أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - جرثومة اسمها النمو الذاتي














المزيد.....

جرثومة اسمها النمو الذاتي


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 4683 - 2015 / 1 / 6 - 17:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



تكاد تكون النزعة الانقسامية هي من "تضاريس" الخريطة التنظيمية لليسار المصري في كل مراحله السعيدة والتعيسة على السواء..

فمثلاً أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية كانت هناك موجة وطنية صاعدة ومتسعة اتخذت أبعادًا اجتماعية واضحة، ولكن حينما انطلقت بموازاتها موجة من تنظيم أحزاب الطبقة العاملة وسائر الطبقات الشعبية، فقد نشأت ثلاثة تنظيمات- نقول متنافسة لا متصارعة- وكان العنصر الأجنبي والأقلوي في قيادتها من أهم أسباب الانقسام.. وحتى الوحدات بين تلك التنظيمات كانت تنتهي نهايات مأساوية باتجاه تشرذم أكبر..

ورغم هذه الدروس القاسية فقد شهدت الخمسينيات المزيد من الظاهرة الانقسامية.. ولعل الارتباكات المرتبطة بالموقف من ثورة يوليو في مراحلها الأولى كانت من العوامل التي ساعدت القيادات على الاحتفاظ بأوضاع تنظيمية ذاتية..

وحتى حينما كان اليساريون يذوقون المرارة والمهانة في معتقل الواحات في النصف الأول من الستينيات (وهي للمفارقة "سنوات التحول الاشتراكي" المعلن رسميًا) فقد استمرت ذات الأوضاع الانقسامية، وكان الرفاق يتبادلون الاتهامات ويتراشقون بالتحليلات مثل هل سلطة عبد الناصر تمثل الرأسمالية الكبيرة أم رأسمالية الدولة أم البرجوازية الوطنية.. والغريب أن أصحاب التحليلات المختلفة انتهوا في خاتمة الاعتقال إلى نتيجة واحدة هي حل تنظيماتهم المنهكة والمتشرذمة، والسعي نحو الوحدة في "الحزب الطليعي" للسلطة... بعد أن تعذر عليهم أن يتحدوا أصلاً فيما بينهم قبل الاعتقال وأثنائه!!!

وحينما عاد اليساريون بعد هزيمة 1967 إلى محاولات التنظيم المستقل عن النظام مرة أخرى فقد عادت معهم الانقسامية في صورة ثلاث أو أربع منظمات رئيسية تختلف فيما بينها حول تحليل طبيعة ثورة يوليو، والموقف من سلطة السادات، والموقف من القضيتين الوطنية والفلسطينية، وتحديد طبيعة المرحلة (ثورة واحدة أم ثورتان؟)...الخ

وبعد ثورة 2011 سمحت الموجة الجماهيرية والديمقراطية بعودة الأحزاب اليسارية ولكن في صورة علنية أساسًا هذه المرة.. لكن الخلافات تمحورت حول الموقف من المجلس العسكري والإخوان وطبيعة السلطة وأيضًا طبيعة الحزب.. الخ

أظننا أمام معضلات كبيرة هنا.. فهناك بالفعل خلافات لا يمكن التوفيق بينها، أو الاحتكام إلى آليات التصويت وخضوع الأقلية لرأي الأغلبية.. ذلك لأن بعض القضايا الخلافية جذرية فعلاً ويستحيل التوفيق بينها إلا على أسس انتهازية صرف..

وهو ما يستدعي أن تتبلور المواقف في تنظيمين كبيرين أو ثلاثة مثلاً.. ولكن تظل من الخراقة أن تجد تنظيمات بينها خلافات تكتيكية أو ثانوية.. ومع ذلك يكتسي الحوار بينها بالمبالغة في الخلاف مع تضخيم الذات.. هذا إن وجد حوار من الأصل!!!!

وقد سبق لي أن تطرقت للأسباب الحقيقية- المطروحة علميًا- وراء الانقسامات في دراسة بعنوان "فيروس الانقسامية في اليسار المصري" (أرجو أن يعود إليها القارئ المهتم وهي على صفحتي هذه في موقع الحوار المتمدن).. ولعلي أركز في المرحلة الحالية على أسباب تتعلق بتعقيدات وملابسات الثورة المصرية، والنزعة النصية، وإنشاء التحليلات السياسية على غير الأسس العلمية، وكذلك الماضي الانقسامي كعامل ذاتي يؤثر تأثيرًا هائلاً في حد ذاته، من حيث الأجواء النفسية والتربية وتغاير الخبرات...

إلا أنني في هذه المقالة أرغب في اتهام نزعة الرضا عن النفس، و"ليس في الإمكان أبدع مما كان"، أو "اصبروا علينا ستجدوا قريبًا ثمار عملنا"، أو "حالة الجميع متشابهة وليس هناك من هو أفضل حالاً مننا"..

أزعم أن ما تسمى "نظرية النمو الذاتي" مازالت تعمل عملها.. وفحواها أن تتكون لدى الأعضاء في الحزب المعنيّ رؤية سلبية (سياسيًا وتنظيميًا) عن المنظمات الأخرى.. حتى لو تم التوسل في هذا بمعلومات خاطئة أو مبالغ فيها.. إلأى جانب أن يُغرس في الأعضاء يقين بأن "خطنا" السياسي لا تشوبه شائبة وأنه لا بد في النهاية أن يحقق نجاحًا سيترجم إلى نتائج تنظيمية مفحمة للآخرين، وستدفع "الصالحين" منهم لأن يأتوا "إلينا" في نهاية الأمر..

والنتيجة المنطقية لما سبق : لا وجه للعجلة في التوحيد مع من قد يكونون قريبين منا سياسيًا.. وأي محاولة "للتفريط في حزبنا" هي خيانة للثورة وللطبقة والشعب..

وحينما تكون المطالبات بالتوحد أقوى من الزعماء غير الراغبين فيها، يتسلحون بفكرة "نكتفي الآن بالتنسيق".. رغم أنهم يعلمون أن إمكانات كل فريق لوحده ضعيفة بحيث سيكون مجموع الجهود هو مجموع عددي فحسب.. على العكس مما لو كانت الجهود نابعة من تنظيم موحد.. وفي النهاية يستخدم البعض فكرة "الاكتفاء بالتنسيق" للمماطلة إلى أن "يقضي الله أمرًا كان مفعولا"!!!!

وبمرور التجارب المريرة ازداد البعض ذكاءً ("خبثًا"؟!) فقدم حجة جديدة تبدو قوية، مؤداها أن التوحد مع هذه المنظمة أو تلك سيؤدي إلى تشكيل "محاور" داخل اليسار المصري.. ومن ثم لا بد من توحيد اليسار "كله أو بلاش".. وهو ما يعني عمليًا ومنطقيًا أن التوحيد لن يتم مطلقًا..

يتصور أصحاب "نظرية النمو الذاتي" أن الآخرين سيأتون إليهم في نهاية الأمر.. وإلا سوف "يذوون" أو تضعف شوكتهم.. بينما قد لا يدرك أصحاب هذه النظرية أن الآخرين في المنظمات الأخرى قد يكون لديهم أيضًا ذات "الأمل أو المطمع"!!

خلاصة القول عندي أننا إزاء جرثومة هي في حقيقتها جرثومة المصلحة الذاتية والنجومية وربما "قليل من جنون العظمة"..

وحينما لا يكون هناك مبرر موضوعي للانقسام يصبح التعايش مع هذا الانقسام نوعًا من الاستسلام لواقع ذاتي رديء..



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب الثوري بين الفندقة والحندقة
- عرفت عبد الغفار شكر
- يا يساريي مصر اتحدوا
- رؤوف عباس وخطى مشاها سريعا
- ثوار الجزيرة
- لا وطنية بدون العداء لأمريكا وأتباعها
- الاستقلال عن التسلط وفزاعاته
- الكراهية العربية المتبادلة مكسب صهيوني مجاني
- وطنيون لأننا نريد التحول الديمقراطي والاجتماعي
- لا تجعلوا انتخابات الرئاسة تفقد الثوار وحدتهم
- صحافة آخر زمن
- انتخاب رئيس أم الانتصار لمنهج ثوري؟
- تثقيف خالٍ من الكهنوت والتسطيح
- تداعيات الذاكرة على هامش سقوط بغداد
- نداء شبه أخير
- اضحك مع نزع الملكية الفكرية
- الكاريزما من الانقلاب إلى الصندوق.. درس شافيز
- عن شعبوية شافيز وغموض السيسي
- من كتيبة المجهولين- اليساري بالسليقة
- مستقبل مغامرة السيسي


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - جرثومة اسمها النمو الذاتي