحوزته،ودعى المنظمات العمالية في كل العالم لتشكيل تلك اللجنة العالمية للتحقيق بشأن ذلك الكم الهائل من التهم المزيفة والمدسوسة التي الصقت به كيدا وزورا،وتجريمه الغيابي في تهم ملفقة هو بريء منها بالمطلق.فقد جعلوا منه المتهم الاول والرئيسي في محاكمات زينوفييف وكامينيف!.وكان ايضا المتهم الاساسي في محاكمات رادك،بياتاكوف،سوكولنكوف!.وايضا كان المتهم رقم(1)في محاكمات بوخارين،ريكوف!.فهل كان كل هؤلاء البلاشفة اللينينيون الكبار:(مجرمون،ومخربون،وجواسيس؟؟!!.واذا كان الامر كذلك!فهل كل هؤلاء كانوا مجرد دمى بخيوط يحركها تروتسكي بسهولة وكيف يشاء؟؟!!.بالرغم من وجود عداء وخلاف ايديولوجي وسياسي بينه وبينهم حتى في حياة لينين!فكيف اجتمع الكل على خدمة اغراض تروتسكي وهو في المنفى؟!.
في اخر كتبه التي الفها تروتسكي،وهو كتاب(ستالين)نشر بعد مصرعه،يستحضر تشبيها من التراث بين ستالين ويهوذا الاسخريوطي،يقول فيه:"من بين رسل المسيح الاثني عشر،كان يهوذا الخائن الوحيد.لكن لو انه استولى على السلطة،لآعلن الاحد عشر رسولا خونه،ومعهم الرسل الاقل اهمية وهم وفقا للوقا سبعون".وهنا نسأل:اليس من الغريب جدا،ان لم نقل من اللامعقول،ان يكون كل تلاميذ ورفاق لينين،هم مجرمون وقتلة ومخربون وجواسيس!وواحد منهم فقط هو يهوذا الاسخريوطي،وهو فقط البلشفي المخلص الوحيد؟؟؟!!!....
كان هدف تروتسكي من وراء هذا التحقيق المضاد،هو تحريك وهز الضمير العالمي:المؤدلج،المخدر،المضلل،الميت...ليس لاقرار القانون المسير والتابع،والذي هو ليس اكثر من لعبة للسلطة!-فلم يكن القانون يوما تعبيرا عن العدالة،بقدر ماكان استباحة للحقوق،وكنتاج لاعتباطية السلطة وقهرها-بل لمخاطبة حس العدالة الانساني،العدالة العمياء!لعلها تبصر،وتقف الى جانب الابرياء ضد منتهكي الحقوق وقامعي الانسان.،والذي يدينهم بأستمرار قانون منحرف وغاشم ومنحاز ويصادر على المطلوب،يتهم ويدين ويصدر الاحكام بلا ادلة!قبل العرض المسرحي لمحاكمات هزلية اعدت وخطط لها وراء الابواب المقفلة لمفوضية الغيبيو،الجهاز الاكثر وحشية وقسوة...
بعد وصول تروتسكي الى المكسيك بدأت محاكمات:رادك،بياتاكوف،سوكولنكوف،وكما جرى في محاكمات:زينوفييف،كامنييف،والتي ساومهم ستالين وخدعهم مقابل الاعتراف الزور بالعفو عنهم!ثم اعدمهم كنوع من العفو!!!.
نفس السيناريو كان جاهزا للعرض!.كان المتهم الاول كالعادة هو تروتسكي فليس هناك غيره!!فستالين كما ذكرنا جعل من القادة البلاشفة والحرس القديم،رفاق لينين في درب النضال الطويل:عصابة من الاوغاد،والعملاء،والجواسيس،والمخربين،ينفذون اوامر وتعليمات تروتسكي من وراء الحدود!..
