أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - عرفت عبد الغفار شكر















المزيد.....

عرفت عبد الغفار شكر


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 4636 - 2014 / 11 / 17 - 10:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


عبد الغفار شكر أستاذ بالمعني الحرفي والرمزي لجيلين أو أكثر من قيادات مهمة في كل التيارات الفكرية والسياسية المصرية. وقد مارس هذه الأستاذية- دون أن يتقصَّدها- في كل المواقع التي شغلها: في الإدارة المحلية.. في منظمة الشباب الاشتراكي.. في الحزب الشيوعي المصري.. في حزب التجمع.. في مركز البحوث العربية.. في حركة كفاية.. في أنشطة المجتمع الأهلي.. وفي قيادة حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بعد ثورة يناير 2011.. ولم يتخلف يومًا عن تقدم الصفوف في حركات الاحتجاج الاجتماعي والسياسي.. مثلما أسهم بوعي في الأنشطة الثقافية النخبوية..

في خضم هذا النشاط العارم لم يتوقف عبد الغفار شكر عن الكتابة والمحاضرة والمناقشة والتوفيق بين الآراء لصياغة اتجاه موحد للتقدم للأمام..

ليس عنده أي سور يفصل الفكر عن الواقع، فخبرته وفهمه لخبرات الآخرين يثريان فكره الذي لا يتوقف عن التجدد مع التمسك بالأصول، أي الحرية والعدالة والإيمان بالتطور.

من هنا كان اهتمام عبد الغفار شكر الأول هو الثقافة السياسية، في مواجهة المرض الشائع بصياغة كثير من القوى لمواقفها على أساس من الأهواء والذاتية أو الأحكام الجامدة المسبقة، وليس على أساس المعرفة الناجمة عن التفاعل الخصب بين النظرية وخبرة الواقع.

وينبثق من اهتمامه بالثقافة السياسية إيمانه بالتثقيف. فالرجل لم يتوقف عن التثقيف يومًا واحدًا. ولهذا السبب كان عبد الغفار من أقرب الناس إلى الشباب في كل المراحل الزمنية.

لكن ما أبعد تثقيف عبد الغفار شكر عن التلقين، لسبب بسيط، أنه هو نفسه في حالة بحث متواصل، وتساؤل وقلق لا ينقطعان، سعيًا وراء المعرفة الجديدة، ومن ثم التطور.

ومن يتابع عبد الغفار بدقة في أنشطته التثقيفية سيكتشف أنه يحصل على كثير من معارفه من أفواه من يقوم بتثقيفهم. فنحن لسنا إزاء حركة رأسية باتجاه واحد من أعلى لأسفل، وإنما حركة أفقية ذات اتجاهين. بل إن العمل نفسه مع عبد الغفار يأخذ طابعًا تثقيفيًا ضمنيًا وغير مباشر.

ولعبد الغفار عدد من الدراسات الكتب المهمة مثل: الثورة الوطنية الديمقراطية في الدقهلية، التحالفات السياسية في مصر، في التنظيم والتثقيف، القطاع الأهلي ودوره في بناء الديمقراطية، تجديد الحركة التقدمية المصرية، الدور التنموي والتربوي للجمعيات الأهلية والتعاونية، وتحفته الرائعة عن منظمة الشباب الاشتراكي، وكتابه الشامل عن الصراع حول الديمقراطية في مصر، ودراسته الموسعة عن حركة القوميين العرب.

كما ألقى عبد الغفار شكر وكتب مئات المحاضرات والمقالات، وعشرات الدراسات في طائفة واسعة جدًا من الموضوعات، بدءًا من قواعد عقد الاجتماعات وتنظيم الحياة الحزبية الداخلية، مرورًا بالديمقراطية وحركات المقاومة والتنمية، وانتهاءً بالقضية الفلسطينية وتحالف الجنوب في مواجهة العولمة الرأسمالية المتوحشة.

ولا أجازف في القول بأن القضية أو الحلقة التي أولاها عبد الغفار جل اهتمامه في التسعينيات والعقد السابق على ثورة يناير هي قضية التحول الديمقراطي، لكن مفهومه لهذا التحول لم يقف عند حدود الرؤية القاصرة لليبرالية، وإنما تقترن الديمقراطية عنده بثلاثة عناصر مكملة أخرى هي: السيادة الوطنية، العدالة الاجتماعية، التنوير والحداثة.

وإذا أمعنّا التأمل في خطاب عبد الغفار شكر سنجده السهل الممتنع، فهو يميل إلى البناء على الحقائق الواقعية أولاً، ولا يغرق في البلاغة أو المحسنات، ويبني الأفكار في منظومة هندسية دقيقة ومنضبطة.. وفي النهاية يربط بين الموقف الفكري والسياسي وبين السبيل أو السبل البديلة التي يمكن أو يجب انتهاجها في الممارسة العملية.

ويحب بعض كتاب الشخصيات اكتشاف ما يسمونه "مفتاح الشخصية".. ولكن شخصية عبد الغفار أغنى من أن يكون لها مفتاح واحد، فهي شخصية باذخة الثراء ومتنوعة العطاءات.

وإذا كان لا بد من تحديد مفتاح رئيسي فيمكن أن نقول إنه الرغبة القوية في التوسط والجمع والتوفيق.. بين النظرية والممارسة.. بين سائر قضايا النضال الوطني.. بين مختلف فصائل الحركة الوطنية الديمقراطية والتقدمية.. بين الأجيال المتجاورة.. بين المحلي والعربي والعالمي..

فوق هذا كله لكم أبهرتني الروح المعنوية العالية التي يتسلح بها الرجل، حتى لأظن أنه لم يعرف الإحباط قط على مدى حياته.

أما عن التكامل الأخلاقي لعبد الغفار شكر.. فقد غازلته السلطة بكل عنفوانها في جميع مراحل حياته، بل كانت السلطة ذاتية دانية بين يديه في أوقات وأحوال كثيرة، ومع ذلك فإن "المؤسسة" لم تستطع قط سلب روحه أو استقلاله، رغم قدرته المذهلة على التعامل معها تكتيكيًا.. فظل على ما هو عليه يسكن الأحياء الشعبية ويركب المواصلات العامة. وقد وطّن نفسه على حياة التقشف، وساعده على هذا أسرة صغيرة رائعة تؤمن به وبدوره، وعلى أتم الاستعداد لكل الاحتمالات، بما فيها السجن ونضوب الموارد..

عبد الغفار مثال ناصع للمثقف العضوي أيضًا، فلم يغادر المنصورة إلى القاهرة إلا أواخر الثمانينيات بعد سنوات طويلة من إجهاد السفر المتواصل. وكان يجد نفسه حقيقةً بين أبناء قريته ومع صحبة سياسية من شخصيات دقهلاوية مبهرة يندر أن يجتمع مثلها في حيز جغرافي صغير (رأفت سيف- عطية الصيرفي- الشيخ محمد عراقي- الشيخ مصطفى عاصي- محمود فودة- سيد أبو العينين- محمد طه- أحمد فتيح- محمد الضهيري- سالم سلام- زكي عمر- رفعت عبد اللطيف- رشدي عبد الباري- نصر حلقة- عبد العزيز عبد الحق.......).

عرفت عبد الغفار معرفة شخصية وثيقة في أوائل السبعينيات، ورغم فارق السن والمعارف والخبرة لم يحدث أن شعرت لحظة أنه يعاملني معاملة الأستاذ للتلميذ، فقد كان يرحب بالاختلاف ويشجعنا على الاستقلالية..

كما كانت تذهلني معارفه الموسوعية وقدرته على الاستدعاء السريع والدقيق للمعلومة، فضلاً عن طلاقة لسانه في الشرح والتعبير. وقد كان لنا صديق مشترك هو المرحوم أحمد حسني (العامل بالسكة الحديد والأديب الواعد الذي قتل الفقر قدرته على الإبداع قبل أن يخطف روحه).. قال لي يومًا: "عجيب هذا الرجل، لو سألته عن الحركة الميكانيكة لركبة النملة لوجدت عنده إجابة". وهي عبار خالدة في ذهني لا تمحى.

حدث عام 1980 أن كنت مع عبد الغفار ورأفت سيف في مشوار ذي طبيعة سرية خطرة.. وبعد أن تأكدنا من صحة كل "الاختبارات التأمينية" كان لدينا بعض الوقت فجلسنا على مقهى وحتمت الظروف أن نلعب طاولة الزهر.. وكنت أظن نفسي بارعًا فيها.. غير أن عبد الغفار فاجأني بأداء احترافي.. فقلت له: "أنت بتقرص يا أستاذ عبد الغفار؟" (أي يمارس قدرة سحرية على النرد) فرد علي رأفت سيف: "يابني الكادر كادر في كل حاجة".. وضحكنا حتى طفرت الدموع من عينيّ..

نعم يا أستاذ عبد الغفار "أنت كادر في كل حاجة"..

ولكم أحترم مشوارك وعطاءك..

وأحبك حبًا جمًا..

(( بتصرف عن كلمة ألقيتها منذ عدة سنوات في احتفال بمقر نقابة الصحفيين تكريمًا لعبد الغفار شكر))



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا يساريي مصر اتحدوا
- رؤوف عباس وخطى مشاها سريعا
- ثوار الجزيرة
- لا وطنية بدون العداء لأمريكا وأتباعها
- الاستقلال عن التسلط وفزاعاته
- الكراهية العربية المتبادلة مكسب صهيوني مجاني
- وطنيون لأننا نريد التحول الديمقراطي والاجتماعي
- لا تجعلوا انتخابات الرئاسة تفقد الثوار وحدتهم
- صحافة آخر زمن
- انتخاب رئيس أم الانتصار لمنهج ثوري؟
- تثقيف خالٍ من الكهنوت والتسطيح
- تداعيات الذاكرة على هامش سقوط بغداد
- نداء شبه أخير
- اضحك مع نزع الملكية الفكرية
- الكاريزما من الانقلاب إلى الصندوق.. درس شافيز
- عن شعبوية شافيز وغموض السيسي
- من كتيبة المجهولين- اليساري بالسليقة
- مستقبل مغامرة السيسي
- لا تكرروا خطيئة التحالف مع الشاطر إخوان
- فريق رائع


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - عرفت عبد الغفار شكر