|
فلسفة مبسطة: وحدة وصراع الأضداد
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 4 - 21:10
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
فلسفة مبسطة: وحدة وصراع الأضداد "استيعاب ما هو كائن مهمة الفلسفة وما هو كائن هو العقل"- هيغل الديالكتيك (ألجدل) هو علم دراسة التناقضات الموجودة في الأشياء وفهم هذه التناقضات ومحاولة إيجاد حلول لها. اول فيلسوف طرق موضوع الديالكتيك هو الفيلسوف هيغل (1770 – 1831م) . كان الفيلسوف الألماني جيورج فيلهلم فريدريش هيغل مثالي موضوعي وراديكاليا، رحب بثورة القرن الثامن عشر الفرنسية. وتمرد على النظام الاقطاعي للملكية البروسية، لكن الرجعية التي حلت في كل أنحاء أوروبا بعد سقوط امبراطورية نابليون أثرت في طريقة هيغل في التفكير. هيغل هو المؤسس للفلسفة الرسمية لبروسيا الملكية. عكست فلسفة هيغل التطور المتناقض لألمانيا عشية الثورة البورجوازية التي كان هيغل مفكرها. ومن هنا كان الاتجاه النقدي– الثوري لفلسفته التي عكست المناخ الثوري لأوروبا في وقته. يعتبر هيغل المكتشف الحقيقي لقوانين الديالكتيك، والذي أخذ منه "ماركس" ما يعرف بالديالكتيكية المادية! الديالكتيك يتناقض مع الميتافيزيقا (أو الميتافيزياء- وهي فرع من الفلسفة يتعلق بالطبيعة الأساسية للواقع، ويُسمى أيضًا "علم ما وراء الطبيعة"). النظرة الميتافيزيقية للأشياء الموجودة في الكون تعتبر أن الأشياء ثابتة لا تتغير بصورة أزلية، بل يحدث فيها نوع من الزيادة أو النقصان وتغير في المكان وأن هذا التغيير لا يحدث بفعل التناقض الموجود في باطن هذه الأشياء بل بفعل قوى خارجية! الديالكتيك يرى بالآراء الميتافيزيقية بانها تجمد الحياة، تعطل تقدم العلوم والاكتشافات بسبب عدم فهمها للطبيعة، وان اخطأ الميتافيزياء ترجع أسباب تطور الحياة إلى قوى خارجية! كان "هيغل" يعتبر أن الفكر يسبق المادة، وأن المادة ما هي إلا انعكاس للوعي، هذه النظرية تتناقض مع الفكر المادي الذي يرى بالوجود المادي سابقا للفكرة. المعنى ان الفكرة (او "الفكرة المطلقة" حسب هيغل هي الخالق، والمادية تنفي ذلك وترى ان نشوء الكون والحياة لا علاقة لهما بأي فكرة مطلقة، انما تطور مادي قاد الى تشكيل الكون وظهور الحياة على سطح الأرض، وهو ليس موضوعنا انما سجلته للتمييز بين فلسفتين) الماركسية تدعي انها أخذت من ديالكتيك "هيغل" نواته العقلية و نبذت غلافه المثالي (الايماني)! حسب هيغل كل الظواهر الطبيعية والاجتماعية تقوم على أساس المطلق – أي الروح والعقل، أو "الفكرة المطلقة". كان جدل هيغل – الذي عرضه في صورة شاملة في كتابه "علم المنطق" إسهاما قيما للغاية في الفلسفة. ففي كتاب "علم المنطق" صاغ هيغل قانون التغيرات من الكم الى الكيف، كشف بعمق التناقض (صراع الأضداد) باعتباره الدافع لكل تطور، وعرف قانون "نفي النفي"، وتناول بالشرح مقولات فلسفية عديدة، الفلسفة المادية (الماركسية بالأساس) تقول ان ديالكتيك هيغل يتعارض بشكل واضح مع فلسفته المثالية (الروح المطلقة). مما جعل ماركس يدعى بأن هيغل خان أفكاره الديالكتيكية (الجدلية) نفسها لأن تطور العالم والمعرفة قد قطع مساره حتى الكمال، فأدخل بذلك التصوف في الجدل، مطبقا مبدأ التطور فقط على الظواهر التي تقع في مجال الفكرة !! لن ندخل في هذا الموضوع لانه خارج القصد من وراء هذه الحلقات. اذن هيغل هو المكتشف الحقيقي لقوانين الديالكتيك ، و الذي أخذ منه ماركس أساس هذه القوانين! على الرغم من أن ديالكتيك "هيغل" كان مثاليا إلا ان هذا لا يعني أنه يختلف في الأساس مع ديالكتيك "ماركس"! يقول "ماركس" في كتابه رأس المال: الإطار المثالي الذي غلّف الجدل الهيغلي، لم يمنع هيغل مطلقًا من أن يكون أول من عرض الصورة العامة للجدل بطريقة واعية وشاملة! وحدة صراع الأضداد. هو اهم قوانين الديالكتيك ( الجدل)ويعني أن الظاهرة والضد لها موجودان في وحدة واحدة ولا ينفصلان عن بعضهما البعض ، أي أن كل ظاهرة تحمل النقيض أو الضد لها في نفس الوحدة. في الوحدة الواحدة تكون الأضداد في حالة صراع و حركة مستمرة ، وفي صلب هذا التطور يقوم التناقض الديالكتيكي، أي انشطار الشيء او الظاهرة الى ضدين ينفي احدهما الآخر. الشيء المتطور أي كان، ينطوي على جوانب ونزعات داخلية متناقضة، مثلا في الحياة الاجتماعية نلاحظ هذه الظاهرة بين القديم والجديد في الوقت الذي يتواجدان سوية طبعا. الترابط بين الجوانب المتضادة لا يبقى ثابتا، التناقضات تظهر وتتطور وتنحل / تزول. الماركسيون يطرحون 4 مراحل تمر فيها العملية الديالكتيكية: اولا الوحدة للظاهرة المتضادة ثانيا التناقض والانفصال ثالثا الاستقطاب (المواجهة) رابعا تطور الصراع وصولا الى حل التناقض بسيطرة أحد الضدين. طبعا هذا التقسم الميكانيكي لا يظهر في الواقع بوضوح الا في حالات الواقع الاجتماعي وكل ما يتعلق بالفكر والانتماء الطبقي او الفئوي، انما اسوقه لتسهيل فهم الموضوع. طبعا التناقض لاينفي ظهور تناقض جديد والا يتوقف التطور. أي ان للقانون طابع شامل ولا يتعلق بحالة مُعرفة ومحددة ونهائية... وهي ظاهرة في الطبيعة الحية وغير الحية في الفكر والمجتمع والعلوم. وهنا اجد نفسي مضطرا لطرح موضوع اساسي يعتبر من جوهر الفكر الماركسي، موضوع الصراع الطبقي الذي تطرحه الماركسية كصراع تناحري بقضاء طرف على نقيضة والحلول مكانه، أي يقود البروليتاريا (الطبقة العالمة) للقضاء على الطبقة البرجوازية واستلامها السلطة وتطبيق ديكتاتوريتها البروليتارية. من الواضح ان الصراع والتناقض قائمين ، لكن تطور النظام الرأسمالي والثروة الهائلة التي حققتها الرأسمالية استطاعت جعل الصراع غير تناحري، اي ليس صراعا لقضاء طرف على الطرف الآخر. انما صراع في اطار مطالب نقابية ، عرفت الرأسمالية ، عبر مؤسسات وجامعات متخصصة في الدراسات الاجتماعية والفكرية وشبكة واسعة من المتخصصين بمختلف مجالات الأبحاث الاجتماعية والنفسية والادارية، كيف توفر المطالب الجوهرية ( مثلا في اسرائيل رفع الحد الأدنى للأجور الى 5000 شيكل مما اسقط تهديد الهستدروت بالاضراب، كذلك احبطوا الهبة الاجتماعية باقامة لجنة كل توصياتها تقريبا ذهبت ادراح الرياح) كذلك برع النظام الرأسمالي بشراء قيادات عمالية تخرجهم تماما من كل مفاهيم الصراع التناحري. ان الثروة الهائلة التي انتجتها الراسمالية حولت الصراع الى صراع مطلبي وليس تناحري على السيادة الطبقية.. نجد اليوم مثلا مجتمعات الرفاه الاجتماعي الرأسمالية، المهم ان نلاحظ ايضا ان النظام الراسمالي تجاوز في تطوره الاقتصادي، ومستوى الحياة والرفاه الاجتماعي لمواطنيه العالم الاشتراكي السابق الذي لم يصمد بهذا الصراع.. لأسباب لا تتعلق بالنظرية فقط انما بالممارسة والتطبيق أيضا. مثلا مفهوم البروليتاريا كان يجب ان يجري تجاوزه وطرح فهم جديد لمضمون الطبقة العاملة، لان البروليتاريا كانت ظاهرة اوروبية محددة بقوانين معينة اتخذتها الدول الأوروبية في بداية النهضة الرأسمالية، لم تتطور هذه الظاهرة (البروليتاريا) خارج اوروبا. لكن المضحك ان قيادات واحزاب شيوعية ما زالت متمسكة بموضوع البروليتاريا وكأنها آية مقدسة، تعيش على الماضي ليس عبر تجربتها انما عبر ايمان شبه ديني، وانغلاق عن فهم الواقع المختلف في تناقضاته الأساسية، المتغير في مبناه الاقتصادي، المتجدد في اساليب ادارته للسلطة، المنفتح على العلوم والتقنيات ودائم التطوير لمرافقه الاجتماعية والاقتصادية والخدماتية. بالمقابل كما ارى ساد انغلاقا فكريا واجترارا لبعض المقولات التي انتهت صلاحيتها الاجتماعية والفكرية. [email protected]
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلسفة مبسطة: الديالكتيك
-
فلسفة مبسطة:نظرية المعرفة
-
انتخابات: من يقرر مصير الجماهير العربية؟!
-
الإختبار ..!
-
يوميات نصراوي: حكايتي مع الفلسفة
-
حتى ابن الله ...!!
-
الحاجز
-
يوميات نصراوي: أوراق قديمة لسالم جبران
-
بدأ الشوط الأول من لعبة الانتخابات
-
ملاحظات فكرية للحوار: لماذا نهتم بمستقبل اليسار؟
-
يوميات نصراوي: personae non gratae
-
يوميات نصراوي: لذكرى أمي...
-
هل تفقد اللغة العربية مكانتها في اسرائيل؟
-
سياسة التوحد البيبية
-
دراستان علميتان رصينتان حول اليهودية والتلمود
-
بروفسور سليمان جبران في حوار ثقافي شامل
-
يوميات نصراوي: وطنيون بالمراسلة!!
-
معضلة العالم العربي
-
في ذكرى رحيل صاحب اعظم تجربة تحررية:
-
اليوم آرامي .. غدا أسكيمو؟!
المزيد.....
-
بولتون لـCNN: النظام الإيراني في ورطة ولا أساس للأمن بوجوده.
...
-
الأحداث تتسارع والضربات في تزايد.. هل تنذر المؤشرات بنهاية و
...
-
حفل زفاف طفلة في ديزني لاند باريس يثير استنكاراً واسعاً وتدخ
...
-
بالاعتماد على استخبارات مفتوحة المصدر.. تقرير يُرجح أن إسرائ
...
-
هل عقد ترامب العزم على إسقاط النظام في إيران؟
-
أطفال بدو سيناء في وجه السياحة.. حين يتحول التراث إلى مصدر ر
...
-
7 أنواع من الجبن قد تفسد أطباق المعكرونة
-
مخاوف أوروبية من إغلاق مضيق هرمز
-
مغردون: هل وصلت المواجهة بين طهران وتل أبيب إلى ركلات الترجي
...
-
شاهد.. السرايا تستهدف قوات إسرائيلية بصاروخين روسيين موجهين
...
المزيد.....
-
الآثار العامة للبطالة
/ حيدر جواد السهلاني
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|