كان المنشفي الحقيرالسابق،فشنسكي،والذي تبلشف بعد الحرب الاهلية-وهو الذي وقع على امر القاء القبض على لينين بتهمة العمالة والتجسس لصالح الالمان!!قبل انتفاضة اكتوبر-هذا المسخ الذي صار جلادا لستالين!كان يهذي بركام متعفن من الاتهامات والافتراءات كمدعي عام!فوصف تروتسكي-مفجر انتفاضة اكتوبر-بانه كان يعمل على انزال الهزيمة العسكرية بالاتحاد السوفييتي!وكان يقود التخريب الصناعي!وينظم الكوارث!-حتى الطبيعية منها،فهو اله العواصف والرياح والمطر!-في المناجم والمصانع وسكك الحديد!.وكان يقوم بالتسميم الجماعي للبروليتاريا السوفيتية!-عبر القارات!-.ويقوم بمحاولات لاغتيال الرفيق ستالين واعضاء المكتب السياسي!-عن بعد وبواسطة السحر الاسود!-.كل هذا وغيره الكثير كان من عمل تروتسكي الجبار!-فقد كان سوبرمان الخوارق!!-.حسب ادعاء فشنسكي المدعي العام الاكثر قذارة!.
كان المتهمون المغلوبين على امرهم،وبعد خضوعهم لتعذيب لايحتمل،نفسيا وجسديا،وتهديدهم بتصفية عوائلهم!-لنا تجربة مرة مشابهة في عراق الفاشية-يرددون ويؤكدون ما يقوله فيشنسكي،وما لقنوا على قوله من قبل الغيبيو كالببغاوات!.
فقد ذكر،روم،مراسل الازفستيا في باريس،بأنه التقى بتروتسكي في باريس عام1933 وتلقى منه تعليمات بالقيام بأعمال تخريب!!.واعلن بياتاكوف-الذي مدحه لينين وواحدا من الستة الذين ذكرهم في الرسالة الى المؤتمر-ايضا امام المحكمة:انه زار تروتسكي في اوسلو عام1935-مع انه لم يزر النروج ابداّ!-ليتلقى الاوامر!!.كل ذلك كان اتهامات واكاذيب بالغة السخف والتجني والهزل!اعدت من قبل الغيبيو!فلا روم،ولا بياتاكوف التقيا بتروتسكي خارج الاتحاد السوفييتي بعد نفيه!.
وقد طرح تروتسكي سؤالا من خلال برقية بعثها للمحكمة قال فيها:"متى بالضبط،وفي اي يوم،وفي اي ساعة،حط بياتاكوف؟-يقصد حط في مطار اوسلو،م.ا-اين ومتى وفي اي ظروف استقبل هو تروتسكي بياتاكوف؟".وطرح نفس السؤال بشأن روم،الا ان المحكمة تجاهلت تلك الاسئلة طبعا!فهي لاتبحث عن الحقيقة بقدر ماتبحث عن الادانة الالزامية والمقررة من قبل ستالين ضد تروتسكي!.فهم يعرفون جيدا بان المتهمين،اذا ما اجابوا على تلك الاسئلة،فسينهار كل البناء الاتهامي الكاذب،وتنكشف اللعبة الموضوعة،ويظهر التخلخل والثغرات!...
اعلن تروتسكي في رسالة:"انه مستعد للمثول امام لجنة تحقيق علنية وغير متحيزة،مع وثائق وشهادات،ولكشف الحقيقة بكاملها".واعن:"اذا ماقررت هذه اللجنة اني مذنب بأدنى درجة من الجرائم التي نسبها لي ستالين،فأنا اتعهد سلفا بتسليم نفسي طوعا لمنفذي الاعدام في الغيبيو،اصرح بهذا امام العالم بأسره اطلب الى الصحافة ان تنشر كلمتي في كل الزوايا الممكنة من الكرة الارضية،ولكن اذا وجدت اللجنة هل تسمعون؟هل تسمعون؟ان محاكمات موسكو مكيدة مدبرة فلن اطلب منهم ان يضعوا انفسهم طوعا امام مفرزة الاعدام،كلا سيكفيهم العار الابدي في ذاكرة البشرية.ايسمعني متهمو الكرملين؟اني اتحداهم في وجههم وانتظر جوابهم".ومن هنا ولشعوره بالحيف والتجني الظالم،والتشويه البشع لتاريخه النضالي،جاء مشروعه لمحاكمة مضادة،فقد كان يأمل بان تكون في مستوى الافتراءات المستفزة،والاباطيل المزعومة التي حكيت ضده،وكان يتطلع لان يهز ذلك التحقيق جمود وشلل ضمير الحركة العمالية العالمية،والمضللة والمخدوعة من قبل اجهزة الدعاية الستالينية الضخمة ترهيبا وترغيبا!!...
نكمل في المقال القادم متابعة التحقيق المضاد لقضية تروتسكي.............
.......................................................
وعلى الاخاء نلتقي....

#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات